معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   كشف الشبهات (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=33)
-   -   أسئلة وردت في الدروس (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=1804)

مسلمة 12 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م 07:57 PM

أسئلة وردت في الدروس
 
بسم الله الرحمن الرحيم



فهذه بعض الأسئلة التي وردت من الطلاب للشيخ صالح آل الشيخ أثناء شرحه لـ ( كشف الشبهات ) .

وُضعت هنا للفائدة .



مسلمة 12 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م 07:58 PM

أسئلة:

[سؤال]:
هذا يقول: من فسر كلمة التوحيد بقوله (لا حاكمية إلا لله) متعلقاً بقوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} وهل هذا التفسير مستقيم أم هو غير ذلك؟ نرجو التوضيح.

[جواب]:
من فسر كلمة التوحيد بقوله: (لا حاكمية إلا لله) ويقول: هذا هو معناها، فهذا من جنس قول الخوارج؛ لأنهم هم فسروا التوحيد بتوحيد الحكم؛ لقول الله جل وعلا: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ}ولقوله جل وعلا: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ}.

والحكم يجب إفراد الله -جل وعلا- به،وهو من مفردات توحيد الإلهية؛ لأن الحكم بالشرع، الحكم بالقرآن، هذا تحكيم لله، فهو قصد لله -جل وعلا- طلباً للحكم، فهو من هذه الجهة فيه القصد - قصد القلب - والعمل لطلب حكمه فيها، فمن قال: معنى لا إله إلا الله: لا معبود حق إلا الله - كما هو تفسير أهل العلم - فإنه يدخل فيه هذا المفرد من المفردات وهو إفراد الله -جل وعلا- بأنه هو المستحق للتحاكم إليه.

لهذا إمام هذه الدعوة جعل من أبواب (كتاب التوحيد) أبواباً تخص هذه المسألة، وهي مسألة التحاكم، تحليل الحلال وتحريم الحرام، وعدم طاعة أحد في تحليل الحرام أو تحريم الحلال في أبوابٍ معروفة.
فالمقصود:أن تفسير (لا إله إلا الله) بـ: (لا حاكمية إلا لله) هذا من جنس تفاسير المبتدعة؛ لأن (لا حاكمية) مساويةٌ لـ (لا إله) فيعني: أن الإله هو الحاكم، وهذا غلط؛ لأن (الإله) لا في اللغة، ولا في العرف، ولا في ما جاء به القرآن، أن (الإله) هو الحاكم، وإنما (الإله) هو الذي يستحق العبادة، ومن العبادة القصد لأحدٍ لتحكيمه بغير شرع الله أو بشرع الله، إذا قصد أحداً لتحكيمه راضياً بذلك مختاراً فإنه قد عبده، بهذا هناك فرق بين مسألة الحكم والتحكيم، قال -جل وعلا- في سورة النساء: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ}.


قال طائفة من أهل العلم:قوله هنا: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا}فيه اعتبار الإرادة، وذلك أن يتحاكم عن رغبة ورضى بحكم الطاغوت، بخلاف ما لو أكره عليه أو أجبر أو اضطر إلى ذلك غير راغبٍ ولا مريد، في أشباه هذه الحالات.

المقصود من هذا: أنه يكون عابداً لغير الله إذا تحاكم راغباً في ذلك معظماً له كحال العابد المحكم لله -جل وعلا- في ذلك، فالحكم لله تبارك وتعالى، تحكيم القرآن تحكيم لله، تحكيم السنة تحكيم لله جل وعلا؛ ولهذا لا يطلق الحاكم إلا على من حكم بشرع الله جل جلاله.

[سؤال]:
هناك بعض الناس في بلادٍ أخرى يأتون إلى بعض الناس يزعمون أنهم أولياء؛ فيطلبون منهم أن يدعوا لهم الله عز وجل، فما حكم هذا العمل ؟

[جواب]:
إذا أتى إلى ميت ولي أو نبي أو نحو ذلك فطلب منه أن يدعو الله له، يعني: قال: يا فلان ادع الله لي - هذا الميت - هذا هو معنى الشفاعة، كأنه سأله الشفاعة، فمعنى طلب الشفاعة من الميت: طلب أن يدعو الله له، أن يسأل الله له.

فإذاً:قول القائل للميت: (ادع الله لي) أو يأتي للنبي -صلى الله عليه وسلم- خارج الحجرة والأسوار ويقول: (يا رسول الله ادع الله لي أن يرزقني بكذا) هو معنى هذا: اشفع لي بهذا المطلب، لهذا: معنى ادع الله لي: اشفع، وحكمها حكم الشفاعة.

وقد مر معنا في هذا الكتاب أن أولئك ما قصدوا إلا الشفاعة، فهم حين يتقربون للموتى يريدون في النهاية أن الموتى يشفعون لهم إذا طلبوا منهم شيئاً، فيأتي يذبح له، ينذر له في المواسم، وبين الحين والآخر؛ لظنه أن هذا الميت، أوهذا الولي أو هذا النبي أو هذا الجني، أو إلى آخره يعرفه بأنه يتقرب إليه، فإذا سأله عند حاجته فإنه مباشرة يرفع حاجته، ويدعو له، ويطلب له ما سأل؛ لأنه يتقرب إليه، فهم ما عبدوا إلا للقربى، ولا ذبحوا ولا نذروا ولا استغاثوا ولا عملوا هذه الأشياء من أنواع العبادات إلا لأجل أن يشفع لهم، يعني: أن يشفع لهم من سئل.
فإذاً: من طلب من الميت أن يدعو له هذا معناه أنه طلب منه أن يشفع له، والشفاعة لا تصلح إلا لله.
[سؤال]:

هل في إجابة دعاء من كان يدعو عند القبر فيه ابتلاء لهذا الداعي؛ لأنه سوف يظن بأن المجيب له صاحب القبر؟

[جواب]:
هذا لا شك، والابتلاء وقع في هذه المسألة وفي غيرها، فإذا أجيب دعاء من دعا عند القبر فإنه وقع له هنا المخالفة وابتلي بسببها؛ لأنه لو أجيب لظن أن سبب الإجابة صاحب القبر أو بركة المكان، وهذا ابتلاء وشبهة ووقع فيها؛ لأنه فرط في الحق، وكما ذكرت لك أنه يكون الإجابة لسرٍ، لسبب تعلق بدعائه، وهو يظن أن السبب هو القبر، وهذه المسألة مذكورة في (شرح الطحاوية) في أواخرها.

[سؤال]:
ذكرت أن المنافقين قالوا: لا إله إلا الله مع أنها لا تقبل منهم، ولكن يمكن أن يجيب عليها فيقول: إن المنافق لا تقل له إنه كافر في الدنيا بل نقول: إنه مسلم ونرد علمه إلى الله، وهؤلاء الذين يصلون إلى القبر ويعبدون عبد القادر مثلاً لا نطلق عليهم لفظ الكفار بل هم مسلمون، ونرد أمرهم إلى الله.

[جواب]:
هذا يعطينا الدخول في بحث وأنا أريد أن تتنبهوا له فيما تسمعون أو تقرؤون، يكون هناك تنظير شيء بشيء لمعنى من المعاني، أو لقدرٍ من الاحتجاج، فلا توسِّع أنت ذاك إلى شيء أوسع مما كان الكلام فيه؛ لأن هذا يعطيك لبساً في الفهم وأيضاً يوقعك في إشكالات علمية دائماً.

فالتنظير لا يكون دائماً على جهة التكامل أو التماثل ما بين الأول والثاني، وإنما قد يكون لجهة من الجهات، مثل ما ذكرنا في ورود الشَّبَه بين المنافقين وبين من يقول: (لا إله إلا الله) ولا يعرف، أو بين من يقول: (لا إله إلا الله) ويريد الاكتفاء بلفظها، وجه المشابهة: قلنا: إنه بالإجماع المنافق لم تفده كلمة (لا إله إلا الله) لم تفده في الظاهر أو في الباطن؟

هذا كلام معروف أنها لم تفده في الباطن، لكن هي لم تفده، ولو أفادته لنجا بها من النار، لكن لم تفده.
كذلك من قالها ولم يعلم معناها فإنها لا تفيده من باب أولى؛ لأنه اشترك مع المنافق في القول، والمنافق زاد عليه في العلم، وذاك جهل، فهذا قال لفظاً ظاهراً وجهل المعنى وذاك قال لفظاً وعلم المعنى، ومع ذلك في الدرك الأسفل من النار، لا يعني هذا أن ترتب جميع اللوازم على هذا التنظير، من أن تقول هؤلاء مسلمون ظاهراً فهل نحكم لهؤلاء بالإسلام الظاهر، إلى أشباه هذه الكلمة، وإنما هو القصد أن نمثل للقول بالقول.


[سؤال]:
نسمع في كتب العقيدة كثيراً ما يكررون قولهم: هذه المسألة شرك أصغر؛ لأنها اعتقاد السببية فيما لم يجعله الله سبباً لا قدراً ولا شرعاً كالحال في التمائم والطيرة، فهل هذه قاعدة مضطردة ؟

[جواب]:
هذه مسألة طويلة والجواب عليها يحتاج إلى وقت، لكن تلخيصها: أن في مسائل الشرك الأصغر نُرجع كثيراً ما يُحكم عليه بأنه شرك أصغر بالتعلق بالأسباب.

الأسباب منها شيء أَذن الله -جل وعلا- به، ومنها شيءٌ لم يأذن الله -جل وعلا- به شرعاً، هذا واحد.
والأسباب منها ما جعله الله -جل وعلا- كوناً وقدراً - يعني: في كونه وما جعل سنته عليه في الأشياء - ما جعله يعطي المسبب، ينتج النتيجة، ومنها ما جعله لا ينتج النتيجة التي يظنها الظان، مثلاً: الماء سبب لإزالة العطش أليس كذلك، الماء الحلو ؟ لكن الماء المالح لم يجعله الله سبباً كونياً لإزالة العطش، وإنما جعل الله -جل وعلا- الماء العذب هو سبب إزالة العطش، الماء والنار، الماء تطفيء النار، فإذا احتجت إلى إطفاء النار لا تأتي بنارٍ أخرى، وإنما تأتي بماء، يعني: جعل الله -جل وعلا- لكل شيء سبباً وجعل هذه الأسباب تنتج المسببات.


فمن جعل شيئاً من الأشياء سبباً لشيءٍ آخر لم يكن في الشرع سبباً له: فهذا مشرك الشرك الأصغر،بمعنى: في الشرع ليس هذا السبب جائزاً، أو لم يجعل في الشرع التعلق بهذا السبب أو استعماله جائزاً، فإنه يكون ذلك منه تعلق بسبب ليس بسبب شرعي فيكون شركاً أصغر مع ضميمة الشيء الثاني، وهو: أن يكون هذا السبب لا ينتج المسبب كوناً؛ لأن الأسباب قد تكون تنتج المسببات قدراً، ولكنها ممنوعة شرعاً، مثل الشفاء أو الاستشفاء بالمحرمات، يشرب الخمر فيتداوى بها، يسمع الموسيقى فينتفع بها في الدواء، هذه أسباب كونية قد تكون تؤثر في إنتاج مسباباتها، لكنها شرعاً ممنوع.

فمن استعمل سبباً كونياً في إنتاج المسبب الذي هو النتيجة فيما نعلمه كوناً أنه ينتج هذا السبب، نقول: هذا لا يجوز شرعاً وليس بشرك، لكن من جعل سبباً ليس بسبب كوني ولا شرعي وتعلق به فإنه يكون مشركاً الشرك الأصغر.
نرجع في تلخيص هذا: أن الأسباب:


منها: ما ينتج المسبب.

ومنها:ما لا ينتجه.

فإذا كان ينتج المسبب كوناً - يعني فيما تعارفه الناس - فتنظر هل أباحته الشريعة أم لم تبحه؟
فإن أباحته الشريعة:فهذا جائز استعماله؛ لأنه سبب شرعي وقدري، هذا نوع.


إذا لم تجزه الشريعة فيكون سبباً كونياً، مثل التداوي بالمحرمات ولكنه ليس بسبب شرعي فهذا نقول: غير جائز.

والحالة الثالثة: ما ليس بسببٍ، لا شرعي ولا كوني، فإن هذا يكون التعلق به شركاً أصغر، مثل تعليق خيط، يعلق خيطاً ويتعلق قلبه به ليدفع عنه العين.

ما علاقة خيط من حبال أو من قطن، ما علاقته بدفع العين؟
هذا ليس في الكون ما يثبت هذه السببية، وليس في الشرع أيضاً ما يجعل هذا السبب مأذوناً به، فيكون التعلق به شركاً، كذلك تميمة، تميمة طلاسم، أو تميمة بأشياء، أو تميمة وضع خرز، أو تميمة وضع جلد، أو إلى آخره، هل هذا السبب ينتج المسبب قدراً؟
لا ينتجه وهو غير مأذون به شرعاً، فإذاً اجتمع في أنه ليس بمأذون به شرعاً، وأنه لا ينتج المسبب قدراً، فصار التعلق به شركاً أصغر، يوضحه التميمة من القرآن، التميمة من القرآن هل هي شرك؟
ليست بشرك مع أنها تميمة،لكن اختلف العلماء هل يجوز تعليق التميمة من القرآن أم لا؟


هو بالاتفاق لا تسمى شركاً؛لأن التعلق بالقرآن من جهة كونه شفاء سبب كوني وسبب شرعي، صحيح تعلق بالقرآن، لكن تعليق القرآن وإن كان سبباً كونياً لكنه ليس بسبب شرعي، فلهذا لا يصح أن يطلق على تعليق التمائم من القرآن إنها شرك، ولكن نقول: الصحيح أنها لا تجوز.

[سؤال]:
ما رأيك في كتاب الأصنام للكلبي؟

[جواب]:
الكلبي متهم في حديثه، لكن من جهة الأخبار والتاريخ والأشعار يقبل العلماء ما يذكره من ذلك؛ لأنه أخباري أو إخباري، نسَّابة معروف، من العلماء المعروفين في التاريخ، يعني: في الأخبار وفي النسب، وما ذكره في (كتاب الأصنام) مما كان عند العرب أكثره صحيح، يعني: العلماء تتابعوا على النقل عنه.

[سؤال]:
يقول: أليس شرك أهل هذا العصر أعظم من شرك المشركين الأولين؛ لأنهم يعتقدون فيها أنها تنفع وتضر بذاتها؟
[جواب]:
لا شك، طائفة من أهل هذا العصر زادوا على المشركين - مشركي الجاهلية - بأشياء، كما ذكر ذلك الشيخ محمد رحمه الله في (القواعد الأربع) - في آخرها- القاعدة الرابعة: أن مشركي زماننا أعظم شركاً من المشركين الأولين؛ لأن الأولين يشركون بالله -جل وعلا- في الرخاء، أما في الضراء إذا أصابتهم الشدة توجهوا إلى الله وحده:
- كما قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}.
-قال جل وعلا: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد}.


-وقال -جل وعلا- في سورة يونس: {وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} إلى أن قال: {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} وشرك المشركين الأولين، يشركون في الرخاء، أما في الضراء فالمتجه إلى الله وحده، وأما أهل هذا الزمان فإنهم يشركون بغير الله في السراء والضراء.

[سؤال]:
ما حكم الصلاة في مكان فيه صورة أو تمثال ؟

[جواب]:
إذا كانت الصورة أو التمثال في غير جهة المصلي، يعني: في غير القبلة فالصلاة صحيحة، لكن في الجملة: الصلاة في مكان فيه صورة لا تجوز، صورة أو تمثال، يعني صورة معلقة أو تمثال منصوب أو نحو ذلك، في نفس المكان لا تجوز، لكن إذا لم يكن في جهة المصلي أو في بقعته - يعني: في مكان سجوده وصلاته - فإن الصلاة صحيحة؛ لأن النهي ما توجه إلى البقعة، قد علمت أن النهي يقتضي الفساد إذا كان راجعاً إلى شرط من شروط الصلاة، والبقعة من الشروط، لكن المقصود البقعة التي يصلي فيها لا ما حولها، والصحابة -رضوان الله عليهم- صلوا في الكنائس وفيها صور؛ لأنهم توجهوا إلى القبلة في مكانٍ ليس فيه صورة - يعني: في قبلتهم - لما صلوا.

[سؤال]:
هل عبادة الهوى شرك ؟

[جواب]:
عبادة الهوى من التأليه، من تأليه يعني تُؤله، لكن ليس كل طاعة للهوى شرك أكبر أو شرك أصغر، قد تكون طاعة الهوى معصية فقط، فإذا صارت طاعة الهوى هي عبادة غير الله مع ظهور الحجة - حجة التوحيد - صارت هنا شركاً أكبر، وذلك برجوعها إلى عبادة غير الله جل جلاله: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} تأليه الهوى أنواع، المعصية من طاعة الهوى، ولكن لا تسمى شركاً.

[سؤال]:
ما هو الإسلام العام الذي ذكرت بأن إبراهيم أتى به؟ وما الإسلام الخاص الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم ؟

[جواب]:
الدين عند الله -جل جلاله- الإسلام؛ كما قال سبحانه: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} والله -جل وعلا- لا يرضى إلا الإسلام {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}فآدم-عليه السلام- كان مسلماً، وجميع الرسل كانوا مسلمين، وجاءوا بالإسلام العام.

والإسلام العام معناه: التوحيد:هو الاستسلام لله -جل وعلا- بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله.

وهذا هو الذي تشترك فيه جميع الرسل، والإسلام الخاص المقصود به: ما شمل الإستسلام ذاك، ما شمل الإسلام الذي هو التوحيد والعقيدة والشريعة أيضاً التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا الكلام -الإسلام العام والخاص- تجده في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع كثيرة وفي أوائل (الفتاوى) تجد ذلك ماثلاً، يعني: الإسلام الخاص هو العقيدة والشريعة التي جاء بها محمد عليه الصلاة والسلام، والإسلام العام: هو الذي لا يرضى الله -جل وعلا- من أي أحدٍ من الخلق حتى قبل محمد -صلى الله عليه وسلم- إلا أن يكون مسلماً ذلك الإسلام العام {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً}.
[سؤال]:

من تقرب لغير الله بدون اعتقاد، فما حكمه في الإسلام ؟

[جواب]:
يكون مجنوناً، كيف يتقرب بدون ما يعتقد؟! يعني: يتحرك حركات وهو لا يعتقدها، ما الذي حركه؟ ما يمكن حركة تصدر من عاقل إلا بإرادة قلب، إرادة القلب هي المحركة، محبة القلب للشيء وإرادته هي المحركة.

معلوم أنه لا يحصل أي عمل من الأعمال إلا بشيئين:
- بإرادةٍ متميزة خاصة بهذا العمل.


- وقدرة تامة.
إذا صار عندك لأي عمل تريده إرادة واضحة متميزة، وعندك قدرة حصل العمل، وأما إذا تخلفت الإرادة وثَمَّ قدرة لم يحصل العمل.
حصل عندك قدرة وليس ثَمَّ إرادة ما حصل العمل أصلاً.
فإذا حصل عملٌ ما من المكلف: عُلم أنه أراده وكان قادراً عليه فأحدثه.
إذا عمل عملاً وصار غير مؤاخذ به: إما أن يكون من جهة أن إرادته لم تكن متمحضة، يعني: إما يكون مجنوناً أو ساهياً أو غافلاً أو نائماً، إلى آخره من عوارض الأهلية التي يرفع معها الحكم التكليفي، وإما أن يكون من جهة عدم إرادته للفعل، وأما القدرة فكانت من جهة الإكراه، والمكره أيضاً مرفوع عنه الحكم التكليفي في أكثر المسائل.
[سؤال]:

الذين يُحضِّرون الأرواح هل هم كفار؟ وبماذا يختلفون عن السحرة؟

[جواب]:
تحضير الأرواح هذا باب واسع، يزعم أنهم يحضرون الأرواح في الشرق والغرب، وتحضير الأرواح: يأتي واحد مثلاً لهذا ويقول له: أريد أن أرى أبي وأسمعه وأسأله، فَيُحَضِّر له روح أبيه فينظر تارة إلى صورة أبيه - شكل روح لا شكل جسم - وتارةً يسمع صوت أبيه دون رؤية، يسمع صوت أبيه المعروف، وهذا يكون من جهة الشياطين، هو تحضير للأرواح لكن لأرواح الشياطين التي تعلم ذلك من أبيه.

[سؤال]:
هل الذي يخاف من الجن ومن أذيتهم يعتبر مشركاً؟
[جواب]:

هذا فيه تفصيل، الخوف الطبيعي لا حرج على المرء فيه، لكن إذا خافهم خوف السر أن يصيبوه بشيءٍ سراً بقدرتهم عليه وبقدرتهم على ذلك، أن يميتوه بدون أسباب، بشيء سري كما يقدر عليه الله -جل وعلا- هذا هو الشرك.

أما الخوف الطبيعي من أن يضروه: فهذا ليس بشرك، الخوف الطبيعي، لكن الخوف الطبيعي يكون له أسبابه الظاهرة، لكن هو يخاف هكذا من دون شيء، إنما خوف من أرواح الجن بدون أسباب ظاهرة تدل على ذلك، هذا لا شك أنه قد يكون شركاً أصغر، وقد يكون شركاً أكبر، بحسب الحال.

والشرك الأكبر في الخوف هو خوف السر، يعني: أن يخاف أن يصيبه ذاك سراً، بما لا يقدر عليه إلا الله جلّ وعلا.

[سؤال]:
هناك من الصالحين من يكون في دياره في يوم عرفة ويرى في عرفة في نفس الوقت، وإذا سئل عن ذلك يقول: نعم، ذهبت إلى مكة، فكيف يكون أحدهم جنياً؟ علماً بأنه يثبت الذهاب إلى مكة، وإذا أثبت هل يصدق؟

[جواب]:
يحكى أن ثلاثة من أجناس هؤلاء الذين يزعمون أنهم يذهبون في وقت قصير مع خادمٍ لهم غلام، فأحضر لهم طعاماً فأكلوه كله، ولم يبقوا له شيئاً، وبقيت الفاكهة، فقالوا بعدما شبعوا: نترك الفاكهة إلى الصباح، وهذا الغلام ما دعوه ليأكل ولا أبقوا له شيئاً.

فلما كان في الليل جاع فتناول الفاكهة كلها؛ لأنه جائع، فلما أتى الصباح، أتى الغلام لهؤلاء المشايخ من جنس هذا الذي يقول: أنا ذهبت إلى مكة وهو في دياره، اجتمعوا فصار كل واحد يظهر فضيلته.
فقال أحدهم:أنا اليوم - هم كانوا أظنهم في الشام بحسب القصة، موجودة في بعض الكتب - قال أحدهم: أما أنا فصليت الفجر الليلة في مكة في مقابلة الكعبة.


وقال الثاني:أما أنا فصليت اليوم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والآخر:أراد أن يفضلهم فأبعد، قال: أما أنا فصليت الفجر اليوم في مسجد كذا في المغرب، وهذا الغلام ينظر إليهم، وهم يريدون أن يقنعوه بذاك أو بعضهم يقنع بعضاً، فلما انتهوا من هذا قالوا يا غلام: هات الفاكهة.

فقال:الفاكهة سرقت البارحة.

فقالوا له: لِمَ لمْ تطلبنا ؟
فقال: أحدكم في مكة والثاني في المدينة والثالث كذا.. ناديت.. ناديت فما جاءني أحد، فسكتوا.
المقصود:أن هؤلاء يختبرون، فإذا اختبروا بان الصدق، اختبارهم بالدنيا، اختبرهم بالدنيا، أما وجود جسم في مكانين في وقت واحد فهذا محال.


[سؤال]:
هل إذا طلب إنسان الدعاء من إنسان آخر وذلك بنية أن الذي طلب منه الدعاء دعوته مجابة بخلاف الأول، هل ذلك من الشرك ؟

[جواب]:
طلب الدعاء من المخلوق جائز في أصله إذا كان ذلك المخلوق حياً يقدر على الدعاء، وجاء في السنن في حديثٍ يحتج به أهل العلم وإن كان في إسناده ضعيف: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لعمر: ((لا تنسنا يا أخي من دعائك)) وثبت أيضاً في (صحيح مسلم) أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال عن أويس القرني: ((من استطاع منكم أن يدعو له فليفعل)).

وهذا يدل على أن جنس الطلب - طلب الدعاء - من الحي جائز، والنبي -عليه الصلاة والسلام- طلب منه الصحابة الدعاء فدعا لهم، لكن هناك قول لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو: أن طلب الدعاء من الحي تركه أولى، إلا في حال أن يكون من طلب الدعاء من الآخر يأمل نفعه ونفع الداعي معه، يقول: إذا كان الطالب يأمل نفع الداعي ونفع المدعو له جميعاً جاز، لكن إذا كان يطلب نفعه وحده باعتقادٍ في ذاك المسئول فإن هذا تركه أولى.
وقول السائل هنا: (من دعوته مجابة) هذه الكلمة (دعوة فلان مجابة أو فلان من مجابي الدعوة): المقصود منها الغالب، ليس المقصود منها أنه لا يدعو بدعوة إلا يجاب، المقصود منها أكثر أموره، يعني: إذا دعا أجيب في أكثر ما يدعو به، وإلا كما ذكرت لك فإن الأنبياء - وهم من مجابي الدعوة، بل هم أفضل من مجابي الدعوة من أقوامهم - ردت بعض دعواتهم كما ذكرت، فإجابة الدعاء منوط بأسباب شرعية وقدرية، ولله -جل وعلا- الحكمة البالغة.


قد روى ابن جرير -رحمه الله- في (تهذيب الآثار) وفي غيره أيضاً: أن حذيفة لما سئل من قبل بعضهم أن يدعو حذيفة لذاك، فدعا له؛ ثم سئل مرة آخرى فنفض يديه، وقال: (أنبياء نحن) إنكار لتكرر طلب الدعاء ممن هو دون الأنبياء، هذا ظاهر، فالاعتقاد في فلان أنه مجاب الدعوة يسأل: ادع لنا يا فلان، ادع لنا، هذا قد يكون من أسباب الاعتقاد فيه بعد مماته، فإذا سئل مرة، مرتين ونحو ذلك، أما أن يجعل فلان يقال له دائماً: ادع لنا يا فلان، هذا غير طريقة السلف.
[سؤال]:

أليس الإقرار بتوحيد الربوبية يستلزم الإقرار بالألوهية؟ فلماذا لم يؤمن المشركون بتوحيد الألوهية ؟

[جواب]:
نعم، توحيد الربوبية يلزم منه أن يوحد المرء في الإلهية، هذا لازم قطعي، لكن أولئك ما التزموه، ولذلك في القرآن جعل -جل وعلا- من البراهين الدالة على توحيد الألوهية إقرار المشركين بتوحيد الربوبية، كما جاء في الآية - آية يونس التي ذكرنا - قال جل وعلا: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}إلى قوله:{فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ} يعني: مرتباً على قولهم على تلك الإجابة: {فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} يعني: الشرك.

-وقال -جل وعلا- في سورة الزمر: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.

-وفي سورة النمل قال جل وعلا: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}.

- {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} إلى أن قال: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
فدليل وجوب توحيد الله -جل وعلا- في العبادة أنه -جل وعلا- هو الواحد في الربوبية، وأنه لا رب معه، ولا رب سواه، سبحانه وتعالى، فمن أيقن بذلك على الحقيقة فإنه يقوده إلى توحيد العبادة، لكن ما قاد أكثر العرب وإنما قاد ذاك من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم، والأكثرون أعرضوا عن تلك الحجة.
توحيد الإلهية متضمن لتوحيد الربوبية، وتوحيد الربوبية لمن نظر فيه وعقل مستلزم لتوحيد الإلهية،تنظر للسموات من خلقها؟ تنظر للأرض من خلقها؟ إلى نفسك من خلقك؟ إلى من حولك، فليس ثَّم جواب إلا أن الخالق هو الله جل وعلا، دليل حتمي ضروري لا يستطيع عاقل أن يخرج منه وهو متجرد من الهوى، لا يستطيع أن يخرج منه، دليل حتمي على أن الله -جل وعلا- هو الرب سبحانه وتعالى، إذا كان كذلك وأن الخلق لم يخلقوا شيئاً؛ وإنما هو -جل وعلا- الخالق وحده، وهو الذي يملك الأمر وحده، فيجب أن تتعلق القلوب به -جل وعلا- وحده دون ما سواه، وأن يكون الحكم إليه -جل وعلا- وحده دون ما سواه في العقيدة وفي الشريعة.

مسلمة 12 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م 07:58 PM

أسئلة:
مسألة الكفر الظاهر والكفر الباطن: هنا سؤال فيه طول بعض الشيء، ونقل قول بعضهم.
الكفر الظاهر والباطن هو الذي ذكرت لكم تفصيله، وأن الجاهل قد يكفر، قد يكون جهله عن إعراضٍ مع وجود من ينبه، مثل -مثلاً- واحد في هذه البلاد يجهل التوحيد، ويعمل الشرك مع قيام الحجة وقيام الدعوة، وكلٌّ يبلغ، وأهل العلم يبلغون، وهم موجودون في المجلات وفي الصحف وفي مناهج التعليم، وفي كلماتٍ، وفي الإذاعة، إلى آخره.
فهذا، من أعرض مع تمكنه من السؤال وطلب الحق، هذا لا شك أنه لا يعذر بالجهل في هذه المسألة؛ لأن جهله لا بسبب عدم وجود من ينبهه، ولكن بسبب إعراضه أصلاً عن هذا الأمر، أما إذا جهل لأجل أنه لم يأت من ينبهه فهذا هو الذي ذكرنا لكم قول الشيخ رحمه الله فيه: (وإن كنا لا نكفر من عند قبة الكواز؛ لأجل عدم وجود من ينبههم).
والكفر إنما قلنا كفر ظاهر وباطن تبع لقول بعض أئمة الدعوة،كالشيخ ابن معمر وغيره، وهو ظاهر كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بعض المواضع، وتفصيل هذه المسألة يأتي إن شاء الله تعالى في مسألة الإباء والإعراض وأشباه ذلك.
[سؤال]:
هل هناك فرق بين المشرك والكافر؟
[جواب]:
نعم، الكافر قد يكون كافراً بلا شرك، مثل: من ارتكب شيئاً من الأمور التي يرتد بها - غير الشرك - فإنه يكون كافراً ولولم يحصل منه شرك، فالشرك كالشرك في العبادة، والكفر قد يكون ببعض ما يحكم عليه بالكفر والردة، ولكن ليس ثم تشريك.
إذاً: لو راجعت باب حكم المرتد في كتب أهل العلم لوجدت أن من أحوال الردة الشرك، قد يكفر بغير ذلك، طريقة أئمة الدعوة -رحمهم الله- والعلماء أنهم يحكمون عليهم بالشرك، يقول: هؤلاء مشركون قبوريون خرافيون، لكن الحكم بالكفر هذا أدق، فإذا حكمت عليهم بالشرك: عبدة القبور مشركون، أو نقول: هؤلاء الذين عند قبة كذا، أو عند مشهد كذا، هؤلاء مشركون، خرافيون قبوريون، وما أشبه ذلك.

أما التعبير بالكفر فهذا أخص، لهذا يحتاج إليه في الحكم، فهو لأهل العلم، فطالب العلم يستعمل لفظ الشرك والخرافة والقبورية؛ كما هو طريقة أهل العلم في ذلك.
أما التكفير فله شروطه وله ضوابطه،والتفصيل ما بين الكفر الظاهر والباطن في مثل هذه الأحوال، طبعاً فيه فرق بين القاعدة المعروفة عندكم أن هناك فرقاً بين تكفير الجنس وتكفير المعين.
تكفير الجنس نقول: عباد القبور الذين يعبدونها ويتقربون إلى المشاهد بأنواع العبادات، نقول: هؤلاء كفار، لكن إذا احتجنا الكلام على معين لابد أن يكون ثم تفصيل فيه.
فإذاً: الحكم على الجنس غير الحكم على المعين.

كذلك الحكم على الفعل غير الحكم على الفاعل، وليس كل من قام به الكفر كافر، وليس كل من قام به الفسق فاسق، من جهة الحكم الأخروي هو فاسق من جهة الظاهر، مشرك من جهة الظاهر، كافر من جهة الظاهر، لكن قد لا يكون فاسقاً من جهة الحكم التام، يعني: الدنيوي والأخروي، إلى آخره.
فإذاً: هناك فرق بين الأحكام الدنيوية الظاهرة والأحكام الباطنة، في أمثال ذلك.

[سؤال]:
ما حكم لعن الشيطان ؟
[جواب]:
مختلف فيه:
-من أهل العلم من يجيزه؛ لأن الله-جل وعلا- لعنه، قال جل وعلا: {وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَرِيداً (117) لَعَنَهُ اللَّهُ} .
-ومن أهل العلم من منعه بناءً على حديث في الباب: ((لا تلعنوا الشيطان فإنه يتعاظم)) وهذا الحديث صححه بعض أهل العلم من المعاصرين، وإن كان غير معروف في كتب السنة المشهورة، وإنما رواه تمام في فوائده، وغيره.
المقصود:أنه مختلف فيه ـ لعن الشيطان ـ وفي الجملة: المسلم لا يكون لعاناً، لا يلعن حتى من يستحق اللعن لا يختار لعنه؛ لأن استحقاق اللعن من جهة الجواز لا من جهة الوجوب.

مسلمة 12 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م 08:00 PM

أسئلة:

[سؤال]:
يقول: شخص ذهب إلى القبر، ولكن لم يدع صاحب القبر، ولكنه التجأ إلى الله بإخلاص وصدق أن يكشف كربته، ولم يكن لصاحب القبر عند الدعاء شيءٌ في قلبه، ولكن دعا الله بصدق، هل هذا العمل جائز؟

[جواب]:
الجواب أن هذا العمل بدعة وخيمة ووسيلة من وسائل الشرك؛ لأن تحري إجابة الدعاء عند قبور الصالحين والأولياء، هذا يفضي إلى اعتقاد أن لهم حرمة، وأن لمكان قبرهم خصوصية، فيؤدي إلى التوسل بهم وإلى الاستغاثة أو الاستشفاع بهم.

فالله -جل وعلا- يُسأل الحاجات في أي مكان، وأعظم الأمكنة التي يدعى الله -جل وعلا- فيها المساجد، فهي أحب البقاع إلى الله، فمن أراد أن يجاب طلبه، وأن يعطى ما سأل:

-فليتحر الأمكنة التي يحبها الله جل وعلا، المساجد وشبه ذلك، وحلق الذكر.



-وليتحر أيضاً أوقات الدعاء التي يجاب فيها.

-ويتحر الدعاء الجامع.

- ويتوسل إلى الله -جل وعلا- بأسمائه وصفاته، ويكون عنده اضطرار، وأشباه ذلك مما هو من أسباب إجابة الدعاء.

أما من دعا عند قبرٍ لنفسه، دعا الله جل وعلا - ولو كان مخلصاً - فإنه مبتدع، آثم على أمر أكبر من الكبائر.

القبر ليست الفائدة منه أن تدعو عنده، القبر الفائدة منه أن تتذكر الآخرة ((زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة))((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة)).
والزيارة المشروعة هي التي فيها تذكر، والسلام على الأموات المسلمين، وسؤال الله -جل وعلا- لهم، والدعاء للميت، ويجوز أن يدعو لنفسه عرضاً مع الدعاء للميت دون القصد، فأما أن يتحرى الدعاء عند القبور فهو بدعة، أو أن يقصد الدعاء لنفسه عند القبور فهو بدعة أيضاً، لكن يدعو لنفسه عرضاً مع الدعاء للميت، كما كان -عليه الصلاة والسلام- يقول إذا زار القبور: ((نسأل الله لنا ولكم العافية)) فهذا على جهة العرض لا القصد.



[سؤال]:
هل يجوز التوجه بالدعاء إلى الله بالتوسل بجاه محمد صلى الله عليه وسلم، أو بحق الصالحين من عباد الله؟

[جواب]:
الجواب أن التوجه أو التوسل في الدعاء بالجاه بدعة، ووسيلة من وسائل الشرك، فلا يجوز أن يدعو متوسلاً إلى الله بجاه نبيه، أو بجاه عبدٍ صالح، أو بالحرمة، أو بالمكانة، أو ما أشبه ذلك.

والاعتداء في الدعاء بأن يدعو بما لم يؤذن به، هذا من جهة.

والثانية: أن هذا الدعاء وسيلة إلى الشرك بهؤلاء، باعتقاد عظمتهم أو أنهم يشفعون أو ما أشبه ذلك.



والثالث:أن السؤال بالجاه، بجاه فلان وبحرمته سؤال بأمر أو بشيء أجنبي عن السائل والداعي، والمشروع أن تسأل بشيء لك أو بشيء تملكه، كالسؤال والتوسل بالعمل الصالح، أو أن تسأل بأسماء الله -جل وعلا- وبصفاته، أو أن تسأل الله -جل وعلا- بإيمانك وطاعتك لله، فهذا توسل بأمر لك، وليس بأجنبي عنك، وعمل غيرك وحرمته وجاهه له، وليس لك، ولهذا ترك الصحابة - رضوان الله عليهم - هذا السؤال وهذا الدعاء؛ فإنه اعتداء وبدعة ووسيلة إلى الشرك.

[سؤال]:
هل يمكن لأهل السنة والجماعة أن يستخدموا كلمة (إله) بمعنى محير؟

[جواب]:
لا، لا يمكن؛ لأنها صارت لها معنى شرعي، جاءت في النصوص بمعنى معبود، فلا تستخدم تلك الكلمة في غير ما جاءت في النصوص، لكن نقول: هذا المعنى هم قالوا: إنه وردت في اللغة على شكل شاذ، بمعنى إذا ورد في نص، يعني: في شعر أو خطبة من خطب العرب أونحو ذلك فنفهم المعنى بمراجعة كتب اللغة، أما كلمة (إله) فهي لا نستخدمها إلا بمعنى المعبود، (إله) بمعنى مألوه معبود.

[سؤال]:
يقول: ما الفرق بين أن يدعو أحد الله بأبي بكر أو بعمر أو أن يدعو بواسطة أبي بكر وعمر؟

[جواب]:
أنا نبهتكم على هذا، التوسل بغير الله في الدعاء له قسمان:

الأول:أن يسأل الله بذات فلان، أن يسأل الله بجاهه، يعني يقول: في دعاءه في المسجد أو في بيته أو في أي مكان -، اللهم إني أسألك بمحمد عليه الصلاة والسلام، أسألك برسولك محمد، أسألك بأبي بكر، أسألك بعمر، أسألك اللهم بعثمان أن تعطيني كذا وكذا فيكون هو قد سأل الله، ولكن جعل وسيلته فلاناً، يعني: عمل فلان، وعمل فلان له، عمل النبي صلى الله عليه وسلم له، عمل أبي بكر له، عمل عمر له، فلا مناسبة بين سؤالك وسؤاله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ما أرشد إلى هذا.

بهذا نقول: هذا النوع بدعة ولا يجوز؛ لأنه لا مناسبة بين عمل فلان وعملك، ما بين ما عمله وقدمه وما بين ما عملت.

أو يسأله بجاهه فيقول: أسألك اللهم بجاه نبيك، بحرمة نبيك، بجاه أبي بكر، بجاه فلان من الصالحين، أن تعطيني كذا وكذا، هذا أيضاً بدعة، واعتداء في الدعاء، ووسيلة إلى الشرك، وهو القسم (الأول).
القسم الثاني: وهو شرك أكبر، أن يكون معنى التوسل أن يسأل الله متوسطاً بفلان، ما يقول: اللهم أعطني بفلان، لا، يقول: يا فلان اشفع لي عند الله، اللهم أعطني كذا وكذا بشفاعة فلان لي، هذا التركيب جميعه.



أو يقول: يا نبي الله اسأل الله لي كذا وكذا، يا حسين اشفع لي عند الله بكذا وكذا، يا عبد القادر أسألك أن تسأل الله لي كذا، اشفع لي بكذا، يكون قد صلى - مثلاً - عند قبته، عند قبره ركعتين تقرباً أو طاف أو ذبح أو نذر أو من دون ذلك، فهذا معنى الوساطة، الوساطة: يعني أنه طلب منهم الوساطة، طلب منهم الزلفى، طلب منهم الشفاعة، فرْق بين أن يسأل الله بهم وبين أن يتوسط عند الله بهؤلاء، فالسؤال بهم أن يقول: اللهم أسألك بنبيك، أسألك بأبي بكر، هذا بدعة ووسيلة إلى الشرك واعتداء في الدعاء.

أما لو سأل هذا أن يشفع له عند الله أو تقرب إليه بشيء من العبادات ليشفع له عند الله، فهذا هو الشرك الأكبر الذي عناه الشيخ بما ذكر.
[سؤال]:


ما هي أصول المناظرة مع مدعي الشبهات؟

[جواب]:
طبعاً المحاجة والمجادلة فن، ولها علم خاص بها، علم البرهان وعلم الحجاج، وهي من علوم المنطق، أو من علوم الفلسفة بالعموم، وعلوم المنطق بالخصوص، تحتاج إلى فهم؛ لأنه لا بد من ترتيب المقدمات، يعني تهتم في الجواب سواءً في الفقه، في أي حجة تريد إبطالها، أو تريد مناقشتها.

أولاً:تأتي بالمقدمات جميعاً، وتنظر هل النتيجة بنيت على هذه المقدمات مجتمعة، أو على واحد منها، فإن كانت عليها مجتمعة نظرت في صلة المقدمات بعضها ببعض، فإن وجدت سبيلاً إلى الطعن فيها كان هذا أقوى حجة.

لهذا: شيخ الإسلام مع المتكلمين والفلاسفة يأتي للمقدمة ويطعن فيها، لما بنيت عليه النتيجة، يطعن فيها بالعقل، ويطعن فيها أيضاً بالنقل، إذا كانت المقدمات كل واحدة أنتجت نتيجة، فتناقش كل مقدمة على حدة، إذا كانت هذه المقدمات ظنية ناقشتها مناقشة الظنيات، إذا كانت أنها قطعية أيضاً نظرت في النتيجة التي نتجت عنها وتناقشها، هنا ترتب الحجاج بالأسهل فالأسهل، لا تأتي بالأصعب ثم الأسهل، ثم آخر شيء أسهل، لا، بل تبدأ بالمتفق عليه، بالأسهل قبولاً ثم بما بعده.

فإذا أتيت لمناقشة واحد،حتى عندك في البيت، أو في مجلس، يأتيك مثلاً في كلامك، يأتي إلى جزئية ويمسكها، تأتي أنت تنشغل عن الكلام كله وهو مهم، ويشغلك بجزئية في كلامك تذهب تناقشه في الجزئية وتضيع لب الموضوع.



هذا تكون أنت ضعيفاً في الحجاج وفي النقاش؛ لأنه أضاع عليك الأصل بجعلك تلتفت إلى جزئية، وهذا الآن الذي - مع الأسف - أهل الصحف والمجلات أغرقوا كثيراً من الذين يكتبون كتابات إسلامية بشبهات صغيرة، والتأصيل العام لا يناقش، فيأتي في كلام، يعني في شبهة فرعية من فروع الإسلام، فرع من الفروع، أو كذا، ويستغرقون ويسلطون عليه الضوء ويناقشونه، ويناقشه، وتناظر ورد وأخذ وعطاء ليشغلوا الناس بذلك، لكن أين أصول الإسلام ؟

هناك تحجب؛ لأنها لو نوقشت الأصول صار الكلام فيها أقرب وأوضح، وصارت الحجة فيها من جهة العمل أقوى، وإقامة الحجة على المخالف أوضح، بخلاف الفرعيات.
الفروع كثير الخلاف فيها،والجزئيات قد ما تصل مع المخالف فيها إلى نتيجة واضحة، فينتبه الذي يجيب على الشبهات، أو يحاج أي مخالف، أو أي صاحب شبهة، سواء في الأصول، يعني: في التوحيد، أوفي الفروع، في الفقه، فإنه ينبغي له أن ينتبه كيف يورد الجواب، وكيف يرتب الأجوبة، حتى يكون ذلك أبلغ في التأثير.

مسلمة 12 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م 08:01 PM

أسئلة:

[سؤال]:
يقول: ما رأيك فيمن ينسب لشيخ الإسلام ابن تيمية أن سؤال الميت أن يدعو الله لك ليس من الشرك الأكبر بل هو بدعة؟

[جواب]:
هذا جاء في كلام شيخ الإسلام، صحيح، لكن البدعة يريد بها البدعة الحادثة، يعني: التي حدثت في هذه الأمة، وليس مراده -رحمه الله- بالبدعة أنها البدعة التي ليست شركاً؛ لأن البدع التي حدثت في الأمة، منها بدع كفرية شركية، ومنها بدع دون ذلك.

فإذاً قوله: (وأما سؤال الميتِ أن يدعوَ اللهَ للسائل فإنه بدعة) يعني: هذا حدث في هذه الأمة، حتى أهل الجاهلية ما يفعلون هذا، ما يقولون: ادعُ الله لنا، إنما يقولون اشفع لنا، فمسألة أن يطلب من الميت الدعاء هذه بدعة حدثت، حتى عند المشركين ليست عندهم، حتى أهل الجاهلية ليست عندهم، بل حدثت في هذه الأمة، وإنما كان عند أهل الجاهلية الطلب بلفظ الشفاعة (اشفع لنا) يأتون ويتقربون لأجل أن يشفع، يتعبدون لأجل أن يشفع، أو يخاطبونه بالشفاعة، فيقولون: اشفع لنا بكذا وكذا، أما: ادعُ الله لنا، هذه بدعة حدثت في الأمة.
فكلام شيخ الإسلام صحيح أنها بدعة محدثة، وكونها بدعة لا يعني أن لا تكون شركاً أكبر، فبناء القباب على القبور وسؤال أصحابها، والتوجه إليها على هذا النحو الذي تراه من المشاهد، والحج إلى هذه المشاهد، وجعل لها مناسك كله بدعة، يقول: بدعة حدثت في هذه الأمة، وهي - يعني: سؤالها، سؤال أصحاب هذه المشاهد، والذبح لها، وعلى هذا النحو الموجود - لم يكن موجوداً في الجاهلية على هذا النحو، وإنما كانت عبادتهم للأموات على شكل أصنام وأوثان والتجاء للقبور وأشباه ذلك، لكن ليس على هذا النحو، فلم يكن أهل الجاهلية يحجون كالحج إلى بيت الله الحرام، يحجون إلى مشهد أو إلى قبر أو ما أشبه ذلك، نقول: هذه بدعة، لكن هل يعني أن ذلك ليس شركاً أكبر؟ لا؛ لأن البدع منها ما هو مكفر.
[سؤال]:

ما حكم إطلاق لفظ (خير خلق الله جميعاً محمد صلى الله عليه وسلم) ولفظ: (سيد الخلق وحبيب الله)، و(الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم) ؟!

[جواب]:
هو -عليه السلام- سيد ولد آدم، وأشرف الأنبياء والمرسلين، وخير خلق الله جميعاً عندنا؛ لأن الصحيح عندنا في مسألة التفضيل بين الملائكة والرسل والأنبياء، أن الرسل والأنبياء أفضل من الملائكة، ولا نقول: البشر أفضل من الملائكة، بل نقول: الأنبياء والرسل وأولياء الله أفضل من الملائكة، فلهذا يصح أن نقول: خير خلق الله محمد عليه الصلاة والسلام، وهو -عليه الصلاة والسلام- سيد الخلق، وهو حبيب الله وخليل الله.

[سؤال]:
يقول: قول القائل: (اللهم إني أسألك بحق جبريل عندك أن تفعل لي كذا وكذا) هل يجوز ؟!

[جواب]:
هذا سؤال بالحق وبالجاه وأشباه ذلك، وهو سؤال بأمر أجنبي، قد ذكرت لكم أن هذا ممنوع من ثلاثة أوجه، فمن سأل الله بحق فلان، بحق ملك أو نبي، سأله بأمر أجنبي عنه، وهؤلاء لهم منزلة عند الله - لا شك - وجاه، ولكن ليس هذا الحق لك، وسؤالك به سؤال بأمر خارج عنك، فسؤال العبد ربه -جل وعلا- متوسلاً يكون بأسماء الله -جل وعلا- وصفاته؛ لأن هذا سؤال بإيمانه بالأسماء والصفات، وإيقانه بها، وإقراره بذلك، ووصف الله -جل وعلا- بذلك وتسميته بها، وسؤال أيضاً بالعمل الصالح، تسأل الله -جل وعلا -بأعمالك الصالحة، أما سؤالك الله بعمل غيرك الصالح، أو بِمُقَامه عند الله، أو بمنزلته عند الله، فهو سؤال بأمر أجنبي؛ ولذلك صار اعتداءً في الدعاء وبدعة وخيمة ووسيلة أيضاً إلى الشرك.

[سؤال]:
يقول: هل يجوز لي الاستشفاع بأحد من الخلق مثل طلبة العلم؟ وهل تأذن لي في الاستشفاع بك في دعائي؟!

[جواب]:
نحن نذكر في هذه الدروس من أولها إلى آخرها أن مثل هذا لا يجوز، وأن مثل هذا بدعة، حتى لو استشفعت بحي، سواءً كان صالحاً أو عالماً أو من تظن فيه، هذا كله من البدع المحدثة في الدين، إنما تسأل الدعاء - على قول بجوازه - تقول: يا فلان ادع الله لي، هذا الذي يجوز في الحياة، مثل ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((يا عمر لا تنسنا من دعا~ئك)) والعلماء مختلفون، هل يجوز طلب الدعاء من الحي مطلقاً؟ أم يجوز في بعض الأحوال؟ أم هو مكروه؟ على أقوال.
والسلف الصالح -رضوان الله عليهم- ما كانوا يأذنون لأحد أن يطلب منهم الدعاء، فقد جاء مرة رجل لـحذيفة، فقال: ادع الله لي، فدعا له، فجاءه آخر مرة أخرى، فصاح في وجهه فقال: (أأنبياء نحن)؟

فإذا ساغ مرة فلا يسوغ أن يؤتى فلان- حتى ولو كان صالحاً أو عالماً أو كان يَظن فيه هذا ظنَّ خير - أن يطلب منه الدعاء دائماً، والمسئول - أيضاً - الدعاءَ يجب عليه أن ينكر مثل ما أنكر حذيفة، حتى لا تتعلق القلوب بغير الله.
مرة يحصل ذلك فلا بأس، إلا في حال ذكرها شيخ الإسلام -رحمه الله- حيث قال: (إن طلب الدعاء يجوز إذا كان من طلب الدعاء من غيره يريد منفعة ذلك الغير، ولا يريد منفعة نفسه، وعلى هذا يحمل طلب النبي -صلى الله عليه وسلم- من عمر أن يدعو له؛ لأن هذا فيه إحسان إلى السائل، فإذا أردت لفلان مثلاً من الناس أن يدعو لك لكي ينتفع هو بتأمين الملائكة له بقوله: ولك بمثل هذا وأشباه ذلك، يقول شيخ الإسلام: هذا هو الجائز، أما الدعاء أصلاً (يا فلان ادع الله لي) (لا تنسنا من دعائك) ونحو ذلك، فيقول شيخ الإسلام: (هو مكروه، وإن قيل بجوازه فإنه ليس على وجه الديمومة).
أما طلب،يقول القائل في دعائه: (أستشفع بفلان)، أو (يا فلان اشفع لي) وهو غائب، فهذا شرك، شرك بالله جل وعلا، ولا يجوز أن يحوم حول مثل هذه المعاني ذهن طالب علم أو موحد، ولو قيل مثل هذا لعامي من العامة من أهل نجد أو من غيرهم ممن عرف التوحيد لصاح في وجه من قال به؛ لأن هذا هو الشرك أو وسيلة الشرك، فينبغي أن ينتبه لمداخل الشيطان على النفوس.

[سؤال]:
يقول: من يرى عليه سمات الصلاح تقول العامة له: زرنا تحصل البركة، هل هذا جائز؟!

[جواب]:
البركة كما هو معلوم نوعان:

1-بركة ذات.

2-وبركة عمل وإيمان وصلاح.

بركة الذات بمعنى: أن أجزاء الذات تكون مباركة، فإذا لمست هذا المبارك الذات انتقلت لك بركة، وحصل لك بركة وانتفاع من ذاته، من شعره، من عرقه، من بدنه، فهذه ليست إلا للأنبياء والمرسلين، فهم الذين يتبرك بذواتهم، بعرقهم، ببقية سورهم، بدمهم، إلى آخره، فهذا لا بأس به؛ كما جاء ذلك في السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والنوع الثاني من البركة: بركة عمل، وهذه لكل مؤمن بركة راجعة إلى عمله الصالح، وذلك من جهة إيمانه وتقواه وصلاحه وعمله الصالح، فلكل مؤمن بركة بقدر ما عنده من الإيمان والعمل الصالح، مثل ما جاء في الحديث الذي رواه البخاري وغيره: أن أسيداً قال لأبي بكر لما نزلت آية التيمم في قصة عائشة المعروفة - تخفيفاً على الأمة - قال: (ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر).

وثبت أيضاً في البخاري وفي غيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن من الشجر شجرة بركتها كبركة المسلم)) فدل على أن كل مسلم فيه وله بركة.
ولما تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- صفية وأعتق قومها وجعل عتقهم صداقها قال: (فلم تكن -أو معنى ما جاء، يعني: -لم تكن امرأة لها بركة على قومها أعظم من بركة صفية) فدل هذا على أن كل مؤمن له بركة، بركة عمل.
فإذاً: إذا أتى رجل صالح أو زارك أحد من إخوانك المؤمنين، وقال قائل: حلت البركة أو جاءت البركة، يعني: أن هذه الزيارة عمل صالح والعمل الصالح مبارك، وهذا العبد الصالح إذا جاء وقال القائل: حلت البركة، يعني: لأنه إذا جاء العبد الصالح فإنه سيشغل أهل البيت في زيارته لهم بما ينفعهم في آخرتهم، فهذه من بركة إيمانه وعمله الصالح، فلا بأس.
أما بركة الذات فليست إلا للأنبياء والرسل عليهم صلوات الله وسلامه.


مسلمة 12 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م 08:01 PM

أسئلة:

[سؤال]:
يقول: في هذا العصر نجد من الدعاة إلى الله من مكث سنين طويلة يكتب للإسلام بنية صالحة حتى وفاته، وعليه بعض الأخطاء في العقيدة والمنهج، هل يمكن أن نقول بعد كل ما فعل بأن منهجه غير إسلامي؟

[جواب]:
بالنسبة للذين يكتبون وعليهم أخطاء، ننظر فيه -يعني: فيما يخص بحثنا اليوم- ننظر: هل هو معادٍ للتوحيد؟ هل هو يحسِّن الشرك أو يهون من شأنه؟ فإن كان كذلك: فلا كرامة، أو على الأقل نقول مثل ما يقول علماؤنا الأوائل، إذا واحد - مثلاً - ما يعرفونه بتحقيق التوحيد، ولا بنصرة التوحيد، يقولون: ما نعرفه بشيء، يسكتون عنه، لا يمدحون ولا يذمون، إذا ما حقق التوحيد ولا دعا إليه في بلدٍ فيها الشرك بالله جل وعلا.

وكلمة (منهجه غير إسلامي) لأن كلمة إسلامي هذه دخل فيها فئات كثيرة، دخل فيها أصناف من الناس، منهم من هو قريب، ومنهم من هو متوسط، ومنهم من هو بعيد، فهي كلمة لا تقال، يعني: منهجه غير إسلامي كلمة فيها سعة.
[سؤال]:

لقد قلت: إن أحمد زيني دحلان من الذين يدافعون عن الشرك، لهذا المذكور كتب في علوم الآلة مثل النحو، فهل ننتفع بها؟

[جواب]:
لا، علماء المشركين لا تنتفع منهم بشيء؛ لأن الانتفاع منهم بشيء يجعل في القلب شيئاً من التعاطف معهم، وهذا مخالف لما يجب من البراءة منهم، فمثل كتاب أحمد زيني دحلان هذا في النحو ليس بشيء، وثَّم كتب كثيرة جداً بالمئات تغني عنه.

أحمد زيني دحلان
له كتاب سماه (الدرر السنية في الرد على الوهابية) وكان مفتي الشافعية في مكة، وبسببه - بسبب هذا الكتاب وبسبب مؤلفه - انتشرت الدعايات السيئة على هذه الدعوة وعلى إمامها رحمه الله تعالى.

كان إذا أتى الناس إلى الحج جمعهم مفتي الشافعية، يجمع الجاوه مثلاً، ويجمع أهل مصر، ويجمع أهل الشام، ويجمع أهل أفريقيا، ويجمع ويجمع، ويعطيهم نسخاً من هذا الكتاب، ويقول: ظهر في جهتنا رجل يقال له كذا، أصحابه يقال لهم الوهابية، هؤلاء خوارج وهؤلاء يدعون إلى كذا، إلى آخره.
ولهذا يردد الناس جميعاً ما كتبه أحمد زيني دحلان في كتابه هذا (الدرر السنية) وقد قال عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: وكان هذا الرجل يأمر النساء اللاتي يتبعنه بحلق رؤوسهن، وكان يختار منهن الزوجة التي يريد، والظاهر من حاله بالقرائن أنه يدعي النبوة - هذا في الكتاب - وقد روى بعضهم حديثاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فيه: يخرج في ثاني عشر قرن من الزمان رجل يلعق براطمه، يحدث فتنة، يعتز فيها الأراذل والسفل، ويذل فيها أهل الفضل والكمل - أو شيء من هذا - وهي فتنة تتجارى بها الأهواء، وما شابه ذلك.
قال بعدها: وهذا الحديث وإن لم يعرف من خرجه، لكن شواهد الصحة تدل عليه، وما هو بموجود إلا في كتابه ومن نقل عنه، فهؤلاء علماء مشركون حقيقة، يعني: حسنوا الشرك، دافعوا عنه، ردوا على أهل التوحيد، طعنوا في الدعوة، وفي أئمة الدعوة رحمهم الله تعالى، فماذا يبقى في حالهم؟ لا شك أنه أقل ما يجب العداوة القوية والمفاصلة والبراء منهم، إذ هذا هو معنى قوله: {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} إلى قوله: {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}.


[سؤال]:
إذا مات عالم يروج شبهة فما موقف أهل السنة والجماعة منه؟

[جواب]:
هذه الشبهة التي يروجها إن كانت في الشرك، يحسِّن الشرك: فهو مشرك، فهذا يُتبرأ منه وليس بموحد، لأن كل عالم حسَّن الشرك ودعا إليه فهو مشرك؛ لأن الحجة قامت عليه، لكونه عالماً بالقرآن وبالسنة والقوة عنده قريبة، فلا يعذر بعدم بحثه، أو يعذر إذا كان حسن الشرك ودعا إليه، مثل تحسين الاستغاثة بغير الله، ومثل الدعاء إلى الإشراك بالموتى، وأشباه ذلك.

بخلاف من عنده شبهة راجت عليه في مسائل يعظم الاشتباه فيها، مثل مسألة الشفاعة في سؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، فهذا لا يتبع فيما وقع فيه وما أورده، وإن دعا إلى ذلك فيرد عليه، إلا إذا كانت الشبهة - كما ذكرنا - في التوحيد فإنه يخرج من الدين، إذا كان حسن الشرك ورد على التوحيد.

[سؤال]:
هناك من العلماء من أخطأ في توحيد الأسماء والصفات، وقد أولوا بعض الصفات، وهؤلاء العلماء لهم جهود كبيرة في خدمة هذا الدين والعلم والعلماء، فهل نحكم عليهم حكمنا على أهل الشرك من العلماء؟

[جواب]:
لا، حاشا وكلا، الذي يخطئ في توحيد الأسماء والصفات، يؤول بعض الصفات لا نحكم عليه بالكفر، بل هو مبتدع، مخالف عاصي، فهو ممن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، ويجب النهي عما أخطأ فيه، إذا كان مما أخطأ فيه متعدياً على الناس، بمعنى منتشر في الناس، يجب التحذير من ذلك إنكاراً للمنكر حتى لا يقتدي الناس به فيما أخطأ فيه.

وبعض الأئمة، منهم أحمد وغيره، قيل له: ترد على فلان وفلان ولهم من المقامات كذا وكذا؟ يعني من الصلاح والطاعة، فقال: (ويلك، أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم، ألا ترى كيف أدفع عنه من يقتدي به في سوئه، حتى لا تعظم عليه ذنوبه يوم القيامة)؟
يقول: أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم، ألا ترى كيف أدفع عنه الاقتداء بهم في السوء حتى لا تعظم ذنوبهم يوم القيامة، هذا فقه عظيم؛ لأن النصيحة لأئمة المسلمين ولعامتهم توجب أن يبين خطأ المخطئ حتى لا يتبعه الناس في خطئه، الذي صنف أو الذي دعا إذا أخطأ وأخطأ بخطئه، اقتدى به أمم مع قرب الحق منهم وإمكان الوصول إليه، فلم يقتنعوا بالحق ولم يأخذوا به؛ فكما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((ومن دعا إلى ضلالة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً)) وقال أيضاً في الحديث الآخر: ((من سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها)).
فإذاً: التحذير من خطأ المخطئ في توحيد الأسماء والصفات، أو بدعة المبتدع أو ضلال من ضل في بعض المسائل هذا في مصلحته، والإسلام أغلى من فلان أو فلان، حتى ولو كان ممن يشار إليهم من المصنفين القدماء أو المحدثين، لأن المقصود حجر التأثير فيما أخطأ فيه عن أن يتبع في ذلك.


فالتنبيه لا بد منه، وكل رد له مقام، فأحياناً يكون المقام بذكر حسنات وسيئات، وتارة يكون المقام لا يجوز فيه أن تذكر حسناته في مقام الرد.

والسلف - رحمهم الله تعالى - في ردودهم على المخالفين تارة يذكرون ما لهم، وتارة لا يذكرون ما لهم بل يذكرون ما عليهم، وهذا لأجل تنوع المقام، فإن كان ذكر ماله في مقام الرد عليه يغري به ويوقع الشبهة بتحسين كلامه فإنه يكون ذلك شبهة توقعها في الناس، مثلاً: ترد على الرازي - مثلاً - في الأسماء والصفات، أو في التوحيد بعامة، أو ترد على فلان؛ فتقول: (كان إماماً مبرزاً وكان ذا علوم وكان العلماء لا يَصِلون إلى شيءٍ من علومه، وحفظ كذا وكذا)، الذي سيقرؤه سيمدحه، يقول: (كل هذا ثم بعد ذلك تريدني أصدقك أنه أخطأ، أنت من أنت؟ هل أنت في مقامه؟)
وهذا وقع في بعض من كتب في ردوده مدحاً لمن رد عليه، يأتي القارئ له، ولا تتصور القارئ طالب علم، الشيء إذا نشر يقرؤه العامي، ربما يقرؤه واحد في بيته، أو يقرؤه مثقف عادي يقول: (طيب، العلماء، أجل ما دام هذا عالماً وأنت الآن مجدته هذا التمجيد وأخطأ، إذاً: أنا لماذا آخذ كلامك ولا آخذ كلامه؟) فتقع الشبهة.
لهذا: هدي السلف في الردود أنه بحسب المقام، تارة يذكرون ما له وما عليه، مثل ما ذكر شيخ الإسلام في مقامات ما للمخالفين، وما عليهم، وتارة لا يحسن أن يذكر ما له؛ لأنه قد يغري ذلك الجاهل بالاقتداء به أو بأن تكون المسألة فيها قولان واختلاف علماء، وكل يأخذ ما يشتهي.


هذا تحقيق في مسألة ما أشيع أو كثر الكلام فيه، في مسألة الحسنات والسيئات، وفي ذكر الحسنات والسيئات.
فيكون تحقيق المقام أن هذا يختلف، فإذا كان المقام مقام تقييم له فيذكر ما له وما عليه، وإذا كان المقام مقام رد عليه فلا تذكر حسناته إذا كان في ذكرها إغراء بقبول ما قال ولو عند بعض الجهلة؛ لأن هذا يحجز عن قبول الحق الذي يأتي به الراد.


[سؤال]:
من المعلوم أن العقيدة من الأمور التي لا يجوز فيها التقليد البتة، وهناك من العلماء من أراد الوصول إلى الحق ولم يعرف بعدائه للتوحيد، ولكن لمعرفته بأن العقيدة لابد فيها التحرير حصل ما كان مخالفاً للصواب، فهل نحمل ذلك على التأويل وأنه كان متأولاً؟ أرجو البيان، علماً أن من أعداء الدعوة من قصد الوصول إلى الحق، ولعل منهم من رجع وتاب، إلى آخره.

[جواب]:
هذا راجع إلى تفصيل الكلام في مسألة الظاهر والباطن.

بالنسبة إلى اجتهاده في الوصول إلى الحق: هذا بينه وبين الله جل وعلا، لكن إذا كان مشركاً، دعا إلى الشرك وحسَّنه، وأبطل حجج أهل التوحيد، وعادى التوحيد وأهله، فلا شك أنه مشرك كافر، ولا كرامة إذا كان من العلماء؛ لأن الحجة عليه قامت والقوة عنده قريبة يمكن أن يبحث ويبحث، والحق موجود في الكتب، بل هناك من قال من أهل العلم في هؤلاء: إن الله -جل جلاله- قال في القرآن: {لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} وهؤلاء العلماء بلغهم القرآن وفهموا معناه، فإن كانوا أعرضوا عن القرآن مع علمهم فهؤلاء قد قامت عليهم الحجة.
فالمقصود:أن الرؤساء هؤلاء - رؤساء الضلال والكفر والشرك من الذين حسنوا الشرك ودعوا إليه وأبطلوا التوحيد أو أبطلوا حجج أهل التوحيد ودعوا الناس لمعاداة أهل التوحيد - هؤلاء طواغيت مشركون.

مسلمة 12 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م 08:02 PM

أسئلة:

[سؤال]:
يقول: ذكرت في الدرس السابق في تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} الآية في آخر سورة الزخرف، بأن العبادة ستكون للولد إرضاءً لله تعالى، فبهذا التفسير يكون حجة للنصارى.
[جواب]:

هذا ظاهر الآية، يحتجون أو لا يحتجون، هذا ظاهر الآية: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} يعني:-لو كان للرحمن ولد فأنا سأعبده إرضاء له تعالى؛ لأنه الذي أمرنا بعبادته، وهذا هو تفسير الجمهور.

والتفسير الثاني للآية:أن معنى (العابدين) الرافضين، يعني: إن كان للرحمن ولد فأنا أول من يرفض هذه العبادة.


وهذا التفسير ساقه ابن جرير وابن كثير عن طائفة من المفسرين؛ لكن قالوا: (هذا الوجه ضعيف؛ لأن هذه اللغة لا يحمل عليها الكلام -وإن كانت موجودة في لغة العرب- لكن لا يحمل لمخالفتها لتفسير جمهور الصحابة فمن بعدهم).
بالعكس: قد يكون في هذا حجة على النصارى {إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} وهل له ولد؟
لا، القرآن كله فيه نفي أن يكون لله -سبحانه وتعالى- ولد {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ}.
[سؤال]:

يقول: ذُكر في (الأربعين النووية) أن العقل في القلب، وقد أَشكلت علي، فما هي ولو باختصار؟
[جواب]:

العقل إدراك وليس جرماً، العقل إدراك، عَقَل الشيء أي أحاط به فأدركه، هذا العقل، من الذي يعقل ؟
الذي يعقل الروح،البدن وسيلة لتحصيل معارف الروح، مثل ما ذكرنا، الروح منتشرة في البدن، لكن مركزها - والله أعلم بكيفية ذلك - مركز الإدراكات في الموقع الذي فيه القلب، ولهذا قال: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله)).


والأصوليون يبحثون هذا ويطيلون فيه: هل العقل في الرأس أم في القلب؟ والصحيح أنه في القلب؛ لأن ظاهر الآيات هذا.
[سؤال]:

هل يُفهم أن الروح موجودة في القلب؟
[جواب]:

لا، الروح ليست في القلب، الروح على هيئة البدن، الروح منتشرة مثل البدن، بمعنى: لو فصلت الروح عن البدن لصارت نفس الصورة، لكنها صورة غير جثمانية؛ لأن الميت يُرى في المنام، يَرى الرائي النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام، فقال عليه الصلاة والسلام: ((من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي)) ومعلوم أن رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام على صورته التي كان عليها رؤية لروحه؛ لأن بدنه مدفون عليه الصلاة والسلام.
رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- للأنبياء في السماء، رأى موسى، ورأى آدم، رأى أيش؟ رأى أرواحهم، لهذا: صورة الإنسان الجثمانية في البدن، وغير الجثمانية في الروح، فالروح منتشرة، لها أيضاً موقعٌ أصل مثل ما يكون القلب هو الأصل بالنسبة للبدن، من حيث ضخ الدم وحركة البدن، كذلك من جهة الإدراكات، ومن جهة تعلقات الأشياء بالروح فموقعها في هذا الأصل.
هذا ظاهر ما دلت عليه النصوص، ويُجمع على هذا النحو، وليس هذا من الخوض في الروح المنهي عنه بقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} لأن البحث في الروح الذي يكون نتيجة للتفقه في الكتاب والسنة هذا مطلوب، لكن إذا كان عن ظن وعقل وتجارب وأشباه ذلك بلا برهان شرعي، فهذا هو المذموم.
[سؤال]:

كتب أهل العلم الراسخين أليس فيها بركة ويُؤجر حاملها، ويَتوسل مقتنيها بطلبه لعلمها الشرعي؛ لأن ذلك مما يتقرب إلى الله بذلك؟
[جواب]:

الجواب: نعم، لا شك، كتب أهل العلم الراسخين فيها بركة، ويؤجر حاملها بنية طلب العلم.
(ويتوسل مقتنيها بطلبه لعلمها الشرعي) هذا ماله علاقة بوجود الكتاب في السفينة، أو وجود الكتاب في السيارة، فجعل الكتاب في السيارة توسلاً به هذا من التبرك الباطل حتى المصحف ما يُتخذ تميمة على الصحيح مثل ما ذكرنا، لا يجوز، فاتخاذ كتاب آخر تميمة يرجو نفعه ويرجو دفع ضره هذا من الشرك، نوع من أنواع اتخاذ التمائم، التوسل بطلب العلم، بعملك أنت، أما بالكتاب: هذا شرك.
[سؤال]:

يقول: ذُكر في كتاب (نزل الأبرار) أن الحامل إذا اشتد عليها الحمل يوضع على بطنها موطأ الإمام مالك فيخف بإذن الله، وهو مجرب؟
[جواب]:

يمكن الشافعية يقولون: تضع (مسند الشافعي) هؤلاء المالكية قالوا: تضع (موطأ مالك) والشافعية يقولون: ضع (مسند الشافعي) هذا يقال مجرب، ولا أثر لذلك، قد يتفق أنه حصل مرة، حصل مرتين بإذن الله فوافق هذا، لكن لا يجوز الاعتقاد في الكتب بهذا الاعتقاد أن فيها بركة وتتخذ تمائم.
[سؤال]:

يقول: الذين يطوفون حول أضرحة وقبور الشهداء ويقولون: الله يقول: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ}
[جواب]:

ذكرنا في أول شرح (كشف الشبهات) الجواب عن حال الشهداء بتفصيل، لكن من أقوى الحجج اختصاراً: أن شهداء أحد الذين نزلت فيهم هذه الآية من آل عمران: أجمع المسلمون في حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو بينهم، وكذلك أجمع الصحابة في حضرة الخلفاء، وأجمع من بعدهم إلى انتهاء القرون المفضلة الثلاثة أجمعوا على أنه لا يؤتى الشهداء في قبورهم ليُسألوا، وإنما يأتي من مر عليها دون قصد أو شد رحل فيسلم عليهم السلام المعتاد، فهذا الإجماع قطعي، والإجماع حجة، وقد قال جل وعلا: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً}.
[سؤال]:

يقول: بعض الناس يشتبه، يقول: إن تقسيم التوحيد المعروف لدينا لم يكن على عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بل كان الرسول يأمر من أراد الإسلام بالشهادتين، ولا يقسم التوحيد بالمعروف عند الناس.
[جواب]:

ما فيه شك، لو كان الناس كأولئك ما احتجنا إلى تقسيم التوحيد، إنما لما فشا الجهل في الناس احتاج أن تقول له: (خرج محمد): (محمد) فاعل، أما عند الصحابة تقول: (خرج محمد) فعل وفاعل، يضحكون عليك.
فحين وقع الناس في الجهل احتجنا إلى التفصيل،

وإلا فمن المعلوم أن من قال: أشهد أن (لا إله إلا الله) فهو مقر بأنواع التوحيد الثلاثة، تكفي؛ لأنها متضمنة لتوحيد الربوبية، ومطَابَقة في توحيد الألوهية، ومستلزمة لتوحيد الأسماء والصفات، أو تكون أيضاً: متضمنة لتوحيد الأسماء والصفات.
فهذه ظاهرة من كلمة (لا إله إلا الله) فإذا فشا الجهل في الناس فلا بأس أن يفصَّل لهم من العلم ما هو ثابت في الكتاب والسنة بتقسيمات؛ ليتضح المراد.
فمثلما عند الصحابة: شروط الصلاة كذا، أركان الصلاة كذا، واجباتها كذا، كل هذه العلوم تقسيمات لأجل حاجة الناس.
[سؤال]:

ما صحة الحديث الذي يستدل به على دعاء غير الله: (إذا كنت بأرض فلاة فقل: يا عباد الله احبسوا)؟
[جواب]:

هذا الحديث روي، ومن أهل العلم من حسنه، وعلى القول بتحسينه فلا حرج، يعني لا إشكال فيه؛ لأن قول الذي ضل الطريق: (يا عباد الله احبسوا) يقصد به الملك الذي معه، لا يقصد به الجن أو يقصد به مخاطبة من لا يقدر، أو ما أشبه ذلك، وهذا على القول بصحته، وقد استعمله بعض العلماء فَدُلوا على الطريق.
فليس في الحديث مناداة الغائبين الذي يحتج به أهل الشرك، وإنما هو قول:((يا عباد الله احبسوا)) تتمة الحديث: ((فإن لله جل وعلا عبداً حاضراً سيحبسه)).
والظاهر عند أهل العلم:أن المراد بالعبد الحاضر هو الملك الذي سيسدده؛ لأن الإنسان معه ملائكة كما قال سبحانه: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} يعني: يحفظونه بأمر الله.

[سؤال]:

ما معنى قول بعض السلف: إن معنى الصمد هو الذي لا جوف له؟ ما معنى ذلك؟ وكيف نوفق بينه وبين المعاني الأخرى؟
[جواب]:

الصمد فسرت بتفسيرات، مثل ما ذكرنا لكم آنفاً أو فيما سبق.
1-الصمد: الذي يُصمد إليه عند الحوائج، وهذا هو أكثر التفاسير على هذا، تفاسير السلف.


2-والصمد أيضاً في اللغة، يقال: فلان صمد، إذا كملت خصال سؤدُده وصفات فضله، كمال الصفات والخصال المحمودة يقال: فلان صمد، يقال لسيد القبيلة الذي كملت صفاته: هذا صَمَدٌ، يعني: بلغ في الصفات البشرية عندهم الغاية، في الكرم كذا، وفي النجدة كذا، وفي التواضع كذا، وفي الحنكة، وفي الحكمة كذا، وفي الرأي، إلى آخره.


3-وفسرت أيضاً الصمد: بأن الصمد هو الذي لا جوف له.


يعني: الإنسان والمخلوق الذي تراه - المخلوقات - هذه لها جوف ولها أحشاء ولها أشياء في داخلها، فالصمد هو الذي لا جوف له، فهذا يُخرج مشابهة المخلوقات، فلا يظن أن اتصاف الله -جل وعلا- باليد، أن ذلك عن طريق تجويف، أو اتصاف الله -جل وعلا- بالقدم أن ذلك عن طريق تجويف، أو اتصاف الله -جل وعلا- بالعينين أن ذلك عن طريق تجويف، إلى آخره.
فهو -سبحانه وتعالى- صمد قد كمل -سبحانه- في أسمائه وصفاته.
[سؤال]:

ما معنى الأقانيم؟
[جواب]:

الأقانيم هذه عند النصارى، النصارى يعجزون عن تفسيرها بتفسير صحيح، مثل الكسب عند الأشاعرة، يعجزون عن تفسيره بتفسير صحيح.
ومعناه القريب: أن الأقنوم الصورة، أو إحدى الصور للأصل، يعني: أن الشيء إذا كان له ثلاث جهات، يعني: أشبه ما تقول: شيء له بعد ثلاثي، فإذا أتيته من هنا قلت: هذا هو، وإذا أتيته من هنا قلت: هذا هو، وإذا أتيته من الجهة الثالثة قلت: هذا هو، فعندهم أن الله -جل وعلا- ثلاثة أقانيم، إله واحد،آب -يعني: أب- وابن وروح القدس، هذا عند الكاثوليكيين، أب وابن وروح القدس، يشكلون جميعاً ثلاث صور لشيء واحد وهو الله؛ لهذا يقولون بعدها: إله واحد.
وهذا كفرهم الله -جل وعلا- بهذه المقالة {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} ونعلم أن قول: ثالث ثلاثة من حيث اللغة، يعني: أنه منها وليس خارجاً عنها، ففي اللغة: أن الشيء إذا كان من جنس عدده أُدخل فيه، وإذا لم يكن من جنس عدده أُخرج منه، تقول مثلاً: كنت ثالث ثلاثة، كنت رابع أربعة، كنت خامس خمسة إذا كانوا من الإنسان.
الله -جل وعلا- قال: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ}لاحظ هنا قال: ثلاثة، رابعهم؛ لأنه -جل وعلا- مباين لهم.
أما إذ كان المعدود من جنس المعدود، فيدخل في العدد مثلما قال -جل وعلا- في سورة المائدة: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} فهم قالوا: إن الله ثالث ثلاثة، يعني: داخل في العدد، فالآب الذي هو الله، والابن وروح القدس شيء واحد كلها إلهية لم تأخذ صفة الناسوتية، ولهذا يكون ثالث ثلاثة بحسب تعبيرهم، فهو داخل في التثليث، نسال الله العافية.
[سؤال]:

هل يكون المقصود من الكلام الثاني خاصاً لأهل التوحيد؟
[جواب]:

نعم، أنا ذكرت أن الثاني: أن منهم - مِن الذين يُعبدون ويُدعون أولياء - أن منهم من لا يصلي، ومنهم من يأمر بالفسق، ويحكى عنه الزنى وشرب الخمور، إلى آخره، هذه لإيقان الموحد، لكن ما تدخل معه في النقاش، يعني: إذا قلت له هذه الأشياء جادلك فيهم، وهيهات، كيف تثبت؟ لا سبيل إلى الإثبات، يعني: لكل مُجادَل.
[سؤال]:

يقول: لو قام دعاة إلى التوحيد فقالوا لعباد القبور: نعم، نوافقكم أن هؤلاء أولياء، فإنه يكون هناك تناقض بين الدعاة الذين قالوا: إنهم ليسوا بأولياء، فيشك المدعوون في هذه الدعوة.
[جواب]:

الداعي لابد أن يكون حكيماً، قد يكون المناسب أن يسكت، يقول: (ليس الكلام فيهم، إذا كانوا أولياء فمقامهم عند الله) يعني: يعلقها بالشرط إذا كان يرى مصلحة، وإذا كان هذا المدفون ولياً من أولياء الله يقر بولايته.
قال: الحسين بن علي؟ نعم.
آل البيت الذين لم يعرف عنهم شيء من الفسق، وإلى آخره.
فيقول: نعم، هم أولياء، لا مانع من هذا، ولو صار فيه تعارض بينه وبين غيره فالحق أحق أن يتبع.
[سؤال]:

هل يجوز أن أقول: إن فلاناً من الناس ولي جازماً، وهو رجل معروف بالفضل؟
[جواب]:

ترجو أن يكون ولياً، وعموماً: هدي السلف ليس فيه أنه يقال: هذا ولي وهذا ولي، يرجون أن يكون فلان ولياً.
وتطالع هدي الصحابة والتراجم - الصحابة والتابعين - لا تجد هذه الأسماء (هذا ولي، وهذا ولي، وهذا ولي) وإنما يذكرون فضله وصلاحه وطاعته ليقتدي الناس به، أما منزلته فهي عند الله جل وعلا.
[سؤال]:

ما حكم الأبيات التي في نهج البردة؟ وهل يجوز للموحدين حفظها؟
[الجواب]:

لا، ما يجوز لأحد أن يحفظ الأبيات الشركية إلا لأهل العلم، الذين يحتاجون إذا حفظوها أن يردوا على الخصوم.
أما لسائر الناس أو لعامة طلبة العلم، لا؛ لأن هذا شرك، والشرك لا يحث عليه ولا يخاطر المرء بتوحيده فيه، فالأصل السلامة إلا عند الحاجة، فيؤخذ الشيء بقدره.


مسلمة 12 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م 08:03 PM

أسئلة:

[سؤال]:
يقال: إنَّ الأشاعرة كما ضلوا في باب الأسماء والصفات فهم ضالون أيضاً في باب توحيد الألوهية، فأكثرهم يعتقد في القبور ويتوجه إلى الأموات بالدعاء والاستغاثة إلى آخره ؟ فما مدى صحة هذا القول؟!

[جواب]:
الجواب أن قول: الأشاعرة ضالون في باب الأسماء والصفات فقط دون غيره هذا غلط، الأشاعرة ليس خلافهم مع أهل السنة في باب الأسماء والصفات فحسب، بل في مسائل كثيرة:

-فهم في معنى الربوبية يخالفون أهل السنة والجماعة، أتباع السلف الصالح.

-وفي معنى الألوهية يخالفوننا.

- وفي معنى توحيد الأسماء والصفات أيضاً يخالفوننا.
- وفي التطبيق العملي لكل هذه المسائل: في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وما يجب على المكلف فيها، وما يعتقد، أيضاً يخالفوننا.
-وفي معنى الإيمان يخالفوننا في ذلك؛ لأن الأشاعرة مُرجئة في باب الإيمان.


- وكذلك في القدر يخالفوننا، فهم جبرية في باب القدر، وفي مسائل تفصيلية وتفريعية كثيرة يخالفون أهل السنة.
لهذا شاع عدم التكفير- تكفير عباد القبور - لأن الأشاعرة أصّلوا أن التوحيد هو اعتقاد وحدانية الله -جل وعلا- في ربوبيته وأسمائه وصفاته، فمن اعتقد أنَّ القادر على الاختراع والخلق هو الله وحده فهو موحد عندهم؛ لأنهم يفسرون (الإله) بأنه القادر على الاختراع، ومن اعتقد بأن الله هو المستغني عما سواه المفتقر إليه كل ما عداه فهو موحد عندهم، فمن اعتقد هذه العقيدة في الربوبية وعبد غير الله فلا يكون ناقضاً لتوحيده، وهذه شاعت في النَّاس في بلاءٍ عظيم عندهم وعند الماتريدية، في أصناف كثيرة، لهذا نقول: الخلاف مع الأشاعرة ليس في مسألة واحدة، في الأصول والفروع، يعني: في الأصل وفي فروع ذلك الأصل، والله المستعان.


[سؤال]:
ما رأيك فيمن يقول: إن القياس كالميتة لا يرجع إليه إلا عند الضرورة؟

[جواب]:
هذا القول معروف عند طائفة من أهل العلم، والجواب عليه: أن الضرورة هذه ما هي؟ الضرورة لهم تعاريف فيها لا تنطبق على هذا الكلام، فالقياس يؤخذ به عند الحاجة، إذا احتيج إليه أخذ به.

والحاجة إلى القياس تكون في مسائل:
الأولى: عند تدعيم دليل شرعي، يعني: إذا دل الدليل على شيء فإن دعم هذا الفهم من الدليل بالأقيسة يقويه، وهذا الذي يسمى عند العلماء ذكر النظائر في المسائل، وهذه طريقة أهل السنة، وقد امتثلها كثيراً في الفقه شيخ الإسلام ابن تيمية، فتجده يذكر دلالة الكتاب والسنة على مسألة ثم يذكر النظائر الكثيرة، ويفرع، ويقول: هذا نظيره كذا وهذا نظيره كذا.


مثلاً في أول كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) تجد أنه نحو مائة وخمسين صفحة كلها تنظير، هذا الاستدلال بالقياس، يعني: أن هذا مثل هذا وهذا مثل هذا، وهذا مثل هذا، وهذه لها نظير كذا ونظير كذا، والاستطراد في هذا الباب يقوي الاستنتاج والاستدلال من الدليل؛ لأنه قد يأتي آتٍ ويقول: فهمك للدليل قاصر وناقص فليس الكلام في الدليل ولكن في وجه الاستدلال، فيأتي الفقيه والعالم فينظِّر ويأتي بنظائر كثيرة - يُنظِّر: يعني: يأتي بنظائر، وليس معنى (يُنظِّر) يعني: يقول: فيه نظر، (ينظر) يعني: يأتي بنظائر كثيرة - ويقيس فيقول: هذه مثل هذه، مثل هذه؛ ليقوي استدلاله وأن استدلاله لم يخرج عن القواعد.
ثانياً: من إيراد القياس، أن يورد القياس لإلغاء الفارق، ومعلوم أن الجمع والفرق من أصول قواعد الفقهاء، فإن فقه المسائل مبني على فهم الجمع والفرق في التعليل ما بين المسائل، وعلم الجمع والفرق كعلم المقاصد من أهم علوم المجتهدين، فيحتاج المجتهد إلى أن يقيس ويذكر المسائل واحدة تلو الأخرى ليبين الجمع بينها، وليبين إلغاء الفارق بينها، ومعلوم أنه إذا حصل الجمع وأُلغي الفارق قامت الحجة.


الثالث: أن تكون المسألة لا دليل فيها نقلي، يعني: نص من الكتاب أو السنة، وإنما هي مسألة اجتهاد، فيحتاج إلى القياس ليلحق الفرع بالأصل لعلة جامعة بينهما، أو يلحق الحكم المسكوت عليه بالحكم المنصوص عليه لعلة جامعة بينهما، وهذا النوع الثالث هو الذي يجري فيه قول بعضهم: (القياس كالميتة لا يرجع إليه إلا عند الضرورة) وهذا ليس بجيد، يعني: هذه المقالة ليست بجيدة على إطلاقها، ومن قالها فيفهم منه هذا النوع الثالث بأنه إذا احتيج إلى القياس قيل به، وتفاصيل هذه الكلمة معلومة في مباحث القياس في الأصول.

[سؤال]:
ماذا تعلمون عن الرسالة التي أرسلت إلى الشيخ من الأحساء ؟

[جواب]:
هناك عدة رسائل تأتي للشيخ من بعض علماء الإحساء، وأخص منهم الشيخ عبد الله بن محمد بن عبداللطيف الأحسائي وله عدة رسائل مع الشيخ، والشيخ -رحمه الله- لما رجع من البصرة مرّ عليه في الإحساء؛ وجلس عنده عدة ليالي، وفرح الشيخ -رحمه الله- بعبد الله بن عبد اللطيف فرحاً عظيماً؛ لأنه وجده يخالف الأشاعرة الذين نشأ على طريقتهم في مسائل الإيمان حيث قال له مرة في رسالة له: (ولما كنت جئتك ورأيتك كتبت على أول (صحيح البخاري) في مسائل الإيمان: هذا هو الحق الذي يجب القول به، فرحت بذلك؛ لأنك خالفت ما عليه أهل بلدتك من كلام الأشاعرة، يعني: في مسألة الإيمان).

وقال الشيخ -رحمه الله- في رسالته أيضاً لعبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الإحسائي - هذه - (وأنا كثير الدعاء لك، وأدعو لك في سجودي، وكنت أقول: أرجو أن تكون فاروقاً لهذه الأمة في آخرها كما كان عمر بن الخطاب فاروقاً للأمة في أولها) ورسائله مع عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الأحسائي هذه فيها فوائد كثيرة في العلم تبين لك عظم علم الشيخ؛ لأن إمام الدعوة إذا كاتب العلماء كاتبهم بلهجة علمية قوية وتفصيل في المسائل، وإذا خاطب العوام أو المتوسطين في العلم خاطبهم بما يعرفون (حدثوا الناس بما يعرفون).
[سؤال]:

يقول أليس الشك إذا دافعه الإنسان واستعاذ بالله من الشيطان ليس خروجاً من الملة ومجرد الشك لا يخرج من الملة ؟

[جواب]:
معلوم أن الشك ليس هو العارض، الشك حين يعبر به العلماء يريدون الشك في اصطلاحهم.

والشك عندهم: استواء طرفي القضية في العلم، استواء طرفي القضية يسمى شكاً، وأما العارض والتوهمات التي تأتي للقلب والأوهام التي يلقيها الشيطان، فهذه لا تسمى شكاً عند العلماء.
الشك أن يقول: هذه وهذه مستوية عندي فيكون شاكاً، ليس من جهة اعتقاده طريان الشيء على قلبه، ولكن يقول: (جواز البعث وعدم جواز البعث، إمكان البعث وعدم إمكانه في حد سواء عندي، قد نبعث وقد لا نبعث، قد وقد) هل ترجح أحد الجانبين على الآخر؟
قال: (لا، هذه وهذه مستوية) فهذا يسمى شكاً.
وإذا قال: (نعم أرجح جانب البعث ولكن قد يكون ألا نبعث) فهذا يسمى ظناً.
فإن قال: (لا، البعث قائم وأومن به ولا احتمال عندي لعدم البعث) فيكون هذا علماً وهذا على حسب كلامهم، ففهم مصطلحات العلماء ينبغي أن يكون على لغتهم، لا على لغة العوام.
[سؤال]:

يقول ذكرت بأن من شك في شيء مما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر، فما معنى الحديث الصحيح الذي جاء فيه: (أن رجلاً قال إذا مِت فحرقوني وذروني في اليم فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني) إلى آخره، الحديث المعروف الذي في الصحيح ؟

[جواب]:
هذا الحديث اختلف كلام العلماء في الإجابة عليه.

والتحقيق فيه الذي يتفق مع أصول الشريعة من جهة الاعتقاد والفقه: أن هذا الرجل لم يشك في صفة من صفات الله، وإنما شك في تعلق الصفة ببعض الأفراد، فهو لم يشك في القدرة أصلاً، ولو شك في قدرة الله لكفر ولم ينفعه إيمانه.

إذا قال: (أنا لا أدري هل الله قدير أم ليس بقدير؟) يعني: شك في أصل القدرة فهذا يكفر.
-أما شك هذا ففي تعلق القدرة بإعادة الأجزاء، وهذا فرد من الأفراد التي تتعلق بها القدرة، ومعلوم عندنا أن من أنكر فرداً من الأفراد في أصلٍ ليس كافراً وإنما هو على ذنب عظيم، فلهذا نقول: هذا الرجل شك في فرد من أفراد تعلق القدرة بذلك الفرد - ولم يشك في قدرة الله تعالى أصلاً، وحاله كحال حواري المسيح الذين قالوا لعيسى عليه السلام: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} وفي القراءة الأخرى: {هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} يعني: هل يستطيع الله أن ينزل علينا مائدة؟


فهم لم ينكروا القدرة وإنما شكوا في تعلق القدرة بهذا النوع،هل يستطيع أو لا يستطيع؟ فتعلق القدرة بإنزال مائدة من السماء حصل لهم شك فيها، فقال لهم عيسى عليه السلام: {اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}فبينوا وجهتهم قالوا: {نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ}إلى آخر السورة.

المقصود: أن الشك في فرد من أفراد الصفة ليس كالشك في أصل الصفة، وهذا الرجل غفر له بسبب خوفه، ومعلوم أن الحسنات يذهبن السيئات، فأحسن إذ خاف من الله جل وعلا، وأساء إذ شك في تعلق قدرة الله بهذا الفرد من مخلوقات الله، وهو الأجزاء التي فرقها بإحراقه.

ولهذا تلحظ في الحديث قال: (لئن قدر الله عليّ) ما قال: لئن قدر الله، مطلقاً، قال: (لئن قدر الله عليّ ليعذبني عذاباً لم يعذبه أحداً من العالمين) يعني: أنه تعلق قوله ذلك بقدرته عليه بالخاصة لما ذر جسمه رماداً، وهذا هو التحقيق في هذا القول في هذا الحديث، وهو الذي يستقيم مع الاعتقاد ومع الفقه.
[سؤال]:

إذا رأى أحد الناس في منامه أنه يفعل منكراً كجماع من لا تحل له أو لواط، فهل يدل هذا على فسق في دينه، مع أنه في المنام لا يرى أنه محرم وأنه فاعل لمنكر ؟

[جواب]:
الجواب أن هذا تكلم عليه العلماء وذكروا فيه تفصيلاً، قالوا: هذا له حالان:

الحال الأول: أن يكون هذا الذي يَرى معروف بالفسق، فهذا إذا رأى مثل هذه المرائي فإنها إنذار له وتخويف، ويخشى أن يفعلها.

وإذا كان - وهو القسم الثاني - من الصالحين، لا يكون في خاطره فعل بالمحارم أو يدور في ذهنه استحسان المرأة التي هي محرم له، أو استحسان الرجال أو أشباه ذلك، فإنه يكون دليلاً على أنه سيصل هؤلاء؛ لأن الذَّكر من الذِّكر، والصلة من الوصل، يعني: إذا كان صالحاً فإنه سيصلهم ويزيد في صلتهم، ولاشك أن مثل هذه المرائي ينبغي أن يستعيذ العبد بالله -جل وعلا- إذا رآها، وأن ينفث عن يساره ثلاثاً، وأن يغير جنبه الذي نام عليه، وألا يحدِّث بها أحداً.

مسلمة 12 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م 08:03 PM

أسئلة:

[سؤال]:
هل كان من المرتدين من كان قابلاً للزكاة منقاداً لها إلا أنه ممتنع عن دفعها للإمام؟

[جواب]:
الجواب: أن السؤال ينبغي أن يكون كالتالي: (هل كان من المرتدين من كان قابلاً للزكاة منقاداً لها إلا أنه ممانع عن دفعها للإمام؟) لأن لفظة: (ممتنع) ليست هي: (ممانع)، (ممتنع) مصطلح، الامتناع - هنا ممتنع - يعني: غير ملتزم، (ممانع) يعني: منع هذا الشيء، لم يف به، مَنَع مثل ما قال الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: (منع خالد زكاة ماله) لكن ما امتنع، فالمنع شيء في النصوص وفي كلام أهل العلم، والامتناع شيء، (منع خالد زكاة ماله) قال: ((أما خالد فإنكم تظلمون خالداً، إنه احتبس أسيافه وأدرعه في سبيل الله))(منع جميل) المنع هنا غير الامتناع، المنع يقول: أنا لن أؤدي هذه، هذا له حكم أمثاله من أهل الذنوب والمعاصي، أما الامتناع: يقابل الالتزام؛ لهذا يقول: الا أنه ممانع عن دفعها للإمام.

الجواب:كما ذكرنا أن مانعي الزكاة على فئتين:

-منهم من كان ممتنعاً.

- ومنهم من كان مانعاً.

لكن المانعين قاتلوا مع الممتنعين؛ قاتلواً قتالاً واحداً، فلما صاروا يقاتلون الصحابة تحت هذه الراية؛ راية الامتناع عن أداء الزكاة، صار لهم حكمهم من هذه الجهة.
أما مسألة المنع فهي غير مسألة الامتناع فلا يكفر المانع - المانع: غير المستجيب، الرافض - وإنما يكفر الممتنع غير الملتزم الذي يخرج نفسه من دخوله في الخطاب التكليفي في هذه المسألة بخصوصها.
[سؤال]:
هل هناك فرق بين الطائفة والفرد في هذه الأحكام ؟
[جواب]:
الفرق بين الطائفة والفرد في القتال، أما في مسألة الامتناع والالتزام واحد، الطائفة الممتنعة، والفرد الممتنع، الطائفة التي تقول: لا ألتزم بهذا الحكم، يخص غيري؛ والفرد الذي يقول: هذا الحكم لا يوجه لي، وإنما لغيري؛ الحكم من حيث الردة واحد، أما في القتال فيفرق ما بين الفرد وما بين الجماعة، فالجماعة التي لها منعة تقاتل، والفرد يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
[سؤال]:
هل توجد علاقة بين دار الإسلام أو دار الكفر وبين الحاكم ؟
[جواب]:
دار الكفر ودار الإسلام لا علاقة لها بالحاكم، يعني: قد يكون الحاكم مسلماً والدار دار كفر، مثل النجاشي في الحبشة، هو مسلم وداره دار كفر.
وقد يكون الحاكم كافراً والدار دار إسلام، إذا كان حصل منه موجب للردة بشخصه فلا ارتباط بين حكم الدار والحاكم، فالحاكم إذا كفر يجب خلعه مع الاستطاعة، مع القدرة، إذا لم يكن له شبهة أو تأويل كالمأمون ومن بعده، المهم أن حكم الدار لا صلة له بالحاكم، قد يكون الحاكم مسلماً والدار دار كفر، وقد يكون الحاكم كافراً والدار دار إسلام، وقد تكون المسألة مشتبهة، وهذه الأحكام دقيقة، ودائماً أوصي الشباب بأن لا يخوضوا فيها؛ لأن الشاب أو طالب العلم المبتدئ ربما خاض فيها من جهة الغيرة فأثَّرت غيرته على الحكم، وهذا غير مطلوب بل ينبغي تركه.

مسلمة 12 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م 08:04 PM

أسئلة:

[سؤال]:
هل يكفر قوم بأن عندهم عادة سب الدين والرسول ومنهم جاهل بأن ذلك كفر وأنه منكر، هل يكفر بالجهل ؟
[جواب]:

من سب الإسلام الذي أنزله الله -جل وعلا- على محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر ولا يعذر بالجهل، ولا بأن يقول: أنا قلته على وجه المزاح واللعب، أو غضبت ما علمت، إلى آخر ذلك.
كذلك سب الله جل وعلا، كذلك سب الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن تعظيم الله جل وعلا، وتعظيم رسوله صلى الله عليه وسلم، وتعظيم القرآن، وتعظيم دين الإسلام، هذا واجب من الواجبات، ويُعْلَمُ بالضرورة من دين الإسلام، فإذا سب فمعناه أنه نافى ذلك التعظيم وهذا كفر بمجرده.
أما سب دين فلان:فهذا لا يكفر به، إذا سب دين معين من الناس، مثلاً: تخاصم اثنان، فقال أحدهما للآخر: كذا دينك، فسب دينه فهذا لا يكفر؛ لأن هذا يحتمل أن يريد تدينه والديانة التي هو عليها، فلا يكفر إلا إذا سب الإسلام مطلقاً، أما إذا سب الدين المضاف إلى بعض الناس فإنه لا يكفر به؛ لأن هذا فيه شبهة، لكن يعزر ويؤدب.

[سؤال]:

يقول: ما رأيكم فيمن يزور أماكن الشرك للوقوف على حقيقة الشرك دون أن ينكر عليهم بحجة أنه سيتعرض للخطر إذا هو أنكر ؟
[جواب]:

لا يجوز له أن يحضر مكاناً يعبد فيه غير الله، يستغاث فيه بغير الله، يُصلى فيه للميت، يتجه إليه في القبلة، يطاف على قبره، ويسكت ولا ينكر؛ لأن هذا أعظم المنكر وهو الشرك، لكن كيف ينكر، هذا يحتاج إلى بيان.
فالشيخ رحمه الله، إمام الدعوة لما كان يحضر عند الذين يعبدون زيد بن الخطاب كان يقول لهم في أول الدعوة: (الله خير من زيد)، فينبههم أن دعوة الله -جل وعلا- وحده أفضل، وهذا من التدرج في الدعوة، فإذا كان يرى أن الإنكار عليهم لن ينفعهم وأنه إذا قال مثل هذه الكلمة أنها أنفع لهم، فهذا بما يرى أن المصلحة الشرعية فيه.
أما أن يحضر مثل هذه الأماكن ولا ينكر البتة فهذا حرام عليه ولا يجوز، ونسأل الله لنا ولإخواننا العفو والعافية والمغفرة.


السياحة يتفرج على الذين يعبدون غير الله، لا، أعوذ بالله، هذا شرك، يتغيظ الواحد من رؤية قبة من دون أن يعرف ماذا تحتها، فكيف يذهب وينظر ويجلس معهم ويسكت؟‍ طبعاً مفهوم الشرك بالصور المختلفة هذا يختلف فيه الناس، لكن ينبغي بل يجب أن لا يأخذ الشباب هذه المسائل من غير الراسخين في العلم؛ لأن كون صورة ما صورة شركية، هذه إنما يعلمها أهل العلم في المسائل الحادثة الجديدة.
[سؤال]:

هذا يسأل عن بعض ما يذكر من الأنظمة الرأسمالية والشيوعية والوطنية وتمجيد الماضي، إلى آخره، وغيرها من الصور.
[الجواب]:

فهذه تعرض المسألة على أهل العلم فإن قالوا: إن هذا حكمه كذا فيصار إليه؛ لأن المسائل تختلف والأوضاع تختلف، وليس كل ما ظنه المرء شركاً يكون شركاً، بل قد رأيت في بعض الكتب -كتاب أظن اسمه (الأوثان) أو نحوه- أن مؤلفه جعل التلفاز وثناً، وأن حال الجالسين أمامه لينظروا أنهم عاكفون عند هذا الوثن، فكل من فعل هذا بأن عكف عند هذا الجهاز الساعات الطويلة فإن هذا عبادة لغير الله جل وعلا، وهذا لا شك أنه افتئات على الدين، وقول بلا علم، وخروج عما يجوز، فإن القول على الله بلا علم أكبر من الكبائر العملية.
[سؤال]:

يقول: ما رأيك يا شيخ فيمن ينكر أهمية هذا المتن ويقول: إن كان له أهمية تذكر فهي للدعاة في الخارج ونحن تكفينا قراءته؟
[جواب]:

هذا كلام الشيخ فيه: (ومنه تعلم أن قول الجاهل: (التوحيد فهمناه) من أعظم الجهل وأكبر مكايد الشيطان) فليحذر على نفسه.
[سؤال]:

ذكرت أن من سجد للصنم فإنه كافر ؟ هل هذا يكون بعد الاستفصال ؟
[جواب]:

لا شك من سجد للصنم فإنه كافر ظاهراً، السجود للصنم من الكفر العملي الذي يضاد الإيمان، فإن الكفر قسمان:
1-كفر اعتقادي، يكون بالاعتقاد.


2- وكفر عملي.


والكفر العملي قسمان، كما ذكره ابن القيم في أول كتابه الصلاة:
- قسم يضاد الإيمان من أصله، كَسَبِّ الدين، يعني: الإسلام، أو سب الله، أوسب رسوله، أو السجود للصنم، أو إلقاء المصحف في القاذورات متعمداً عالماً، وأشباه ذلك، فهذا كفر عملي، يعني: كفر بعمله، وهو مخرج من الملة؛ لأنه مضاد للإيمان.
-وقسم آخر من الكفر العملي:ما لا يضاد الإيمان مثل المسائل التي ذكروها: ترك الصلاة عند طائفة كثيرة من أهل العلم، ومثل الحكم بغير ما أنزل الله، ومثل سباب المسلم، قتاله ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)) قتال المسلم، يعني: تَقاتل المسلمين، وأشباه ذلك مما جاء في الشريعة أنه كفر.
فإذاً: من فهم أن تقسيم الكفر إلى اعتقادي وعملي، أن العملي لا يكفِّر ،فهذا غلط عظيم حتى غَلَط على ابن القيم رحمه الله، فإن ابن القيم في (كتابه الصلاة) الذين نقلوا عنه هذا التقسيم قال: (وكفر عمليمثل السجود للصنم) كذا، وهذا يضاد الإيمان، ومثل كذا، وقال: (وكفر عملي ومنه ما يضاد الإيمان كالسجود للصنم) ومثّل إلى آخره (ومنه ما لا يضاد الإيمان، كترك الصلاة، والحكم بغير ما أنزل الله) إلى آخركلامه.
فالعلماء حين يقسمون الكفر إلى اعتقادي وعملي، هذا تقسيم لمورد الكفر، فإن الكفر مورده قد يكون جهة الاعتقاد، وقد يكون جهة العمل، والاعتقاد منه الشك أيضاً، والكفر العملي منه القول والفعل، ومنه ما لا يكفر.


فإذاً: قول العلماء: إن الردة تكون باعتقاد، أو قول، أو فعل، أو شك، راجع إلى هذين القسمين: اعتقاد أو عمل، ولكن الكفر العملي منه ما يضاد الإيمان من أصله كما ذكرنا، ومنه ما لا يضاد الإيمان من أصله، فليس معنى كفر اعتقادي وكفر عملي أنها مساوية للكفر الأكبر والأصغر كما يظنه طائفة، هذا غلط عظيم على أهل العلم، فإن الكفر قسمان:


1-كفر أكبر.


2-وأصغر، باعتبار.


كفر أكبر، يعني: مخرج من الملة، وكفر أصغر، يعني: غير مخرج من الملة، فباعتبار حكم هذا الكفر: فإنه يكون أكبر ويكون أصغر، وباعتبار مورد الكفر: قد يكون اعتقادياً وقد يكون عملياً، والاعتقادي أكبر، وقد يكون بعض أقسامه أصغر، والعملي قطعاً منه أكبر ومنه أصغر.
فقول بعض أهل العلم:(الكفر العملي هو الكفر الأصغر) هذا غلط، بل الكفر العملي منه أكبر ومنه أصغر، فتقسيمات العلماء متداخلة، مثل ما نقول في الشرك: أكبر وأصغر، والشرك يكون بالاعتقاد ويكون بالعمل، فإن من ذبح لغير الله فهو مشرك بالعمل، ومن نذر لغير الله فهو مشرك بالعمل، ومن استغاث بغير الله فهو مشرك بالعمل، وهذا الفعل منه قد يؤول إلى اعتقاد وقد لا يؤول إلى اعتقاد، فالمكفرات العملية، الكفر الأكبر أوالأصغر من الكفر العملي قد ترجعها إلى اعتقاد، وقد ترجعها إلى عمل مجرد.


فإذاً: ليس كل ما قيل فيه إنه كفر عملي يساوي الكفر الأصغر، بل قد يكون هذا وقد يكون هذا.
[سؤال]:

نرى بعض الأشخاص يستشهد بما يحصل له من مواقف في حياته اليومية ببعض الآيات والأحاديث فيضحك من حوله، وهو في تلك الحالة ليس بمستهزئ وإنما قالها لمناسبة الموقف، ما حكم هذا الفعل ؟ وبماذا ينصح هؤلاء؟
[جواب]:

أما من جهته: فإذا كان أوردها إيراداً عادياً وهم الذين ضحكوا؛ فهو ليس عليه حرج إذا لم يتعمد إضحاكهم بما أورده.
وهم على قسمين:
1-إن ضحكوا لفعله: فهذا مما هو سائغ، مما هو مباح.


2-وإن ضحكوا على استشهاده بالآية أو ضحكوا على الآيات: فهذا يدخل في الاستهزاء.


فهنا يستفصل: ضحكوا لأي شيء؟ هل ضحكوا لفعله؟ لما حصل له؟ أو ضحكوا على الآيات؟ إن ضحكوا على الآية: فهذا داخل في الاستهزاء بالآيات، وإذا ضحكوا على استدلاله: فهذا ضحك على فعله، قد يكون ذلك من خلاف الأدب فقط.
[سؤال]:

من يمثل في مسرح أو تمثيلية، يمثل دور أحد الكفار فيسب الممثل النبي -صلى الله عليه وسلم- هل يكفر بذلك ؟
[جواب]:

هذا من المنكر الأعظم، يمثل سب النبي صلى الله عليه وسلم! هذا لا شك أنه منكر أعظم وصاحبه إن لم يكن له شبهة في ذلك فإنه يجب أن يعزر؛ لأنه لا يجوز أن يمثل بسب النبي صلى الله عليه وسلم، هذا من الاستهزاء.


مسلمة 12 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م 08:05 PM

أسئلة:

[سؤال]:
ما قول فضيلتكم في رجلٍ يداهن قومه الذين هم على مذهبٍ مخالف لمذهب أهل السنة وقد يحتج بحجة تأليف قلوبهم للدعوة؟ أرجو النصيحة ووضع الحلول.

[جواب]:
أولاً: كلمة رجل يداهن قومه، ينبغي أن نفهم معنى المداهنة؛ لأن هناك مداراة وهذه مشروعة، وهناك مداهنة والمداهنة لا تجوز؛ لأن الله -جل وعلا- قال لنا: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} ومداهنة أهل الكفر والبدع والمعاصي محرمة.

والمداهنة: معناها أن توافقهم على ما هم عليه من الباطل، تقر بالموافقة، أو أن تدخل معهم في عملهم، فإذا كانت على هذا الوصف فهي مداهنة محرمة؛ لأن الموافقة هذه باطلة والعمل أيضاً باطل، ولا يكون هذا وهذا من مؤمن، يعني: العمل بالكفر.
ولا أن يقول: الكفر حق، يوافقهم على الكفر، كما جاءوا للنبي -عليه الصلاة والسلام- وقالوا له: (تعبد إلهنا سنة، ونعبد إلهك سنة) نوحده فترة ونشرك فترة، هذا المداهن، أَقِر بالبدع، احْضُر معنا الموالد، احْضر معنا الذبح عند القبور، ونحن ندخل معك في برامجك الإصلاحية، وفي برامجك السياسية الإصلاحية السلفية أو غيرها، أو إلى آخره، هذه المداهنة المحرمة، وقد تكون كفراً وشركاً إذا فعل شركاً أو أقر بكفر وشرك، وافق عليه، وقد تكون معصية محرمة بحسب ذلك.
المسألة الثانية أو اللفظ الثاني: المداراة، المداراة مأخوذة من لفظها، دارى يداري مداراة، يعني: لم ينكر؛ لأجل مصلحةٍ تتحقق له، لكن لم يوافق ولم يعمل.


فعندنا إذاً ثلاثة أشياء:
1-عدم الإنكار فقط، يعني: لم ينكر فقط، ولكن في قلبه بطلان ما هم عليه والبراءة مما هم عليه، وهذا لا بأس به إذا كان لمصلحة شرعية، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أمره ربه -جل وعلا- بأن لا يسب هو والمؤمنون الآلهة التي تعبد من دون الله، فقال جل وعلا: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ}.


وقال -جل وعلا- في آية آل عمران:{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} وهنا تبحث المداراة.
والنبي -عليه الصلاة والسلام- دخل عليه رجل، فبش في وجهه -عليه الصلاة والسلام - وأكرمه، ثم لما دخل إلى عائشة رضي الله عنها وعن أبيها، قال: ((بئس أخو العشيرة))فقالت: يا رسول الله رأيتك معه كيت وكيت قال:((يا عائشة إن شر الرجال، أو شر الناس من اتقاه الناس مخافة شره، أو اتقاء سُخْطه)) أونحو ذلك ((أو اتقاء لسانه)).
فإذاً: هذه مداراة، المداراة:أن تسكت عن شيء لأجل ما هو أصلح لك منه، وهذا يدخل ضمن القواعد الشرعية، أن القاعدة الشرعية المعروفة أنه تُفوَّت أدنى المصلحتين لتحقيق المصلحة العليا، وتُعْمل أدنى المفسدتين لدرء المفسدة الكبرى، وهذا شيء معلوم باتفاق أهل الشريعة.


فإذاً: إذا داراهم بمعنى لم ينكر عليهم في البداية، مثل ما فعل الإمام المصلح محمد بن عبد الوهاب، يأتي إلى عُباد زيد بن الخطاب في الجبيلة هنا، ما يقول لهم هذا شرك، بل يقول: (الله خيرٌ من زيد) هذه مداراة حتى يصل معهم إلى ما هو الحق، وهذا لا شك أنه من الحكمة ومن النظر الصائب.
[سؤال]:

هل يكفر المسلم بالأعمال؟ أم لابد من أن يكون مع العمل اعتقاد ؟ مثل أن يعمل عملاً كفرياً ولكن من غير أن يعتقد ذلك ؟

[جواب]:
هذه مسألة أوضحناها مراراً، وذكرت لكم أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، لهذا العلماء يقولون في باب حكم المرتد، يقولون: (المرتد: هو المسلم الذي كفر بعد إيمانه بقول أو فعل أو اعتقادٍ أو شك) بهذه الأربعة عند أهل العلم يكون الكفر، القول والعمل، والاعتقاد؛ لأنها كما ذكرت لك مقابِلة لأمور الإيمان.

الإيمان قول وعمل واعتقاد،فإذا كان يدخل في الإيمان بقول، معناه أنه يخرج منه بقول، يدخل في الإيمان باعتقاد، معناه أنه يخرج منه باعتقاد، يدخل في الإيمان بعمل - يعني: مع القول والاعتقاد - فكذلك يخرج منه بعمل مع بقاء القول والاعتقاد، هذا اعتقاد أهل السنة والجماعة الذين يقولون: (الإيمان اعتقاد وقول فقط) وهم مرجئة الفقهاء، هؤلاء يقولون: لا يخرج إلا بالاعتقاد؛ لأن العمل أصلاً عندهم ليس داخلاً في مسمى الإيمان، فلا يخرجونه من ذلك، هذا من حيث التنظير، تنظير المذهب، لكن من حيث الواقع فإن أشد المذاهب في التكفير بالعمليات: الحنفية، الذين هم مرجئة الفقهاء، فهم أشد الناس في التكفير، حتى إنهم نصوا في كتبهم: لو قال: (هذا مصيحف، ارتد) ولو قال: (هذا مسيجد ارتد) يعني: حتى في تصغير ما أوجب الله -جل وعلا- تعظيمه.

فالمسألة: نقول في أن الكفر يكون بالقول والعمل والاعتقاد، هذا بالاتفاق بين أتباع الأئمة الأربعة، حتى المرجئة عندهم يخرج بذلك، وهذا ما حدا طائفة من أهل العلم أن يقولوا: الخلاف مع المرجئة خلاف لفظي أو يؤول إلى أن يكون خلافاً لفظياً؛ لأنهم يجعلون العمل شرط صحة، ويجعلونه يكفر إذا لم يعمل، أو عمل عملاً مخالفاً.

هذه المسألة تكلمنا عنها مراراً؛ لأنه ثَم بعض الكتب التي شككت في هذه المسألة.
[سؤال]:

هل هناك فرق بين قول القلب والتكلم الذي عليه المعتزلة؟ نرجو البيان.

[جواب]:
لا، الكلام، ذاك الكلام الذي عليه - قصده - الأشاعرة، الكلام النفسي الذي هو في الداخل، قول القلب: ذكرنا أنه الإخلاص والاعتقاد فقط، هذا تسمية سماها بعض السلف في القرن الثاني والثالث، سموه قول القلب تقسيماً كما ذكرت؛ لأن عمل القلب معروف، فقالوا الأشياء التي لا تدخل في عمل القلب إنها قول القلب، لكن الكلام، الذي هو الكلام النفسي: هو كل ما يجري في النفس من حديث، ولم ينطق به، هذا يسمونه كلاماً نفسياً، ليس هو الإخلاص والاعتقاد، كل ما يجري في النفس، إذا زوّرت في نفسك كلاماً، يقولون هذا يسمى كلاماً نفسياً قبل خروجه، فهو كلام قبل أن يخرج.

[سؤال]:
هل يجوز الجمع بين أكثر من نية في العمل الواحد ؟ كأن يصوم يوم الخميس الموافق للرابع عشر من الشهر بنية صيام الأيام البيض وصيام يوم الخميس.

[جواب]:
أما من حيث التأصيل، من حيث القواعد الفقهية المعروفة، الجمع بين عدة أعمال في نية واحدة يجوز في مواضع، ولا يجوز في مواضع، كما هو معلوم في القواعد، هذه الصورة التي ذكر وهي أن يصوم الست وينوي معهاً - مثلاً - القضاء فإن هذا لا يجزئ؛ لأن القضاء فرض مستقل، والست نفل مستقل، والست تكملة، هو إذا صام ثلاثين يوماً - الشهر - فهذه عشرة أشهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، والست شهران، فإذا صام القضاء وفي داخله الست ما حصل ذلك، ولهذا القضاء مقدم ((ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه)) فأولاً يقضي؛ لأن القضاء أحق.

وأما أنه يصوم الست ويوافق ثلاثة أيام البيض، فهذا أمر طيب؛ لأنه صيام الثلاثة البيض، لا تقصد لذاتها، المقصود منها صيام ثلاثة أيام في الشهر، فإذا صام ثلاثة أيام الست ووافقت البيض، لكن لا يجمع النيتين، وافقت البيض فيكون قد صام أيام البيض، وإن أحب أن يزداد بستة أيام وثلاث من كل شهر فهذا أفضل.
النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال)) صام رمضان، الذي صام رمضان إلا ستة أيام ما يسمى صام رمضان هو صام بعض رمضان، فلا يسمى صائماً لرمضان حتى يكمله ثلاثين يوماً، الأداء والقضاء((من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال)) فإذا صام رمضان في الشهر ثم قضى ما قد أفطر فيه لعذر فهذا يكون قد صام رمضان، يتبعه بستٍ من شوال.
وكذلك في صيام القضاء في يوم عرفة يقع قضاءً، هل يدخل في تكفير السنة الماضية في هذا الموطن ؟ الظاهر، لا، إذا صامه في العشر يعني في الثمان الأول في عشر ذي الحجة فلا بأس، فهذا يدخل في الفضل - فضل عشر ذي الحجة - لأن فضلها خاص ليس متقيداً بعمل.
[سؤال]:

ألم يقتل الخوارج علي بن أبي طالب ؟ ألم يستحل الخوارج دماء الصحابة؟ ألا يكفرون بذلك؟

[جواب]:
الجواب: أن كفر الخوارج فيه قولان لأهل العلم:
- من أهل العلم من قال: يكفرون؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمِيَّةِ)) السهم مُشبَّه بالخوارج، يعني بذلك خرجوا من الدين.

- والقول الثاني: أنهم لا يكفرون؛ كما قال علي رضي الله عنه - وهو الذي قاتلهم وهو الذي حصل بينه وبينهم الحجاج والمجادلة - لما سئل عنهم، أكفارٌ هم ؟ قال: (من الكفر فروا) يعني: أنهم تأولوا في ذلك.

وهم كلاب أهل النار، وشر قتلى تحت أديم السماء، لكن التكفير لا نطلقه عليه، طبعاً المقصود الخوارج الذين قاتلوا علياً، أما الخوارج الذين فشوا بعد ذلك، هؤلاء عندهم اعتقادات قد يكفرون ببعضها.
[سؤال]:

ما حكم من علق القسم بالمشيئة؟ هل عليه كفارة يمين؟

[جواب]:
إذا حنث في القسم، لا، اليمين إذا تبعها بإن شاء الله فليس عليه كفارة إذا حنث، كذلك النذر إذا قال والله لأفعلن كذا إن شاء الله، فليس عليه كفارة.

وهنا مسألة مهمة ننبه عليها وقلّ من ينبه عليها أو ينتبه لها، وهي أن الاستثناء في اليمين يقبل ولوكان بعد مدة إذا كان لم يفعل.
ثبت عن ابن عباس وعن غيره أنه قال: (له ثُنْيَاهُ ولو بعد سنة) وذلك عند قوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} فإذا استثنى فله ثنياه، يعني: له استثناؤه ولو امتد به القسم، فيسلم من الإثم في ذلك.
[سؤال]:

هل من أكره على معصية من المعاصي مثل الزنا، فهل يعذر على الإكراه أم ماذا؟

[جواب]:
الزنا اختلف فيه العلماء: هل يقع فيه إكراه، يعني: إكراه من مرأة لرجل في الزنى، أم لا يقع؟

وسبب الخلاف: لأن الرجل لا تنتشر آلته إلا بشهوة ورغبة، أما إذا كان القلب كارهاً فإنه لا يحصل معه انتشار، حتى مع أهل الرجل ومن أبيح له أن يعاشرهم إذا كره كرهاً شديداً لا يكون في قلبه رغبة للجماع، حتى دواعي الجماع، لهذا:

قال طائفة من المحققين من أهل العلم:يستثنى من القاعدة الزنى؛ لأن الزنى لا يكون انتشار الرجل إلا عن وجود رغبةٍ في قلبه ولو قليلاً والتفات إلى هذه المرأة أو إلى ما تعمل، إلى آخره.

والقول الثاني:أنه يقع الإكراه حتى في الزنى؛ لأن بعض الرجال ربما ينتشر دون رغبة القلب، وعلى العموم فهذا راجع إلى الحال، وكلٌّ أعلم بحاله، والله حسيبٌ على الخلق.

[سؤال]:
متى يكون الخلاف خلافاً سائغاً يعذر فيه المخالف؟ وهل يكتفى في تسويغ الخلاف أن يقول به إمام من الأئمة؟

[جواب]:
هذه مسألة أصولية مشهورة، والجواب عليها: أن الخلاف في المسائل ينقسم إلى قسمين:

الأول: خلاف فيما لم يرد به النص في مسألة نازلة اختلف العلماء فيها، فهذا الخلاف فيها سائغ إلا إذا كان هناك اتفاق من أكثر أهل العلم في ذلك، فالذي يرى غير ما عليه الأكثر في المسألة النازلة له أن يعمل بما يرى أو يعتقد في ذلك في نفسه، لكن لأجل قول الأكثر في المسألة الاجتهادية.

فإذاً:النوع الأول من الخلاف: الخلاف في المسائل الاجتهادية التي لا نص فيها، هذه يعذر بعضهم بعضاً؛ لأنها اجتهاد في تنزيل المسألة النازلة على النصوص.

والنوع الثاني: الخلاف في المسائل التي فيها دليل، لكن اختلف فيها العلماء، نَزَع كلٌّ إلى جهة من الدليل، وبعضهم - مثلاً - لم يقل بالدليل، قال بغيره، قال بقياس، قال برأي، فهذا الخلاف في المسائل التي فيها دليل ينقسم إلى قسمين:

الأول:خلاف ضعيف.

والثاني:خلاف قوي.

والخلاف الضعيف: هو الذي يكون في مقابلة الدليل، يعني: قال قياساً مع ظهور الدليل، لاحظ كلمة (ظهور الدليل) يعني: دل الدليل على المسألة بظهور، أو بما هو أعظم من الظهور وهو النص، وقال طائفة من أهل العلم بخلاف ما دل عليه الدليل ظاهراً أو نصاً، فهذا لا شك أن هذا الخلاف يكون ضعيفاً.
الثاني:أن يكون الخلاف قوياً بحيث تكون الأدلة متعارضة، قد يرجح هذا وقد يرجح هذا، فإنه حينئذ يكون الخلاف قوياً، وإذا كان الخلاف قوياً فإنه لا إنكار في مسائل الخلاف القوي، وأما إذا كان الخلاف ضعيفاً فإنه يُنكر في مسائل الخلاف الضعيف.


أطلق بعض أهل العلم قاعدة وهي قولهم: (لا إنكار في مسائل الخلاف) وهذا الإطلاق غلط؛ لأن المسائل الخلافية الصحابة بعضهم أنكر على بعض فيها، والتابعون أنكر بعضهم على بعضٍ فيها، والمسائل الخلافية على التفصيل الذي ذكرته لك.

إذا كان الخلاف في مسألة لم يرد فيها الدليل فهذه تسمى المسائل الاجتهادية، هذا الخلاف سائغ.
والقسم الثاني: أن يكون الخلاف في مسائل فيها الدليل، وهي منقسمة إلى خلاف قوي وإلى خلاف ضعيف.


مثلاً: من مسائل الخلاف القوي: مسألة زكاة الحلي، الأدلة فيها مختلفة، وفهم الدليل أيضاً مختلف بين أهل العلم، فهذه نقول: الخلاف فيها قوي، فلا إنكار، من زكى فقد تبع بعض أهل العلم، ومن لم يزك فقد تبع بعض أهل العلم، فلا حرج في ذلك ولا إنكار في هذه المسألة.

كذلك مسألة قراءة الفاتحة في الصلاة للمأموم، هل يقرأ المأموم أو لا يقرأ؟
الخلاف فيها قوي، والأدلة متنازعة فيها، وكلام الأئمة فيها، فيه من يقول كذا، وفيه من يقول كذا، والجمهور، جمهور الصحابة والتابعين وقول المحققين كالإمام أحمد وشيخ الإسلام وابن القيم فلا إنكار فيها.
مثلاً بعض المسائل التي يختلف فيها أهل العلم في هذا الزمن، مثلاً مسألة التصوير، التصوير بالفيديو، بعضهم يجعله داخلاً في التصوير فيمنعه، وبعضهم لا يجعله داخلاً في التصوير فلا يمنعه.


فهذا يكون مسألة فيها خلاف قوي، بعضهم يجيز وبعضهم لا يجيز.
وكذلك من هذه المسألة التي فيها الخلاف القوي بين أهل العلم:

مسألة التصوير الضوئي؛ لأن بعضهم أباحه، وبعض أهل العلم منعه، وهذا له حجة، وهذا له حجة، واختلف فيه علماؤنا المعاصرون، مع أن الصحيح كما هو معلوم أنه لا يجوز ذلك لعموم الأدلة؛ كما هو مبسوط في موضعه.

المسائل التي فيها خلاف ضعيف كثيرة، وهذا نقول به لأجل أن ينتبه طالب العلم إلى ما يُنكر فيه وما لا ينكر فيه، فمسائل ترى أهل العلم لا ينكرون فيها؛ لأجل الخلاف القوي فيها، وترى أحياناً ينكرون لأجل الخلاف، أن يكون خلافاً ضعيفاً.

مثل مسألة كشف المرأة لوجهها، عندنا الخلاف فيها ضعيف، وبعض أهل العلم يرى أن الخلاف فيها قوي، لكن الصحيح أنه ضعيف؛ لأن الحجة التي أدلى بها من أجاز ذلك ليست بوجيهة، إلى آخر المسائل.

الخلاف الضعيف مثل: المعازف، خلاف ابن حزم فيها شاذ وضعيف.

كذلك إباحة النبيذ وما شابهه مما لا يسكر قليله، فهذا معلوم الخلاف فيها، لكن الخلاف فيها ضعيف.

كذلك أكل لحم ذي الناب من السباع، خلاف خالف فيه أهل المدينة - مالك ومن معه - غيرهم من الأئمة، ونقول: الخلاف فيه ضعيف لوجود النص الواضح عن النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف ذلك، إلى آخر ذلك من المسائل المعروفة.

مسلمة 12 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م 08:06 PM

أسئلة:

[سؤال]:
ماذا تعني بقولك: إن عيسى مجمعٌ على حياته في السماء ؟

[جواب]:
فيها إشكال؟!

عيسى -عليه السلام- ما مات وما قُتل وما صُلب، ولكن الله -جل وعلا- توفاه، يعني: استوفى له مدته الأولى في الأرض {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}ورُفع إلى السماء حياً، وأُلقي الشبه مكانه، فَقَتل اليهود الشَّبَه وصلبوا الشبه، وأما عيسى عليه السلام، فهو حيٌ في السماء، وينزل، ونزوله من أشراط الساعة الكبرى، ينزل عليه السلام، فيعيش في الأرض مدة، بعضهم قال: سبع سنين، بعضهم قال أقل أو أكثر، ثم يموت، يصلي عليه المسلمون ويدفنونه.
فهو الآن -عليه السلام- حيٌ في السماء بإجماع الأمة بلا خلاف، ولا قائل إنه يجوز الاستغاثة به وهو الآن في السماء حي، ما أحد يقول هذا، يعني: إلزام لهم، لو قالوه لصرحت عليهم جميع المراجع التي يرجعون إليها بأن هذا شرك وأن هذا مضاهي لفعل النصارى.
[سؤال]:

هل الاستغاثة بعيسى عليه السلام شرك؟

[جواب]:
نعم، لا شك.

[سؤال]:
هل طلب الدعاء من الشخص سنة؟

[جواب]:
طلب الدعاء من الحي، يعني: ترى من ترجو أن يجاب: إما لكونه صالحاً؛ أو لأنه يتحرى أوقات الإجابة؛ أو لأنه في سفر؛ أو ما أشبه ذلك من أسباب الإجابة، فتطلب منه أن يدعو لك، فالأولى أن لا تطلب منه، وإذا طلبت فإن السنة أن تنوي نفعه ونفعك جميعاً، لا تنوي حين تطلب أنك محتاج إلى أن يدعو لك، هذا خلاف السنة.

السنة أن تنوي النفع، يعني حين تطلب منه الدعاء تريد أن تنفعه بأن يُؤمن الملك ويقول: ولك بمثل، وتنفع نفسك أيضاً بإجابة الدعاء، هذا هو التحقيق، وعليه يُحمل ما ورد في السنن من سؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر أن يدعو له: ((لا تنسنا يا أخي من دعائك)) مع أنه حديث ضعيف، وكذلك طلب الدعاء من أويس.




الساعة الآن 09:02 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir