مناهج العلماء في شرح المتون العلمية
مناهج العلماء في شرح المتون العلمية الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وتابعيه، أما بعد: فإنّ من مهمّات ما ينبغي لطالب العلم أن يتبيّنه تنوّع طرائق أهل العلم في شرح المتون العلمية، وما لكل طريقة من الفوائد، وما عليها من المؤاخذات، لتكون دراسته مبنيّة على معرفة بيّنة بما يوافق مستواه العلمي، وغرضه التعليمي، ويفيده في حسن التعلم، واكتمال بنائه العلمي وتوازنه. وقد تأمّلت مناهج أهل العلم في شرح المتون العلمية فوجدتها على أنواع: النوع الأول: الشرح الإجمالي؛ الذي يريد منه الشارحُ توضيح عبارات المتن باقتضاب شديد والإلمام السريع بمباحث ذلك المتن. ولهذا المنهج فائدة جليلة في اكتساب تصوّر أوّلي سريع لمسائل المتن، وتناسب ارتباطها بعضها ببعض. ولكن الاكتفاء به لا ينتج للطالب تحصيلاً علمياً يُعتمد عليه، ولذلك تجد الغالب على من سلك هذه الطريقة في الدراسة الضعف العلمي، وإن درس عدداً من المتون العلمية. النوع الثاني: الشرح التحليلي الذي لا يكاد يغادر صاحبه لفظة من ألفاظ المتن إلا ويعلق عليها أو يشرحها، بل ربما أعربها. ولهذا التحليل والتفصيل فوائد قيّمة في فهم عبارات المتن، وحلّ المشكلات، والإلمام بتفصيلات المسائل التي يذكرها الماتن، وهو أنفع مما قبله. لكن يؤخذ على هذه الطريقة إفاضتها في التفصيلات إلى درجة تجعل الطالب يحس من نفسه أن تلك المعلومات ينسي بعضها بعضاً وتذهله عن المقصد العام لموضوع الدرس الذي يدرسه، وربما اشتغل ذهنه بأنواع من المسائل الاستطرادية التي ليس لها صلة مباشرة بموضوع الدرس. فإن اكتفى طالب العلم بهذا المنهج أو لم يعقبه بمراجعة جيدة لأهم المسائل المتصلة بمقاصد الدرس نسي كثيراً مما درس، ولم يرسخ في ذهنه إلا بعض الفوائد والمسائل التي ترتبط لديه ذهنيّا بأمور مهمة. النوع الثالث: الشرح التأصيلي، الذي يُعتني فيه بالتركيز على قواعد الباب وأنواع مسائله وأدلتها، ومن يسلك هذا المنهج من العلماء يعتني ببيان مقاصد الدرس أكثر من عنايته بشرح عبارات المتن، بل ربما لا يعرض لشرح عبارات المتن أصلاً، وإذا قرئ عليه المتن بدأ بشرحٍ عامّ لموضوع الدرس، ثم أفاض في تأصيل مسائله، ثم إن وجد في الوقت بقية عرض لبعض عبارات المتن بشيء من التعليق. ذلك لأنه صرف عنايته إلى بيان تأصيل المسائل التي تضمّنها ذلك الباب، ولو كان بعضها غير مذكور في المتن، والاجتهاد في ربط تلك المسائل بأدلتها وتقسيماتها. وهذا المنهج أنفع المناهج لطالب العلم لأنه يعينه على بناء الملكة العلمية التي يتمكن بها من فهم مسائل العلم، وارتباط بعضها ببعض، وطرق دلالة الأدلة عليها، وغير ذلك من الفوائد العلمية. ويؤخذ على هذا المنهج أنه ربما يفوت الطالبَ فهمُ بعض العبارات المشكلة في المتن لانشغال الشارح عن شرح عبارات المتن التي قد يشكل بعضها على طلاب العلم. فإذا جمع الطالب مع هذا الشرح قراءة المتن قراءة متأنية، وسأل عما يشكل عليه أتى على سدّ الخلل، واكتمل انتفاعه بهذه الطريقة. النوع الرابع: الشرح الجمعي التلخيصي ويمتاز هذا المنهج بكثرة الفوائد العلمية لاعتماد الشارح على شروح العلماء السابقين، وعنايته بجمعها والمكاملة بينها وتلخيصها للطالب، وعرضها بأسلوب ميسّر منظّم. وهذا المنهج في نقده تفصيلات يطول ذكرها لاختلاف طرق سالكي هذا المنهج في الجمع والتلخيص والتهذيب، ولكل طريقة ما يحمد لها ويؤخذ عليها، لكن كلّما كان الشارح أكثر إتقانا في الجمع والتلخيص وحسن الأسلوب كان شرحه أنفع. النوع الخامس: الشرح التقريري، الذي يعتني فيه الشارح بإفادة الطالب بالفوائد واللطائف التي اجتناها والنقول المستملحة والنكت وما جرى مجراها، ويغلب على سالكي هذا المنهج من العلماء اختيار طريقة التحشية على المتون. ولهذا المنهج فوائد حسنة لا يحسن الاكتفاء بها، ويفضّل عند الاختيار تأجيل هذا الشرح ليكون آخر ما يطّلع عليه دارس المتن. وقد يحتاج الطالب الجادّ إلى الجمع بين هذه المناهج عند دراسته للمتن العلمي، ليكون بعد دراسته لها بهذه الطريقة أحسن فهما وأكثر تحصيلاً وأكمل استعداداً لدراسة المتون العلمية المتقدّمة. وأصعب ما في الطريق أوّله، ومن تبيّنت له الطريقة واعتاد السير في الطريق سهل عليه المضيّ فيه بمهارة. والله المستعان. |
الحمد لله
أسأل الله أن يهدينا للمنهج الصحيح القويم في طلب العلم شكر الله لكم شيخنا الكريم |
جزاكم الله خيرا
|
أحسن الله إليكم
فعلا كنا بحاجة لتوضيح ذلك لو تسنى لكم بارك الله فيكم التمثيل عليها بأسماء لأهل العلم كل نوع يلحق بالمهتمين به حتى يستطيع الطالب الأخذ عمن يناسبه منهجه وطريقته، بارك الله في علمكم ونفع بكم الأمة |
جزاكم الله خيرا احسن الله اليكم ونفعنا الله من معين علمكم شيخنا الجليل
|
الساعة الآن 01:53 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir