تحريم الغلول
وعنْ عُبادَةَ بنِ الصامتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تَغُلُّوا؛ فَإِنَّ الْغُلُولَ نَارٌ وَعَارٌ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)). رواهُ أحمدُ والنَّسائيُّ، وصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ. |
سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني
21/1200 - وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَغُلُّوا؛ فَإِنَّ الْغُلُولَ نَارٌ وَعَارٌ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. (وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تَغُلُّوا؛ فَإِنَّ الْغُلُولَ): بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ اللاَّمِ، (نَارٌ وَعَارٌ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ). تَقَدَّمَ أَنَّ الْغُلُولَ: الْخِيَانَةُ في الغَنِيمَةِ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لأَنَّ صَاحِبَهُ يَغُلُّهُ فِي مَتَاعِهِ؛ أَيْ: يُخْفِيهِ. وَهُوَ مِن الْكَبَائِرِ بِالإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ. وَالْعَارُ: الْفَضِيحَةُ، فَفِي الدُّنْيَا إذَا ظَهَرَ افْتَضَحَ بِهِ صَاحِبُهُ، وَأَمَّا فِي الآخِرَةِ فَلَعَلَّ الْعَارَ يُفِيدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْغُلُولَ، وَعَظَّمَ أَمْرَهُ، فَقَالَ: ((لا أَلْفَيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئاً، قَدْ أَبْلَغْتُكَ)) الْحَدِيثَ. وَذَكَرَ فِيهِ الْبَعِيرَ وَغَيْرَهُ؛ فَإِنَّهُ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي الْغَالُّ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الشَّنِيعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُؤُوسِ الأَشْهَادِ، فَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْعَارُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَيْءٌ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا ذَنْبٌ لا يُغْفَرُ بِالشَّفَاعَةِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً))، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي مَحَلِّ التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُغْفَرُ لَهُ بَعْدَ تَشْهِيرِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ. وَالْحَدِيثُ الَّذِي سُقْنَاهُ وَرَدَ فِي خِطَابِ الْعَامِلِينَ عَلَى الصَّدَقَاتِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْغُلُولَ عَامٌّ لِكُلِّ مَا فِيهِ حَقٌّ لِلْعِبَادِ، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْغَالِّ وَغَيْرِهِ. فَإِنْ قُلْتَ: فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْغَالِّ رَدُّ مَا أَخَذَ؟ قُلْتُ: قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: إنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْغَالَّ يُعِيدُ مَا غَلَّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَأَمَّا بَعْدَهَا فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَمَالِكٌ: يَدْفَعُ إلَى الإِمَامِ خُمُسَهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ لا يَرَى ذَلِكَ، وَقَالَ: إنْ كَانَ مَلَكَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَلَكَهُ فَلَيْسَ لَهُ التَّصَدُّقُ بِمَالِ الغَيْرِ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الإِمَامِ؛ كَالأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ. |
توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام
1113 - وَعَنْ عُبادَةَ بنِ الصامتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَغُلُّوا؛ فَإِنَّ الْغُلُولَ نَارٌ وَعَارٌ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)). رَوَاهُ أحمدُ والنَّسائيُّ وَصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ. دَرَجَةُ الْحَدِيثِ: الْحَدِيثُ حَسَنٌ، صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ، والنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَلَهُ مَا يُؤَيِّدُهُ مِمَّا جَاءَ فِي (صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ الْغُلُولَ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ...) إلخ الْحَدِيثِ. قَالَ الْهَيْثَمِيُّ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ الْعِرْبَاضِ، لَمْ أَجِدْ مَنْ وَثَّقَهَا، وَلا مَنْ جَرَّحَهَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ. مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ: - الْغُلُولَ: بِضَمِّ الغينِ، مَصْدَرُ غَلَّ غُلُولاً، مِنْ بَابِ قَعَدَ، وَهُوَ الخيانةُ فِي الغَنِيمَةِ وَغَيْرِهَا. - عَارٌ: يَعْنِي: عَيْبٌ، وَفَضِيحَةٌ عَلَى صَاحِبِهَا. مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ: 1- الْغُلُولُ: هُوَ الخيانةُ فِي الغنيمةِ، وَهُوَ مِنْ كَبَائِرِ الذنوبِ؛ لقولِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}. [آل عِمْرَان: 161]. وَذَلِكَ بإجماعِ الْعُلَمَاءِ؛ لِمَا يَجْمَعُهُ مِنَ المفاسدِ، فَهُوَ سَفَهٌ وَخِيَانَةٌ، وَهُوَ ظُلْمٌ لِعُمُومِ المُجَاهِدِينَ، وَأَصْحَابِ الخُمْسِ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَقْصِدْ بِغَزْوِهِ الجهادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ المَغْنَمَ، وَإِنَّمَا الأعمالُ بالنِّيَّاتِ. 2- الْغُلُولُ عَارٌ؛ لأَنَّهُ عَيْبٌ وَفَضِيحَةٌ أمامَ الْمُسْلِمِينَ وَقَادَتِهِم، وَهُوَ نَارٌ؛ لأَنَّهُ عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ. رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ: (أَنَّ رَجُلاً تُوُفِّيَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِخَيْبَرَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ)). فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ الْقَوْمِ لِذَلِكَ، فَلَمَّا رَأَى الَّذِي بِهِمْ، قَالَ: ((إِنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)). فَفَتَّشُوا مَتَاعَهُ، فَوَجَدُوا خَرَزاً لليهودِ مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ). 3- الأخذُ مِنْ أموالِ الدولةِ وبيتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ حُكْمُهُ حُكْمُ الغُلُولِ، فَمَنْ وُلِّيَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أموالِ الدولةِ فَأَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِطُرُقٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ – فَهُوَ غَالٌّ. 4- قَالَ شارحُ (البلوغِ): الْعَارُ: الفضيحةُ فِي الدُّنْيَا، إِذَا ظَهَرَ افْتَضَحَ بِهِ صَاحِبُهُ، وَأَمَّا فِي الآخِرَةِ: فَلَعَلَّ الْعَارَ يُبَيِّنُهُ مَا فِي الصحيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ الغلولَ؛ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ، فَقَالَ: ((لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً، قَدْ أَبْلَغْتُكَ)). فَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْعَارُ فِي الآخِرَةِ. 5- يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ هَذَا ذَنْبٌ لا يُغْتَفَرُ بالشفاعةِ؛ لقولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً)). وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَوْرَدَهُ مَوْرِدَ التغليظِ والتشديدِ. والغُلُولُ عَامٌّ لِكُلِّ مَا فِيهِ حَقُّ الْعِبَادِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: (أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْغَالَّ يُعِيدُ مَا غَلَّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ). |
الساعة الآن 04:54 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir