مجلس مذاكرة القسم الخامس من تفسير سورة آل عمران
مجلس مذاكرة القسم الخامس من تفسير سورة آل عمران حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:(الآيات 52-74) 1: سبب تسمية الحواريّين بهذا الاسم. 2: المراد بالتوفّي في قوله تعالى: {إني متوفّيك ورافعك إليّ}. تعليمات: - دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار. - مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا. - لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد. - يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها. - تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب. تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة: أ+ = 5 / 5 أ = 4.5 / 5 ب+ = 4.25 / 5 ب = 4 / 5 ج+ = 3.75 / 5 ج = 3.5 / 5 د+ = 3.25 / 5 د = 3 هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة. معايير التقويم: 1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ] 2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص] 3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد] 4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية. 5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض. نشر التقويم: - يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب. - تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها. - نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم. _________________ وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم |
حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين: 2: المراد بالتوفّي في قوله تعالى: {إني متوفّيك ورافعك إليّ}. ذكر في المراد بالتوفي أقوال: الأول: هي وفاة نومٍ. وهو قول الربيع, والحسن. ذكره ابن جرير, وابن عطية, وعزاه ابن كثير لأكثر أهل العلم. وكان معنى الكلام على مذهبهم: إنّي منيمك، ورافعك في نومك. واستدل له بقوله تعالى: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار}, وقوله تعالى: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها فيمسك الّتي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمًّى إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون}. وبقوله صلّى اللّه عليه وسلّم يقول -إذا قام من النّوم-: "الحمد للّه الّذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النّشور". و بقول الحسن: قال رسول اللّه لليهود: إنّ عيسى لم يمت، وإنّه راجعٌ إليكم قبل يوم القيامة. الثاني: إنّي قابضك من الأرض، فرافعك إليّ.وهو قول مطر الوراق, والحسن, وابن جريج, وكعب الأحبار, وجعفر بن الزبير, وابن زيد. أخرجه ابن جرير, وذكره ابن عطية. قالوا: ومعنى الوفاة: القبض، لما يقال: توفّيت من فلانٍ ما لي عليه، بمعنى: قبضته واستوفيته، قالوا: فمعنى قوله: {إنّي متوفّيك ورافعك} أي قابضك من الأرض حيًّا إلى جواري، وآخذك إلى ما عندي بغير موتٍ، ورافعك من بين المشركين وأهل الكفر بك. واستدل له بأنّ كعب الأحبار قال: ما كان اللّه عزّ وجلّ ليميت عيسى ابن مريم، إنّما بعثه اللّه داعيًا ومبشّرًا يدعو إليه وحده، فلمّا رأى عيسى قلّة من اتّبعه وكثرة من كذّبه، شكا ذلك إلى اللّه عزّ وجلّ، فأوحى اللّه إليه: {إنّي متوفّيك ورافعك إليّ} وليس من رفعته عندي ميّتًا، وإنّي سأبعثك على الأعور الدّجّال، فتقتله، ثمّ تعيش بعد ذلك أربعًا وعشرين سنة، ثمّ أميتك ميتة الحيّ قال كعب الأحبار: وذلك يصدّق حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حيث قال: كيف تهلك أمّةٌ أنا في أوّلها، وعيسى في آخرها؟. الثالث: وفاة موتٍ. وهو قول ابن عباس, ووهب بن منبه, وابن إسحاق. أخرجه ابن جرير, وذكره ابن عطية, وابن كثير. الرابع: من المقدّم والمؤخّر، تقديره: إنّي رافعك إليّ ومتوفّيك، يعني بعد ذلك. وهو قول قتادة, والفراء. ذكره الزجاج وعزاه لأكثر النحويين, وابن عطية, وابن كثير. الخامس: متقبل عملك. وهو قول مكي. ذكره ابن عطية وضعفه من جهة اللفظ. الدراسة: اختلف أهل العلم في المراد بالتوفي في قوله تعالى: {إني متوفّيك ورافعك إليّ} إلى عدة أقوال وذلك راجع إلى اختلاف معنى التوفي في اللغة إلى عدة معان, تكون هذه المعاني راجعة إلى السياق التي تكون فيه الكلمة. وقد ذكر صاحب معجم اللغة العربية المعاصرة معنى التوفي في اللغة, وذكر كل معنى على حسب السياق الذي تكون فيه فقال: توفى يتوفى، توف، توفيا، فهو متوف، والمفعول متوفى (للمتعدي) • توفى جارنا اليوم: مات، استوفى أجله. • توفى الله الشخص: 1 - أماته، قبض روحه "توفاه الله وهو في مقتبل العمر- {الله يتوفى الأنفس حين موتها} ". 2 - أنامه " {وهو الذي يتوفاكم بالليل} ". 3 - قبض روحه من الأرض بلا موت " {إني متوفيك ورافعك إلي} ". • توفى الشخص حقه: استوفاه؛ أخذه كاملا لم ينقص منه شيء "توفى أرباحه من الشركة". وقد وجه ابن عطية قول ابن عباس رضي الله عنه بأن التوفي المراد منه الموت؛ بأن ذلك يكون على إما على قول ابن منبه: توفاه الله بالموت ثلاث ساعات ورفعه فيها ثم أحياه الله بعد ذلك، عنده في السماء وفي بعض الكتب، سبع ساعات, وإما على قول الفراء: هي وفاة موت ولكن المعنى، إنّي متوفّيك في آخر أمرك عند نزولك وقتلك الدجال، ففي الكلام تقديم وتأخير. ورجح ابن جرير القول الثاني فقال: وأولى هذه الأقوال بالصّحّة عندنا قول من قال: معنى ذلك: إنّي قابضك من الأرض ورافعك إليّ؛ لتواتر الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الدّجّال ثمّ يمكث في الأرض مدّةٌ ذكرها اختلفت الرّواية في مبلغها، ثمّ يموت، فيصلّي عليه المسلمون ويدفنونه. ثم ذكر بعض الأحاديث في ذلك, منها ما رواه عن ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن مسلمٍ الزّهريّ، عن حنظلة بن عليٍّ الأسلميّ، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ليهبطنّ اللّه عيسى ابن مريم حكمًا عدلاً وإمامًا مقسطًا، يكسر الصّليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويفيض المال حتّى لا يجد من يأخذه، وليسلكّن الرّوحاء حاجًّا أو معتمرًا، أو لثنيين بهما جميعًا. ثم قال ابن جرير في تأكيد ما ذهب إليه من ترجيح القول الثاني وتضعيف ما عداه من الأقوال: ومعلومٌ أنّه لو كان قد أماته اللّه عزّ وجلّ لم يكن بالّذي يميته ميتةً أخرى، فيجمع عليه ميتتين؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ إنّما أخبر عباده أنّه يخلقهم ثمّ يميتهم، ثمّ يحييهم، كما قال جلّ ثناؤه {اللّه الّذي خلقكم ثمّ رزقكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيءٍ}. فتأويل الآية إذًا: قال اللّه لعيسى: يا عيسى إنّي قابضك من الأرض ورافعك إليّ، ومطهّرك من الّذين كفروا، فجحدوا نبوّتك. والله أعلم |
تقويم مجلس مذاكرة القسم الخامس من تفسير سورة آل عمران صلاح الدين محمد أ+ أحسنت بارك الله فيك ونفع بك. |
مجلس مذاكرة القسم الخامس من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 52-74) حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين: 1: سبب تسمية الحواريّين بهذا الاسم. قال ابن فارس في مقاييس اللغة: ثلاثة أصول للجذر (ح.و.ر): أحدها: لون. فهو شِدَّةُ بَيَاضِ الْعَيْنِ فِي شِدَّةِ سَوَادِهَا. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: مَا أَدْرِي مَا الْحَوَرُ فِي الْعَيْنِ. وَيُقَالُ حَوَّرَتِ الثِّيَابَ، أَيْ بَيَّضْتُهَا. ذكره ابن فارس. الأدلة والشواهد: - قَالَ أَبُو عَمْرٍو: الْحَوَرُ أَنْ تَسْوَدَّ الْعَيْنُ كُلُّهَا مِثْلُ الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ. وَلَيْسَ فِي بَنِي آدَمَ حَوَرٌ. قَالَ وَإِنَّمَا قِيلَ لِلنِّسَاءِ حُورُ الْعُيُونِ، لِأَنَّهُنَّ شُبِّهْنَ بِالظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ. ذكره ابن فارس. والآخر: الرجوع. قال تعالى: "إنه ظن أن لن يحور". قال الزجاج: أي لن يحشر. الثالث: أن يدور الشيء دورا. وعلى هذه المعاني الثلاثة دار معنى الحواريين. فمما ذكره المفسرون عن سبب تسمية الحواريين بهذا الاسم: القول الأول: لأنهم كانوا بيض الثياب. قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومسلم البطين. رواه البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. كما ذكر السيوطي في الدر المنثور أن: الفريابي وعبد بن حميد أخرجاه. ورواه الفراء وأبو عبيدة معمر بن المثنى، وأبو عبيد، وعبد الله بن يحيى بن المبارك، والزجاج، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأبو الفضل السبتي عن ابن الأنباري، وابن منظور. الأدلة والشواهد: - روى البخاري في صحيحه حديثا معلقا في بَابُ مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ حَوَارِيُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُمِّيَ الْحَوَارِيُّونَ لِبَيَاضِ ثِيَابِهِمْ. تخريج الأقوال: أما قول ابن عباس: فقد أخرجه البخاري معلقا، ورواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عنه رضي الله عنهما أنه قال: (إِنَّمَا سُمُّوا الْحَوَارِيِّينَ لِبَيَاضِ ثِيَابِهِمْ كَانُوا صَيَّادِينَ). وأما قول سعيد بن جبير: فقد رواه ابن جرير من طريق ميسرة، عن المنهال بن عمرو، عنه أنه قال: (إنّما سمّوا الحواريّين ببياض ثيابهم.). وأما قول مسلم البطين: فقد رواه ابن المنذر من طريق عِيسَى، عَنْ أبي الجحاف، عَنْه أنه قَالَ ( كانوا صيادين، إِنَّمَا سموا الحواريين لبياض ثيابهم). القول الثاني: لأنهم كانوا قصارين للثياب غسالين لها. قاله أبو أرطأة والضحاك وابن جريج ومقاتل بن سليمان، ورواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، ورواه مجاهد في تفسيره الذي حرره الهمذاني. كما ذكر السيوطي في الدر المنثور أن: عبد بن حميد أخرجه. ورواه وأبو عبيدة معمر بن المثنى، أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي، وعبد الله بن يحيى بن المبارك، وابن قتيبة في غريب القرآن، والزجاج، وابن دريد، والسجستاني، والنحاس، ومكي بن أبي طالب، وأبو منصور الهروي، وأبو الفضل السبتي عن ابن الأنباري، وابن منظور. تخريج الأقوال: أما قول أبي أرطأة: - فقد رواه ابن جرير من طريق أبي عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عنه فقال: (الغسّالون، الّذين يحوّرون الثّياب يغسلونها). - ورواه مجاهد في تفسيره الذي نقله عبد الرحمن الهمذاني من طريق إبراهيم عن آدم عن ورقاء عنه أنه قال: (الحواريون الغسالون يحورون الثياب أي يغسلونها). وأما قول الضحاك: - فقد رواه ابن جرير - في تفسيره للفظة في سورة الصف - من طريق الحسن عن أبي معاذ عن عبيد عنه أنه قال: (هم الغسالون بالنبطية؛ يقال للغسال: حواري). - ورواه ابن أبي حاتم من طريق أبي سعيد الأشج عن الوليد بن القاسم عن جويبر عنه. وأما قول ابن جريج: فقد رواه ابن المنذر من طريق علي بن المبارك عن زيد عن ابن ثور عنه أنه قال: (الغسالون للثياب، يقول: وَهُوَ بالنبطية: الحوار). وأما قول مقاتل بن سليمان: فقد جاء في تفسيره. القول الثالث: لأنهم خاصة الأنبياء وصفوتهم. قاله الضحاك وقتادة ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم. وذكره ابن زمنين دونما إسناد. ورواه أبو عبيدة، والنضر بن شميل والزجاج. تخريج القول: أما قول الضحاك: - فقد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق منجاب بن الحارث عن بشر بن عمارة عن أبي ورق عنه أنه قال: (أصفياء الأنبياء). وأما قول قتادة: - فقد رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق روح بن القاسم عنه أنه قال: (الذين تصلح لهم الخلافة). وأما قول أبي عبيدة: فقد رواه ابن المنذر من طريق الأثرم عنه أنه قال: (هم صفوة الأنبياء الذين اصطفوهم). وأما قول النضر بن شميل: فقد ذكره بلفظ: (خاصة الرجل). كما ذكره الثعلبي والقنوجي والقرطبي في تفسيرهم. القول الرابع: الناصر. قاله سفيان بن عيينة ورواه ابن أبي حاتم وجاء بلفظ (الوزير): قاله قتادة ورواه ابن أبي حاتم. وذكر السيوطي في الدر المنثور أن عبد الرزاق رواه عنه. ** فال الماتريدي في تفسيره (تأويلات أهل السنة): وقيل: الحواري: الوزير، والناصر، والخاص؛ على ما جاء عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِن لِكُلِّ نَبِي حَوَارِيِّينَ، وَحَوَارِيي فُلان وفُلان "، ذكر نفرًا من الصحابة - رضوان اللَّه عليهم أجمعين، - وإنما أراد - واللَّه أعلم - الناصر والوزير. ** قال السمين الحلبي في الدر المصون: {الحواريون} جمع حوارِيّ وهو الناصرُ، وهو مصروفٌ وإنْ ماثل مَفَاعل، لأنَّ ياءَ النسب فيه عارضةٌ، ومثله حَوالِيٌّ وهو المحتال، وهذان بخلافِ: قَمَارِيّ وبَخاتِيّ، فإنهما ممنوعانِ من الصرفِ، والفرق أن الياءَ في حوارِيّ وحواليّ عارضةٌ بخلافِها في: «قَماريّ وبَخاتِيّ» فإنها موجودَةٌ قبل جَمْعِها في قولك: قُمْرِيّ وبُخْتِيّ. ** قال الماوردي في النكت والعيون: أنهم المندوبون لحفظ شرائعهم إما بجهاد أو علم. ** قال ابن الجوزي في زاد المسير: الحوارُّيون: المجاهدون، وسُمِّيَ أصحابُ عيسى حواريين؛ لمجاهدتهم معه، وصبرهم على منازعة أهل الكفر. كما ذكره أبو الفضل السبتي في إكمال المعلم بفوائد مسلم. الأدلة والشواهد: - أنَّ عيسى عليه السلام مَرَّ بقومٍ فاستنصَرَهم ودَعاهم إلى الإِيمان فتبعوه وكانوا قَصَّارين للثيابِ، فَسُمِّيَ كلُّ مَنْ تَبعَ نبياً ونَصَرَهُ: حواريَّاً تسميةً له/ باسمِ أولئك تشبيهاً بهم وإن لم يكن قَصَّاراً، وفي الحديث عنه عليه السلام في الزبير: «ابنُ عمتي وحواريّ من أمتي» ومنه أيضاً: «إنَّ لكل نبي حوارياً وحوارِيّ الزبير» هذا معنى كلام أبي عبيدة. ذكره السمين الحلبي في الدر المصون. - أنشد الأنباري: ونحنُ أناسٌ تملأ البيضَ هامُنَا … ونحن الحوارِيُّونَ يومَ نُزاحِفُ جماجِمُنَا يومَ اللقاء تَراسُنا … إلى الموت نَمْشي ليس فينا تَجانُفُ ذكره السمين الحلبي في الدر المصون. تخريج القول: وقول سفيان بن عيينة: فقد رواه ابن أبي حاتم من طريق يونس بن عبد الأعلى عنه. وقول قتادة – بلفظ الوزير-: فقد رواه ابن أبي حاتم من طريق معمر عنه. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور عنه. توجيه الأقوال: فبالنسبة للقول الأول: فقد قال ابن جرير: فإن العرب تسمي النساء اللواتي مساكنهن القرى والأمصار حواريات، وإنما يمسن بذلك لغلبة البياض عليهن، وقد قال أبو جلدة اليشكري: فقل للحواريات يبكين غيرنا ... ولا تبكنا إلا الكلاب النوابح وأصل الحَوَر عند العرب: شدة البياض؛ يقال: رجل أحور، وامرأة حوراء للشديدة بياض مقلة العين، ويقال للدقيق الأبيض: حُوراي، وكل شيء بيَّضته، فقد حورته. ويقال للبيضاء من النساء: حوارية. وأشار محقق كتاب المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب الدكتور التهامي الهاشمي إلى أن هذه اللفظة (حواري) في اللغة الحبشية تعني: (رسول)، ولها أصل في الآرامية، وتعني عندهم: (الأبيض). قال ابن دريد: والحور: نقاء بَيَاض الْعين وصفاء سوادها وَأكْثر مَا يكون ذَلِك فِي الصّبيان. وبالنسبة للقول الثاني: قال ابن زمنين: (الحواريون) أصل الْكَلِمَة من التحوير للثياب وَغَيرهَا وَهُوَ التّبْييضُ، تَقول: حوَّرتُ الثَّوْب، أَي: غسلته وبيضته، واحْوَرَّت القِدْرُ ابيضَّ لَحمهَا قبل أَن ينضج، والحَوْرَاء من هَذَا أَيْضا وَهِي الشَّدِيدَة الْبيَاض، وخبز الحُوَّارَى هُوَ من هَذَا. قال ابن الأنباري: وهذا قول بعض اللُّغَويين، يقول: الحواريُّون: النِظَافُ الثِّياب؛ من قول العرب: (قد حُرْت الثوبَ): إذا غسلته، ونَظَّفته. قال أبو عبيدة: إنهم يحوِّلون اسم الشئ إلى غيره إذا كان من سببه. قال ابن دريد: واشتقاق الحواريين قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: كَانُوا قوما قصارين أجابوا عِيسَى بن مَرْيَم صلى الله عَلَيْهِمَا وَسلم فسموا حواريين لتحويرهم الثِّيَاب أَي غسلهم إِيَّاهَا. وبالنسبة للقول الثالث: قال الزجاج: قال الحذاق باللغة: هم صفوة الأنبياء الذين خلصوا وأخلصوا في التصديق ونصرتهم فسماهم الله الحواريين، وتأويل الحوارِيين في اللغة الذين أخلَصُوا ونُقُّوا من كُل عَيْبِ، وكذلك الدقيق الحوارَى من هذا، إنما سُمِّيَ لأنَّه يُنَقى من لُبَابِ البُرِّ وخالِصِه. وتأويله في الناس أنه الذي إذَا رُجِعَ في اختياره مَرة بعد مَرةٍ وُجِدَ نقيًّا مِنَ العُيُوب. قال ابن درير في جمهرة اللغة: فأصل التحوير في اللغة من حَارَ يحورُ، وهو الرجوع والترجيعُ. قال أبو عبيدة في قوله جل ثناؤه: "إنه ظن أن لن يحور"، أي لن يحشر. قال أبو منصور الهروي في تهذيب اللغة: قال ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الحَوارِيُّون: الأنصارُ، وهم خاصّةُ أَصْحَابه. وروى شَمِرٌ عَنهُ أَنه قَالَ: الحَوَارِيُّ الناصح، وَأَصله الشيءُ الْخَالِص. وكلُّ شَيْء خلص لَونه فَهُوَ حَوَارِيٌّ. قال ابن منظور: وتأْويل الْحَوَارِيِّينَ فِي اللُّغَةِ الَّذِينَ أُخْلِصُوا ونُقُّوا مِنْ كُلِّ عَيْبٍ؛ وَكَذَلِكَ الحُوَّارَى مِنَ الدَّقِيقِ سُمِّيَ بِهِ لأَنه يُنَقَّى مِنْ لُباب البُرِّ؛ قَالَ: وتأْويله فِي النَّاسِ الَّذِي قَدْ رُوجِعَ فِي اختِياره مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَوُجِدَ نَقِيّاً مِنَ الْعُيُوبِ. قَالَ: وأَصل التَّحْوِيرِ فِي اللُّغَةِ مِنْ حارَ يَحُورُ، وَهُوَ الرُّجُوعُ. والتَّحْوِيرُ: التَّرْجِيعُ. قال ابن زمنين: لِأَنَّهُ خالصٌ أَبيض نقيٌّ، فَكَأَن الحَوَارِيَّ من النَّاس الصافي من العُيوب الْخَالِص فِي دينه النقي. وبالنسبة للقول الرابع: قال ابن جرير في تفسيره للفظة في سورة الصف: وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثني به بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ) قال:" قد كانت لله أنصار من هذه الأمة تجاهد على كتابه وحقه". وذُكر لنا أنه بايعه ليلة العقبة اثنان وسبعون رجلا من الأنصار، ذُكر لنا أن بعضهم قال: هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ إنكم تبايعون على محاربة العرب كلها أو يُسلموا. ذُكر لنا أن رجلا قال: يا نبيّ الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت، قال: أشترط لربي أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئًا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما منعتم منه أنفسكم وأبناءكم" قالوا: فإذا فعلنا ذلك فما لنا يا نبيّ الله؟ قال: "لكم النصر في الدنيا، والجنة في الآخرة"، ففعلوا، ففعل الله". وقال: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: إن الحواريين كلهم من قريش: أَبو بكر، وعمر، وعلي، وحمزة، وجعفر، وأبو عُبيدة، وعثمان بن مظعون، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أَبي وقاص، وعثمان، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوّام. فجاء القرآن يحفز أهله على أن يقتدوا بحواريي عيسى ليكونوا مثلهم أنصار الله، وقد قال ابن المنذر: فكثر هَذَا فِي الْكَلام حَتَّى صار كأنه اسم معناه النصرة، وهذا مِمَّا يدخل فِي كَلام النَّاس بعضه فِي بعض، كَمَا سمي الغائط، وإنما أصله الصحراء المطمئنة من الأرض، فَكَانَ الرَّجُل يأتيها لقضاء حاجته، فيقول: أتيت الغائط، فكثر ذَلِكَ فِي الْكَلام حَتَّى صار غائط الإنسان يسمى بذلك الاسم " قَالَ أبو عبيدة: وكذلك {الْحَوَارِيُّونَ} لما كانوا يوصفون بالنصرة لعِيسَى صار هَذَا كالنعت لَهُمْ، وكذلك كُلّ قائم بنصرة فَهُوَ حواري، ومنه ابْن عروة، عَنْ محمد بْن المنكدر، عَنْ جابر بْن عَبْد اللهِ، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال الماوردي في النكت والعيون: أنهم المندوبون لحفظ شرائعهم إما بجهاد أو علم. نقل ابن منظور قول ابن سيده: وكلُّ مُبالِغٍ فِي نُصْرَةِ آخَرَ حوَارِيٌّ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ أَنصار الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ: بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ، … ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يَعْنِي بالحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، وَعَنَى بِابْنِهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وعليه: فقد استرسلت في سرد التفسير اللغوي للفظة لبيان أن الأقوال الواردة في سبب تسمية (الحواريين) بهذا الاسم كلها لها أصل في اللغة وتحتمل كل الأقوال: فالحواريين كانوا يلبسون الأبيض من الثياب (وهذا ما يتعلق باللون) وهو النقاء والصفاء، وكذلك كانوا يرجعون لون الثياب إلى اللون الأبيض فيغسلونها حتى تنقى (وهذا أصله من رجع)، وكذلك هم الصفوة الذين اختارهم الله لأنبيائه فينصرونهم ويخلصون لله في ذلك، (ويدورون) حولهم، وحول ما جاءوا به يدندنون. وقد عُرف الحواريون بصحبة عيسى عليه السلام واختياره إياهم لنفسه أصحابا وأنصارا، فجرى ذلك الاسم لهم واستعمل، حتّى صار كلّ خاصّةٍ للرّجل من أصحابه وأنصاره حواريّه؛ ولذلك قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: لكلّ نبيٍّ حواريّ، وحواريّ الزّبير يعني خاصّته. ومن لطيف ما ذكره الماتريدي في تفسيره: ويحتمل أن يكونوا سمُّوا بذلك؛ لصفاء قلوبهم، وهم أصفياء عيسى - عليه السلام -. كذلك روي عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - واللَّه أعلم بهم. ونقل الثعلبي قول الضحاك: أنهم سمُّوا الحواريين؛ لصفاء قلوبهم، وقال عبد الله ابن المبارك: سمُّوا حواريين؛ لأنهم كانوا يُرى بين أعينهم أثر العبادة، ونورها، وحسنها، قال الله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}. الحاصل: أن الحواريين لقب غلب على أصحاب عيسى عليه السلام الذين آمنوا به، وصدقوه. وقد أكثر المفسرون وأهل اللغة في احتمالات اشتقاق اللفظ، واختلاف معناه، وكل أشار إليه، ووصفه بصفة من صفاته، وهي كلها أقوال لا منافاة بينها ولا تباين، فمن فسّره على أنَّه: الحَوَر، وهو البياض، فهو تفسير اللفظ، ومن فسّره على أنَّه: حال القوم، فقد ذهب إلى المعنى، كما قال ابن عطية في "المحرر الوجيز. |
تابع التقويم
إيمان جلال أ+ أحسنت بارك الله ونفع بك. |
2: المراد بالتوفّي في قوله تعالى: {إني متوفّيك ورافعك إليّ}. اختلف المفسرون في تعيين المراد بالتوفي في قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [سورة آل عمران: 55] على أقوال: القول الأول: أن التوفي بمعنى قبض جسده من الأرض ورفعه إليه، وقال بهذا القول كعب الأحبار ومحمد بن جعفر بن الزبير وابن جريج والحسن البصري وابن زيد ومطر الوراق، ونص عليه الفراء احتمالا، وقال به ابن قتيبة ومكي بن أبي طالب. قول كعب الأحبار: رواه ابن جرير عن المثنى عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن كعب قال: "ما كان اللّه عزّ وجلّ ليميت عيسى ابن مريم، إنّما بعثه اللّه داعيًا ومبشّرًا يدعو إل يه وحده، فلمّا رأى عيسى قلّة من اتّبعه وكثرة من كذّبه، شكا ذلك إلى اللّه عزّ وجلّ، فأوحى اللّه إليه: {إنّي متوفّيك ورافعك إليّ} وليس من رفعته عندي ميّتًا، وإنّي سأبعثك على الأعور الدّجّال، فتقتله، ثمّ تعيش بعد ذلك أربعًا وعشرين سنة، ثمّ أميتك ميتة الحيّ قال كعب الأحبار: وذلك يصدّق حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حيث قال: كيف تهلك أمّةٌ أنا في أوّلها، وعيسى في آخرها؟" صحح السيوطي هذا الإسناد إلى كعب في الدر المنثور؛ ولكن الزيادة التي رفعها كعب الأحبار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد ضعفها الألباني في السلسلة الضعيفة. وكعب الأحبار ممن يروي أخبار بني إسرائيل وفي السنة حديث يصدق مقالته ما عدا مدة حكم عيسى عليه السلام قبل موته، وهي من مسائل مختلف الحديث وليس هذا محل بسطها. روى الإمام أحمد ومسلم عن شُعْبة عن النعمان بن سالم سمعت يعقوب بن عاصم بن عرْوة بن مسعود يقول: سمعت عبد الله بن عمرو، وجاءه رجل، فقال: ما هذا الحديث الذي تحدث به؟ تقول: إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا، فقال: سبحان الله أو لا إله إلا الله - أو كلمة نحوهما - لقد هممت أن لا أحدث أحدا شيئا أبدا، إنما قلت: إنكم سترون بعد قليل أمرا عظيما، يحرق البيت، ويكون ويكون، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين - لا أدري: أربعين يوما، أو أربعين شهرا، أو أربعين عاما فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود، فيطلبه فيهلكه، ثم يمكث الناس سبع سنين، ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشأم، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه، حتى تقبضه "...الحديث. قول محمد بن جعفر رواه ابن جرير عن ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر أنه قال: {متوفيك} أي قابضك. قول ابن جريج رواه ابن جرير من طريق حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {إنّي متوفّيك ورافعك إليّ ومطهّرك من الّذين كفروا} قال: فرفعه اللّه إليه، توفّيه إيّاه، وتطهيره من الّذين كفروا. ورواه ابن المنذر من طريق ابن ثور عن ابن جريج مثله. قول الحسن: قال عبد الرزاق نا معمر عن الحسن: "إني متوفيك من الأرض"، ورواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من هذا الطريق. قول ابن زيد رواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن ابن زيد أنه قال في قوله تعالى: {إنّي متوفّيك ورافعك إليّ} قال: متوفّيك: قابضك، قال: ومتوفّيك ورافعك واحدٌ، قال: ولم يمت بعد حتّى يقتل الدّجّال، وسيموت، وقرأ قول اللّه عزّ وجلّ: {ويكلّم النّاس في المهد وكهلاً} قال: رفعه اللّه إليه قبل أن يكون كهلاً، قال: وينزل كهلا. قول مطر الوراق رواه ابن جرير عن عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذبٍ، عن مطرٍ الورّاق، في قول اللّه: {إنّي متوفّيك} قال: متوفّيك من الدّنيا، وليس بوفاة موتٍ. القول الثاني: مميتك، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما. رواه البخاري في صحيحه معلقًا، ورواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في تفاسيرهم من طريق عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وظاهر الآية أن التوفي كان مع رفعه إليه وتطهيره من الذين كفروا، ويتعارض هذا المعنى مع قول الله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)} لهذا احتيج إلى توجيه هذا القول؛ واختُلف في توجيهه على قولين: الأول: أنه من باب تقديم المؤخر وتأخير المقدم، وأن المقصود بالآية: رافعك إليك ومطهرك ومتوفيك في آخر الزمان، كما جاء في الحديث. عن ابن شهاب الزهري أن سعيد بن المسيب، سمع أبا هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها»، ثم يقول أبو هريرة: " واقرءوا إن شئتم: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته، ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا} [النساء: 159] ". رواه البخاري. دلّ استشهاد أبو هريرة بالآية على أن موت عيسى عليه السلام يكون في آخر الزمان بعد نزوله وحكمه في الناس بالقسط. ونص على هذا القول الفراء في معاني القرآن وأبو جعفر النحاس في معاني القرآن احتمالا. الثاني: أن الموت لمدة محددة ثم أحياه الله عز وجل؛ فهو عنده حيًا حتى نزوله في آخر الزمان وموته مرة أخرى، وقال بهذا القول وهب بن منبه وابن إسحاق. روى ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الرّحمن بن سلمة قال: ثنا سلمة، حدّثني محمّد بن إسحاق، عن من لا يتّهم، عن وهب بن منبّهٍ أنّه قال: توفى عيسى بن مريم ثلاث ساعاتٍ من النّهار حين رفعه إليه. وروى ابن جرير عن ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: والنّصارى يزعمون أنّه توفّاه سبع ساعاتٍ من النّهار، ثمّ أحياه اللّه. وظاهر هذا الخبر أنه من الإسرائيليات؛ فكلا من وهب بن منبه وابن إسحاق ممن يروون أخبار بني إسرائيل، كما أن الإسناد إلى وهب فيه مجهول. ولم يرد في شرعنا ما يصدق هذا الخبر؛ بل ورد ما يكذبه في قوله تعالى: {بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)} وحديث النبي صلى الله عليه وسلم بنزول عيسى عليه السلام السابق ذكره. القول الثالث: أن التوفي بمعنى النوم، ثم يرفعه في نومه، قال بهذا القول الربيع بن أنس. روى ابن جرير عن المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {إنّي متوفّيك} قال: يعني وفاة المنام: رفعه اللّه في منامه. ولعل هذا المعنى أتى من قول الله تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} وليس في هذه الآية دليل على هذا القول، لأن عيسى عليه السلام توفى الله جسده ورفعه إليه، وأما توفي الأنفس في المنام فيبقى الجسد على حاله في الدنيا. وهذا القول من الأخبار الغيبية التي لابد لها من مستند من القرآن أو السنة الثابتة. ومشهد رفع عيسى ابن مريم عليه السلام روي من أخبار بني إسرائيل، وفيها خلاف في تعيين المشبه به الذي قُتل هل هو من أصحاب عيسى عليه السلام، أو ممن مكروا به وأرادوا قتله وليس هذا محل بسطه. وإنما التعليق هنا على رفعه في منامه، وما ورد في هذه الأخبار أنه كان مجتمعا بأصحابه. روى ابن أبي حاتم والنسائي من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: " لما أراد الله أن يرفع عيسى عليه السلام إلى السماء، خرج على أصحابه وهم في بيت، اثنا عشر رجلا، ورأسه يقطر ماء ، فقال: أيكم يلقى شبهي عليه فيقتل مكاني فيكون معي في درجتي؟ ، فقام شاب من أحدثهم سنا ، فقال: أنا، فقال: اجلس، ثم أعاد عليهم، فقام الشاب ، فقال: أنا، فقال: اجلس، ثم أعاد عليهم الثالثة، فقال الشاب: أنا، فقال عيسى عليه السلام: نعم أنت، فألقي عليه شبه عيسى عليه السلام، ثم رفع عيسى من روزنة كان في البيت إلى السماء، وجاء الطلب من اليهود، فأخذوا الشاب للشبه فقتلوه، ثم صلبوه، فتفرقوا ثلاث فرق ، فقالت فرقة: كان فينا الله عز وجل ما شاء ثم صعد إلى السماء، وهؤلاء اليعقوبية، وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء الله ثم رفعه الله إليه، وهؤلاء النسطورية، وقالت طائفة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله ثم رفعه، فهؤلاء المسلمون، فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسا ، حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل: {فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة} [الصف: 14] ، يعني الطائفة التي كفرت في زمان عيسى عليه السلام، والطائفة التي آمنت في زمان عيسى {فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم} [الصف: 14] بإظهار محمد صلى الله عليه وسلم دينهم على دين الكفار {فأصبحوا ظاهرين} [الصف: 14]. وصحح ابن كثير هذا الإسناد لابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسيره لسورة النساء. وعلّق الشيخ أحمد شاكر في عمدة التفسير بأن الإسناد وإن كان صحيحًا إلا أن فيما روي في قصة رفع عيسى عليه السلام عموما تناقض. قال الشيخ أحمد شاكر: (القصة التي رواها التي رواها ابن أبي حاتم عن ابن عباس ذكرها السيوطي وزاد نسبتها لعبد بن حميد وابن مردويه. وصيغتها وسياقها تضعها موضع الشك في صحة نسبتها لابن عباس -وإن كان إسنادها إليه صحيحًا- وليس عليه ضوء ذلك العصر الزاهر، عصر الصحابة، ولعلها من أوهام المنهال بن عمرو الأسدي، راويها عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس، بل إنها لا تكاد ترتفع إلى مرتبة الإسرائيليات التي تنسب إلى اليهود - لعنهم الله- يقولون غير هذا. فهذه القصة، والتي قبلها، التي ساقها الحافظ ابن كثير من قبل نفسه، والتي لخصها من القصص المملوءة به كتب التفسير عن وهب بن منبه وأمثاله - ليس لواحدة منهما سند صحيح من القرآن أو السنة الثابتة ثم إن كلا منهما متناقضة مع نفسها ومع الأخرى، فإن النفر الذين كانوا مع عيسى عليه السلام في البيت سمعوه كما تقول القصتان يقول لهم: (أيكم يلقى عليه شبهي وهو رفيقي في الجنة؟" وسمعوا أحدهم اختار هذه المنزلة، فكيف يزعمون أنه هو المصلوب المقتول موافقة لزعم أعدائهم اليهود" اهـ. وعمومًا فحتى مع افتراض صحة الأثر إلى ابن عباس -رضي الله عنهما- فإن هذا الخبر من أخبار بني إسرائيل في مشهد رفع عيسى عليه السلام وهل كان في منامه أو كان مع أصحابه، مما لم يأت به خبر يصدقه ولا يكذبه في الكتاب والسنة - على حد بحثي-، وعليه فالموقف منه التوقف فيه، ولا يصح تفسير الآية به، والله أعلم. الترجيح: قال أبو منصور الأزهري: (ويُقال: تَوَفَّيْت المالَ مِنْهُ، واسْتوْفيته، إِذا أَخَذته كُلّه) فالتوفي فيه معنى القبض ومعنى الاستيفاء كاملا. قال ابن قتيبة في غريب القرآن: (7- وقوله: يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ [سورة الزمر آية: 42] ، هو من استيفاء العدد واستيفاء الشيء إذا استقصيته كله. يقال: توفيته واستوفيته) فيأتي على هذا معنى وفاة الموت؛ بقبض الروح، أو استيفاء مدة الأجل في الدنيا. قال أبو منصور الأزهري: (والوفاة: المَنِيّة. وتُوفي فلَان. وتوفّاه الله، إِذا قَبض نَفْسه) وإذا قبض نفسه التي تكون بها التمييز والحركة فهو النوم، قال تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليه الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إنَّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} قال أبو بكر ابن الأنباري في الزاهر في معاني كلام الناس: (وفرّق بعض العلماء بين " النفس " و " الروح " فقال: " الروح " هو الذي به الحياة، و " النفس " هي التي بها العقل. فإذا نام النائم، قَبَضَ الله نفسه، ولم يقبض روحه. والروح لا يُقبض إلاّ عندَ الموتِ) اهـ، وروى خبرًا عن ابن جريج بإسناده إليه بهذا المعنى. وعليه يأتي معنى التوفي في قوله تعالى: {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك} على القول الأول، أي قابضك من الأرض؛ فقبض جسده كاملا حيا ورفعه إليه؛ وهذا القول مناسب للمعنى اللغوي للكلمة، ولا يناقض الأحاديث الصحيحة في أن عيسى عليه السلام لا يزال حيًا، وينزل آخر الزمان، ولا حاجة معه لتكلف معنى التقديم والتأخير، والله أعلم. |
تابع التقويم
صفية الشقيفي أ+ أحسنت بارك الله فيك ونفع بك. |
قوله جلّ وعزّ: {قال الحواريّون نحن أنصار اللّه}
س_على من يطلق لفظ الحواريون؟ يدخل فيهم صفوة الأنبياء، و الذين تصلح لهم الخلافة، و المجاهدين، الوزير • صفوة الأنبياء:قاله الضحاك، و ذكره أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ في مجاز القرآن، و نسبه الزجاج إلى أهل اللغة ونسبه ابن الجوزي إلى حُذّاقُ اللُّغَوِيِّينَ، ، و ذكره فخر الدين الرازي في تفسيره، السمين الحلبي في الدر المصون. أخرجه عن الضحاك ابن جرير و ابن المنذر من طريق المنجاب، قال:بن الحارث، قال: حدّثنا بشرٌ، عن عمارة، عن أبي روقٍ، عنه به. • من تصلح لهم الخلافة: قاله قتادة. أخرجه عنه ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم من طريق اسماعيل بن عليّة، عن روح بن القاسم، عنه به. • الوزير: قاله قتادة. أخرجه عبد الرزاق و ابن أبي حاتم عن معمرٌ عنه به. • الناصر: أخرجه ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة كما ذكر السيوطي في الدر المنثور، و ذكره و اختاره ابن كثير . . و قد اختلف أهل التأويل في السّبب الّذي من أجله سمّوا حواريّين على أقوال تعود للمعنى اللغوي الاشتقاقي، لذا نبين فيما يلي أقوال أهل العلم في الأصل اللغوي ل(الحواريون) الأصل اللغوي الاشتقاقي: 1- أصل الكلمة عربي: أ. اشتقاقه من حار يَحُور - أي: رَجَع ، الحَوْرُ: التّردّد إمّا بالذّات، وإمّا بالفكر،قاله الراغب الأصفهاني في مفردات القرآن و السمين الحلبي في الدر المصون ، و استشهد الراغب بقوله عزّ وجلّ: إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ(الانشقاق/ ١٤) ، و قال : أي: لن يبعث، وذلك نحو قوله: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا، قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ [التغابن/ ١٧] ، وحَارَ الماء في الغدير: تردّد فيه، وحَارَ في أمره: تحيّر، ومنه: المِحْوَر للعود الذي تجري عليه البكرة لتردّده قال ابن عادل في اللباب في علوم القرآن :و حار الماء في القدر، وحار في أمره، وتحيَّر فيه، وأصله تَحَيْوَرَ، فقُلِبَت الواوُ ياءً، فوزنه تَفَيْعَل، لا تفعَّل؛ إذْ لو كان تفعّل لقيل: تحوَّر نحو تجوَّز ومنه قيل للعود الذي تُشَدُّ عليه البكرة: مِحْوَر؛ لتردُّدِهِ، و هو ما ذكره الزجاج في معاني القرآن: قال : قال بعضهم: إنما قيل له محور للدوران؛ لأنه يرجع إلى المكان الذي زال منه. ب. :حَوَّرْتُ الشّيء: بيّضته ودوّرته، و حرت الثوب، أي: غسلته وبيضته- الغسل يكون بتدوير الملابس حتى تخلص من الشوائب و الأوساخ - و هو ما قاله عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ في غريب القرآن وتفسيره، و ذكره الزجاج و الراغب الأصفهاني في مفردات القرآن و فخر الدين الرازي في تفسيره. و قَالَ: و قد جعله الزجاج أحد أسباب تسمية المحور فقال: إنما قيل له محور؛ لأنه بدورانه ينصقل حتى يصير أبيض، كما ذكر الزجاج و فخر الدين الرازي أنه يقال : دقيق حوّاري من هذا، أي : قد أخذ لبابه، وكذلك عجين محوّر للذي يمسح وجهه بالماء حتى يصفو، ويقال عين حوراء إذا اشتد بياضها، وخلص، واشتد سوادها. ت. . الاشتقاق من نقاء القلب وخلوصه وصدقه، قاله الضحاك و أبو البقاء، وهو راجع للمعنى ( التبييض) خلوص البياض،ذكر ذلك ابن عادل في اللباب في علوم الكتاب. ث. أرجع السمين الحلبي المعنى في الدر المصون إلى الناصر؛ فقال والحواريون، جمع حواري، وهو النّاصرُ، وهو مصروفٌ - وإن ماثل (مفاعل) ؛ لأن ياء النسب فيه عارضة ومثله حَوَاليّ - وهو المحتال - ،الياء في حواريّ وحواليّ - عارضة، بخلافها في قَمَاري وبخاتيّ فإنها موجودة - قبل جمعهما - في قولك قُمْريّ وبُخْتِيّ. 2- أصل الكلمة غير عربي: و نسب ابن الأنباري هذا القول لمقاتل و قال : أن قول مقاتل هو : هذا حرف اشتركت فيه لغة العرب ولغة النبطِ. و نسبه السمين الحلبي في الدر المصون إلى الضحاك؛ قال :قال الضّحّاكُ: هم الغَسَّالون وهم بلغة النبط - وهواري - بالهاء مكان الحاء. و هو ما ذكره فخر الدين الرازي في تفسيره دون نسبة ؛أن الذي يغسل الثياب يُسمى بلغة النبط هواري، و هو القصار، فعُربت اللفظة حتى صارت حواري. و مما سبق تظهر لنا أسباب إطلاق لفظ الحواريين عمن ذكرنا: 1- سبب يعود لمعنى البياض: أ. سمّوا بذلك لبياض ثيابهم، قاله ابن عباس، سعيد بن جبير ، ومسلم البطين، و ذكره كلًا من: عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ، ابن عطية، ابن كثير. قول ابن عباس رضي الله عنهما: -أخرجه كلًا من : ابن جرير و ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق ميسرة النّهديّ عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عنه به. - و ذكر السيوطي في الدر المنثور أن الفريابي و عبد حميد أخرجاه عنه نسبه الزجاج و فخر الدين الرازي إلى سعيد بن جبير دون إسناد. أخرجه عن مسلم البطين ابن المنذر في كتاب التفسير، قال: حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ أبي الجحاف، عَنْ مسلم البطين، قَالَ " كانوا صيادين، إِنَّمَا سموا الحواريين لبياض ثيابهم - ذكر الواحديُّ أن هذا المعنى هو المختار عند أهل اللغة. - سموا بذلك لأنّهم كانوا غسالين قصّارين يبيّضون الثّيابـ، حاصل قول كلًا من الضحاك وابن أبي أرطأة، جريج، أبو عبيدة المثني، و أبو عبيد ، و نسبه فخر الدين الرازي و ابن الأنباري إلى مقاتل بن سليمان. و ذكره عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ في غريب القرآن وتفسيره، و ابن الجوزي في زاد المسير. • قول الضحاك: - أخرجه عنه كلًا من: عبد بن حميد (كما ذكر السيوطي في الدر المنثور)، و ابن جرير و ابن أبي حاتم بألفاظ مختلفة. • قول ابن أبي أرطإة: - أخرجه َ عنه كلًا من :عبد بن حميد (كما ذكر السيوطي في الدر المنثور) و ابن جرير و عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (في تفسير مجاهد). - حكاه عنه الزجاج في معاني القرآن. •وأخرجه ابن المنذر في تفسيره عن ابن جريج : قال : حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عنه به " • قاله أبو عبيدة المثني في نقائض جرير والفرزدق . • و قاله أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (في الغريب المصنف)،و أخرجه عنه ابن المنذر في تفسيره : - قال: حَدَّثَنَا علي، قَالَ: قَالَ أبو عبيد" والأصل فِي هَذَا فيما بلغنا أنهم كانوا غسالين، وإنما سموا حواريين لتبييضهم الثياب، وكل شَيْء بيضته فقد حورته، فكانوا هم أنصار عِيسَى دون النَّاس. - و قال: أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ أبي عبيد، قَالَ " الحواريون صفوة الأنبياء الذين اصطفوهم " قَالَ أبو عبيدة: " وَقَالُوا: القصارين. و أرجع السمين الحلبي في الدر المصون سبب إطلاق الحواريين على الغسالين( القصارين) إلى تنظيفهم الثياب. ج. الحَوارِيُّ، إنَّما سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأنَّهُ يُنَقّى مَن لُبابِ البِرِّ وخالِصِهِ، قاله الزجاج و ذكره عنه ابن الجوزي. و عبر العلماء عن هذا المعنى بعبارات فيها نكت : - قال ابن المبارك: سُمُّوا بذلك؛ لما عليهم من أثر العبادة ونورها- و لعل تفسير قوله أنه انعكاس باطن قلوبهم النقية-. - و قال الراغب الأصفهاني في كتابه مفردات القرآن: وقال بعض العلماء: إنّما سمّوا حواريّين لأنهم كانوا يطهّرون نفوس النّاس بإفادتهم الدّين والعلم المشار إليه بقوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [الأحزاب/ ٣٣ - و في هذا اللفظ تشبيه أن قلوبهم في طهارتها من النفاق و الريبة كالثوب الأبيض، و هو مدح لأصحابه و إشارة إلى نقاء هذه القلوب، و هو ما قاله فخر الدين الرازي في تفسيره، مضيفًا أنه بمعرفة أصل اللفظ يتبين الاستعمال العرفي للكلمة دليلا على خواص الرجل و بطانته. - هو مجاز عن التنظيف من الآثام، وما يشوب الدين، فهم الَّذِينَ أخْلَصُوا، ونُقُّوا مِن كُلِّ عَيْبٍ، وكَذَلِكَ الدَّقِيقُ ذكر ذلك ابن عادل في اللباب في علوم الكتاب ويدخل تحت هذا المعنى صفوة الأنبياء، و الذين تصلح لهم الخلافة، و المجاهدين، الوزير خلاصة الأقوال: ترجع هذه الأقوال جميعًا إلى النقاء والبياض الخالص، رمز الطهارة والإخلاص، وهو ما عليه صفوة الأنبياء والذين تصلح لهم الخلافة، والوزير، والمجاهدين، و قد ذكر كلًا من ابن جرير و فخر الدين الرازي و ابن عطية في تفاسيرهم و ابن عادل في اللباب في علوم الكتاب، ما معناه أن استخدام لفظ الحواريين أصبح يستخدم عُرفًا في التعبير عن كل خاصة الرجل و بطانته من أصحابه، و استدل ابن جرير و فخر الدين الرازي و ابن عادل بما قاله رسول الله صلى الله عليه و سلم: لكلّ نبيٍّ حواريّ، وحواريّ الزّبير يعني خاصّته. و هذا المعنى هو خلاصة لما قال العلماء مع اختلاف ألفاظهم: قال الزجاج : صفوة الأنبياء لإخلاصهم، والبياض الخالص. و قال فخر الدين الرازي (٦٠٦ هـ) في تفسيره: أن َ الحَوارِيَّ اسْمٌ مَوْضُوعٌ لِخاصَّةِ الرَّجُلِ، وخالِصَتِهِ، ومِنهُ يُقالُ لِلدَّقِيقِ حُوّارى، لِأنَّهُ هو الخالِصُ مِنهُ «وقالَ ﷺ لِلزُّبَيْرِ: ”إنَّهُ ابْنُ عَمَّتِي، وحَوارِيَّ مِن أُمَّتِي“» والحَوارِيّاتُ مِنَ النِّساءِ النَّقِيّاتُ الألْوانِ والجُلُودِ، فَعَلى هَذا الحَوارِيُّونَ هم صَفْوَةُ الأنْبِياءِ الَّذِينَ خَلَصُوا وأخْلَصُوا في التَّصْدِيقِ بِهِمْ وفي نُصْرَتِهِمْ. و قال السمين الحلبي: وقيل: الحواريّ: هو صفوة الرجل وخالصته واشتقاقه من حرتُ الثوب، أي: أخلصت بياضَه بالغَسْل. جمع ابن جرير و ابن عطية بين كون السبب بياض ثيابهم و أنهم كانوا غسالين. .قال الواحديُّ في البسيط: والمختار - من هذه الأقوال عند أهل اللغة - أن هذا الاسم لزمهم للبياض ثم ذكر ما تقدم عن أبي عبيد. و قد اختار ابن كثير أن الحواري معناها الناصر، و استشهد بما استشهد غيره من المفسرين بالحديث " إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير). و قد ذكرنا فيما سبق ما روي عن أتباع عيسى عليه السلام أنهم كانوا قصارين. كما حكى ابن عطية (في المحرر الوجيز) عن مكي: أن مريم دفعت عيسى عليه السلام في صغره في أعمال شتى، وكان آخر ما دفعته إلى الحواريين وهم الذين يقصرون الثياب ثم يصبغونها فأراهم آيات وصبغ لهم ألوانا شتى من ماء واحد يتبين مما سبق أن السبب لهذه التسمية هو مجموع ما ذكر فأتباع عيسى عليه السلام كانوا قصارين بياض الثياب والقلوب طاهريها، أخلصوا أنفسهم لنصرة عيسى عليه السلام، و أصبح عُرفًا يطلق على من كانت صفته النصرة؛ من صفوة الأنبياء خاصة، و بطانة الرجال عامة. و الله أعلم |
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الآن انتبهت للملاحظات في تصحيح المجالس الأولى، و قد وقعت مني أخطاء هنا مكررة، فأعتذر عنها، و بإذن الله اتجنبها في المجالس القادمة. و جزاكم الله خيرًا. |
.....
|
اقتباس:
التقويم: أ+ أحسنتِ، بارك الله فيك ونفع بكِ. |
الساعة الآن 02:04 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir