سؤال عن معنى: «مدّ الأديم العكاظي» و«دردري الزيت»، وهل الأفضل أن يسأل طالب العلم عن كل كلمة لا يفهمها أم يكفيه الفهم العام للمسألة المطروحة؟
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
هل من الأفضل لطالب العلم المبتدئ أن يسأل عن معنى كل كلمة لا يفهمها في ما يدرسه من الكتب بحيث لا يترك شاردة ولا واردة إلا وقد علِم معناها، أم يكفيه الفهم العام للمسألة المطروحة.. فمثلا استعصى علي فهم بعض المفردات في تفسير ابن كثير، كـ«مدّ الأديم العكاظي» و«دردري الزيت».
وجزاكم الله خيرا ونفع بكم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأفضل أن يسأل عمّا يشكل عليه ولا سيّما ما يتعلّق بمقاصد الدرس ومعاني المفردات وما تمس الحاجة العملية لبيانه ، من المصادر التي يدرسها ، وأما التوسع في مصادر أخرى أو مسائل في علوم أخرى خارجة عن موضوع الكتاب فهذا لا يحيط به طالب العلم، لكن إذا درس في كلّ علم كتاباً جامعاً فإنه يكتسب بذلك التأصيل العلمي الحسن الذي يحلّ به كثيراً من الإشكالات ويجد به أجوبة كثير مما كان يسأل عن مثله.

أما معنى الأديم العكاظي؛ فالأديم هو الجِلد، والعكاظي نسبة إلى عكاظ موضع بين مكة والطائف؛ كان فيه سوق من أسواق العرب في الجاهلية قبيل موسم الحج من كل عام، وكانت تجلب له البضائع، ويفتخرون بما يشترى منه لجودته، كما قال الشاعر:
أعددت للمرزم والذراعين ... فرواً عكاظيا وأيَّ خفيّن
والمرزم المراد هنا هو مرزم الجوزاء وهو الذي يكون في شدّة برد الشتاء ويكون معه مطر بارد وفيه يقول أحد الأعراب:
وليلة إحدى اللياي العُرَّم ... بين الذراعين وبين المِرْزَمِ ... تهُمّ فيها العَنْز بالتكلُّم

وقال الطرمَّاح:
يمنحُ الحلسَ عكاظيَّةً ... رُكِّبَتْ في ظلفاتٍ جسامْ

وقد اختلف في سبب تسمية عكاظ بهذا الاسم على قولين:
القول الأول: أن العرب كانوا يتعاكظون فيه أي يتفاخرون ويتغالبون بالحجج والخصومات؛ وهذا معنى قول الخليل بن أحمد.
والقول الآخر: أنه من الحبس؛ فإنه يقال: عكظ الرجل دابّته إذا حبسها، وتعكّظ القوم تعكّظا إذا تحبّسوا ينظرون في أمرهم، فكأنّ المعنى أنّ العرب يحتبسون فيها قبل الحجّ.
وهذا القول ذكر أصله أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة ولم ينسبه لأحد.

والمقصود أن الأديم العكاظي هو الأديم الجيّد القوي المنسوب إلى ذلك الموضع من حسنه وجودته.
والنسبة إذا اشتهرت في الحسن ربّما نسب إليها بعض ما ليس منها من باب التشبيه والمدح كما يقال: سيف هندي، وإن لم يكن مصنوعاً في الهند، وكذلك الرمح الرديني أصله نسبة إلى امرأة في الجاهلية اسمها ردينة كان لها عبيد يقوّمون الرماح؛ فاشتهرت هذه النسبة وصار من أوصاف مدح الرماح أن يقال لها ردينية، وكذلك الكساء الشرعبيّ، وإن لم يكن من أكسية شَرْعَب وهو موضع في اليمن.

وأما دُرْدِيّ الزيت فهو ما يبقى في أسفله من عكره المتغيّر عن صافيه.