![]() |
اقتباس:
الله يحييكِ وخيراً جزاكِ أحسنتِ بارك الله فيكِ. بالنسبة للمشكلة فقد حللتها أمس بفضل الله وأيضاً نسقت البيت الشعري .. ربما كنتِ نسيتِ إلغاء تنسيقه قبل أن تستخدمي زر تنسيق القصيدة. اقتباس:
ظللت كل المشاركة وضغطت على زر u فأصبحت كل المشاركة تحتها خط ، ثم ضغطت مرة أخرى فأزال كل الخطوط من جميع المشاركة. اقتباس:
|
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
تقبّل الله منكِ وأحسنَ الله إليكِ. إن شاء الله سأضع لكِ العمل القادم. |
جزاك الله خيرا أختي ورفع قدرك وزادك علما
|
بارك الله فيكِ أختي الكريمة يمكنك أن تقومي -مُتوكّلةً على الله- بمراجعة وإتمام تنسيق كتاب الطهارة من زاد المستقنع: http://www.afaqattaiseer.com/vb/forumdisplay.php?f=157 1- المشاركات 1 و2 و3 و5 من كل موضوع غالباً في كل المواضيع منسقة، فيمكنك تجاوز المنسّق منها إن كان بالطريقة المتبعة، وتصحيح ما يلزم. - والمشاركة 4 في مُجملها مُنسقة في بعض المواضيع لكن تحتاج لإتمام ما ينقص من تنسيقها بالطريقة المتبعة، وتنسيق الغير منسق في باقي المواضيع. 2- المشاركات 4 و6 من كل موضوع تحتاج لحذف الروابط من الأرقام وسط الشرح وفي الهامش، كذلك كما سبق أن ذكرت لكِ نريد مسح المسافات والأسطر الفارغة في الهامش، ونريد أيضاً هذا في الشرح قبل الهامش (خاصة إن كانت المسافات زائدة ولا ضرورة لها). 3- لاحظت في المشاركة 4 من كل موضوع أن أغلب الفقرات في الشرح الذي قبل الهامش مفككة؛ يعني قد تكون الجمل تحتاج لأن تكون متصلة في سطر واحد ، وأجدها منفصلة رغم أن الكلام متصل ! فلعلك تنتبهي لهذا أثناء تعديل المشاركة. 4- في المشاركة 5 من كل موضوع (التي فيها شرح بن عثيمين) احذفي الأرقام التي تشير للهامش؛ لأن الهامش غير موجود. 5- قد يقابلك أكثر من مشاركة بها مشكلة INTERNAL SERVER ERROR ولا تقبل التعديل بمتصفح اكسبلورار ، فيمكنك استخدام متصفح فايرفوكس لتعديلها ، وأتمنى أن نتوصل لحل هذه المشكلة. وقد حاولت منذ قليل إصلاح خلل المشاركة 4 في موضوع خطبة زاد المستقنع لكن لم أفلح ! لكن حذفت الروابط من الأرقام ونسقت بعض ما كان ينقص، وكذلك رتبت الفقرات ووصلت الجمل التي تحتاج.. فأكملي تنسيقها كما هو مُتبع باستخدام متصفح فايرفوكس. |
توكلنا على الله وجزاك الله خيرا اختي الغالية
نسأل الله التوفيق والسداد وأن نكون عند حسن الظن هذا مثال على تعديلي وانتظر تعليقك جزاك الله خيرا( أقصد بالنسبة للمسافات وكذلك تغيير لون بعض الكلمات سأضع لك سطرا تحت الكلمات التي غيرت لونها ) وارجو ملاحظة كلمة (مِن مُقْنِعِ) فهي من المتن لكنها مكررة في أماكن أخرى تلوينها كلما تكررت بلون المتن يعيق استمرار الكلام بالنسبة للقارئ فهل الونها بالكحلي وسالونها لك هنا بلون مختلف حتى يتضح مقصودي وما لونته بالاحمر فهو خطا واضح هل اغيره ام اترك به ردا في قسم التصحيح المشاركة قبل التعديل : الحمدُ للَّهِ الذي شَرَحَ صَدْرَ مَن أَرَادَ هِدَايَتَهُ للإسلامِ، وفَقَّهَ في الدِّينِ مَن أرادَ به خَيْراً وفَهَّمَهُ فيمَا أَحْكَمَهُ مِن الأَحْكَامِ، أَحْمَدُهُ أنْ جَعَلَنَا مِن خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاسِ، وخَلَعَ علينا خِلْعَةَ الإسْلامِ خَيْرَ لبَاسٍ، وشَرَعَ لنَا مِن الدِّينِ مَا وَصَّى به نُوحاً، وإِبْرَاهِيمَ ومُوسَى وعِيسَى، وأَوْحَاهُ إلى مُحَمَّدٍ عليهِ وعلَيْهِم أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. وأَشْكُرُه وشُكْرُ النِّعَمِ وَاجِبٌ على الأنَامِ، وأَشْهَدُ ألاَّ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ ذُو الجَلالِ والإِكْرَامِ، وأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا ونَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ وحَبِيبُه وخَلِيلُه المَبْعُوثُ لبَيَانِ الحَلالِ والحَرَامِ، صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ وعلى آلِهِ وأَصْحَابِهِ وتَابِعِيهِم الكِرَامِ. أمَّا بَعْدُ: فهذا شَرْحٌ لَطِيفٌ على (مُخْتَصَرِ المُقْنِعِ) للشَّيْخِ الإمامِ العَلاَّمَةِ والعُمْدَةِ القُدْوَةِ الفَهَّامَةِ، هو شَرَفُ الدِّينِ أَبُو النَّجَا مُوسَى بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوسَى بنِ سَالِمِ بنِ عِيسَى بنِ سَالِمٍ المَقْدِسِيُّ الحَجَّايُّ ثُمَّ الصَّالِحِيُّ الدِّمِشْقِيُّ، تَغَمَّدَهُ اللَّهُ برَحْمَتِه، وأَبَاحَهُ بُحْبُوحَةَ جَنَّتِه ـ يُبَيِّنُ حَقَائِقَهُ، ويُوَضِّحُ مَعَانِيَهُ ودَقَائِقَهُ، معَ ضَمِّ قُيُودٍ يَتَعَيَّنُ التَّنْبِيهُ علَيْهَا، وفَوَائِدَ يُحْتَاجُ إليها معَ العَجْزِ وعَدَمِ الأَهْلِيَّةِ لسُلُوكِ تِلْكَ المَسَالِكِ، لَكِنَّ ضَرُورَةَ كَوْنِه لم يُشْرَحِ اقْتَضَت ذَلِكَ، واللَّهُ المَسْؤُولُ بفَضْلِه أنْ يَنْفَعَ بهِ كمَا نَفَعَ بأَصْلِه، وأنْ يَجْعَلَهُ خَالِصاً لوَجْهِه الكَرِيمِ، وزُلْفَى لَدَيْهِ في جَنَّاتِ النَّعِيمِ المُقِيمِ. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)؛ أي: بكُلِّ اسمٍ للذَّاتِ الأَقْدَسِ، المُسَمَّى بهذا الاسمِ الأَنْفَسِ، المَوْصُوفِ بكَمَالِ الإِنْعَامِ وما دُونَه، أو بإِرَادَةِ ذلك أُؤَلِّفُ مُسْتَعِيناً أو مُلابِساً على وَجْهِ التَّبَرُّكِ، وفي إِيثَارِ هَذَيْنِ الوَصْفَيْنِ المُفِيدَيْنِ للمُبَالَغَةِ في الرَّحْمَةِ إِشَارَةٌ لسَبْقِهَا مِن حَيْثُ مُلاصَقَتُها لاسمِ الذَّاتِ، وغَلَبَتُهَا مِن حيثُ تَكْرَارُها على أَضْدَادِهَا وعَدَمُ انقِطَاعِهَا. وقَدَّمَ الرَّحْمَنَ؛ لأنَّهُ عَلَمٌ في قَوْلٍ، أو كالعَلَمِ مِن حيثُ إِنَّهُ لا يُوصَفُ به غَيْرُه تَعَالَى؛ لأنَّ مَعْنَاهُ المُنْعِمُ الحَقِيقِيُّ البَالِغُ في الرَّحْمَةِ غَايَتَهَا، وذلك لا يَصْدُقُ على غَيْرِه. وابتَدَأَ بها تَأَسِّياً بالكِتَابِ العزِيزِ، وعَمَلاً بحديثِ ((كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُبْدَأْ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ))؛ أي: نَاقِصُ البَرَكَةِ. وفي رِوَايَةٍ ((بِالحَمْدِ للَّهِ))؛ فلذلك جَمَعَ بَيْنَهُمَا فقَالَ: (الحَمْدُ للَّهِ)؛ أي: جِنْسُ الوَصْفِ بِالجَمِيلِ، أو كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُ مَمْلُوكٌ أو مُسْتَحَقٌّ للمَعْبُودِ بالحَقِّ، المُتَّصِفِ بكُلِّ كَمَالٍ على الكَمَالِ. والحَمْدُ: الثَّنَاءُ بالصِّفَاتِ الجَمِيلَةِ والأَفْعَالِ الحَسَنَةِ، سَوَاءٌ كَانَ في مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ أم لا. وفي الاصطِلاحِ: فِعْلٌ يُنْبِئُ عَن تَعْظِيمِ المُنْعِمِ بسَبَبِ كَوْنِه مُنْعِماً على الحَامِدِ أو غَيْرِه. والشُّكْرُ لُغَةً: هو الحَمْدُ. واصطِلاحاً: صَرْفُ العَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ به علَيْهِ لِمَا خُلِقَ لأَجْلِه . قالَ تعالَى: {وَقَلِيْلٌ مِن عِبَادِيَ الشَّكُورُ} وآثرَ لَفْظَ الجَلالَةِ دُونَ بَاقِي الأَسْمَاءِ كالرَّحْمَنِ والخَالِقِ إِشَارَةً إلى أنَّهُ كمَا يُحْمَدُ لصِفَاتِه يُحْمَدُ لذَاتِه، ولئَّلا يُتَوَهَّمَ اختِصَاصُ استِحْقَاقِهِ الحَمْدَ بذلك الوَصْفِ دُونَ غَيْرِه. (حَمْداً) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُبَيِّنٌ لنَوْعِ الحَمْدِ لوَصْفِه بقَوْلِه: (لاَ يَنْفَدُ) بالدَّالِ المُهْمَلَةِ وفَتْحِ الفَاءِ مَاضِي نَفِدَ بكَسْرِهَا؛ أي: لا يَفْرَغُ. (أَفْضَلَ مَا يَنْبَغِي)؛ أي: يُطْلَبُ. (أَنْ يُحْمَدَ)؛ أي: يُثْنَى عَلَيْهِ ويُوصَفُ، وأَفْضَلَ مَنْصُوبٌ على أنَّهُ بَدَلٌ مِن حَمْداً أو صِفَتُه أو حَالٌ مِنْهُ، وما: مَوصُولٌ اسمِيٌّ أو نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ؛ أي: أَفْضَلُ الحَمْدِ الذي يَنْبَغِي، أو أَفْضَلُ حَمْدٍ يَنْبَغِي حَمْدُه بهِ. (وصَلَّى اللَّهُ) قالَ الأَزْهَرِيُّ: مَعْنَى الصَّلاةِ مِن اللَّهِ تَعَالَى الرَّحْمَةُ، ومِن المَلائِكَةِ الاستِغْفَارُ، ومِن الآدَمِيِّينَ التَّضَرُّعُ والدُّعَاءُ. (وسَلَّمَ) مِن السَّلامِ بمَعْنَى التَّحِيَّةِ، أو السَّلامَةِ مِن النَّقَائِصِ والرَّذَائِلِ، أو الأمَانِ. والصَّلاةُ عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُسْتَحَبَّةٌ تَتَأَكَّدُ يَوْمَ الجُمُعَةِ ولَيْلَتِهَا، وكذا كُلَّمَا ذُكِرَ اسمُه، وقِيلَ بوُجُوبِهَا؛ إذْ قَالَ اللَّهُ تعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} ورُوِيَ: ((مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَلِ المَلاَئِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِكَ الكِتَابِ)). وأتَى بالحَمْدِ بالجُمْلَةِ الاسمِيَّةِ الدَّالَّةِ على الثُّبُوتِ والدَّوَامِ لثُبُوتِ مَالِكِيَّةِ الحَمْدِ أو استِحْقَاقِه لهُ أَزَلاً وأَبَداً، وبالصَّلاةِ بِالفِعْلِيَّةِ الدَّالَّةِ على التَّجَدُّدِ؛ أي: الحُدُوثِ لحُدُوثِ المَسْؤُولِ وهو الصَّلاةُ؛ أي: الرَّحْمَةُ مِنَ اللَّهِ. (عَلَى أَفْضَلِ المُصْطَفَيْنَ مُحَمَّدٍ) بلا شَكٍّ؛ لقَوْلِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلاَ فَخْرَ))، وخُصَّ ببَعْثِهِ إلى النَّاسِ كَافَّةً وبالشَّفَاعَةِ، والأنبِيَاءِ تَحْتَ لِوَائِهِ. والمُصْطَفَوْنَ: جَمْعُ مُصْطَفَى وهو المُخْتَارُ مِن الصَّفْوَةِ، طَاؤُه مُنْقَلِبَةٌ عَن تَاءٍ، ومُحَمَّدٌ مِن أَسْمَائِهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ، سُمِّيَ به لكَثْرَةِ خِصَالِه الحَمِيدَةِ، سُمِّيَ بهِ قَبْلَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ شَخْصاً على ما قالَهُ ابنُ الهَائِمِ عَن بَعْضِ الحُفَّاظِ بخِلافِ أَحْمَدَ؛ فإنَّهُ لم يُسَمَّ به قَبْلَهُ. (وعَلَى آلِهِ)؛ أي: أَتْبَاعِه على دِينِه، نَصَّ عليهِ أَحْمَدُ وعلَيْهِ أَكْثَرُ الأَصْحَابِ، ذكرَهُ في (شَرْحِ التَّحْرِيرِ)، وقدَّمَهُم بالأمْرِ بالصَّلاةِ علَيْهِم، وإِضَافَتُه إلى الضَّمِيرِ جَائِزَةٌ عندَ الأكثَرِ، وعَمَلُ أَكْثَرِ المُصنِّفِينَ عليه، ومَنَعَهُ جَمْعٌ، مِنْهُم الكِسَائِيُّ والنَّحَّاسُ والزُّبَيْدِيُّ. (وأَصْحَابِهِ) جَمْعُ صَحْبٍ جَمْعُ صَاحِبٍ بمَعْنَى الصَّحَابِيِّ وهو: مَن اجتَمَعَ بالنَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ مُؤْمِناً ومَاتَ على ذلك، وعطَفَهُم على الآلِ مِن عَطْفِ الخَاصِّ على العَامِّ، وفي الجَمْعِ بينَ الصَّحْبِ والآلِ مُخَالَفَةٌ للمُبْتَدِعَةِ؛ لأنَّهُم يُوَالُونَ الآلَ دُونَ الصَّحْبِ. (وَمَنْ تَعَبَّدَ)؛ أي: عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى، والعِبَادَةُ ما أُمِرَ بهِ شَرْعاً مِن غَيْرِ اطِّرَادٍ عُرْفِيٍّ ولا اقتِضَاءٍ عَقْلِيٍّ. (أَمَّا بَعْدُ)؛ أي: بَعْدَ ما ذُكِرَ مِن حَمْدِ اللَّهِ والصَّلاةِ والسَّلامِ على رَسُولِه، وهذه الكَلِمَةُ يُؤْتَى بها للانتِقَالِ مِن أُسْلُوبٍ إلى غَيْرِه، ويُسْتَحَبُّ الإتيانُ بها في الخُطَبِ والمُكَاتَبَاتِ اقتِدَاءً به صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ، فإنَّهُ كانَ يَأْتِي بها في خُطَبِه وشِبْهِهَا، حتَّى رَوَاهُ الحَافِظُ عَبْدُ القَاهِرِ الرَّهَاوِيُّ في (الأَرْبَعِينَ) التي لهُ عَن أَرْبَعِينَ صَحَابِيًّا، ذكرَهُ ابنُ قُنْدُس في حَوَاشِي المُحَرَّرِ، وقِيلَ: إنَّهَا فَصْلُ الخِطَابِ المُشَارُ إليه في الآيَةِ. والصَّحِيحُ أنَّهُ الفَصْلُ بينَ الحَقِّ والبَاطِلِ، والمَعْرُوفُ بِنَاءُ (بَعْدُ) علَى الضَّمِّ، وأجازَ بَعْضُهُم تَنْوِينَهَا مَرْفُوعَةً ومَنْصُوبَةً والفَتْحَ بلا تَنْوِينٍ على تَقْدِيرِ المُضَافِ إليهِ. (فَهَذَا) إِشَارَةٌ إلى ما تَصَوَّرَهُ في الذِّهْنِ، وأقَامَهُ مَقَامَ المَكْتُوبِ المَقْرُوءِ المَوْجُودِ بالعِيَانِ. (مُخْتَصَرٌ)، أي: مُوجَزٌ وهو ما قَلَّ لَفْظُه وكَثُرَ مَعْنَاهُ. قالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (خَيْرُ الكَلامِ مَا قَلَّ ودَلَّ ولَمْ يَطُلْ فَيُمَلُّ) (فِي الفِقْهِ) وهو لُغَةً: الفَهْمُ. واصطِلاحاً: مَعْرِفَةُ الأحكامِ الشَّرْعِيَّةِ الفَرْعِيَّةِ بالاستِدْلالِ بالفِعْلِ أو بالقُوَّةِ القَرِيبَةِ. (مِن مُقْنِعِ)؛ أي: مِن الكِتَابِ المُسَمَّى بالمُقْنِعِ، تَأْلِيفُ (الإمامِ) المُقْتَدَى بهِ شَيْخِ المَذْهَبِ (المُوَفَّقِ أَبِي مُحَمَّدٍ) عَبْدِ اللَّهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيِّ، تَغَمَّدَه اللَّهُ برَحْمَتِه وأعادَ علينا مِن بَرَكَتِه. (عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ) وكذلك صَنَعْتُ في شَرْحِه، فلم أَتَعَرَّضْ للخِلافِ طَلَباً للاختِصَارِ. (وهُو)؛ أي: ذلك القَوْلُ الوَاحِدُ الذي يَذْكُرُه ويَحْذِفُ ما سِوَاهُ مِن الأقوَالِ إنْ كانَت، هو القَوْلُ (الرَّاجِحُ)؛ أي: المُعْتَمَدُ (في مَذْهَبِ) إِمَامِ الأَئِمَّةِ ونَاصِرِ السُّنَّةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (أَحْمَدَ) بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيِّ، نِسْبَةً لجَدِّهِ شَيْبَانَ بنِ ذُهَلِ بنِ ثَعْلَبَةَ. والمَذْهَبُ في الأَصْلِ؛ أي: في اللُغَّةِ: الذَّهَابُ أو زَمَانُهُ أو مَكَانُهُ، ثُمَّ أُطْلِقَ على ما قَالَهُ المُجْتَهِدُ بدَلِيلٍ وماتَ قَائِلاً بهِ، وكذا ما أُجْرِيَ مَجْرَى قَوْلِه مِن فِعْلٍ أو إِيماءٍ أو نَحْوِه. (ورُبَّمَا حَذَفْتُ مِنْهُ مَسَائِلَ) جَمْعُ مَسْأَلَةٍ مِن السُّؤُالِ، وهي: مَا يُبَرْهَنُ عَنْهُ في العِلْمِ. (نَادِرَةَ)؛ أي: قَلِيلَةَ (الوُقُوعِ) لعَدَمِ شِدَّةِ الحَاجَةِ إليها. (وزِدْتُ) على ما قالَ في (المُقْنِعِ) مِن الفَوَائِدِ (مَا علَى مِثْلِهِ يُعْتَمَدُ)؛ أي: يُعَوَّلُ عليه لمُوَافَقَتِهِ الصَّحِيحَ. (إِذِ الهِمَمُ قَد قَصُرَت) تَعْلِيلٌ لاختِصَارِهِ (المُقْنِعَ)، والهِمَمُ جَمْعُ هِمَّةٍ بفَتْحِ الهَاءِ وكَسْرِهَا، يُقَالُ: هَمَمْتُ بالشَّيْءِ إذا أَرَدْتَه. (والأَسْبَابُ) جَمْعُ سَبَبٍ وهو: ما يُتَوَصَّلُ به إلى المَقْصُودِ. (المُثَبِّطَةُ)؛ أي: الشَّاغِلَةُ. (عَن نَيْلِ)؛ أي: إِدْرَاكِ (المُرَادِ)؛ أي: المَقْصُودِ. (قَدْ كَثُرَتْ) لسَبْقِ القَضَاءِ بأنَّهُ ((لا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ وَمَا بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ)). (وَ) هذَا المُخْتَصَرُ (مَعَ صِغَرِ حَجْمِه حَوَى)؛ أي: جَمَعَ (مَا يُغْنِي عَن التَّطْوِيلِ) لاشتِمَالِهِ على جُلِّ المُهِمَّاتِ التي يَكْثُرُ وُقُوعُهَا ولو بمَفْهُومِه . (وَلا حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ باللَّهِ)؛ أي: لا تَحَوُّلَ مِن حَالٍ إلى حالٍ ولا قُدْرَةَ على ذلك إلا باللَّهِ، وقيلَ: لا حَوْلَ عَن مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلا بمَعُونَةِ اللَّهِ ولا قُوَّةَ على طَاعَةِ اللَّهِ إلاَّ بتَوْفِيقِ اللَّهِ. والمَعْنَى الأوَّلُ أَجْمَعُ وأَشْمَلُ. (وهو حَسْبُنَا)؛ أي: كَافِينَا. (وَنِعْمَ الوَكِيلُ) جَلَّ جَلالُهُ؛ أي: المُفَوَّضُ إليه تَدْبِيرُ خَلْقِه، والقَائِمُ بمَصَالِحِهِم، أو الحَافِظُ، ونِعْمَ الوَكِيلُ إمَّا مَعْطُوفٌ علَى (وهو حَسْبُنَا) والمَخْصُوصُ مَحْذُوفٌ، أو على (حَسْبُنَا) والمَخْصُوصُ هو الضَّمِيرُ المُتَقَدِّمُ المشاركة بعد التعديل: الحمدُ للَّهِ الذي شَرَحَ صَدْرَ مَن أَرَادَ هِدَايَتَهُ للإسلامِ، وفَقَّهَ في الدِّينِ مَن أرادَ به خَيْراً وفَهَّمَهُ فيمَا أَحْكَمَهُ مِن الأَحْكَامِ، أَحْمَدُهُ أنْ جَعَلَنَا مِن خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاسِ، وخَلَعَ علينا خِلْعَةَ الإسْلامِ خَيْرَ لبَاسٍ، وشَرَعَ لنَا مِن الدِّينِ مَا وَصَّى به نُوحاً، وإِبْرَاهِيمَ ومُوسَى وعِيسَى، وأَوْحَاهُ إلى مُحَمَّدٍ عليهِ وعلَيْهِم أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. وأَشْكُرُه وشُكْرُ النِّعَمِ وَاجِبٌ على الأنَامِ، وأَشْهَدُ ألاَّ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ ذُو الجَلالِ والإِكْرَامِ، وأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا ونَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ وحَبِيبُه وخَلِيلُه المَبْعُوثُ لبَيَانِ الحَلالِ والحَرَامِ، صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ وعلى آلِهِ وأَصْحَابِهِ وتَابِعِيهِم الكِرَامِ. أمَّا بَعْدُ: فهذا شَرْحٌ لَطِيفٌ على (مُخْتَصَرِ المُقْنِعِ) للشَّيْخِ الإمامِ العَلاَّمَةِ والعُمْدَةِ القُدْوَةِ الفَهَّامَةِ، هو شَرَفُ الدِّينِ أَبُو النَّجَا مُوسَى بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوسَى بنِ سَالِمِ بنِ عِيسَى بنِ سَالِمٍ المَقْدِسِيُّ الحَجَّايُّ ثُمَّ الصَّالِحِيُّ الدِّمِشْقِيُّ، تَغَمَّدَهُ اللَّهُ برَحْمَتِه، وأَبَاحَهُ بُحْبُوحَةَ جَنَّتِه ـ يُبَيِّنُ حَقَائِقَهُ، ويُوَضِّحُ مَعَانِيَهُ ودَقَائِقَهُ، معَ ضَمِّ قُيُودٍ يَتَعَيَّنُ التَّنْبِيهُ علَيْهَا، وفَوَائِدَ يُحْتَاجُ إليها معَ العَجْزِ وعَدَمِ الأَهْلِيَّةِ لسُلُوكِ تِلْكَ المَسَالِكِ، لَكِنَّ ضَرُورَةَ كَوْنِه لم يُشْرَحِ اقْتَضَت ذَلِكَ، واللَّهُ المَسْؤُولُ بفَضْلِه أنْ يَنْفَعَ بهِ كمَا نَفَعَ بأَصْلِه، وأنْ يَجْعَلَهُ خَالِصاً لوَجْهِه الكَرِيمِ، وزُلْفَى لَدَيْهِ في جَنَّاتِ النَّعِيمِ المُقِيمِ. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)؛ أي: بكُلِّ اسمٍ للذَّاتِ الأَقْدَسِ، المُسَمَّى بهذا الاسمِ الأَنْفَسِ، المَوْصُوفِ بكَمَالِ الإِنْعَامِ وما دُونَه، أو بإِرَادَةِ ذلك أُؤَلِّفُ مُسْتَعِيناً أو مُلابِساً على وَجْهِ التَّبَرُّكِ، وفي إِيثَارِ هَذَيْنِ الوَصْفَيْنِ المُفِيدَيْنِ للمُبَالَغَةِ في الرَّحْمَةِ إِشَارَةٌ لسَبْقِهَا مِن حَيْثُ مُلاصَقَتُها لاسمِ الذَّاتِ، وغَلَبَتُهَا مِن حيثُ تَكْرَارُها على أَضْدَادِهَا وعَدَمُ انقِطَاعِهَا.وقَدَّمَ الرَّحْمَنَ؛ لأنَّهُ عَلَمٌ في قَوْلٍ، أو كالعَلَمِ مِن حيثُ إِنَّهُ لا يُوصَفُ به غَيْرُه تَعَالَى؛ لأنَّ مَعْنَاهُ المُنْعِمُ الحَقِيقِيُّ البَالِغُ في الرَّحْمَةِ غَايَتَهَا، وذلك لا يَصْدُقُ على غَيْرِه. وابتَدَأَ بها تَأَسِّياً بالكِتَابِ العزِيزِ، وعَمَلاً بحديثِ ((كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُبْدَأْ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ))؛ أي: نَاقِصُ البَرَكَةِ. وفي رِوَايَةٍ ((بِالحَمْدِ للَّهِ))؛ فلذلك جَمَعَ بَيْنَهُمَا فقَالَ: (الحَمْدُ للَّهِ)؛ أي: جِنْسُ الوَصْفِ بِالجَمِيلِ، أو كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُ مَمْلُوكٌ أو مُسْتَحَقٌّ للمَعْبُودِ بالحَقِّ، المُتَّصِفِ بكُلِّ كَمَالٍ على الكَمَالِ. والحَمْدُ: الثَّنَاءُ بالصِّفَاتِ الجَمِيلَةِ والأَفْعَالِ الحَسَنَةِ، سَوَاءٌ كَانَ في مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ أم لا. وفي الاصطِلاحِ: فِعْلٌ يُنْبِئُ عَن تَعْظِيمِ المُنْعِمِ بسَبَبِ كَوْنِه مُنْعِماً على الحَامِدِ أو غَيْرِه. والشُّكْرُ لُغَةً: هو الحَمْدُ. واصطِلاحاً: صَرْفُ العَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ به علَيْهِ لِمَا خُلِقَ لأَجْلِه .قالَ تعالَى: {وَقَلِيْلٌ مِن عِبَادِيَ الشَّكُورُ}وآثرَ لَفْظَ الجَلالَةِ دُونَ بَاقِي الأَسْمَاءِ كالرَّحْمَنِ والخَالِقِ إِشَارَةً إلى أنَّهُ كمَا يُحْمَدُ لصِفَاتِه يُحْمَدُ لذَاتِه، ولئَّلا يُتَوَهَّمَ اختِصَاصُ استِحْقَاقِهِ الحَمْدَ بذلك الوَصْفِ دُونَ غَيْرِه. (حَمْداً) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُبَيِّنٌ لنَوْعِ الحَمْدِ لوَصْفِه بقَوْلِه: (لاَ يَنْفَدُ) بالدَّالِ المُهْمَلَةِ وفَتْحِ الفَاءِ مَاضِي نَفِدَ بكَسْرِهَا؛ أي: لا يَفْرَغُ. (أَفْضَلَ مَا يَنْبَغِي)؛ أي: يُطْلَبُ. (أَنْ يُحْمَدَ)؛ أي: يُثْنَى عَلَيْهِ ويُوصَفُ، وأَفْضَلَ مَنْصُوبٌ على أنَّهُ بَدَلٌ مِن حَمْداً أو صِفَتُه أو حَالٌ مِنْهُ، وما: مَوصُولٌ اسمِيٌّ أو نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ؛ أي: أَفْضَلُ الحَمْدِ الذي يَنْبَغِي، أو أَفْضَلُ حَمْدٍ يَنْبَغِي حَمْدُه بهِ. (وصَلَّى اللَّهُ) قالَ الأَزْهَرِيُّ: مَعْنَى الصَّلاةِ مِن اللَّهِ تَعَالَى الرَّحْمَةُ، ومِن المَلائِكَةِ الاستِغْفَارُ، ومِن الآدَمِيِّينَ التَّضَرُّعُ والدُّعَاءُ. (وسَلَّمَ) مِن السَّلامِ بمَعْنَى التَّحِيَّةِ، أو السَّلامَةِ مِن النَّقَائِصِ والرَّذَائِلِ، أو الأمَانِ. والصَّلاةُ عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُسْتَحَبَّةٌ تَتَأَكَّدُ يَوْمَ الجُمُعَةِ ولَيْلَتِهَا، وكذا كُلَّمَا ذُكِرَ اسمُه، وقِيلَ بوُجُوبِهَا؛ إذْ قَالَ اللَّهُ تعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}ورُوِيَ: ((مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَلِ المَلاَئِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِكَ الكِتَابِ)). وأتَى بالحَمْدِ بالجُمْلَةِ الاسمِيَّةِ الدَّالَّةِ على الثُّبُوتِ والدَّوَامِ لثُبُوتِ مَالِكِيَّةِ الحَمْدِ أو استِحْقَاقِه لهُ أَزَلاً وأَبَداً، وبالصَّلاةِ بِالفِعْلِيَّةِ الدَّالَّةِ على التَّجَدُّدِ؛ أي: الحُدُوثِ لحُدُوثِ المَسْؤُولِ وهو الصَّلاةُ؛ أي: الرَّحْمَةُ مِنَ اللَّهِ. (عَلَى أَفْضَلِ المُصْطَفَيْنَ مُحَمَّدٍ) بلا شَكٍّ؛ لقَوْلِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلاَ فَخْرَ))، وخُصَّ ببَعْثِهِ إلى النَّاسِ كَافَّةً وبالشَّفَاعَةِ، والأنبِيَاءِ تَحْتَ لِوَائِهِ. والمُصْطَفَوْنَ: جَمْعُ مُصْطَفَى وهو المُخْتَارُ مِن الصَّفْوَةِ، طَاؤُه مُنْقَلِبَةٌ عَن تَاءٍ، ومُحَمَّدٌ مِن أَسْمَائِهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ، سُمِّيَ به لكَثْرَةِ خِصَالِه الحَمِيدَةِ، سُمِّيَ بهِ قَبْلَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ شَخْصاً على ما قالَهُ ابنُ الهَائِمِ عَن بَعْضِ الحُفَّاظِ بخِلافِ أَحْمَدَ؛ فإنَّهُ لم يُسَمَّ به قَبْلَهُ. (وعَلَى آلِهِ)؛ أي: أَتْبَاعِه على دِينِه، نَصَّ عليهِ أَحْمَدُ وعلَيْهِ أَكْثَرُ الأَصْحَابِ، ذكرَهُ في (شَرْحِ التَّحْرِيرِ)، وقدَّمَهُم بالأمْرِ بالصَّلاةِ علَيْهِم، وإِضَافَتُه إلى الضَّمِيرِ جَائِزَةٌ عندَ الأكثَرِ،وعَمَلُ أَكْثَرِ المُصنِّفِينَ عليه، ومَنَعَهُ جَمْعٌ، مِنْهُم الكِسَائِيُّ والنَّحَّاسُ والزُّبَيْدِيُّ. (وأَصْحَابِهِ) جَمْعُ صَحْبٍ جَمْعُ صَاحِبٍ بمَعْنَى الصَّحَابِيِّ وهو: مَن اجتَمَعَ بالنَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ مُؤْمِناً ومَاتَ على ذلك، وعطَفَهُم على الآلِ مِن عَطْفِ الخَاصِّ على العَامِّ، وفي الجَمْعِ بينَ الصَّحْبِ والآلِ مُخَالَفَةٌ للمُبْتَدِعَةِ؛ لأنَّهُم يُوَالُونَ الآلَ دُونَ الصَّحْبِ. (وَمَنْ تَعَبَّدَ)؛ أي: عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى، والعِبَادَةُ ما أُمِرَ بهِ شَرْعاً مِن غَيْرِ اطِّرَادٍ عُرْفِيٍّ ولا اقتِضَاءٍ عَقْلِيٍّ. (أَمَّا بَعْدُ)؛ أي: بَعْدَ ما ذُكِرَ مِن حَمْدِ اللَّهِ والصَّلاةِ والسَّلامِ على رَسُولِه، وهذه الكَلِمَةُ يُؤْتَى بها للانتِقَالِ مِن أُسْلُوبٍ إلى غَيْرِه، ويُسْتَحَبُّ الإتيانُ بها في الخُطَبِ والمُكَاتَبَاتِ اقتِدَاءً به صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ، فإنَّهُ كانَ يَأْتِي بها في خُطَبِه وشِبْهِهَا، حتَّى رَوَاهُ الحَافِظُ عَبْدُ القَاهِرِ الرَّهَاوِيُّ في (الأَرْبَعِينَ) التي لهُ عَن أَرْبَعِينَ صَحَابِيًّا، ذكرَهُ ابنُ قُنْدُس في حَوَاشِي المُحَرَّرِ، وقِيلَ: إنَّهَا فَصْلُ الخِطَابِ المُشَارُ إليه في الآيَةِ. والصَّحِيحُ أنَّهُ الفَصْلُ بينَ الحَقِّ والبَاطِلِ، والمَعْرُوفُ بِنَاءُ (بَعْدُ) علَى الضَّمِّ، وأجازَ بَعْضُهُم تَنْوِينَهَا مَرْفُوعَةً ومَنْصُوبَةً والفَتْحَ بلا تَنْوِينٍ على تَقْدِيرِ المُضَافِ إليهِ. (فَهَذَا) إِشَارَةٌ إلى ما تَصَوَّرَهُ في الذِّهْنِ، وأقَامَهُ مَقَامَ المَكْتُوبِ المَقْرُوءِ المَوْجُودِ بالعِيَانِ. (مُخْتَصَرٌ)، أي: مُوجَزٌ وهو ما قَلَّ لَفْظُه وكَثُرَ مَعْنَاهُ. قالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (خَيْرُ الكَلامِ مَا قَلَّ ودَلَّ ولَمْ يَطُلْ فَيُمَلُّ) (فِي الفِقْهِ) وهو لُغَةً: الفَهْمُ. واصطِلاحاً: مَعْرِفَةُ الأحكامِ الشَّرْعِيَّةِ الفَرْعِيَّةِ بالاستِدْلالِ بالفِعْلِ أو بالقُوَّةِ القَرِيبَةِ. (مِن مُقْنِعِ)؛ أي: مِن الكِتَابِ المُسَمَّى بالمُقْنِعِ، تَأْلِيفُ (الإمامِ) المُقْتَدَى بهِ شَيْخِ المَذْهَبِ (المُوَفَّقِ أَبِي مُحَمَّدٍ) عَبْدِ اللَّهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيِّ، تَغَمَّدَه اللَّهُ برَحْمَتِه وأعادَ علينا مِن بَرَكَتِه. (عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ) وكذلك صَنَعْتُ في شَرْحِه، فلم أَتَعَرَّضْ للخِلافِ طَلَباً للاختِصَارِ. (وهُو)؛ أي: ذلك القَوْلُ الوَاحِدُ الذي يَذْكُرُه ويَحْذِفُ ما سِوَاهُ مِن الأقوَالِ إنْ كانَت، هو القَوْلُ (الرَّاجِحُ)؛ أي: المُعْتَمَدُ (في مَذْهَبِ) إِمَامِ الأَئِمَّةِ ونَاصِرِ السُّنَّةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (أَحْمَدَ) بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيِّ، نِسْبَةً لجَدِّهِ شَيْبَانَ بنِ ذُهَلِ بنِ ثَعْلَبَةَ. والمَذْهَبُ في الأَصْلِ؛ أي: في اللُغَّةِ: الذَّهَابُ أو زَمَانُهُ أو مَكَانُهُ، ثُمَّ أُطْلِقَ على ما قَالَهُ المُجْتَهِدُ بدَلِيلٍ وماتَ قَائِلاً بهِ، وكذا ما أُجْرِيَ مَجْرَى قَوْلِه مِن فِعْلٍ أو إِيماءٍ أو نَحْوِه. (ورُبَّمَا حَذَفْتُ مِنْهُ مَسَائِلَ) جَمْعُ مَسْأَلَةٍ مِن السُّؤُالِ، وهي: مَا يُبَرْهَنُ عَنْهُ في العِلْمِ. (نَادِرَةَ)؛ أي: قَلِيلَةَ (الوُقُوعِ) لعَدَمِ شِدَّةِ الحَاجَةِ إليها. (وزِدْتُ) على ما قالَ في(المُقْنِعِ) مِن الفَوَائِدِ (مَا علَى مِثْلِهِ يُعْتَمَدُ)؛ أي: يُعَوَّلُ عليه لمُوَافَقَتِهِ الصَّحِيحَ. (إِذِ الهِمَمُ قَد قَصُرَت) تَعْلِيلٌ لاختِصَارِهِ(المُقْنِعَ)، والهِمَمُ جَمْعُ هِمَّةٍ بفَتْحِ الهَاءِ وكَسْرِهَا، يُقَالُ: هَمَمْتُ بالشَّيْءِ إذا أَرَدْتَه. (والأَسْبَابُ) جَمْعُ سَبَبٍ وهو: ما يُتَوَصَّلُ به إلى المَقْصُودِ. (المُثَبِّطَةُ)؛ أي: الشَّاغِلَةُ. (عَن نَيْلِ)؛ أي: إِدْرَاكِ (المُرَادِ)؛ أي: المَقْصُودِ. (قَدْ كَثُرَتْ) لسَبْقِ القَضَاءِ بأنَّهُ ((لا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ وَمَا بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ)). (وَ) هذَا المُخْتَصَرُ (مَعَ صِغَرِ حَجْمِه حَوَى)؛ أي: جَمَعَ (مَا يُغْنِي عَن التَّطْوِيلِ) لاشتِمَالِهِ على جُلِّ المُهِمَّاتِ التي يَكْثُرُ وُقُوعُهَا ولو بمَفْهُومِه . (وَلا حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ باللَّهِ)؛ أي: لا تَحَوُّلَ مِن حَالٍ إلى حالٍ ولا قُدْرَةَ على ذلك إلا باللَّهِ، وقيلَ: لا حَوْلَ عَن مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلا بمَعُونَةِ اللَّهِ ولا قُوَّةَ على طَاعَةِ اللَّهِ إلاَّ بتَوْفِيقِ اللَّهِ. والمَعْنَى الأوَّلُ أَجْمَعُ وأَشْمَلُ. (وهو حَسْبُنَا)؛ أي: كَافِينَا. (وَنِعْمَ الوَكِيلُ) جَلَّ جَلالُهُ؛ أي: المُفَوَّضُ إليه تَدْبِيرُ خَلْقِه، والقَائِمُ بمَصَالِحِهِم، أو الحَافِظُ، ونِعْمَ الوَكِيلُ إمَّا مَعْطُوفٌ علَى (وهو حَسْبُنَا) والمَخْصُوصُ مَحْذُوفٌ، أو على (حَسْبُنَا) والمَخْصُوصُ هو الضَّمِيرُ المُتَقَدِّمُ. |
اقتباس:
وخيراً جزاكِ . اقتباس:
آمين. اقتباس:
نعم أحسنتِ.. بارك الله فيكِ. اقتباس:
فيما عدا ذلك فهو كلام عادي وسط الشرح فلا يُحتاج لتلوينه وإبرازه. اقتباس:
لكن "والمصطفون" فهي بالواو لأنها مرفوعة > مبتدأ فلا تعدليها لأنها صحيحة. أما قوله تعالَى: {وَقَلِيْلٌ مِن عِبَادِيَ الشَّكُورُ} فاحذفي السكون من فوق الياء بوركتِ لأنها غير موجودة في رسم المصحف. http://www.elazhar.com/quran/image/34_013.gif وأما:(شَرْحِ التَّحْرِيرِ) يبدو لأنها بين قوسين ظنت من نسقتها أنها من المتن .. فعدليها بوركتِ. |
الساعة الآن 08:51 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir