مجلس مذاكرة القسم السابع من تفسير سورة آل عمران
مجلس مذاكرة القسم السابع من تفسير سورة آل عمران حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:(الآيات 93-112) 1: المراد بالأوليّة في قوله تعالى: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكّة}. 2: المخاطب في قوله تعالى: {كنتم خير أمّة أخرجت للناس}. تعليمات: - دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار. - مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا. - لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد. - يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها. - تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب. تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة: أ+ = 5 / 5 أ = 4.5 / 5 ب+ = 4.25 / 5 ب = 4 / 5 ج+ = 3.75 / 5 ج = 3.5 / 5 د+ = 3.25 / 5 د = 3 هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة. معايير التقويم: 1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ] 2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص] 3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد] 4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية. 5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض. نشر التقويم: - يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب. - تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها. - نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم. _________________ وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم |
حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين: 1: المراد بالأوليّة في قوله تعالى: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكّة}. اختلف أهل العلم في المراد بالأولية في الآية إلى أقوال: الأول: أنه أول مسجد وضع للناس يعبد اللّه فيه مباركًا وهدًى للعالمين، الّذي ببكّة، قالوا: وليس هو أوّل بيتٍ وضع في الأرض، لأنّه قد كانت قبله بيوتٌ كثيرةٌ. وهو قول علي, والحسن, ومطر, وسعيد. ذكره الزجاج, وابن عطية, وابن كثير. وأخرج قول علي: - ابن جرير في تفسيره عن هنّاد بن السّريّ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن خالد بن عرعرة، قال: قام رجلٌ إلى عليٍّ، فقال: ألا تخبرني عن البيت، أهو أوّل بيتٍ وضع في الأرض؟ فقال: لا، ولكنّه أوّل بيتٍ وضع فيه البركة {مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنًا}. - وابن أبي حاتم في تفسيره عن الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، حدّثنا سعيد بن سليمان، حدّثنا شريك عن مجالد، عن الشّعبيّ عن عليّ في قوله تعالى: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا} قال: كانت البيوت قبلةً، ولكنّه كان أوّل بيتٍ وضع لعبادة اللّه [تعالى]. وأخرج قول الحسن: - ابن جرير في تفسيره عن عقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سأل حفصٌ الحسن وأنا أسمع، عن قوله: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا} قال: هو أوّل مسجدٍ عبد اللّه فيه في الأرض. وأخرج قول مطر: - ابن جرير في تفسيره عن عبد الجبّار بن يحيى الرّمليّ، قال: حدّثنا ضمرة، عن ابن شوذبٍ، عن مطرٍ، في قوله: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة} قال: قد كانت قبله بيوتٌ، ولكنّه أوّل بيتٍ وضع للعبادة. وأخرج قول سعيد: - ابن جرير في تفسيره عن المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا} قال: وضع للعبادة. الثاني: هو أول بيت خلق الله تعالى ومن تحته دحيت الأرض. وهو قول عبد الله بن عمرو, ومجاهد, والسدي, وقتادة. ذكره ابن عطية, وابن كثير. وأخرج قول عبد الله بن عمرو: - ابن جرير في تفسيره عن محمّد بن عمارة الأسديّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا شيبان عن الأعمش، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، قال: خلق اللّه البيت قبل الأرض بألفي سنةٍ، وكان إذا كان عرشه على الماء، زبدةً بيضاء، فدحيت الأرض من تحته. وأخرج قول مجاهد: - ابن جرير في تفسيره عن محمّد بن عبد اللّك بن أبي الشّوارب، قال: حدّثنا عبد الواحد بن زيادٍ، قال: حدّثنا خصيفٌ، قال: سمعت مجاهدًا، يقول: إنّ أوّل ما خلق اللّه الكعبة، ثمّ دحى الأرض من تحتها. وأخرج قول السدي: - ابن جرير في تفسيره عن محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا وهدًى للعالمين} أمّا أوّل بيتٍ، فإنّه يوم كانت الأرض ماءً، وكان زبدةً على الأرض، فلمّا خلق اللّه الأرض، خلق البيت معها، فهو أوّل بيتٍ وضع في الأرض. وأخرج قول قتادة: - ابن جرير في تفسيره عن الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا} قال: أوّل بيتٍ وضعه اللّه عزّ وجلّ فطاف به آدم ومن بعده وقال آخرون موضع الكعبة موضع أوّل بيتٍ وضعه اللّه في الأرض. الثالث: موضع الكعبة موضع أوّل بيتٍ وضعه اللّه في الأرض. وهو قول قتادة. وأخرج قول قتادة: - ابن جرير في تفسيره عن بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: ذكر لنا أنّ البيت، هبط مع آدم حين هبط، قال: أهبط معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عرشي، فطاف حوله آدم ومن كان بعده من المؤمنين، حتّى إذا كان زمن الطّوفان، زمن أغرق اللّه قوم نوحٍ رفعه اللّه وطهّره من أن يصيبه عقوبة أهل الأرض، فصار معمورًا في السّماء، ثمّ إنّ إبراهيم تتبّع منه أثرًا بعد ذلك، فبناه على أساسٍ قديمٍ كان قبله. الدراسة: اختلف المفسرون في المراد بالأولية في الآية : فمعنى{أوّل}في اللغة: على الحقيقة ابتداء الشيء فجائز أن يكون المبتدأ له آخر، وجائز أن لا يكون له آخر فالواحد أول العدد والعدد غير متناه، ونعيم الجنة أول وهو غير منقطع، وقولك: هذا أول مال كسبته جائز ألا يكون بعده كسب، ولكن إرادتك: (هذا ابتداء كسبي). ورجح ابن جرير وابن كثير قول علي ابن أبي طالب وهو القول الأول من أن المراد بالأوليه أنه أول بيت وضع للعبادة والبركة فقال ابن جرير: ومعنى ذلك أنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس أي لعبادة اللّه فيه مباركًا وهدًى، يعني بذلك ومآبًا لنسك النّاسكين وطواف الطّائفين، تعظيمًا للّه وإجلالاً له؛ للّذي ببكّة؛ لصحّة الخبر بذلك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. وقال ابن كثير: والصحيح قول عليّ [رضي اللّه عنه]. ومن الأحاديث التي استدل بها لصحة هذا القول: - عن أبي ذرٍّ، قال: قلت يا رسول اللّه، أيّ مسجدٍ وضع أوّل؟ قال: المسجد الحرام قال: ثمّ أيّ؟ قال: المسجد الأقصى قال: كم بينهما؟ قال: أربعون سنةً. وقد رد القول الثاني ابن عطية, وابن كثير؛ ذلك لورود الأحاديث الضعيفة في هذا القول, واحتمال أنه من كلام أهل الكتاب الذي أخذه عبد الله بن عمرو من الزاملتين التي أصابهما يوم اليرموك. والله أعلم |
تقويم مجلس مذاكرة القسم السابع من تفسير سورة آل عمران صلاح الدين محمد أ+ أحسنت بارك الله فيك ونفع بك. |
حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:
2: المخاطب في قوله تعالى: {كنتم خير أمّة أخرجت للناس}. بالرجوع إلى أسباب النزول، فقد جاء عن السلف أن المخاطب في الآية هو على قولين، هما: القول الأول: هم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. قاله عمر بن الخطاب وابن عباس وأبو جعفر والضحاك وعكرمة وابن جريج والسدي وسفيان بن حسين ورواه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة في مصنفه، وأحمد في مسنده، وعبد بن حميد والحارث في مسنده، وابن أبي عاصم في السنة، والنسائي في السنن الكبرى، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في معجمه والحاكم في مستدركه. وروى السيوطي في الدر المنثور أن الفريابي قد رواه. تخريج الأقوال: أما قول عمر بن الخطاب: فقد رواه ابن جرير من طريق بشر عن يزيد عن سعيد عن قتادة عنه أنه قال في حجّةٍ حجّها ورأى من النّاس رعةً سيّئةً، فقرأ هذه: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} الآية، ثمّ قال: يا أيّها النّاس من سرّه أن يكون من تلك الأمّة، فليؤدّ شرط اللّه منها. وأما قول ابن عباس: - رواه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة في مصنفه، وأحمد في مسنده، وابن شبة في تاريخ المدينة، والحارث في مسنده، وابن أبي عاصم في السنة، والنسائي في السنن الكبرى، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في معجمه والحاكم في مستدركه من طريق سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عنه أنه قال: هم الذين هاجروا مع محمد إلى المدينة. (ولفظ ابن جرير: هم الذين خرجوا معه من مكة). - ورواه ابن جرير من طريق ابن عطية عن قيس عن سماك عن عكرمة عنه أنه قال: هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة. وأما قول أبو جعفر: فقد رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن الحسين عن أحمد بن صبيح الكوفي عن عنبسة العابد عن جابر عنه أنه قال: خير أهل بيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. وأما قول الضحاك: فقد رواه ابن جرير من طريق يحيى بن أبي طالب عن يزيد عن جويبر عنه أنه قال: هم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً، يعني وكانوا هم الرّواة الدّعاة الّذين أمر اللّه المسلمين بطاعتهم. وأما قول عكرمة: فقد رواه ابن جرير من طريق القاسم عن الحسين عن حجاج عن ابن جريج عنه أنه قال: نزلت في ابن مسعودٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة، وأبيّ بن كعبٍ، ومعاذ بن جبلٍ. وأما قول ابن جريج: رواه ابن المنذر من طريق علي بن المبارك عن زيد عن ابن ثور عنه أنه قال: قَالَ مولى ابْن عباس " فِي عَبْد اللهِ بْن مسعود، وعمار بْن ياسر، ومعاذ بْن جبل، وأبي بْن كعب " وأما قول السدي: - فقد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أحمد بن المفضل عن أسباط عنه أنه قال: قال عمر بن الخطّاب: لو شاء اللّه لقال أنتم، فكنّا كلّنا، ولكن قال: {كنتم} في خاصّةٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ومن صنع مثل صنيعهم، كانوا خير أمّةٍ أخرجت للنّاس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. - ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق إسرائيل عنه عمن حدّثه قال عمر: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} قال: تكون لأوّلنا، ولا تكون لآخرنا. وأما قول سفيان بن حسين: فقد رواه ابن المنذر من طريق بشار بن موسى الخفاف عن عباد بن العوام عنه أنه قال: سمعت الحسن، قرأ {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قَالَ: فَقَالَ الحسن " هم الذين مضوا من صدر هَذِهِ الأمة، يعني أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ كَانَ الرَّجُل منهم يلقى أخاه، فيقول: أبشر أليس أنت كنتيا " قَالَ جَلَّ وَعَزَّ: تأمرون بالمعروف وتنهون عَنِ المنكر وتؤمنون بالله. الدراسة: لا شك بأن الصحابة هم من خيرة البشر بعد الأنبياء، ومن الأقوال أعلاه يتبين لنا تعدد أقوال أهل التفسير في هل المخاطب هم: الصحابة جميعهم، أم بعض خاصتهم؟ فقيل: - هم الذين هاجروا مع محمد من مكة إلى المدينة. - هم خاصة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن صنع مثل صنيعهم. - هم ابن مسعود، وسالم مولى ابن حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل. - هم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه أقوال خاصة في عدد محدد من المسلمين. وقد حسن أهل العلم قول ابن عباس بأن رجاله ثقات رجال الشيخين غير سماك بن حرب، فمن رجال مسلم، وهو صدوق حسن الحديث، وجَود الحافظ في "الفتح" 8/225 إسناد هذا الحديث. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وقال محقق مسند أحمد شعيب الأرنؤووط: وقوله: "هم الذين هاجروا"، قال السندي: يُرِيدُ أن الخِطاب لا يَعُم تمامَ الصحابة، فضلاً عن أن يعم تمام الأمة، بل هو مخصوص بالمهاجرين منهم، وذلك لأن الخطاب يقتضي الوجودَ، فلا يشمل الأمةَ، وقد وصفوا بأنهم أخرجوا: أي من بلادهم، للناس: أي لانتفاعهم بهم، وهذا الوصفُ لا يوجد من بين الموجودين في ذلك الوقت إلا في المهاجرين، وأيضا السوْق يدل على أن المخاطبين غير من أريدَ بالناسِ، فالظاهرُ أنهم المهاجرون، لأنهم أحق بذلك مِن غيرهم. وقال ابن حجر أن قول السدي منقطع، وأن قول عكرمة موقوف فيه انقطاع، فهو ضعيف جدا، قال محقق كتاب مسند أحمد: وسبب ضعفه لثلاث علل هي: الإرسال، وعنعنة ابن جريج، وسنيد راوي التفسير ضعيف. القول الثاني: هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم إذا كانوا بهذه الشروط التي وصفهم الله بها. قاله أبي بن كعب وأبو هريرة وابن عباس وجد بهز بن حكيم وحسين بن علي والحسن وقتادة وعكرمة ومجاهد والربيع بن أنس وعطاء وعطية ومعمر والكلبي ورواه ابن وهب والشافعي في التفسير وعبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفه وعبد بن حميد والبخاري والترمذي والبزار في مسنده، والنسائي في السنن الكبرى، واختاره ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، ونقله أبو عبد الرحمن الهمذاني من تفسير مجاهد. وذكر السيوطي في الدر المنثور: وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد وأحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه عن معاوية بن حيدة أنه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال: إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله. قال الشافعي: وقال لأمته: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) الآية. ففضيلتهم بكينونتهم من أمته دون أمم الأنبياء قبله تخريج الأقوال: أما قول أبي بن كعب: فقد رواه ابن أبي حاتم من طريق أحمد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع عن أبي العالية عنه أنه قال: لم تكن أمّةٌ أكثر استجابة في الإسلام من هذه الأمّة فمن ثمّ قال: كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس. وأما قول أبي هريرة: فقد رواه البخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سفيان، عن ميسرة، عن أبي حازمٍ، عنه انه قال: "كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس"، قال: (خير النّاس للنّاس تأتون بهم في السّلاسل في أعناقهم، حتّى يدخلوا في الإسلام). وأما قول ابن عباس: - فقد رواه ابن المنذر من طريق أبي صالح عن معاوية عن علي بن أبي طلحة عنه أنه قال: تَأْمُرُونَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَالإِقْرَارَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ، وَتُقَاتِلُونَهُمْ عَلَيْهِ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ هُوَ أَعْظَمُ الْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَوْنَهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَالْمُنْكَرُ التَّكْذِيبُ وَهُوَ أَنْكَرُ الْمُنْكَرِ". - فقد ذكره ابن أبي حاتم بقوله "رُوي عنه" أنه قال: خير الناس للناس. وأما قول جد بهز بن حكيم: رواه عبد الرزاق وعبد بن حميد وحسنه الترمذي ورواه أيضا ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده أنه سمع النبي يقول في قوله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس قال أنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله تعالى. وأما قول حسين بن علي: وقد رواه ابن أبي شيبة في مصنفه والطبراني في كتابه الدعاء من طريق يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عنه أنه: رَأَى رَجُلًا رَكِبَ دَابَّةً، فَقَالَ: " {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13] "، قَالَ: أَفَبِهَذَا أُمِرْتَ؟، قَالَ: كَيْفَ أَقُولُ؟، قَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي فِي خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، ثُمَّ تَقُولُ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا}. وأما قول الحسن: - فقد رواه ابن وهب عنه أنه قال: كنتم خير الناس للناس. - ورواه ابن جرير من طريق محمد بن سنان عن أبي بكر الحنفي عن عباد عنه أنه قال: قد كان ما تسمع من الخير في هذه الأمّة. وأما قول قتادة: - فقد رواه ابن جرير من طريق بشر عن يزيد عن سعد عن قتادة عنه أنه قال: " كان الحسن يقول: نحن آخرها وأكرمها على اللّه". - ورواه ابن جرير من طريق بشر عن يزيد عن سعيد عنه أنه قال: ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال ذات يومٍ، وهو مسندٌ ظهره إلى الكعبة: نحن نكمل يوم القيامة سبعين أمّةٍ نحن آخرها وخيرها. وأما قول عكرمة: - فقد رواه ابن أبي حاتم من طريق القاسم بن محمد الحارث عن علي بن الحسن بن شفيق عن الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عنه أنه قال: خير النّاس للنّاس كان قبلكم لا يأمن هذا في بلاد هذا، ولا هذا في بلاد هذا، فكلّما كنتم أمن فيكم الأحمر والأسود، وأنتم خير النّاس للنّاس. - ورواه ابن أبي حاتم من طريق مالك بن إسماعيل عن زهير عن خصيف عنه أنه قال: لم تكن أمّةٌ دخل فيها من أصناف النّاس غير هذه الأمّة. وأما قول مجاهد: - فقد رواه ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن أبي نجيحٍ، عنه أنه قال: على هذا الشّرط أن تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر، وتؤمنوا باللّه، يقول: لمن أنتم بين ظهرانيه كقوله: {ولقد اخترناهم على علمٍ على العالمين}. - فقد رواه ابن جرير من طريق القاسم عن الحسين عن حجاج عن ابن جريج عنه أنه قال: كنتم خير النّاس للنّاس، على هذا الشّرط أن تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر، وتؤمنوا باللّه، يقول لمن بين ظهريه كقوله: {ولقد اخترناهم على علمٍ على العالمين}. - فقد ذكره ابن أبي حاتم بقوله "رُوي عنه" أنه قال: خير الناس للناس. ولكن عبد الرحمن الهمذاني في نقله لتفسير مجاهد من طريق إبراهيم عن آدم عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه أنه قال: أنتم خير الناس للناس. وأما قول الربيع بن أنس: - فقد رواه ابن جرير من طريق عمار بن الحسن عن ابن أبي جعفر عن أبيه عنه أنه قال: لم تكن أمّةٌ أكثر استجابةٍ في الإسلام من هذه الأمّة فمن ثمّ قال: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس}. - فقد ذكره ابن أبي حاتم بقوله "رُوي عنه" أنه قال: خير الناس للناس. وأما قول عطاء: فقد ذكره ابن أبي حاتم بقوله "رُوي عنه" أنه قال: خير الناس للناس. وأما قول عطية: - فقد رواه ابن جرير من طريق عبيد بن أسباط عن أبيه عن فضيل بن مرزوق عنه أنه قال: خير الناس للناس. - ورواه ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عبيد الله بن موسى عن عيسى بن موسى عنه أنه قال: خير النَّاس للناس، شهدتم للنبيين الذين كفر بهم قومهم بالبلاغ. - فقد ذكره ابن أبي حاتم بقوله "رُوي عنه" أنه قال: خير الناس للناس. - وذكر السيوطي في الدر المنثور أن عبد بن حميد رواه عنه أنه قال: خير الناس للناس، شهدتم للنبيين الذين كذبهم قومهم بالبلاغ. وأما قول معمر: وقد رواه عبد الرزاق عنه أنه قال: أنتم خير الناس للناس. وأما قول الكلبي: وقد رواه عبد الرزاق عنه أنه قال: أنتم خير الناس للناس. الدراسة: يعتبر هذا القول أعم من سابقه، ومع تواتر الأدلة في الكتاب والسنة على خيرية هذه الأمة على سائر الأمم، وقد ذكر أهل التفسير لها أسبابا، منها ما ذكر أعلاه: - أن أهل هذه الأمة أحرص الناس على دخول الناس في الإسلام. - لأنهم أكرم الأمم على الله حيث يتمون سبعين أمة هم خيرها وهم آخرها. - لأنهم أكثر الأمم استجابة للإسلام. - لأنهم يشهدون للنبيين يوم القيامة على تبليغهم رسالة ربهم إلى أقوامهم. - وذكر السيوطي في الدر المنثور: وأخرج أحمد بسند حسن، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء: نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد وجعل التراب لي طهورا وجعلت أمتي خير الأمم. وقد حسّن شعيب الأرنؤوط محقق مسند أحمد قول أبي هريرة، كما أورده البخاري في صحيحه، وصحح مصطفى العدوي قول جد بهز بن حكيم، كما ذكر ابن جرير له شاهد من قول قتادة المذكور أعلاه. وقال ابن حجر بأن قول مجاهد هو أعم من القول الأول، وأن قول أبي إسناده حسن. وقد جزم الفراء بأن المراد بهم هم عموم الأمة فقال: كنتم خير أمة في اللوح المحفوظ، ومعناه أنتم خير أمة، واستدل بقوله تعالى: "واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم"، و "إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض". فإضمار كان في مثل هذا وإظهارها سواء. وأيد هذا القول ابن قتيبة الدينوري حين قال: أن يأتي الفعل على بنية الماضي وهو دائم، أو مستقبل، كنتم أي: أنتم. وقال العيني: كنتم أي وجدتم، وقيل: كنتم في علم الله خير أمة، وقيل: كنتم في الأمم قبلكم مذكورين بأنكم خير أمة موصوفين به. الترجيح بين القولين: - قال يحيى بن سلام في التصاريف لتفسير القرآن: "أمة" يعني بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة، وذلك قوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} يعني المسلمين خاصَّة. وهوَ قول الحسن. وكقوله في سورة البقرة: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} يعني عدلا بين النَّاس، يعني المسلمين خاصَّة. - روى البزار في مسنده حديثا طويلا فيه: (وإن محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أثنى على ربه، فقال: كلكم أثنى على ربه وأنا مثن على ربي، الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين، وكافة للناس بشيرا ونذيرا، وأنزل علي الفرقان، فيه تبيان كل شيء، وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس). - بوّب ابن خزيمة أحد أبواب صحيحه تحت عنوان: بَابُ ذِكْرِ عَلَامَةِ أُمَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ اللَّهُ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للِنَّاسِ بِآثَارِ الْوُضُوءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَامَةً يُعْرَفُونَ بِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ. - وذلك بوّب: بَابُ ذِكْرِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ وَالْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَهَا عَلَى مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الْأُمَمِ وَاخْتَلَفُوا فِيهَا فَهَدَى اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ لَهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] ، وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يُوجِبُ الفرض بشريطة، وقَدْ يَجِبُ ذَلِكَ الْفَرْضُ بِغَيْرِ تِلْكَ الشَّرِيطَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَمَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَقَدْ لَا يَقْدِرُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ عَلَى الْمَشْيِ عَلَى الْقَدَمِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الرُّكُوبِ، وَإِتْيَانِ الْجُمُعَةِ رَاكِبًا، وَهُوَ مَالِكٌ لِمَا يَرْكَبُ مِنَ الدَّوَابِّ، وَالْفَرْضُ لَا يُزَولُ عَنْهُ إِذَا قَدَرَ عَلَى إِتْيَانِ الْجُمُعَةِ رَاكِبًا، وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ إِتْيَانِهَا مَاشِيًا - وقال: بَابُ ذِكْرِ مَنِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ بِهِدَايَتِهِ إِيَّاهُمْ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَلَهُ الْحَمْدُ كَثِيرًا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ قَدْ ضَلَّ عَنْهُ أَهْلُ الْكِتَابِ قَبْلَهُمْ بَعْدَ فَرْضِ اللَّهِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وهذه هي الهداية الخاصة: لِأَوْلِيَائِهِ دُونَ أَعْدَائِهِ مِنَ الْكُفَّارِ. قال ابن عطية: فأمّة على هذا التأويل، اسم جنس، قال أبو هريرة: يجيئون بالكفار في السلاسل فيدخلونهم في الإسلام. ولم يبعث نبي إلى الأمم كافة إلا محمد صلى الله عليه وسلم، فهو وأمته يدعون إلى الإيمان ويقاتلون العالم عليه، فهم خير الناس للناس، وليس يلزم على هذا التأويل أنها أفضل الأمم من نفس لفظ الآية، لكن يعلم هذا من لفظ آخر، وهي كقوله صلى الله عليه وسلم: أرأف أمتي بأمتي أبوبكر، فليس يقتضي هذا اللفظ أن أبابكر أرأف الناس على الإطلاق، في مؤمن وكافر، والرأفة على الإطلاق ليست بجارية مع الشرع كما يجب، وأما قوله، كنتم على صيغة المضي، فإنها التي بمعنى الدوام، كما قال: وكان اللّه غفوراً رحيماً [النساء: 96- 99- 100- 152، الفرقان: 70، الأحزاب: 5- 50- 59- 73، الفتح: 14]، إلى غير هذا من الأمثلة، وقال قوم: المعنى كنتم في علم الله، وقيل: في اللوح المحفوظ، وقيل فيما أخبر به الأمم قديما عنكم وخير على هذه الأقوال كلها خبر كان، ويحتمل أن تكون كان التامة، ويكون خير أمّةٍ نصبا على الحال، وهذا يتجه على بعض التأويلات التي ذكرناها دون بعض. وهذه الخيرية التي فرضها الله لهذه الأمة إنما يأخذ بحظه منها من عمل هذه الشروط من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله وعليه: فإن الآيات وإن كانت قد نزلت في بعض الصحابة، إلا العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فمن حقق من هذه الأمة الشرط وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الإيمان بالله، فقد لحقته الخيرية المذكورة في الآية، فيكون القول الثاني أعم ويدخل فيه القول الأول، فالأولى حمله على العموم، خاصة مع تواتر الأدلة على خيرية هذه الأمة للأسباب التي ذكرها أهل العلم. والله أعلى وأعلم. |
تابع التقويم
إيمان جلال أ+ أحسنت بارك الله ونفع بك. |
1: المراد بالأوليّة في قوله تعالى: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكّة}.
اختلف المفسرون في المراد بالأولية في هذه الآية على قولين: الأول: أنه أول بيت وُضع للناس للعبادة، وقال بهذا القول علي بن أبي طالب، ومطر الوراق والحسن وسعيد بن جبير. أما قول علي رضي الله عنه فرواه ابن جرير من طريق أبي الأحوص عن سماكٍ، عن خالد بن عرعرة، قال: قام رجلٌ إلى عليٍّ، فقال: ألا تخبرني عن البيت، أهو أوّل بيتٍ وضع في الأرض؟ فقال: لا، ولكنّه أوّل بيتٍ وضع فيه البركة {مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنًا}. ورواه ابن جرير من طريق شعبة عن سماك بإسناده إلى علي وفيه زيادة: ( فأين كان قوم نوحٍ؟ وأين كان قوم هودٍ؟). ورواه إسحاق بن راهويه - كما في إتحاق الخيرة - من طريق حماد بن سلمة عن سماك بإسناده إلى علي. ورواه ابن أبي حاتم وابن المنذر من طريق شريكٌ عن مجالدٍ، عن عامرٍ الشّعبيّ، عن عليٍّ في قوله: إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركاً قال: كانت البيوت قبله، ولكن كان أوّل بيتٍ وضع لعبادة اللّه. ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن الحسين بن الربيع عن أبي الأحوص، عن سماك بن حربٍ، عن خالد بن عرعرة قال: قام رجلٌ إلى عليٍّ فقال: ألا تحدّثني عن البيت؟ أهو أوّل بيتٍ وضع؟ فقال: لا ولكنّ أوّل بيتٍ وضع فيه البركة مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً، وإن شئت أنبأتك كيف بني؟ إنّ اللّه أوحى إلى إبراهيم عليه السّلام، أن ابن لي بيتاً في الأرض فضاق إبراهيم بذلك ذرعاً، فأرسل إليه السّكينة وهي ريحٌ خجوجٌ ، لها رأسان، فاتّبع أحدهما صاحبه حتّى انتهت إلى مكّة فتطوّقت على موضع البيت تطوف الحجفة، وأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقرّ السّكينة، وكان يبني هو وابنه، حتّى إذا بلغ مكان الحجر، قال إبراهيم لابنه: ابغني كما آمرك. قال: فانطلق الغلام يلتمس له حجراً، فأتاه به فوجده قد ركب الحجر الأسود في مكانه فقال له: يا إبراهيم من أتاك بهذا الحجر؟ قال أتاني من لم يتّكل على بنائك، جاء به جبريل من السّماء. قال فبنياه فأتماه. وروى نحوه الحاكم في مستدركه من طريق خالد بن حرب عن خالد بن عرعرة عن علي به. وفي قوله: (فضاق به ذرعًا) مخالفة لمفهوم قوله تعالى: {وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلمات فأتمهن}، وقوله: {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين}، وقوله: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم}، والله أعلم. وأما قول مطر الوراق فرواه ابن جرير عبد الجبّار بن يحيى الرّمليّ، قال: حدّثنا ضمرة، عن ابن شوذبٍ، عن مطرٍ، في قوله: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة} قال: قد كانت قبله بيوتٌ، ولكنّه أوّل بيتٍ وضع للعبادة. وأما قول الحسن فرواه ابن جرير عن عن يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سأل حفصٌ الحسن وأنا أسمع، عن قوله: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا} قال: هو أوّل مسجدٍ عبد اللّه فيه في الأرض. ورواه عن محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، قال: حدّثنا عبّادٌ، عن الحسن، قوله: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس} يعبد اللّه فيه {للّذي ببكّة}. وأما قول سعيد بن جبير فرواه ابن جرير عن المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا} قال: وضع للعبادة. الثاني: أنه أو بيت خُلق في الأرض، ثم اختلف المفسرون في هذا القول على أقوال: الأول: قيل أنه وُضع لآدم عليه السلام ليعبد الله فيه وهو قول قتادة. قول قتادة رواه عبد الرزاق عن معمر عنه قال: (أول بيت وضعه الله في الأرض فطاف به آدم ومن بعده)، ورواه ابن المنذر من طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة به. ويمكن أن يستدل على هذا القول بما رواه رواه البيهقيّ في دلائل النّبوّة من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا: "بعث الله جبريل إلى آدم وحوّاء، فأمرهما ببناء الكعبة، فبناه آدم، ثمّ أمر بالطّواف به، وقيل له: أنت أوّل النّاس، وهذا أوّل بيتٍ وضع للنّاس" قال ابن كثير عن هذا الحديث: (فإنّه كما ترى من مفردات ابن لهيعة، وهو ضعيفٌ. والأشبه، واللّه أعلم، أن يكون هذا موقوفا على عبد اللّه بن عمرو. ويكون من الزّاملتين اللّتين أصابهما يوم اليرموك، من كلام أهل الكتاب).اهـ الثاني: أنه أول بيت خُلق ودُحيت الأرض من تحته، وقال بهذا القول مجاهد، والسدي، وروي عن عبد الله بن عمرو وأبي هريرة. أما ما روي عن عبد الله بن عمرو فرواه ابن جرير وابن المنذر من طريق مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، قال: خلق اللّه البيت قبل الأرض بألفي سنةٍ، وكان إذا كان عرشه على الماء، زبدةً بيضاء، فدحيت الأرض من تحته. وأما ما روي عن أبي هريرة فرواه ابن المنذر من طريق نافع مولى آل الزبير، وسعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: " إن الكعبة خلقت قبل الأرض بألفي سنة، وهي قرار الأرض، قال: إنما كانت خشفة أو حشفة على الماء عليها ملكان من الملائكة يسبحان الليل والنهار، ألفي سنة، فلما أراد الله عز وجل أن يخلق الأرض دحاها منها، فجعلها في وسط الأرض " وأما قول مجاهد فرواه ابن جرير عن محمّد بن عبد اللّك بن أبي الشّوارب، قال: حدّثنا عبد الواحد بن زيادٍ، قال: حدّثنا خصيفٌ، قال: سمعت مجاهدًا، يقول: إنّ أوّل ما خلق اللّه الكعبة، ثمّ دحى الأرض من تحتها. وأما قول السدي فرواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أسباط، عن السّدّيّ: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا وهدًى للعالمين} أمّا أوّل بيتٍ، فإنّه يوم كانت الأرض ماءً، وكان زبدةً على الأرض، فلمّا خلق اللّه الأرض، خلق البيت معها، فهو أوّل بيتٍ وضع في الأرض. الثالث: أن الله أهبط البيت مع آدم ثم رُفع وقت الطوفان، وبنيت الكعبة مكانه. روى نحو هذا المعنى ابن المنذر عن محمد بن إسماعيل الصائغ، قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: قال الله جل وعز لآدم " إني مهبط معك بيتا تطوف حوله كما يطاف حول عرشي، ويصلي عنده كما يصلي عند عرشي "، قال: فلم يزل كذلك حتى كان زمان الطوفان، فرفع حتى بوئ لإبراهيم مكانه، فبناه من خمسة أجبل من حراء وثبير، ولبنان، والطور، وجبل الخمر، قال: قال عبد الله بن عمرو: وأيم الله لتهدمنه أيتها الأمه مرار يرفع عند الثالثة، فاستمتعوا منه ما استطعتم). الدراسة والترجيح: قال الله عز وجل: {إن أول بيتٍ وُضِع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين. فيه آياتٌ بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنًا ولله على الناس حِج البيت من استطاع إليه سبيلا} وكلمة (مباركًا) منصوبة على الحال وعُطف عليها (هدىً)؛ فأخبر الله عز وجل أنه وضع هذا البيت وحاله أنه مبارك وهدى للناس، ثم أخبر أن فيه آيات بينات وأنه مقام إبراهيم وأن من دخله كان آمناوعُطف على هذا بالأمر بحج البيت؛ وفي هذا دليل على أن المقصود بأول بيت: البيت الحرام، ودل وصفه وبيان هيئته في الآيات على أن المقصود بالأولية أنه وُضع للعبادة على ما جاء في القول الأول، وهو ما رجحه ابن جرير وابن كثير. ويستدل على هذا القول بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم والنسائي من طريق الأعمش عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، قال: سمعت أبا ذر رضي الله عنه، قال: قلت يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: «المسجد الحرام» قال: قلت: ثم أي؟ قال «المسجد الأقصى» قلت: كم كان بينهما؟ قال: «أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله، فإن الفضل فيه». واللفظ للبخاري. ويمكن الجمع بين القولين بأن المسجد الحرام بني في أول موضع خُلق من الأرض، إلا أنه لا دليل من الكتاب أو السنة على ذلك، والآثار المروية في ذلك من أخبار بني إسرائيل، فإن صحّ إسنادها إلى قائليها مع عدم الدليل على ثبوتها فالموقف منها التوقف بعدم تصديقها أو تكذيبها، والله أعلم. |
تابع التقويم
صفية الشقيفي أ+ أحسنت أحسن الله إليك. |
تحرير القول في الأولية في قوله تعالى : ( أول بيت وضع للناس)
الأقوال و نسبتها أحَدُهُما: أنَّهُ أوَّلُ بَيْتٍ كانَ في الأرْضِ مطلقًا، واخْتَلَفَ أرْبابُ هَذا القَوْلِ، كَيْفَ كانَ أوَّلَ بَيْتٍ عَلى ثَلاثَةِ أقْوال: 1- أنَّهُ ظَهَرَ عَلى وجْهِ الماءِ حِينَ خَلَقَ اللَّهُ الأرْضَ، فَخَلَقَهُ قَبْلَها بِألْفَيْ عامٍ، ودَحاها مِن تَحْتِهِ، قاله أبو هريرة، ابن عباس، عبد الله بن عمرو، كعب الأحبار، مجاهد، السدي. 2- أنَّ آَدَمَ اسْتَوْحَشَ حِينَ أُهْبِطَ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ، أنِ ابْنِ لِي بَيْتًا في الأرْضِ، فاصْنَعْ حَوْلَهُ نَحْوَ ما رَأيْتَ مَلائِكَتِي تَصْنَعُ حَوْلَ عَرْشِي، فَبَناهُ، قاله ابن عباس، و عبد الله بن عمرو مرفوعًا. 3- والثّالِثُ: أنَّهُ أُهْبِطَ مَعَ آَدَمَ، فَلَمّا كانَ الطُّوفانُ، رُفِعَ فَصارَ مَعْمُورًا في السَّماءِ، وبَنى إبْراهِيمُ عَلى أثَرِهِ، قاله قتادة، أبو قلابة. القَوْلُ الثّانِي: أنَّهُ أوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لِلْعِبادَةِ، وقَدْ كانَتْ قَبْلَهُ بُيُوتٌ، هَذا قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، والحَسَنِ، وعَطاءِ بْنِ السّائِبِ في آَخَرِينَ.. تخريج الأقوال و التعقيب عليها: أحَدُهُما: أنَّهُ أوَّلُ بَيْتٍ كانَ في الأرْضِ مطلقًا، قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ورُوِيَتْ في هَذا أقاصِيصُ أسانِيدُها ضِعافٌ فَلِذَلِكَ تَرَكْتُها، و قد ذكر ابن عطية أن هذه الأقوال في أسانيدها ضعف لذا لم يذكرها، و قال الطاهر ابن عاشور عنها :أن من أخذ بهذا القول أحذ بظاهر الآية الذي لم يأخذ به المحققين و جمهور أهل العلم. و فيما يلي نبين تخريج الأحاديث، و ما ظهر لنا من أسباب لضعفها: 1- أنَّهُ ظَهَرَ عَلى وجْهِ الماءِ حِينَ خَلَقَ اللَّهُ الأرْضَ، فَخَلَقَهُ قَبْلَها بِألْفَيْ عامٍ، ودَحاها مِن تَحْتِهِ • قول أبي هريرة: رواه سعيد المقبري عن ابن هريرة كما ذكر ابن الجوزي في زاد المسير، رواه عنه ابن المنذر في تفسيره و ابن الصواف، أبو علي البغدادي في كتابه الثاني من أجزاء ابن الصواف. • قول ابن عباس: رواه الأزرقي فبي كتابه أخبار مكة: قال و حدثنا جدي قال حدثنا سعيد بن سالم عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس انه قال : لما كان العرش علي الناء قبل انريخلقزاللهرالسموات و الارضزبعث الله ريحا صفاقة فصفقت الناء فأبرزت عن خفشة في موضع البيت كأنها قبة فدحا الله الارضين من تحتها فعادت ثم مادت فأوتدها الله عز و جل بالجبال قال المحقق ا. عبدالملك بن عبدالله دهيش: اسناده ضعيف، طلحة بن عمرو الخضرمي متروك الحديث . • قول عبد الله بن عمرو: رواه ابن جرير و ابن المنذر و البيهقي كتابه الشعب عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو. • قول كعب الأحبار: رواه الأزرقي في كتابه أخبار مكة قال: أبوالوليد محمد بن عبدالله بن أحمد بن عقبة بن الأزرق بن عمرو بن الحارث بن شمر الغياني الأزرقي قال حدثنا جدي أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن بشر بن عاصم عن سعيد بن المسيب قال كعب الأحبار به. قال المحقق ا. عبدالملك بن عبدالله دهيش:اسناده صحيح و هو من قول كعب الاخبار و قول عبدالله و بن عمرو بن العاص و كعب الأحبار قد يكون أصله من أخبار الإسرائليات، التي يتوقف فيها، فلا نصدق و لا نكذب. • قول مجاهد: - رواه الأرزقي في كتابه اخبار مكة و ما جاء فيها من آثار: قال حدثنا ابوالوليد قال حدثني مهدي بن ابي المهدي قال حدثنا ابو أيوب البصري قال حدثنا هشام عن حميد قال سمعت مجاهد يقول خلق الله عز و جل هذا البيت قبل ان يخلق شيئًا من الأرض قال المحقق ا. عبدالملك بن عبدالله دهيش: اسناده ضعيف شيخ المصنف لم يوقف عليه، مهدي بن المعدي الطبقة السادسة كما ذكر بن حجر و لا يعقل ان يروي عنه الازرق الحفيد لأنه من الطبقة الثانية عشر تقريبا - و رواه الأزرقي بإسناد آخر ، قال :حدثني يحي بن سعيد عن محمد بن عمر بن إبراهيم الجبري عن عثمان بن عبدالرحمن عن هشام عن محاهد قال لقد خلق الله عز و جل موضع هذا البيت قبل ان يخلق شيئا من الارض بألفي سنة و إن قواعده في الارص السابعة السفلي قال المحقق ا. عبدالملك بن عبدالله دهيش:حسن لغيره، أخرجه عبدالرزاق من طريق هشام بن حسان عن حميد الأعرج عن مجاهد. - و رواه ابن جرير في تفسيره ،قال: حدّثني محمّد بن عبد اللّك بن أبي الشّوارب، قال: حدّثنا عبد الواحد بن زيادٍ، قال: حدّثنا خصيفٌ، قال: سمعت مجاهدًا، يقول: إنّ أوّل ما خلق اللّه الكعبة، ثمّ دحى الأرض من تحتها. قال العقيلي في كتابه الضعفاء الكبير : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ خُصَيْفٍ، فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ بِقَوِيٍّ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى يَقُولُ: خُصَيْفٌ لَيْسَ بِذَاكَ، وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: خُصَيْفٌ شَدِيدُ الِاضْطِرَابِ فِي الْمُسْنَدِ. • قول السدي: رواه ابن جرير في تفسيره، و ابن ابي حاتم من طريق أحمد بن المفضل ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا وهدًى للعالمين} أمّا أوّل بيتٍ، فإنّه يوم كانت الأرض ماءً، وكان زبدةً على الأرض، فلمّا خلق اللّه الأرض، خلق البيت معها، فهو أوّل بيتٍ وضع في الأرض. و ذكره ابن كثير بلفظ فيه تضعيف، حيث قال :زعم السّدّي أنّه أول بيتٍ وضع على وجه الأرض مطلقًا. أحمد بن المفضل: قال عنه أبو الفتح الأزدي :منكر الحديث، قال عنه أبو حاتم الرازي :صدوق من رؤساء الشيعة قال عنه ابن حجر العسقلاني :صدوق شيعي في حفظه شيء. و السدي: قال فيه أبو حاتم الرازي كتابه الجرخ و التعديل: في حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول إسماعيل بن عبد الرحمن السدي يكتب حديثه ولا يحتج به، وسئل أبو زرعة عن إسماعيل السدي فقال: لين. 2- أنَّ آَدَمَ اسْتَوْحَشَ حِينَ أُهْبِطَ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ، أنِ ابْنِ لِي بَيْتًا في الأرْضِ، فاصْنَعْ حَوْلَهُ نَحْوَ ما رَأيْتَ مَلائِكَتِي تَصْنَعُ حَوْلَ عَرْشِي، فَبَناهُ، قاله ابن عباس، و عبد الله بن عمرو مرفوعًا.قول ابن عباس رضي الله عنهما: رَواهُ أبُو صالِحٍ، عنه، كما ذكر ابن الجوزي في زاد المسير. - قول عبدالله بن عمرو بن العاص: رواه البيهقيّ عنه مرفوعًا في كتابه دلائل النّبوّة، من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا: "بعث الله جبريل إلى آدم وحوّاء، فأمرهما ببناء الكعبة، فبناه آدم، ثمّ أمر بالطّواف به، وقيل له: أنت أوّل النّاس، وهذا أوّل بيتٍ وضع للنّاس" قال ابن كثير: إنه من مفردات ابن لهيعة، وهو ضعيفٌ، والأشبه، واللّه أعلم، أن يكون هذا موقوفا على عبد اللّه بن عمرو. ويكون من الزّاملتين اللّتين أصابهما يوم اليرموك، من كلام أهل الكتاب. 3- أنَّهُ أُهْبِطَ مَعَ آَدَمَ، فَلَمّا كانَ الطُّوفانُ، رُفِعَ فَصارَ مَعْمُورًا في السَّماءِ، وبَنى إبْراهِيمُ عَلى أثَرِهِ، قاله قتادة، أبو قلابة. - قول قتادة: رواه ابن جرير في تفسيره فقال: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: ذكر لنا أنّ البيت، هبط مع آدم حين هبط، قال: أهبط معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عرشي، فطاف حوله آدم ومن كان بعده من المؤمنين، حتّى إذا كان زمن الطّوفان، زمن أغرق اللّه قوم نوحٍ رفعه اللّه وطهّره من أن يصيبه عقوبة أهل الأرض، فصار معمورًا في السّماء، ثمّ إنّ إبراهيم تتبّع منه أثرًا بعد ذلك، فبناه على أساسٍ قديمٍ كان قبله. رَواهُ شَيْبانُ عَنْ قَتادَةَ كما ذكر ابن الجوزي في زاد المسير. - قول أبو قلابة: رواه ابن المنذر: حَدَّثَنَا محمد بْن إسماعيل الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن حرب، قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد، عَنْ أيوب، عَنْ أبي قلابة، قَالَ: قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ لآدم " إِنِّي مهبط معك بيتا تطوف حوله كَمَا يطاف حول عرشي، ويصلي عِنْده كَمَا يُصَلَّي عِنْد عرشي "، قَالَ: فلم يزل كذلك حَتَّى كَانَ زمان الطوفان، فرفع حَتَّى بوئ لإبراهيم مكانه، فبناه من خمسة أجبل من حراء، وثبير، ولبنان، والطور، وجبل الخمر، قَالَ: قَالَ عَبْد اللهِ بْن عمرو: وأيم الله لتهدمنه أيتها الأمه مرار يرفع عِنْد الثالثة، فاستمتعوا مِنْهُ مَا استطعتم القَوْلُ الثّانِي: أنَّهُ أوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لِلْعِبادَةِ، وقَدْ كانَتْ قَبْلَهُ بُيُوتٌ، هَذا قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، والحَسَنِ، وعَطاءِ بْنِ السّائِبِ في آَخَرِينَ.. • قول علي رضي الله عنه (أوّل بيتٍ وضع فيه البركة) : رواه اسحق بن راهويه كما ذكر البوصيري( في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (ابن جرير و ابن أبي حاتم و الحاكم في مستدركه، بأسانيد مختلفة و ألفاظ متقاربة و في بعضها زيادة، من طريق من سماكٍ، عن خالد بن عرعرة، قال: قام رجلٌ إلى عليٍّ، فقال: ألا تخبرني عن البيت، أهو أوّل بيتٍ وضع في الأرض؟ فقال: لا، ولكنّه أوّل بيتٍ وضع فيه البركة {مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنًا}. و رواه ابن ابي حاتم و ابن المنذر و ابن أبي حاتمٍ من طريق شريكٌ عن مجالدٍ، عن عامرٍ الشّعبيّ، عنه به. قد عقب الحاكم على روايته«هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه» و عقب البوصيري على إسناد اسحق بن راهويه هذا إسنادٌ رواته ثقاتٌ إلّا خالد بن عرعرة؟ فإنّي لم أقف له على ترجمةٍ. و بالبحث وجدت في كتاب الثقات للعجلي قوله عن خالد بن عرعرة: "كوفي"، تابعي، ثقة، روى عن علي. - قول أبو ذر الغفاري: رواه الإمام أحمد في مسنده، و عبد بن حميد في تفسيره، البخاري و مسلم في صحيحهما و النسائي في »). [السنن الكبرى، و البيهقي في دلائل النبوة، من طريق الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذر، رضي اللّه عنه، قال قلت: يا رسول اللّه، أيّ مسجد وضع في الأرض أوّل؟ قال: "المسجد الحرام". قلت: ثمّ أيّ؟ قال: "المسجد الأقصى". قلت: كم بينهما؟ قال: "أربعون سنةً". قلت: ثمّ أيّ؟ قال: ثم حيث أدركت الصلاة فصلّ، فكلّها مسجدٌ". و رواه أبو بكر بن أبي شيبة، في كتابه المصنف عنه به، دون ( قلت: كم بينهما؟ قال: "أربعون سنةً". قلت: ثمّ أيّ؟ قال: ثم حيث أدركت الصلاة فصلّ، فكلّها مسجدٌ". قول قتادة: رواه عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ في تفسيره(قال أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا قال أول بيت وضعه الله في الأرض فطاف به آدم و من بعده، رواه عنه ابن جرير و ابن المنذر. - قول الحسن: رواه ابن جرير بإسنادين مختلفين: الأول: قال حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سأل حفصٌ الحسن وأنا أسمع، عن قوله: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا} قال: هو أوّل مسجدٍ عبد اللّه فيه في الأرض. الثاني: قال حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، قال: حدّثنا عبّادٌ، عن الحسن، قوله: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس} يعبد اللّه فيه {للّذي ببكّة}. - رواه ابن المنذر بإسناد آخر إليه: قال حَدَّثَنَا محمد بْن إسماعيل، قَالَ: حَدَّثَنَا عفان، قَالَ: حَدَّثَنَا خالد بْن الحارث، قَالَ: حَدَّثَنَا أشعث، عَنْ الحسن، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ} قَالَ " أول قبلة أعملت للناس المسجد الحرام " قول مطر: رواه ابن جرير قال: حدّثنا عبد الجبّار بن يحيى الرّمليّ، قال: حدّثنا ضمرة، عن ابن شوذبٍ، عن مطرٍ، في قوله: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة} قال: قد كانت قبله بيوتٌ، ولكنّه أوّل بيتٍ وضع للعبادة. • قول سعيد: رواه ابن جرير قال: حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا} قال: وضع للعبادة : - مما سبق يتبين ضعف أسانيد ما جاء في كون الأولية أولية تاريخية، و أولية جنس ، إمع استثناء صحة ما نسب لكعب الأحبار و لم يتبين لي ضعف ما نسب لعبدالله عمرو بن العاص و مجاهد به، و هذه و الله أعلم قد ترجع إلى أخبار الإسرائليات. - و لم يذكر ابن عطية منها شئ و ذكر الحكم عليها بالضعف. - و قد أشكل حديث أبي ذر الغفاري المرفوع على البعض؛ قوله أربعون سنة، و قد بين أهل العلم وجهها فقال ابن الجوزي في كتابه كشف المشكل في الصحيحين :إن الْإِشَارَة إِلَى أول الْبناء وَوضع أساس المسجدين، وَلَيْسَ أول من بنى الْكَعْبَة إِبْرَاهِيم، وَلَا أول من بني بَيت الْمُقَدّس سُلَيْمَان، وَفِي الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ والبانين كَثْرَة، فَالله أعلم بِمن ابْتَدَأَ. و قال: وَقد روينَا أَن أول من بنى الْكَعْبَة آدم، ثمَّ انْتَشَر وَلَده فِي الأَرْض، فَجَائِز أَن يكون بَعضهم قد وضع بَيت الْمُقَدّس. و قد بين ابن القيم في تفسيره أن هذا الإشكال في الحَدِيثُ وقع عَلى مَن لَمْ يَعْرِفِ المُرادَ بِهِ، و َقالَ: مَعْلُومٌ أنَّ سُلَيْمانَ بْنَ داوُدَ هو الَّذِي بَنى المَسْجِدَ الأقْصى، وبَيْنَهُ وبَيْنَ إبْراهِيمَ أكْثَرُ مِن ألْفِ عامٍ، وهَذا مِن جَهْلِ هَذا القائِلِ، فَإنَّ سُلَيْمانَ إنَّما كانَ لَهُ مِنَ المَسْجِدِ الأقْصى تَجْدِيدُهُ لا تَأْسِيسُهُ، والَّذِي أسَّسَهُ هو يَعْقُوبُ بْنُ إسْحاقَ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِما وآلِهِما وسَلَّمَ بَعْدَ بِناءِ إبْراهِيمَ الكَعْبَةَ بِهَذا المِقْدارِ. و قد ذكر الطاهر بن عاشور في التحرير و التنوير ،قولًا آخر، نسب فيه البناء ألأاول لبيت المقدس أنه كان على يد إبراهيم عليه السلام عندما مر ببلاد الشام،فبناه على الصخرة المجعولة مذبحًا للقربان، و قال الطاهر ابن عاشور أنه قَدْ ثَبَتَ في سِفْرِ التَّكْوِينِ أنَّ إبْراهِيمَ بَنى مَذابِحَ في جِهاتٍ مَرَّ عَلَيْها مِن أرْضِ الكَنْعانِيِّينَ لِأنَّ اللَّهَ أخْبَرَهُ أنَّهُ يُعْطِي تِلْكَ الأرْضَ لِنَسْلِهِ، فالظّاهِرُ أنَّهُ بَنى أيْضًا بِمَوْضِعِ مَسْجِدِ أُرْشَلِيمَ مَذْبَحًا. و بما ذكرنا يتبين أنه لم يثبت لدينا من الذي بنى بيت المقدس، لكن الذي يتأكد أنه سليمان ليس أول من بناه، و بهذا يُرفع الاشكال بإذن الله عمن أشكل عليه. - و قد اختار ابن جرير القول أنها أولوية بيت للعبادة، و احتج بصحيح ما ورد عن رسول الله صلى الله عليخه و سلم. - و اختار ابن كثير ذات القول بناء على ما روى عن علي رضي الله عنه. - و هذا القول كما ذكر الطاهر ابن عاشور هو ما عليه المحققين من أهل العلم الذين لم يأخذوا بظاهر الآية، و هو الراجح و الله أعلم. و مما يؤيد ذلك ما يلي: 1- سياق الآية و مقصدها: جاءت الآية لتبين فضل الكعبة ردًا على أهل الكتاب ممن أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه و سلم، و ممن أنكروا النسخ و أنكروا تغيير القبلة للكعبة بحجة أفضلية بيت المقدس، و أيصًا ليفرع عنها إيجاب الحج، كما قال الطاهر ابن عاشور: اتِّباعَ المِلَّةِ المَبْنِيَّةِ عَلى أُسُسِ مِلَّةِ بانِيهِ، وهَذا المُفادُ مِن تَفْرِيغِ قَوْلِهِ ﴿فاتَّبِعُوا مِلَّةَ إبْراهِيمَ حَنِيفًا﴾ [آل عمران: ٩٥] والأفضلية التي تظهر في القرآن كتاب الدين و الهدى، هي أفضلية تتعلق بأسباب الهدى بنوع البيت أنه للتعبد، و أنه مبارك و هدى، و هذا ما قاله الطاهر ابن عاشور في تفسيره. 2- صحيح ما ورد عن الرسول صلى الله عليه و سلم . 3- ما ورد عن علي رضي الله عنه بإسناد ثقة. 4- ما تواتر من أحاديث في هذا القول. 5- و مما يؤيد ذلك ايضًا: - ما رواه ابن المنذر من سبب لنزول الآية إن صح: قال حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، قَالَ: وَقَالَ آخرون فِي قوله " {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} قَالَ آخرون: قالت اليهود: بيت المقدس أعظم، لأنها مهاجر الأنبياء، ولأنه فِي الأرض المقدسة، فَقَالَ المسلمون: بل الكعبة أعظم، فبلغ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنزلت {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} فذلك حَتَّى قوله: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} ، وليس ذَلِكَ فِي بيت المقدس {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} ، وليس ذَلِكَ فِي بيت المقدس، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} وليس ذَلِكَ لبيت المقدس و قد حكاه الثعلبي و الواحدي في أسباب النزول عن مجاهد، و قد ذكره ذلك ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب و عقب عليه: هكذا ذكره الثعلبي بغير إسناد ولم أر له عن مجاهد ذكرا وإنما ذكره مقاتل ابن سليمان. قال الطاهر بن عاشور معلقًا على هذا الأثر : وهَذا تَأْوِيلٌ أُوِّلَ بِأنَّهُ الأوَّلُ مِن شَيْئَيْنِ لا مِن جِنْسِ البُيُوتِ كُلِّها. 6- و يؤيد ذلك أيضًا قوله تعالى (وُضٍع) و في قراءة أخرى( وضَع)، ولَعَلَّ بِناءَ "وُضِعَ؛ لِلْمَفْعُولِ؛ إشارَةٌ إلى أنَّ وضْعَهُ كانَ قَبْلَ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ( البقاعي)، و قال الألوسي: والمَعْنى إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِعِبادَةِ النّاسِ رَبَّهم أيْ هُيِّئَ وجُعِلَ مُتَعَبَّدًا؛ والواضِعُ هو اللَّهُ تَعالى كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ قِراءَةُ مَن قَرَأ ( وضَعَ ) بِالبِناءِ لِلْفاعِلِ؛ لِأنَّ الظّاهِرَ حِينَئِذٍ أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ راجِعًا إلى اللَّهِ تَعالى، وإنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ سُبْحانَهُ صَرِيحًا في الآيَةِ بِناءً عَلى أنَّها مُسْتَأْنَفَةٌ، واحْتِمالُ عَوْدِهِ إلى إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِاشْتِهارِهِ بِبِناءِ البَيْتِ خِلافُ الظّاهِرِ. 7- و يؤيد ذلك قوله تعالى ( للناس)؛ فال هنا للعموم، فتستغرق كل الناس،أي أول بيت وضع لعبادة كل الناس، و هو ما ذكره أهل اللغة كالزجاج، و أهل التفسير كابن جرير و ابن كثير و ابن عطية و غيرهم، و يجوز للعهد الزمني؛ فتشمل أهل الكتاب و المسلمين، كما ذكر الطاهر ابن عاشور عنهم: وكُلُّهم يَعْتَرِفُ بِأصالَةِ دِينِ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - فَأوَّلُ مَعْبَدٍ بِإجْماعِهِمْ هو الكَعْبَةُ فَيَلْزَمُهُمُ الِاعْتِرافُ بِأنَّهُ أفْضُلُ مِمّا سِواهُ مِن بُيُوتِ عِبادَتِهِمْ - و وصف حال البيت أنه مباركًا وهُدى. - قال ابن عاشور فقال: والمَعْنى أنَّهُ أوَّلُ بَيْتِ عِبادَةٍ حَقَّةٍ وُضِعَ لِإعْلانِ التَّوْحِيدِ، بِقَرِينَةِ المَقامِ، وبِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ﴿وُضِعَ لِلنّاسِ﴾ المُقْتَضِي أنَّهُ مِن وضْعِ واضِعٍ لِمَصْلَحَةِ النّاسِ، لِأنَّهُ لَوْ كانَ بَيْتَ سُكْنى لَقِيلَ وضَعَهُ النّاسُ، وبِقَرِينَةِ مَجِيءِ الحالَيْنِ بَعْدُ؛ وهُما قَوْلُهُ: ﴿مُبارَكًا وهُدًى لِلْعالَمِينَ﴾ . و ما قاله قتادة في قوله تعالى إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا قال أول بيت وضعه الله في الأرض فطاف به آدم و من بعده، يحتمل أن يكون المراد أول بيت وضع مطلقا و أول بيت وضع للعبادة و مع ما ذكرنا هذا لا يمنع أن تكون الأحاديث التي وردت في كونه أولوية تاريخية جزء من التفضيل - التي نسبت لكعب الأحبار وعبد الله بن عمرو بن العاص و مجاهد- ،فهو أول بيت وضع ، سبق غيره من بيوت العبادة، أو جنس البيوت كافة، و أولوية نوع أنه أول بيت وضع للعبادة، لتوحيد الله، للصلاة و الحج. هذا و الله اعلم. |
اقتباس:
التقويم: أ+ احسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ، وأؤكد على أنه لا حاجة للنسبة لمصدر ناقل وقد خرجتِ الأثر من مصادر أصلية إلا لفائدة ينص عليها المصدر الناقل. زادكِ الله إحسانًا وتوفيقًا. |
الساعة الآن 02:12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir