سؤال عن منهجية طلب علوم السنة النبوية
 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الخطط المنهجية كثيرة ومتنوعة، والمهم فيها وفاؤها بما يتطلبه إتقان تعلم هذا العلم وأبواب الزيادات كثيرة وتختلف الاجتهادات في ترتيب بعضها، واختيار بعض الكتب على بعض ، ولكن سأذكر لك خلاصة ما أوصي به مما يمكن ضبطه وإتقانه ، ثم يزيد عليه طالب العلم ما يفتح الله به عليه، ومن سار في طريق العلم سيراً صحيحاً لا يلبث أن يستبين مسالك الطلب ويعرف ما يأتي وما يذر وما يناسب ما وهبَه الله من ملكات وقدرات.

والخلاصة أن علوم السنة النبوية يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام كبار:
القسم الأول: متون الأحاديث وشروحها.
القسم الثاني: المصطلح وعلوم الحديث.
القسم الثالث: التخريج ودراسة الأسانيد وأحوال الرجال.

فأما في القسم الأول فأوصي بالبدء بدراسة الأربعين النووية ثم عمدة الأحكام ثم بلوغ المرام ، وفي أثناء ذلك يكون له ورد يومي أو شبه يومي يقرأ فيه من صحيح البخاري أو مختصره للزبيدي ، ثم صحيح مسلم أو مختصر للمنذري، ويكرر قراءتهما مرات كثيرة بحسب ما يتيسر له لأن المداومة على قراءة الأحاديث قراءة متأنية واعية ولو بمقدار يسير فيها من بركة العلم والوقت شيء عظيم لا يعرف قيمته إلا من جرب نفعه، بل فيها تطبيق لما يتعلمه طالب العلم من القواعد والفوائد ، وفيها فوائد عظيمة النفع يجدها الإنسان في أمور حياته لأنه يقتبس كل يوم من مشكاة النبوة نوراً على نور ، والهدي النبوي قد شمل جميع ما يحتاجه الناس من مناحي الحياة وشؤونها، وفي كل مرة يقرأ الطالب كتاباً من كتب الأحاديث يجد أنه يستفيد فوائد إضافية كانت غائبة عنه ، ولا يزال هذا دأبه حتى يكون من الراسخين في العلم ، لرسوخ معاني الأحايث في نفسه وازدياده فيها من العلم والإيمان وما يجده من البركة في أمور حياته لأنه يسير على الهدي النبوي الذي هو أحسن الهدي .

وإذا أشكل عليه معنى حديث من الأحاديث رجع إلى شروح الأحاديث فقرأ شرح الحديث حتى يفهمه فإن بقي عليه ما يشكل سأل عنه عالماً من العلماء فيستفيد بكثرة الرجوع إلى شروح الأحاديث وكتب غريب الحديث معرفة الكتب المعتمدة في الشروح ككتاب أعلام الحديث للخطابي وفتح الباري لابن رجب وفتح الباري لابن حجر في شروح البخاري ، وشرح النووي على صحيح مسلم، ومعالم السنن للخطابي وتهذيب السنن لابن القيم في شروح أبي داوود ، والتمهيد والاستذكار كلاهما لابن عبد البر في شروح الموطأ، وغيرها ، ولا يزال كلما أشكل عليه شيء رجع إلى شرحه حتى يكتسب خبرة ومهارة في شرح الأحاديث ومعرفة غريبها وحل غوامض المسائل.
ولا يزال يزداد من قراءة كتب الحديث وشروحه حتى يبلغ في العلم مبلغاً عظيماً بإذن الله.

وأما في القسم الثاني فأوصي بالبدء بدراسة نخبة الفكر وشرحه نزهة النظر كلاهما لابن حجر ، ويستعين في دراسة هذا المتن بالشروح الصوتية لبعض العلماء المعاصرين كشرح الشيخ عبد الكريم الخضير، وشرح الشيخ سعد الحميد وغيرهما.
ولو درس معه كتاب تيسير مصطلح الحديث للطحان فهو حسن الترتيب والأسلوب وجامع للفوائد وفيه نفع كبير.

وأما الأطفال فيمكنهم البدء بدراسة البيقونية لأنها أيسر عليهم.

ثم بعد النخبة يدرس مختصر علوم الحديث لابن كثير ثم ألفية العراقي ، ثم يقرأ كتاب علوم الحديث لابن الصلاح وسيجد أن غالب مسائله قد تمت دراستها في المتون السابقة لأنها نهلت منه.

ثم في مرحلة المتقدمين يدرس كتاب الكفاية في علوم الرواية للخطيب البغدادي، ومعرفة علوم الحديث للحاكم، ومقدمات المحدثين كمقدمة مسلم ومقدمة صحيح ابن حبان وكتاب المجروحين له ، ومقدمة ابن عبد الهادي ، ومقدمة التمهيد لابن عبد البر ، والرسالة للشافعي وغيرها ، وقد أدرجنا غالبها في قسم المكتبة المبوبة.

وأما في القسم الثالث فأوصي بالبدء بدراسة كتاب أصول التخريج ودراسة الأسانيد للطحان ، ثم كتاب ضوابط الجرح والتعديل للدكتور عبد العزيز آل عبد اللطيف رحمه الله ، وكتاب التأصيل في أصول التخريج للشيخ بكر أبو زيد ، ثم مقدمة الكامل لابن عدي، ثم لا يزال يزداد من القراءة كتب هذا العلم حتى يتقنه.

وفي أثناء ذلك وبعده سيرى طالب العلم من أبواب العلم ما يسر النفس ويبهج الخاطر وينير الطريق ، وحري بمن درس هذه الكتب دراسة جيدة ، وجمع بين العلم والعمل ، ودأب على مواصلة الطلب أن يكون من أهل العلم الراسخين فيه.