معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   كتاب الصلاة (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=139)
-   -   باب صلاة الجمعة (16/21) [من فضائل يوم الجمعة] (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2782)

محمد أبو زيد 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م 04:48 PM

باب صلاة الجمعة (16/21) [من فضائل يوم الجمعة]
 

وعنه؛ أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَكَرَ يومَ الْجُمُعَةِ فقالَ: ((فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ)). وأشارَ بيدِه: يُقَلِّلُها. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وفي روايَةٍ لمسلِمٍ: ((وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ)).
وعن أبي بُرْدَةَ، عن أبيه: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقولُ: ((هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ)). رواهُ مسلِمٌ، ورَجَّحَ الدارَقُطْنِيُّ أنه مِن قولِ أبي بُرْدَةَ.
وفي حديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ سَلَامٍ عندَ ابنِ مَاجَهْ.
وجابرٍ عندَ أبي دَاوُدَ والنَّسائيِّ: أنها ما بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُروبِ الشَّمْسِ. وقد اخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى أَكْثَرَ مِن أَربعينَ قَولًا، أَمْلَيْتُهَا في (شَرْحِ البُخاريِّ).

محمد أبو زيد 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م 08:35 AM

سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني
 

19/432 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: ((فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئاً إِلاَّ أَعْطَاهُ إيَّاهُ))، وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: ((وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ)).
(وَعَنْهُ)؛ أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَوْ صِفَةُ الْعَبْدِ، وَالْوَاوُ لِتَأْكِيدِ لُصُوقِ الصِّفَةِ، (يُصَلِّي) حَالٌ ثَانٍ (يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى) حَالٌ ثَالِثةٌ (شَيْئاً إلاَّ أَعْطَاهُ إيَّاهُ. وَأَشَارَ)؛ أَيْ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا) حالٌ رابعةٌ يُحَقِّرُ وَقْتَهَا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
(وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ) هُوَ الَّذِي أَفَادَهُ لَفْظُ "يُقَلِّلُهَا" فِي الأُولَى، وَفِيهِ إبْهَامُ السَّاعَةِ وَيَأْتِي تَعْيِينُهَا. وَمَعْنَى " قَائِمٌ "؛ أَيْ: مُقِيمٌ لَهَا مُتَلَبِّسٌ بِأَرْكَانِهِ، لا بِمَعْنَى حَالِ الْقِيَامِ فَقَطْ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِن الْحُفَّاظِ، وَأُسْقِطَتْ فِي رِوَايَةِ آخَرِينَ.
وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِحَذْفِهَا مِن الْحَدِيثِ وَكَأَنَّهُ اسْتَشْكَلَ الصَّلاةَ إذْ وَقْتُ تِلْكَ السَّاعَةِ إذَا كَانَ مِنْ بَعْدِ الْعَصْرِ فَهُوَ وَقْتُ كَرَاهَةٍ لِلصَّلاةِ، وَكَذَا إذَا كَانَ مِنْ حَالِ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى انْصِرَافِهِ. وَقَدْ تَأَوَّلْتُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مُنْتَظِراً لِلصَّلاةِ، وَالْمُنْتَظِرُ لِلصَّلاةِ فِي صَلاةٍ كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ الْمُشِيرَ بِيَدِهِ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِمَا فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: " فَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". وَقِيلَ: الْمُشِيرُ بَعْضُ الرُّوَاةِ. وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الإِشَارَةِ فَهُوَ أَنَّهُ وَضَعَ أُنْمُلَتَهُ عَلَى بَطْنِ الْوُسْطَى وَالْخِنْصَرِ يُبَيِّنُ قِلَّتَهَا. وَقَدْ أَطْلَقَ السُّؤَالَ هُنَا، وَقَيَّدَهُ فِي غَيْرِهِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: ((مَا لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ إِثْماً))، وَعِنْدَ أَحْمَدَ: ((مَا لَمْ يَسْأَلْ إِثْماً أَوْ قَطِيعَةَ رَحِمٍ)).


20/433 - وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلاةُ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بُرْدَةَ.
(وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ): بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ، هُوَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو بُرْدَةَ مِن التَّابِعِينَ الْمَشْهُورِينَ، سَمِعَ أَبَاهُ وَعَلِيًّاوَابْنَ عُمَرَ وَغَيْرَهُمْ.
(عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: هِيَ)؛ أَيْ: سَاعَةُ الْجُمُعَةِ، (مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ)؛ أَيْ: عَلَى الْمِنْبَرِ، (إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلاةُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بُرْدَةَ).
وَقَد اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتْحِ الْبَارِي عَن الْعُلَمَاءِ ثَلاثَةً وَأَرْبَعِينَ قَوْلاً، وَسَيُشِيرُ إلَيْهَا، وَسَرَدَهَا الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الشَّرْحِ.
وَهَذَا الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى أَحَدُهَا، وَرَجَّحَهُ مُسْلِمٌ عَلَى مَا رَوَى عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: هُوَ أَجْوَدُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَصَحُّهُ، وَقَالَ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَجَمَاعَةٌ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلافِ، فَلا يُلْتَفَتُ إلَى غَيْرِهِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ الصَّحِيحُ، بَل الصَّوَابُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ الْوَقْتِ الَّذِي عُيِّنَ، بَلْ تَكُونُ فِي أَثْنَائِهِ؛ لِقَوْلِهِ: يُقَلِّلُهَا. وَقَوْلُهُ: ((خَفِيفَةٌ)).
وَفَائِدَةُ ذِكْرِ الْوَقْتِ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ فيهِ، فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ مَظِنَّتِهَا ابْتِدَاءَ الْخُطْبَةِ مَثَلاً، وَانْتِهَاؤُهَا انْتِهَاءَ الصَّلاةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنَّهُ رَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ الْحَدِيثَ مِنْ قَوْلِ أَبِي بُرْدَةَ، فَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لا يَكُونُ إلاَّ مَرْفُوعاً؛ فَإِنَّهُ لا مَسْرَحَ لِلاجْتِهَادِ فِي تَعْيِينِ أَوْقَاتِ الْعِبَادَاتِ، وَيَأْتِي مَا أَعَلَّهُ بِهِ الدَّارَقُطْنِيُّ قَرِيباً.
21 و 22/435 و 434 - وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَعَنْ جَابِرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ، أَنَّهَا مَا بَيْنَ صَلاةِ الْعَصْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ.
وَقَد اخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ قَوْلاً، أَمْلَيْتُهَا فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ.
(وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ): هُوَ أَبِي يُوسُفَ بْنُ سَلامٍ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعٍ، إسْرَائِيلِيٌّ مِنْ ذُرِّيَّةِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَهُوَ أَحَدُ الأَحْبَارِ، وَأَحَدُ مَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ، رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ يُوسُفُ وَمُحَمَّدٌ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُمْ، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ، وَسَلامٌ بِتَخْفِيفِ اللاَّمِ.
قَالَ الْمُبَرِّدُ: لَمْ يَكُنْ فِي الْعَرَبِ سَلامٌ بِالتَّخْفِيفِ غَيْرُهُ.
(عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ) لَفْظُهُ فِيهِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ قَالَ: قُلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ: إِنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ؛ يَعْنِي التَّوْرَاةَ: فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فيها شَيْئاً إلاَّ قَضَى اللَّهُ لَهُ حَاجَتَهُ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَأَشَارَ؛ أَيْ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ بَعْضَ سَاعَةٍ، قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْ بَعْضَ سَاعَةٍ، قُلْتُ: أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَ: ((هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ))، قُلْتُ: إنَّهَا لَيْسَتْ سَاعَةَ صَلاةٍ، قَالَ: ((إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا صَلَّى ثُمَّ جَلَسَ لا يُجْلِسُهُ إلاَّ الصَّلاةُ فَهُوَ فِي صَلاةٍ)). انْتَهَى.
(وَعَنْ جَابِرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ، أَنَّهَا مَا بَيْنَ صَلاةِ الْعَصْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ).
فقَوْلُهُ: أَنَّهَا، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ.. إلَى آخِرِهِ. وَرَجَّحَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هَذَا الْقَوْلَ، رَوَاهُ عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَكْثَرُ الأَحَادِيثِ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ أَثْبَتُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ، رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ نَاساً مِن الصَّحَابَةِ اجْتَمَعُوا فَتَذَاكَرُوا سَاعَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ افْتَرَقُوا وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَرَجَّحَهُ إِسْحَاقُ وَغَيْرُهُ، وَحَكَى أَنَّهُ نَصُّ للشَّافِعِيِّ.
وَقَد اسْتَشْكَلَ هَذَا؛ فَإِنَّهُ تَرْجِيحٌ لِغَيْرِ مَا فِي الصَّحِيحِ عَلَى مَا فِيهِ، وَالْمَعْرُوفُ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهَا أَنَّ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مِمَّا انْتَقَدَهُ الْحُفَّاظُ؛ كَحَدِيثِ أَبِي مُوسَى هَذَا الَّذِي فِي مُسْلِمٍ؛ فَإِنَّهُ قَدْ أُعِلَّ بِالانْقِطَاعِ وَالاضْطِرَابِ.
أَمَّا الأَوَّلُ فَلأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ، وَقَدْ صَرَّحَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، فَلَيْسَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلأَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ أَخْرَجُوهُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ غَيْرَ مَرْفُوعٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ كُوفِيٌّ، وَأَهْلُ بَلْدَتِهِ أَعْلَمُ بِحَدِيثِهِ مِنْ بُكَيْرٍ، فَلَوْ كَانَ مَرْفُوعاً عِنْدَ أَبِي بُرْدَةَ لَمْ يَقِفُوهُ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا جَزَمَ الدَّارَقُطْنِيُّ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ هُوَ الصَّوَابُ.
وَجَمَعَ ابْنُ الْقَيِّمِ بَيْنَ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَابْنِ سَلامٍ بِأَنَّ السَّاعَةَ تَنْحَصِرُ فِي أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ، وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.
وَقَد اخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ قَوْلاً، أَمْلَيْتُهَا فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ، تَقَدَّمَتِ الإِشَارَةُ إلَى هَذَا.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: اخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى قَوْلَيْنِ؛ فَقِيلَ: قَدْ رُفِعَتْ، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ. وَقِيلَ: هِيَ بَاقِيَةٌ، وَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِهَا، ثُمَّ سَرَدَ الأَقْوَالَ لَمْ يَبْلُغْ بِهَا مَا بَلَغَ بِهَا الْمُصَنِّفُ مِن الْعَدَدِ، وَقَد اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ هَاهُنَا عَلَى قَوْلَيْنِ كَأَنَّهُمَا الأَرْجَحُ عِنْدَهُ دَلِيلاً، وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ فَضِيلَةِ الْجُمُعَةِ لاخْتِصَاصِهَا بِهَذِهِ السَّاعَةِ.

محمد أبو زيد 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م 08:35 AM


378 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: ((فِيهِ سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ ـ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ـ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئاً، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ)).وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: ((وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ)).
ــ
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
لا يُوَافِقُهَا: أَيْ: لا يُصَادِفُهَا، وَهَذِهِ اللفظةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُقْصَدَ لَهَا، أَوْ يَتَّفِقَ وُقُوعُ الدُّعَاءِ فِيهَا.
وَهُوَ قَائِمٌ: جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ مَحَلُّهَا النَّصْبُ؛لأَنَّهَا حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ، وَهَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الغالبِ، فَلا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُ المخالفةِ هُنَا.
يُصَلِّي وَيَسْأَلُ: جُمْلَتَانِ حَالِيَّتَانِ من الأحوالِ المترادفةِ أَو المُتَدَاخِلَةِ، وَلا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَا صِفَتَيْنِ لِـ (مُسْلِمٌ)؛ لأَنَّ (مُسْلِمٌ) صِفَةٌ لِـ (عَبْدٌ)، والصفةُ وَالمَوْصُوفُ فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ، والنَّكِرَةُ إِذَا اتَّصَفَتْ يَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ المعرفةِ، فَلا يَجُوزُ وُقُوعُ الْجُمَلِ بَعْدَهَا صِفَاتٍ لَهَا؛ لأَنَّ الْجُمَلَ لا تَقَعُ صِفَةً للمَعْرِفَةِ، بَلْ إِذَا وَقَعَتْ بَعْدَهَا تَكُونُ حَالاً.
شَيْئاً: مِمَّا يَلِيقُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ الْمُسْلِمُ، وَيَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى بِهِ.
يُقَلِّلُهَا: جُمْلَةٌ وَقَعَتْ حَالاً، والتقليلُ خِلافُ التَّكْثِيرِ، فَهُوَ يُشِيرُ إِلَى أنَّ وَقْتَهَا قَلِيلٌ، وَالساعةُ اسْمٌ لِجُزْءٍ مَخْصُوصٍ مِنَ الزَّمَنِ، وَيَرِدُ عَلَى أنحاءٍ مِنْهَا، أَوْ يُرَادُ بِهِ جُزْءٌ غَيْرُ مُقَدَّرٍ.
379 - وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلاةُ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بُرْدَةَ.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَعَنْ جَابِرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ والنَّسَائِيِّ أَنَّهَا مَا بَيْنَ صَلاةِ العصرِ إِلَى غُرُوبِ الشمسِ. وَقَد اخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى أَكْثَرَ منْ أَرْبَعِينَ قولاً أَمْلَيْتُهَا فِي (شرحِ الْبُخَارِيِّ).
ــ
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
مَا بَيْنَ صَلاةِ العصرِ وغروبِ الشَّمْسِ: (بَيْنَ) ظَرْفٌ، وَأَصْلُ الْكَلامِ: مَا بَيْنَ صَلاةِ العصرِ وَبَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، لِيَقْتَرِنَ الظَّرْفُ بِطَرَفَيِ الزَّمَانِ.
أَمْلَيْتُهَا: مِنَ (الإملاءِ) وَهُوَ أَنْ تُمْلِيَ العبارةَ وَتُنْشِئَهَا وَيَكْتُبَهَا غَيْرُكَ؛ أَيْ: كَتَبَ تِلْكَ الأَقْوَالَ فِي (شرحِ الْبُخَارِيِّ) وَهُوَ (فَتْحُ الْبَارِي) الشَّرْحُ الشَّهِيرُ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ:
1 - مِنْ فضائلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَنَّ فِيهَا سَاعَةً شَرِيفَةً، هِيَ نَفْحَةٌ منْ نَفَحَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، يَسْتَجِيبُ فِيهَا تَعَالَى دُعَاءَ الدَّاعِي.
2 - لا يُوَافِقُ هَذِهِ السَّاعَةَ الفاضلةَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَيَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئاً منْ أَمْرِ الدِّينِ أَو الدُّنْيَا، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ.
3 - السَّاعَةُ المُرَادَةُ هِيَ القطعةُ مِنَ الزَّمَنِ، قَدْ تَطُولُ وَقَدْ تَقْصُرُ، إِلاَّ أَنَّ سَاعَةَ الْجُمُعَةِ هَذِهِ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ لَيْسَتْ بالطويلةِ.
4 - أَخْفَى تَعَالَى وَقْتَ هَذِهِ السَّاعَةِ، فَلا يُعْلَمُ هَلْ هِيَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، أَوْ آخرِهِ، أَوْ وَسَطِهِ؟ وَإِخْفَاؤُهَا عَيْنُ الحكمةِ والرحمةِ، ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ وَقْتُهَا لَمَا الْتَمَسَهَا الْمُسْلِمُونَ بالعبادةِ والدعاءِ إِلاَّ تِلْكَ السَّاعَةَ، وَلَكِنْ إِخْفَاؤُهَا يَجْعَلُهُمْ يَلْتَمِسُونَ كُلَّ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، عَلَّهُمْ يَقَعُونَ عَلَيْهَا، فَتَكْثُرُ أَعْمَالُهُم الصَّالِحَةُ، وَإِخْفَاؤُهَا كَإِخْفَاءِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَإِخْفَاءِ اسْمِ اللَّهِ الأعظمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ من الأَشْيَاءِ المُفَضَّلَةِ.
5 - أَرْجَى سَاعَةٍ لساعةِ الإجابةِ سَاعَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: حِينَ يَصْعَدُ الخطيبُ حَتَّى تُقْضَى الصَّلاةُ، كَمَا جَاءَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبَى بُرْدَةَ، وَهَذَا الوقتُ لَهُ مِيزَتُهُ بِاجْتِمَاعِ الْمُصَلِّينَ، وَالاجتماعُ عَلَى العبادةِ لَهُ أَثَرُهُ فِي إجابةِ الدُّعَاءِ، كَمَا أَنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ هِيَ المَقْصُودَةُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ الَّتِي نَادَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ لِلسَّعْيِ إِلَيْهَا.
أَمَّا السَّاعَةُ الثَّانِيَةُ: مَا بَيْنَ صَلاةِ العصرِ وغروبِ الشَّمْسِ، كَمَا جَاءَ ذَلِكَ فِي حَدِيثَيْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، وَجَابِرٍ.
6 - هَذَانِ الوَقْتَانِ هُمَا أَرْجَى وَقْتٍ لِهَذِهِ السَّاعَةِ الفاضلةِ، ذَلِكَ أَنَّ وَقْتَ صعودِ الخطيبِ المِنْبَرَ للخطبةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الصَّلاةُ ـ هُوَ ثَمَرَةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَزُبْدَتُهُ، فَمَا فُضِّلَ هَذَا إِلاَّ لِهَذِهِ العبادةِ الجليلةِ، وَالذِّكْرِ الكريمِ.
أَمَّا بَعْدَ العصرِ فَهُوَ آخِرُ النَّهَارِ، وَهُوَ خِتَامُ أَعْمَالِ النَّهَارِ، وَالجَوَائِزُ تُوَزَّعُ وَتُعْطَى فِي آخِرِ الْعَمَلِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ)). رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (2443) .
7 - اسْتِحْبَابُ التَّفَرُّغِ لِهَذِهِ السَّاعَةِ المباركةِ، والاجتهادِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ؛ لَعَلَّهُ يُصَادِفُهَا، وَيُقَدِّرُ أَنَّ كُلَّ سَاعَةٍ تَمُرُّ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ (وَ)(*) هِيَ سَاعَةُ الإجابةِ.
8 - الإِسْلامُ شَرْطٌ أَسَاسِيٌّ لِقَبُولِ الأَعْمَالِ، وَاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ، فَمَهْمَا عَمِلَ الْكَافِرُ منْ عَمَلٍ فَمَرْدُودٌ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان: 23].
9 - الْعُبُودِيَّةُ هُنَا لَهَا مَعْنًى خَاصٌّ، فَلَيْسَتِ العُبُودِيَّةَ الْعَامَّةَ، وَإِنَّمَا هِيَ عُبُودِيَّةُ الاتِّصَالِ بِاللَّهِ تَعَالَى والالْتِجَاءِ إِلَيْهِ، وَالتَّضَرُّعِ بَيْنَ يَدَيْهِ.
10 - جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: ((يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2735) . فالدعاءُ المُسْتَجَابُ هُوَ المشروعُ فِي لَفْظِهِ وَقَصْدِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


(*) كذا بالأصل ولكن السياق يقتضي حذفها.




الساعة الآن 08:20 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir