معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   كتاب البيوع (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=195)
-   -   حكم بيع الثمر قبل بدو صلاحه (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=4015)

محمد أبو زيد 4 ربيع الأول 1430هـ/28-02-2009م 11:18 AM

حكم بيع الثمر قبل بدو صلاحه
 
ولا يُباعُ ثَمَرٌ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِه ولا زَرْعٌ قبلَ اشتدادِ حَبِّه ولا رَطْبَةٌ وبَقْلٌ ولا قِثَّاءٌ ونحوُه كباذنجانٍ دونَ الأصْلِ إلا بشَرْطِ القَطْعِ في الحالِ أو جزَّةً جزَّةً، أو لُقْطَةً لُقْطَةً.

محمد أبو زيد 4 ربيع الأول 1430هـ/28-02-2009م 04:58 PM

المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي
 
.....................

محمد أبو زيد 4 ربيع الأول 1430هـ/28-02-2009م 05:41 PM

الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي
 
(ولا يُبَاعُ ثَمَرٌ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِه)؛ لأنَّه عليه السَّلامُ نَهَى عَن بَيْعِ الثمارِ حتَّى يَبْدُوَ صَلاحُها نَهَى البَائِعَ والمُبْتَاعَ. مُتَّفقٌ عليه. والنَّهْيُ يَقْتَضِي الفسادَ. (ولا) يُبَاعُ (زَرْعٌ قبلَ اشتِدادِ حَبِّه) لمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَن ابنِ عُمَرَ (أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ نَهَى عَن بَيْعِ النَّخْلِ حتَّى يَزْهُوَ وعَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حتَّى يَبْيَضَّ ويَأْمَنَ العَاهَةَ نَهَى البَائِعَ والمُشْتَرِيَ). (ولا) تُبَاعُ (رُطَبَةٌ وبَقْلٌ ولا قِثَّاءٌ ونَحْوُه كبَاذِنْجَانٍ دُونَ الأصلِ)؛ أي: مُنْفَرِدَةً عَن أُصُولِها؛ لأنَّ ما في الأرضِ مَستورٌ مَغِيبٌ، وما يَحْدُثُ منه مَعْدُومٌ فلم يَجُزْ بَيْعُه كالذي يَحْدُثُ مِن الثمرةِ، فإنْ بِيعَ الثمَرُ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِه بأُصُولِه، أو الزَّرْعُ الأخضَرُ بأَرْضِه، أو بِيعَا لمَالِكِ أَصْلِهِمَا، أو بِيعَ قِثَّاءٌ ونَحْوُه معَ أَصْلِه صَحَّ البَيْعُ؛ لأنَّ الثمَرَ إذا بِيعَ معَ الشجرِ، والزَّرْعَ إذا بِيعَ معَ الأرضِ دَخَلاَ تَبَعاً في البَيْعِ فلم يَضُرَّ احتِمَالُ الغَرَرِ، وإذا بِيعَا لمَالِكِ الأصلِ فقَد حَصَلَ التسليمُ للمُشتَرِي على الكَمَالِ.
(إلا) إذا بَاعَ الثمرَةَ قبلَ بُدُوِّ صلاحِها أو الزَّرْعَ قبلَ اشتِدادِ حَبِّه (بشَرْطِ القَطْعِ في الحالِ) فيَصِحُّ إن انتَفَعَ بهما؛ لأنَّ المَنْعَ مِن البَيْعِ لخَوْفِ التَّلَفِ وحُدُوثِ العَاهَةِ، وهذا مَأمونٌ فيما يُقْطَعُ، (أو) إلا إذا بَاعَ الرُّطَبَةَ والبُقُولَ (جَزَّةً) مَوجُودةً فـ (جَزَّةً) فيَصِحُّ؛ لأنَّه مَعلومٌ لا جَهَالَةَ فيه ولا غَرَرَ، (أو) إلا إذا بَاعَ القِثَّاءَ ونَحْوَها (لَقْطَةً) مَوجودةً فـ (لَقْطَةً) مَوجُودةً لمَا تَقَدَّمَ، وما لم يُخْلَقْ لم يَجُزْ بَيْعُه.

محمد أبو زيد 4 ربيع الأول 1430هـ/28-02-2009م 05:42 PM

حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم
 
(ولا يباع ثمر قبل بدو صلاحه) ([1]) لأنه عليه السلام نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع، متفق عليه([2]) والنهي يقتضي الفساد([3]) (ولا) يباع (زرع قبل اشتداد حبه) ([4]).
لما روى مسلم عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع النخل حتى يزهو([5]) وعن بيع السنبل حتى يبيض([6]) ويأمن العاهة([7]) نهى البائع والمشتري([8]) (ولا) تباع(رطبة وبقل([9]) ولا قثاء ونحوه كباذنجان([10])دون الأصل) أي منفردة عن أصولها([11]) لأن ما في الأرض مستور مغيب([12]) وما يحدث منه معدوم، فلم يجز بيعه كالذي يحدث من الثمرة([13]) فإن أبيع الثمر قبل بدو صلاحه بأصوله([14]).
أو الزرع الأخضر بأرضه([15]) أو أبيعا لمالك أصلهما([16]) أو أبيع قثاء ونحوه مع أصله، صح البيع([17]) لأن الثمر إذا أبيع مع الشجر، والزرع إذا أبيع مع الأرض، دخلا تبعا في البيع، فلم يضر احتمال الغرر([18]) وإذا أبيعا لمالك الأصل فقد حصل التسليم للمشتري على الكمال([19]).
(إلا) إذا باع الثمرة قبل بدو صلاحها([20]) أو الزرع قبل اشتداد حبه (بشرط القطع في الحال) فيصح إن انتفع بهما([21]) لأن المنع من البيع لخوف التلف، وحدوث العاهة، وهذا مأمون فيما يقطع([22]).
(أو) إلا إذا باع الرطبة والبقول (جزة) موجودة ف ـ(جزة) فيصح([23]) لأنه معلوم لا جهالة فيه ولا غرر([24]).
(أو) إلا إذا باع القثاء ونحوها (لَقْطَة) موجودة فـ (لقطة) موجودة لما تقدم([25]) وما لم يخلق لم يجز بيعه([26])


([1]) الثمر جمع ثمرة، وهي أعم من الرطب وغيره، و«بدو» بغير همز أي ظهور صلاحه، حمرته، أو صفرته، وبدوه إذا ظهر، ولو في شجرة إذا اتحد البستان، والعقد، والجنس فيتبع ما لم يبد صلاحه ما بدا صلاحه، لأن الله جعل الثمار لا تطيب دفعة واحدة، إطالة لزمن التفكه، ولو اعتبر في طيب الجميع، لأدى إلى أن لا يباع شيء قبل كمال صلاحه، أو الحبة بعد الحبة، وفي كل منهما ضرر.
([2]) أما البائع فإنه يريد أكل المال بالباطل، وأما المشتري فإنه يوافقه على حرام، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على القول بجملة هذا الحديث، ولهما عن أنس: نهى عن بيع الثمار حتى تزهو، قيل: وما زهوها؟ قال «تحمار أو تصفار» قال الخطابي: أراد حمرة أو صفرة بكمودة، ولم يرد اللون الخالص، وقال ابن التين: ظهور أوائل الحمرة، وفي حديث زيد بن خالد: كان الناس يتبايعون الثمار، فإذا جذ الناس، وحضر تقاضيهم، قال المبتاع: إنه أصاب الثمرة الدمان، وهو فساد الطلع، وسواده وقال بعضهم: مراض، قشام، أي تساقط، عاهات يحتجون بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا تبتاعوا حتى يبدو صلاح الثمرة)) فالضابط أن يطيب أكله، ويظهر نضجه.
([3]) أي فساد المنهي عنه، لهذه الأخبار وغيرها، فإنها دالة على المنع من بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وأن وقوعه في تلك الحال باطل، كما هو مقتضى النهي.
([4]) أي قوته وصلابته، والمراد بدو صلاحه، وهذا إجراء للحكم على الغالب
لأن تطرق التلف إلى البادي صلاحه ممكن، وعدمه إلى غير ما بدا صلاحه ممكن، فأنيط الحكم بالغالب.

([5]) وذلك إذا ظهرت حمرته، وفسره بقوله «تحمار وتصفار» وهو دليل على خلاص الثمر من الآفة، وفيه «أرأيت إذا منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟».
([6]) وفي لفظ «حتى يشتد» وفي الصحيحين، نهى عن بيع الثمرة حتى تطيب.
([7]) يعني الآفة تصيبه فيفسد، فدل الحديث على أن الصلاح في السنبل أن يشتد ويبيض، ويأمن الآفة، فاشتداد الحب هو الغاية لصحة بيعه، كبدو الصلاح في الثمرة.
([8]) أما البائع فلئلا يأكل مال أخيه بالباطل، وأما المشتري فلئلا يضيع ماله، ويساعد البائع على الباطل، قال ابن المنذر: لا أعلم أحدا يعدل عن القول بهذا الحديث، وهو قول مالك وأهل المدينة، وأهل البصرة، وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي.
([9]) الرطبة القت، وفي النهاية: الفصفصة، وهي الرطبة من علف الدواب، والبقل: الكراث، وقيل: كل نبات، اخضرت به الأرض.
([10]) وكبطيخ وباميا والقثاء هو الخيار، والواحدة قثاءة، ويسمى الطروح.
([11]) كثمر دون نخل، وسائر شجر، أو زرع دون أرض، أو قثاء ونحوه دون عروقه، فلم يصح البيع، لما تقدم.
([12]) كالمقاثي، أي فلا يجوز بيعها بدون أصولها.
([13]) أي كما لا يجوز بيع ما يحدث من الثمرة، لوقوع العقد على معدوم، وقال الشيخ: الصحيح أن هذه لم تدخل في نهي النبي صلى الله عليه وسلم بل يصح العقد على اللقطة الموجودة، واللقطة المعدومة إلى أن تيبس المقثاة، لأن الحاجة داعية إلى ذلك، فيجوز بيع المقاثي دون أصولها.
وقال ابن القيم: ليس في كتاب الله، ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة أن بيع المعدوم لا يجوز، لا بلفظ عام، ولا بمعنى خاص، بل صحح الشارع في بعض المواضع بيع الثمر، وإنما نهى عن بيع الثمار التي يمكن تأخير بيعها، حتى يبدو صلاحها، فلم تدخل المقاثي في نهيه، وقال: وإنما نهى عن بيع الغرر، ولا يسمى هذا البيع غررا لا لغة، ولا عرفا، ولا شرعا اهـ.
وأهل الخبرة يستدلون بما ظهر من الورق، على المغيب في الأرض، والمرجع في ذلك إليهم، وأيضا العلم في المبيع شرط، في كل شيء بحسبه، وما احتيج إلى بيع يسوغ فيه ما لا يسوغ في غيره، فيجيزه الشارع للحاجة مع قيام السبب، كما أقام الخرص في العرايا مقام الكيل، وغير ذلك.
([14]) وذلك بأن يبيع الثمر مع الشجر صح البيع، قال الموفق وغيره: بالإجماع لأنه دخل تبعا لها.
([15]) صح البيع، كالثمر مع الشجر.
([16]) أي أو أبيع الثمر والزرع لمالك أصل الشجر والأرض، صح البيع، وهو المشهور عن مالك، وأحد الوجهين للشافعية، واختاره أبو الخطاب وغيره، وذلك أن يبيع الأصل بعد أن أبرت الثمرة، ولم يشترط المبتاع تلك الثمرة، فيبيعها بائع الأصل على المشتري.
([17]) أي وإلا أبيع قثاء ونحوه كباذنجان مع أصله صح البيع، ولو لم تبع معه أرضه، لأنه أصل تتكرر ثمرته، أشبه الشجر، وذكر الشيخ وغيره أنه يجوز بيع المقاثي بعروقها، سواء بدا صلاحها أولا، وأن العروق كأصول الشجر، وتقدم أن المأخذ الثاني، وهو الصحيح أنها لم تدخل في النهي، بل يصح العقد على اللقطة الموجودة والمعدومة، وأنه يجوز بيعها دون أصولها.
([18]) كما احتملت الجهالة في بيع اللبن في الضرع مع الشاة، والنوى في التمر مع التمر، ولا نزاع في صحته.
([19]) أي وإذا أبيع الثمر لمالك الشجر، والزرع لمالك الأرض، فقد حصل بذلك تسليم الجميع للمشتري على الكمال، لملكه الأصل والقرار، فصح البيع، كصحة بيعها معهما، هذا المذهب وعنه: كبيعه لغير مالكه، لانفراد العقد، وهو قول الجمهور ، لعموم الخبر.
([20]) يعني بشرط القطع في الحال فيصح، قال الموفق: بالإجماع.
([21]) أي بالثمر والزرع، قاله الشيخ وغيره، وذلك لأنه إذا لم ينتفع بهما فهو فساد، وإضاعة المال، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وإن أراد بذلك نفي الضمان لم ينتف لإثبات الشارع له، ولا يجوز اتخاذ ذلك حيلة لإبطال ما أمر الله به، ونهى عنه، وإن اشترى قصيلا من شعير ونحوه، فقطعه ثم نبت، فلصاحب الأرض، كما لو سقط سنابل من حاصد زرع، ثم نبت من العام المقبل نص عليه، وما لا ينتفع به كثمر الجوز، وزرع الترمس، لا يصح بشرط القطع، لعدم النفع بالمبيع، وكذا ما كان مشاعا، لتعذر قطعه بدون قطع ما لا يملكه.
([22]) فيصح بيعه، كما لو بدا صلاحه.
([23]) أي البيع إذا، والجزة بالكسر ما جز منه والمرة، وجز الحشيش ونحوه جزا: قطعه.
([24]) وهذا مذهب الشافعي، ورخص مالك وغيره في شراء جزتين وثلاث، وتقدم قول الشيخ وابن القيم: أنه لم يرد أن بيع المعدوم لا يجوز، وأنه ليست العلة في المنع العدم، ولا الوجود، وأنه وإن كان معدوما، فليس فيه غرر، لأنه يقدر على تسليمه، فلا غرر فيه، وأما الخشب ونحوه إذا اشتراه من غير شرط القطع.
فالبيع صحيح، والكل للمشتري إلى وقت قطعه المعتبر عند أهله، جزم به الشيخ سليمان بن علي، وفي الإقناع: إن أخر قطع خشب مع شرطه فنما، فالبيع لازم، ويشتركان في الزيادة.
([25]) أي من أنه معلوم، لا جهالة فيه ولا غرر، فيصح البيع، واللقطة بفتح اللام: المرة.
([26]) وهذا مذهب الشافعي وغيره، وقال ابن القيم: لم جعلوا المعدوم منزلا منزلة الموجود في منافع الإجارة، للحاجة إلى ذلك، وهذا مثله من كل وجه لأنه يستخلف كما تستخلف المنافع، وقد جوزوا بيع الثمرة إذا بدا الصلاح في واحدة منها، ومعلوم أن بقية الأجزاء معدومة، فجاز بيعها، قال: واللقطة لا ضابط لها، فإنه يكون في المقثاة الكبار والصغار وبين ذلك، فالمشتري يريد استقصاءها والبائع يمنعه من أخذ الصغار، فيقع التنازع، فأين هذا من جعل ما لم يوجد تبعا لما وجد، لما فيه من المصلحة، وقد اعتبرها الشارع، ولم يأت عنه أنه نهى عن بيع المعدوم، وإنما نهى عن بيع الغرر، والغرر شيء، وهذا شيء، ولا يسمى هذا البيع غررا، لا لغة، ولا عرفا، ولا شرعا.

ريحانة الجنان 26 جمادى الأولى 1431هـ/9-05-2010م 08:20 PM

الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان
 
ولا يُباعُ ثَمَرٌ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِه(25) ولا زَرْعٌ قبلَ اشتدادِ حَبِّه(26) ولا رَطْبَةٌ وبَقْلٌ ولا قِثَّاءٌ ونحوُه كباذنجانٍ دونَ الأصْلِ(27) إلا بشَرْطِ القَطْعِ في الحالِ أو جزَّةً جزَّةً، أو لُقْطَةً لُقْطَةً(28).


(25) لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمبتاع ، متفق عليه . والنهي يقتضي الفساد .
(26) أي : ولا يباع زرع قبل ذلك لما روى مسلم عن ابن عمر ( أن رسول صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو وعن بيع السنبل حتى يبيض ويؤمن العاهة نهى البائع والمشتري ) .
(27) أي : لا يصح بيع هذه الأشياء المذكورة في قوله : ( ولا يباع ثمر قبل بدو صلاحه . . . ) إلى قوله كباذنجان ، منفردة عن أصولها ؛ لأن ما في الأرض مستور مغيب ، وما يحدث منه معدوم فلم يجز بيعه ، فإن بيعت مع أصولها صح البيع ؛ لأﻧﻬا تدخل تبعاً
والرطبة : القت . والبقل : الكراث .
(28) أي : فإن باع الثمر قبل بدو صلاحه والزرع قبل اشتداد حبه بشرط القطع في الحال أو باع الرطبة والبقل جزة جزة أو القثاء والباذنجان لقطة لقطة أي : كل جزة وكل لقطة على حدة صحح ذلك لعدم المحذور .


ساجدة فاروق 16 ربيع الثاني 1432هـ/21-03-2011م 10:58 AM

الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
 
وَلاَ يُبَاعُ ثَمَرٌ قَبْلَ بُدُوِّ صَلاَحِهِ،.
قوله: «ولا يباع ثمر قبل بدو صلاحه» أيُّ ثمرٍ لا يباع حتى يصلح، فلنمثل بالنخل: فلا يجوز أن تبيع ثمرة النخلة حتى يبدو صلاحها، ويجوز أن تبيع النخلة قبل بدو صلاح ثمرها.
إذن كلامه الأخير في الثمر أنه لا يجوز أن يباع قبل بدو صلاحه، فما صلاحه؟
صلاحه أن يحمرّ أو يصفرّ، والدليل على ذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ((نهى أن تباع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمشتري[(1)]، وسئل أنس ـ رضي الله عنه ـ: ما بدو الصلاح؟ قال: أن تحمارّ أو تصفارّ» [(2)]، وهذا دليل أثري، وهناك دليل نظري، وهو أنها إذا بيعت قبل بدو صلاحها فإنها لا تصلح للأكل وتكون عرضة للآفات والفساد، وإذا حصل هذا صار نزاع بين البائع والمشتري، والشريعة تقطع كل شيء يكون سبباً للنزاع والبغضاء والفرقة.
فلو أن إنساناً باع ثمرة نخلة خضراء ليس فيها تلوين فالبيع فاسد؛ لأن النهي وقع على عقد البيع، وكل نهي وقع على عمل سواء كان عبادة أو معاملة فإنه يقتضي الفساد، إذن نقول في هذه الحال: البيع فاسد، والثمر للبائع، والثمن للمشتري.
مسألة : إن بدا في النخلة صلاح حبة واحدة فهل يجوز بيعها؟
الجواب : نعم يجوز؛ لأنه بدا الصلاح، فإن أخذ الحبة التي بدا صلاحها فهل يجوز البيع بعد أخذها؟
الجواب: يجوز، وكذلك لو أخذ الملونة بعد البيع فهذا يجوز، يعني لو أنه كان فيها حبة واحدة بدا صلاحها، ثم إنها أخذت وبيعت بعد ذلك فالظاهر الجواز؛ لأنه بدا صلاحها، فتدخل في الحديث.
مسألة: إذا بدا صلاح النخلة فبيعت. فهل تباع جارتها التي لم يبد صلاحها من نوعها؟
الجواب: إن باع هذه النخلة التي بدا صلاحها على فلان، ثم باع جارتها عليه أو على غيره بعقد آخر جديد فهذا لا يجوز؛ لأن العقد عقدان في هذه الصورة، أما لو باعهما جميعاً وهما من نوع واحد فالبيع صحيح.
وإذا كانت من نوع آخر فالبيع غير صحيح، فمثلاً عندنا نخل سكري وإلى جانبه برحي، فباع سكرية بدا صلاحها وبرحية لم يبد صلاحها فهذا لا يجوز؛ لأنهما نوعان مختلفان، فإذا باع سكرية بدا صلاحها وسكرية أخرى لم يبدُ صلاحها صفقة واحدة فهذا يجوز؛ لأنهما من نوع واحد فكأنهما نخلة واحدة.
وقال بعض أهل العلم: إذا بدا الصلاح في البستان في نخلة واحدة منه جاز بيع جميعه، سواء كان جملة أم تفريداً؛ لأن هذا النخل الآن بدا صلاحه.
وتوسَّع آخرون فقالوا: إذا بدا صلاح ثمرة القرية جاز بيع جميع النخل فيها.
لكن القول الأول أصحّ أننا نعتبر كل واحدة بنفسها، فإن بيع جميعاً فإننا نرجع إلى النوع، فما كان من نوع واحد فصلاح الواحدة منه صلاح للجميع، وإذا اختلفت الأنواع فلكل نوع حكمه.
وقوله: «ولا يباع ثمر قبل بدو صلاحه» لا نافية، والنفي هنا للتحريم وإن كان يحتمل الكراهة، لكن الاستدلال بالحديث يدل على أن الفقهاء ـ رحمهم الله ـ أرادوا التحريم؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة نهى البائع والمشتري[(3)].

وَلاَ زَرْعٌ قَبْلَ اشْتدَادِ حَبِّه، وَلاَ رَطْبَةٌ وَبَقْلٌ، وَلا قِثَّاءٌ وَنَحْوُه كَبَاذِنْجَانٍ دُونَ الأصْلِ إلاَّ بِشَرْطِ القَطْعِ فِي الحالِ،
قوله: «ولا زرع قبل اشتداد حبه» الزرع يُشترى لأجل الحبّ الذي في السنبل، والحب الذي في السنبل يكون ليناً، حتى يتم نموه وحينئذ يشتد ويقوى، ويكون جوف الحبة من السنبلة أبيض، فلا يباع الزرع قبل أن يشتد حبه؛ لما ذكرنا سابقاً من أنه ربما يحصل فيه الفساد؛ لأن المشتري سوف يبقيه حتى ينضج ويصلح للأكل، فربما يعتريه الفساد في أوان نموه، وحينئذ يقع النزاع والخصومة، وربما ـ أيضاً ـ يقصر البائع في سقيه فيحصل نزاع بينه وبين المشتري، فقطعاً لهذا النزاع نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه[(4)]، وعن بيع الحب حتى يشتد[(5)].
وقوله: «ولا يباع زرع قبل اشتداد حبه» هذا ما لم يُبع للعلف، فإن بيع للعلف فإنه لا يشترط أن يشتد حبه، بل مجرد ما يبلغ الحصاد يباع ولا حرج في ذلك.
قوله: «ولا رطبة وبقل ولا قثاء ونحوُه كباذنجان دون الأصل إلا بشرط القطع في الحال» كذلك ـ أيضاً ـ لا تباع الرطبة ـ وهي المعروفة عندنا بالبرسيم أو القَتِّ ـ دون أصله إلا بشرط القطع في الحال؛ لأنه لو بيع دون أصله بدون شرط القطع في الحال، فإنه إذا تأخر ولو يوماً واحداً سوف ينمو، وهذا النماء الذي حصل بعد بيعه يكون للبائع وهو مجهول، فيؤدي إلى أن تكون الصفقة مجهولة؛ لأننا لا ندري مقدار نموه فيما بين البيع وجذه؛ ولهذا نقول: لا تبع هذا القت إلا أن تشترط على المشتري أن يقطعه في الحال، هذا ما ذهب إليه المؤلف ـ رحمه الله ـ.
ولكن الصحيح أنه لا يشترط ذلك، إذا كان قطعه في وقت يقطع مثله؛ لأن تأخير الحصاد لمدة يوم أو يومين أو أسبوع عند الناس لا يعتبر جهالة ولا يوجب نزاعاً، والأصل في البيع الحل والصحة حتى يقوم دليل على المنع، وهذا هو الذي عليه العمل، وكان الناس فيما سبق ـ ولعلهم إلى الآن ـ إذا تم تنامي الرطبة ـ يعني القت ـ باعوها، مع أنه ربما يتأخر الحصاد إلى عشرة أيام، إذ إن هذه الأرض الواسعة التي كلها مملوءة قتّاً لا يمكن أن تُحصد في يوم أو يومين.
فالصواب: أنه إذا كان ذلك بعد تمام نمائها، فإنها إذا بيعت لا يشترط القطع في الحال، بل يجزها المشتري حسب ما جرت به العادة.
وقوله: «ونحوه كباذنجان» والباذنجان عندنا باللغة العامية يسمونه (بَيْدَجان) وهذا تحريف لا بأس به؛ لأنه عرفي، ويذكر أن بائع باذنجان عرضه للبيع في السوق، ولكن الناس لم يشتروا منه فقال: حدثنا فلان عن فلان إلى أن بلغ النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ((الباذنجان لما أكل له)) [(6)]! وقصده بذلك ترغيب الناس فيه فتساقط الناس يشترون منه، وهذا مما مثل به العلماء في المصطلح للموضوع لغرض الدنيا؛ لأن أغراض الوضاعين كثيرة، منها إفساد الدين، والدنيا، وغير ذلك.
وهذا لا شك أنه لا يجوز للإنسان أن يرويه للناس إلا مقروناً ببيان وضعه.
وقوله: «دون الأصل» خرج به ما لو باعه مع أصله فإن البيع صحيح، ولهذا لو باع ثمرة النخلة قبل بدو الصلاح لم يجز، ولو باع النخلة وعليها ثمرة جاز، فإذا باع هذه الأشياء البقول والقثاء وما أشبه ذلك مع الأصل فهو جائز، فلو أن إنساناً عنده أرض كلها بطيخ، فجاء إنسان يريد أن يشتري هذا البطيخ، واشتراه بأصله كان ذلك جائزاً، وما حدث بعد البيع فهو للمشتري، وما نما بعد البيع فهو ـ أيضاً ـ للمشتري؛ لأن الفرع يتبع الأصل ولا عكس.
وقوله: «إلا بشرط القطع في الحال» فإذا باع الثمرة قبل بدو صلاحها واشترط المشتري أن يجزها في الحال، كان ذلك جائزاً؛ لأن المشتري لا يريد أن يبقيها حتى يبدو صلاحها، ولكن يشترط في هذه الحال أن تكون الثمرة مما ينتفع به إذا قطعت في الحال، فإن لم تكن مما ينتفع به فإن البيع باطل؛ لأنه سبق لنا أن من شروط البيع أن يقع على عين فيها نفع مباح.
فإذا قال: أنا أريد أن أشتري هذا الثمر الأخضر من النخلة وأقطعه الآن.
قلنا: البيع صحيح لكن بشرط أن ينتفع بهذا البلح، وكيف ينتفع به؟
الجواب: للبهائم مثلاً، أو للطيور، أو ربما يجرى عليه التجارب، أو ما أشبه ذلك، المهم أنه إذا باع الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع، فالبيع جائز بشرط أن تكون الثمرة مما ينتفع به إذا قطعت في الحال، وإلا فلا يجوز.
مثاله: باع زرعاً فيه سنبل ولكنه لم يشتد، واشترط البائع على المشتري حصاده في الحال، فالبيع جائز بشرط أن يكون منتفعاً به، والزرع إذا جز قبل أن يشتد يكون علفاً، وهذا أمر قد يكون فيه مصلحة للبائع ومصلحة للمشتري، أما مصلحة المشتري فإنه يحتاجه لعلف الدواب، وأما البائع فإنه ربما يكون محتاجاً إلى الأرض ليبني عليها أو يزرعها زرعاً آخر.
استثنى الفقهاء ـ رحمهم الله ـ ما إذا باع الثمرة أو الزرع لمالك الأصل فلا بأس، وكيف يبيع على مالك الأصل؟
مثاله: الفلاح زرع هذه الأرض لمالكها، ثم أراد أن يبيع الزرع على صاحب الأرض قبل اشتداد حبه، فهذا يجوز على كلام الفقهاء؛ لأنه باع الفرع لمالك الأصل، وكذلك في الثمرة، الثمرة للبائع؛ لأنه باع النخلة بعد أن أبرها فالثمرة له، لكن بعد أن تمت الصفقة طلب المشتري من البائع الذي كانت الثمرة له أن يبيع عليه الثمرة، فرغب أن يبيعها عليه، فعلى كلام الفقهاء يصح؛ لأنه باع الفرع على مالك الأصل فجاز، ولهم استدلال في الحديث، قالوا: إذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم أجاز أن يشترط المشتري الثمرة التي يستحقها البائع؛ لأنه ملك الأصل، فكذلك ـ أيضاً ـ إذا باعها البائع عليه بعد تمام الصفقة فقد باعها على مالك الأصل.
ولو أن البائع باع النخلة وفيها ثمر مؤبر، واشترط المشتري أن يكون الثمر له أليس هذا جائزاً؟
الجواب: بلى بنص الحديث لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((إلا أن يشترطه المبتاع)) [(7)].
هم يقولون: إذا كان يجوز اشتراط الثمرة التي للبائع لتكون للمشتري، فكذلك إذا باع البائع الثمرة على مشتري الشجرة لتكون الثمرة له.
فنقول: هذا ليس بصحيح ولا يصح القياس؛ لأن اشتراط الثمرة التي للبائع إنما كان في صفقة واحدة فكانت الثمرة تبعاً للأصل، وأما إذا انتهت الصفقة الأولى ثم أراد المتبايعان أن يعقدا صفقة جديدة على الثمرة وهي لم يبد صلاحها، فإن ذلك لا يجوز؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى أن تباع الثمار حتى يبدو صلاحها[(8)].
إذن القول الراجح في هذه المسألة: أن الثمرة لا تباع قبل بدو صلاحها ولو على مالك الأصل، وأن الزرع لا يباع قبل اشتداد حبه ولو على مالك الأصل.

أَوْ جَزَّةً جَزَّةً، أوْ لَقْطَةً لَقْطَةً ...
قوله: «أو جزة جزة» الرطبة ذكرنا أنها البرسيم أو القَتّ لغتان معروفتان.
مثاله: قال: أبيع عليك هذا البرسيم جزة جزة يعني تجزه الآن فقال: نعم، فيجوز؛ لأنه هنا سوف يجز قبل أن ينمو ولا جهالة فيه؛ لأنه مشاهد ومعلوم، ولكن الجزة لا بد أن تكون في الحال كما سبق.
والصحيح أنه يتبع في ذلك العرف، قد يجزها في الحال، وقد يتأخر عشرة أيام؛ لأن المساحة واسعة وهو يجزها يوماً بعد يوم.
قوله: «أو لقطة لقطة» اللقطة غير الجزة، والذي يلقط مثل الباذنجان والقثاء والكوسة والباميا واللوبيا وهكذا، هذا يباع لقطة لقطة، أي: اللقطة الحاصلة الآن الموجودة يبيعها، أما ما لم يوجد فإنه مجهول وينطبق عليه نهي النبي صلّى الله عليه وسلّم عن بيع الغرر[(9)].



[1] سبق تخريجه ص(16).
[2] أخرجه البخاري في البيوع/ باب بيع النخل قبل أن يبدو صلاحها (2197).
[3] أخرجه مسلم في البيوع/ باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع (1535) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
[4] سبق تخريجه ص(16).
[5] سبق تخريجه ص(13).
[6] انظر: «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة»، للشوكاني ص(167).
[7] سبق تخريجه ص(13).
[8] سبق تخريجه ص(16).
[9] أخرجه مسلم في البيوع/ باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر (1513) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.


الساعة الآن 02:48 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir