سؤال عن سبب تسمية ابن القيم لكتابه بـ «الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة»، ونصيحة تعين على تلخيص هذا الكتاب
 

فضيلة الشيخ عبد العزيز الداخل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهل عندكم نصيحة بالنسبة لتلخيصي لكتاب الصواعق المرسلة الذي سأبدأ به قريبا إن شاء الله تعالى؟
وما هو سبب هذا العنوان: "الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة"؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

كتاب الصواعق المرسلة من الكتب الجليلة، وقد كان ابن القيم رحمه الله يكثر فيه من الأوجه في الردود على المخالفين ، وكثير من تلك الأوجه هي من باب بيان فساد اللوازم والآثار لتلك الأقوال الباطلة
وهو في مقام الرد نافع جيد، وأما في مقام التعلم والتعليم فغير مناسب إلا لمن درس عدداً من المتون العلمية وكان متأهلاً لدراسة الصواعق؛ لأنّ مسائل الاعتقاد لا تقرّر من كتب الردود، وإنما يستفيد منها طالب العلم الذي درس مسائل الاعتقاد من الكتب المناسبة لذلك؛ فإنّه يحسن به أن يدرس كتب الردود ليستفيد بها التعرف على مناهج الأئمة في الردود على المخالفين.
وقد تكلم فيه ابن القيم رحمه الله في كتابه الصواعق عن مقدمات مهمة في التأويل؛ ثم تكلم عن الطواغيت الأربعة:
1: دعواهم أن ظواهر النصوص غير مرادة.
2: دعوى تعارض العقل والنقل
3: طاغوت المجاز.
4: دعوى عدم حجية أخبار الآحاد

وقد أكثر رحمه الله من الأوجه في تفنيد تلك الدعاوى الباطلة وأحسن أيما إحسان، وكان يكثر جداً من الأوجه في الردود على تلك الشبه ، وهذه الأوجه إذا قرأها الطالب يحس من نفسه أنه يفهمها أو يفهم أغلبها ، لكنه ما إن يمضي في قراءة الكتاب حتى يحسّ أن تلك الأوجه يُنسي بعضها بعضاً لكثرتها وتنوعها وتداخلها، ولعله قصد ذلك في مقام الرد على الأشاعرة في زمانه، وقد أوذي رحمه الله بسببهم ، وجرت له محنة يعرفها من قرا سيرته رحمه الله
فلذلك سمى "الصواعق المرسلة في الردّ على الجهمية والمعطلة" لأنه قصد فيه القضاء على شبههم التي عدّوها أصولاً يستندون إليها؛ فأتى في الصواعق بما ينقضها ويبيّن فسادها وتهافتها.

ومن ذلك أنّه ردّ دعوى الرازي أنه (إذا تعارض العقل والنقل وجب تقديم العقل) من 244 وجهاً استغرقت مجلدين من الطبعة التي بتحقيق د. الدخيل الله.
وقد لخصت كتاب الصواعق في كتاب أسميته: (المراقي الموصلة لفهم كتاب الصواعق المرسلة) ولعله يبلغ ثمانين صفحة؛ عمدت فيه إلى تلك الأوجه وقسمتها إلى أربعة أقسام؛ إذ كانت الشبهة مبنية على مقدمتين ونتيجة
فجعلت القسم الأول: في بيان فساد المقدمة الأولى، وجمعت الأوجه المندرجة تحت هذا القسم واختزلتها في عشرة أوجه.
والقسم الثاني: في بيان فساد المقدمة الثانية، وصنعت فيه كما صنعت في سابقه
والقسم الثالث: في بيان فساد تلك النتيجة وصنعت فيه كسابقيه.
والقسم الرابع: جعلته كالسياج حول هذا الحمى وأدرجت تحته نحو عشرة أوجه اختزلتها من كلامه رحمه الله تعالى.
وقدمت لها بمقدمة تبين للطالب عظيم خطر تلك الشبهة وقبيح أثرها على أصحابها، وتحذر طالب العلم من الاغترار بما يزينه به بعض المبتدعة شبههم من زخرف القول.
وسرت في بقيّة الكتاب على هذا المنهج.
ولم أفرغ من تبييضه إلى الآن، وقد مضى عليه أكثر من خمسة عشر عاماً، وأنا أحاول التفرغ لتبييضه، وعسى الله أن يعين على ذلك ويبارك في الوقت وييسر إتمامه وطباعته.
ولعل الأنسب أن أرفعه لكم في المعهد على مراحل حتى يكتمل.
لكن لا تتوقف عن قراءة الكتاب الأصل وتلخيصه في انتظار هذا الملخّص؛ فإنّ لقراءة الأصل فوائد جليلة، وتخليص الطالب لنفسه قد يكون أنفع له من تلخيص غيره.