![]() |
تفسير الآيات الثلاث من بداية الفاتحة
- الآيات الثلاث من بداية هذه السورة المباركة هي حمد لله بما حمد به نفسه وثناء عليه بتكرير ذكر أسمائه وصفاته وتمجيد له بتكرير
- معنى الحمد : الحمد هو ذكر محاسن عن رضا ومحبة - التعريف في الحمد له معنيان 1- استغراق الجنس أي كل حمد فالله هو المستحق له 2- التمام والكمال أي الحمد التام الكامل من كل وجه وبكل اعتبار لله وحده - معنى اللام في (لله ) اللام الاختصاص على الراجح وهو على معنيين 1- يقتضي الحصر 2- له معنى الأولوية - الفرق بين الحمد و الشكر بينهما عموم وبخصوص الحمد أعم باعتبار كونه على ما أحسن به المحمود ويكون بالقلب واللسان والشكر أعم وهو بالقلب واللسان والعمل - معنى الرب هو الجامع لجميع معاني الربوبية من الخلق والرزق والملك والتدبير واﻹصلاح والرعاية - أنواع الربوبية 1- ربوبية عامة بالخلق والملك واﻹنعام 2- ر بوبية خاصة أوليائه بالتربية الخاصة والهداية - معنى العالمين العالمون اسم جمع لا واحد له من لفظه يشمل أفرادا كثيرة يجمعها صنف واحد وكل صنف من الخلق عالم - معنى رب العالمين ر بوبية الله تعالى عامة - الرحمن الرحيم هذان اسمان يدل على سعة رحمته تعالى - مالك يوم الدين فيه تمجيد لله والتعويض إليه. |
المرتبة الاولى في التفسير النظر في الآثار و الاقوال الماثورة عن السلف فاذا لم نجد نظرنا الى سياق الآية و هي المرتبة الثانية فاذا لم نجد نظرنا الى مقاصد الايات و هي المرتبة الثالثة.
|
قال الله تعالى: {الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين }
هذه الآيات الثلاث حمدٌ لله تعالى وثناء عليه وتمجيد له معنى {الحمد لله} الحمد هو ذكر محاسن المحمود عن رضا ومحبة. الفرق بين الحمد والشكر الفرق بين الحمد والشكر أنّ الحمد أعمّ من وجه، والشكر أعمّ من وجه آخر. - فالحمد أعمّ؛ باعتبار أنه يكون على ما أحسن به المحمود، وعلى ما اتّصف به من صفات حسنة يُحمد عليها، والشكر أخصّ لأنه في مجازاة مقابل النعمة والإحسان. - والشكر أعمّ من الحمد باعتبار أنّ الحمد يكون بالقلب واللسان، والشكر يكون بالقلب واللسان والعمل؛ كما قال الله تعالى: {اعملوا آل داوود شكرا}. معنى (الرَّبّ) (الرَّبُّ) هو الجامع لجميع معاني الربوبية من الخلق والرزق والملك والتدبير والإصلاح والرعاية، فلفظ الربّ يطلق على هذه المعاني في لسان العرب إطلاقاً صحيحاً، وشواهد هذه المعاني مبثوثة في معاجم اللغة، ودلائل النصوص عليها ظاهرة بيّنة. تفسير قول الله تعالى: {الرحمن الرحيم (3) } تقدّم بيان معنى الاسمين الجليلين، وتضمّنهما صفة الرحمة، وبيان التناسب بين الاسمين، والحكمة من اقترانهما، وبيان أنواع الرحمة. الحكمة من تكرار ذكر {الرحمن الرحيم} بعد ذكرهما في البسملة: جواب هذه المسألة يتبيّن بتأمّل سياق الآيات في الموضعين ومقاصد تلك الآيات: فالموضع الأول: البسملة، وغرضها الاستعانة بالله تعالى والتبرّك بذكر اسمه واستصحابه على تلاوة القرآن وتدبّره وتفهّمه والاهتداء به؛ فيكون لذكر هذين الاسمين في هذا الموضع ما لا يخفى من المناسبة، وأن التوفيق لتحقيق هذه المقاصد إنما يكون برحمة الله تعالى، والتعبّد لله تعالى بذكر هذين الاسمين مما يفيض على قلب القارئ من الإيمان والتوكّل ما يعظم به رجاؤه لرحمة ربّه، وإعانته على تحقيق مقاصده من التلاوة. والموضع الثاني: {الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم} جاء فيه ذكر هذين الاسمين بعد ذكر حمد الله تعالى وربوبيّته العامّة للعالمين؛ فيكون لذكر الاسمين في هذا الموضع ما يناسب من معاني رحمة الله تعالى وسعتها لجميع العالمين، وأنَّ رحمته وسعت كلّ شيء، وأنه تعالى عظيم الرحمة كثير الرحمة فيكون ذكر هذين الاسمين من باب الثناء على الله تعالى تقدمة بين يدي مسألته التي سيسألها في هذه السورة. وإذا ظهر الفرق بين مقصد ذكر هذين الاسمين في البسملة، وبين ذكرهما بعد الحمد ؛ ظهر للمتأمّل معنى جليل من حكمة ترتيب الآيات على هذا الترتيب البديع المحكَم. وقد أساء من حَمَل على من يعدّ البسملة آية من الفاتحة ؛ بأنه لو كانت الآية من الفاتحة لكان تكرار هذين الاسمين لغوا لا معنى له، وهذه زلَّة منكَرة، واختيار المرء قراءة من القراءات أو مذهباً من مذاهب العدّ لا يسوّغ له الطعن في غيره مما صحّ عند أهل ذلك العلم، بل تُعتقد صحّة الجميع، والاختيار فيه سعة ورحمة، ويدخله الاجتهاد. وهذا النوع من الأسئلة يرتّب الجواب فيه على مراتب: المرتبة الأولى: النظر في الأقوال المأثورة إن وجدت؛ فإن لم يجد المفسّر قولاً مأثوراً صحيحاً في هذه المسألة انتقل إلى المرتبة الثانية: وهي النظر في سياق الكلام، وهو أصلٌ مهمّ في الجواب عن مثل هذه الأسئلة؛ فإن أعياه ذلك انتقل إلى المرتبة الثالثة: وهي النظر في مقاصد الآيات. فإن لم يتبيّن له الجواب توقَّف، ووكل الأمر إلى عالمه. |
اجتهد العلماء في التماس الحكمة من تكرّر (إيّاك) في الآية مرتين: - فقال ابن عطية: (وتكررت {إيّاك} بحسب اختلاف الفعلين، فاحتاج كل واحد منهما إلى تأكيد واهتمام)ا.هـ. - وقال ابن القيم: (وفي إعادة " إياك " مرة أخرى دلالة على تعلق هذه الأمور بكل واحد من الفعلين، ففي إعادة الضمير من قوة الاقتضاء لذلك ما ليس في حذفه، فإذا قلت لملك مثلا: إياك أحب، وإياك أخاف، كان فيه من اختصاص الحب والخوف بذاته والاهتمام بذكره، ما ليس في قولك: إياك أحب وأخاف)ا.هـ. - وقال ابن كثير: (وكرّر للاهتمام والحصر). |
الحمد: هى معنى الحمد التام الكامل الشامل الخاص بالله
وحده لا شريك له لاستحقاقه الحمد على كل حال سبحانه لله: حرف* اللام للدلالة على حصر الحمد لله وحده رب العالمين: هو المتوحد بالربوببية من الخلق والرزق و تدبير الأمور كلها لجميع المخلوقات في السموات والأرض سبحانه رب العالمين دلالة على سعة رحمة الله لجميع المخلوقات مالك يوم الدين أو ملك يوم الدين دلالة على عظمة الله *وجبروته يوم القيامة سبحانه يوم لا تملك نفس لنفس شيءا و الأمر يومئذ لله * |
الفوائد الموجزة للدرس الرابع – من سورة الفاتحة- و من سياق السورة يتضح أن ربوبية الله تعالى لخلقه عامة بالخلق والملك والإنعام والتدبير، و خاصة لأوليائه بالتربية والهداية والإصلاح والنصرة والتوفيق والتسديد والحفظ. أمّا معنى "مالك يوم الدين" – وفي رواية أخرى – "ملك يوم الدين"- تدلّ على عظمة ملكه تعالى ، وسعة علمه وإحاطته بكلّ شيء، و فسّر ابن السراج هذه الآية " مالك يوم الدين": أنه يملك مجيئه ووقوعه. |
الحمد: هو ذكر محاسن المحمود عن رضا ومحبة.
وله معنيان: الأول: استغراق الجنس، أي كلّ حمد فالله هو المستحقّ له، فكلّ ما في الكون مما يستحقّ الحمد؛ فإنما الحمد فيه لله تعالى حقيقة لأنه إنما كان منه وبه,فما أعطى أحد من خلقه شيئاً يحمد عليه إلا مما أعطاه الله، ولا اتصف أحد من خلق الله بصفة يحمد عليها إلا لأن الله تعالى هو الذي جبله عليها وخلقه على تلك الصفة، ووفقه لما اتصف به من الأخلاق الحميدة. الثاني: التمام والكمال، أي الحمد التام الكامل من كل وجه وبكل اعتبار لله تعالى وحده فهو مختصٌّ بالله تعالى لا يُطلق على غيره. والله تعالى له الحمد بالمعنيين كليهما. |
الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين
حمد الله تعالى بما حمد به نفسه، وثناء عليه بتكرير ذكر أسمائه وصفاته، وتمجيد له بتكرير الثناء عليه بما وصف به نفسه من الصفات الجامعة لمعاني المجد والعظمة |
بِسم اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيم
《والمقصود أنّ تأمُّلَ معاني الربوبية والتفكر في آثارها في الخلق والأمر يورث اليقين بوجوب التوحيد، وأنَّ العالم لا صلاح له إلا بأن يكون ربه واحدا، كما قال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} وقال: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ}》. |
《قال شيخ مشايخنا محمد الأمين الشنقيطي(ت:1393هـ) رحمه الله في تفسير سورة الفاتحة: (قوله تعالى: {رب العالمين} لم يبين هنا ما العالمون، وبين ذلك في موضع آخر بقوله: {قال فرعون وما رب العالمين . قال رب السماوات والأرض وما بينهما})》.
|
《وقد أساء من حَمَل على من يعدّ البسملة آية من الفاتحة ؛ بأنه لو كانت الآية من الفاتحة لكان تكرار هذين الاسمين لغوا لا معنى له، وهذه زلَّة منكَرة، واختيار المرء قراءة من القراءات أو مذهباً من مذاهب العدّ لا يسوّغ له الطعن في غيره مما صحّ عند أهل ذلك العلم، بل تُعتقد صحّة الجميع، والاختيار فيه سعة ورحمة، ويدخله الاجتهاد》.
|
《في هذه الآية قراءتان سبعيتان متواترتان:
الأولى: {مالك يوم الدين} بإثبات الألف بعد الميم، وهي قراءة عاصم والكسائي. والثانية: {ملك يوم الدين} بحذف الألف، وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو بن العلاء وحمزة وابن عامر》. |
(الرَّبُّ) هو الجامع لجميع معاني الربوبية من الخلق والرزق والملك والتدبير والإصلاح والرعاية، فلفظ الربّ يطلق على هذه المعاني في لسان العرب إطلاقاً صحيحاً، وشواهد هذه المعاني مبثوثة في معاجم اللغة، ودلائل النصوص عليها ظاهرة بيّنة.
|
معنى قوله تعالى: "إياك نعبد".
أي نُخلِص لك العبادة؛ فنطيع أوامرك محبّة وخوفاً ورجاء خاضعين مستكينين لك وحدك لا شريك لك. والعِبادةُ هي: التَّذلُّلُ والخُضوعُ والانقيادُ مع شدَّةِ المحبَّةِ والتعظيم. |
الاستعاذة تكون قبل القراءة إجماعًا، ولا يصح القول بخلاف ذلك.
|
ربوبية الله تعالى لخلقه نوعان:
النوع الأول: ربوبية عامة بالخلق والملك والإنعام والتدبير، وهذه عامة لكل المخلوقات. النوع الثاني: ربوبية خاصة لأوليائه جل وعلا بالتربية الخاصة والهداية والإصلاح والنصرة والتوفيق والتسديد والحفظ. |
فإخلاص العبادة يستلزم الكفر بكلّ ما يُعبد من دون الله تعالى، وأن يكون القلب سليماً لله تعالى ليس فيه تعلّق بغيره.
وإخلاص الاستعانة يستلزم التوكّل على الله تعالى، وتفويض الأمور إليه، ورجاء عونه وتوفيقه. |
وقال ابن القيم: (وفي إعادة " إياك " مرة أخرى دلالة على تعلق هذه الأمور بكل واحد من الفعلين، ففي إعادة الضمير من قوة الاقتضاء لذلك ما ليس في حذفه، فإذا قلت لملك مثلا: إياك أحب، وإياك أخاف، كان فيه من اختصاص الحب والخوف بذاته والاهتمام بذكره، ما ليس في قولك: إياك أحب وأخاف)ا.هـ. |
لتقديم المفعول {إيَّاك} على الفعل {نعبد} ثلاث فوائد:
الأولى: إفادة الحصر؛ وهوَ إثباتُ الحكمِ للمذكورِ ونفيهُ عما عداهُ. والثانية: تقديم ذكر المعبود جلَّ جلاله. والثالثة: إفادة الحرص على التقرّب؛ فهو أبلغ من (لا نعبد إلا إياك). |
- الحمد هو ذكر محاسن المحمود عن رضا ومحبة و التعريف في الحمد له معنيان: استغراق الجنس و التمام والكمال،
-الاختصاص يقع على معنيين:ما يقتضي الحصر و ما يقع على معنى الأولوية والأحقية، الفرق بين الحمد والشكر أنّ الحمد أعمّ من وجه، والشكر أعمّ من وجه آخر. - فالحمد أعمّ؛ باعتبار أنه يكون على ما أحسن به المحمود، وعلى ما اتّصف به من صفات حسنة يُحمد عليها، والشكر أخصّ لأنه في مجازاة مقابل النعمة والإحسان. - والشكر أعمّ من الحمد باعتبار أنّ الحمد يكون بالقلب واللسان، والشكر يكون بالقلب واللسان والعمل؛ كما قال الله تعالى: {اعملوا آل داوود شكرا}. -ربوبية الله تعالى لخلقه على نوعين: ربوبية عامة و ربوبية خاصة لأوليائه - قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي(ت:1393هـ) رحمه الله في تفسير سورة الفاتحة: (قوله تعالى: {رب العالمين} لم يبين هنا ما العالمون، وبين ذلك في موضع آخر بقوله: {قال فرعون وما رب العالمين . قال رب السماوات والأرض وما بينهما}). معنى الملك و المالك اما الأولّ فصفة كمال فيه ما يقتضي تمجيد الله تعالى وتعظيمه والتفويض إليه، والمعنى الثاني صفة كمال أيضاً وفيه تمجيد لله تعالى وتعظيم له وتفويض إليه من أوجه أخرى، والجمع بين المعنيين فيه كمال آخر وهو اجتماع المُلك والمِلك في حقّ الله تعالى على أتمّ الوجوه وأحسنها وأكملها؛ فإذا كان من الناس من هو مَلِكٌ لا يملِك، ومنهم من هو مالكٌ لا يملُك، فالله تعالى هو المالك الملِك، ويوم القيامة يضمحلّ كلّ مُلك دون ملكه، ولا يبقى مِلكٌ غير مِلكه. |
تسجيل حضور (علي معوض علي) ( علي السلامي )
فائدة اليوم حول : تفسير قول الله ـ تعالى: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} :
ـ سبحان الله ! من أعطى حق الله ( إفراده وحد بالعبادة) أعطاه الله ما سأل . ـ هذه الآية تحوي كمال إخلاص العبودية لله ( عزوجل) مع كمال إخلاص التوكل عليه وحده، والاستعانة به (سبحانه ) فهي مانعة من الرياء والكبرياء . ـ وعزة المسلم تكمن في كمال ذلته وخضوعه لله ( عزوجل) . ـ ومن أحسن تعريفات العبادة تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله ) في رسالة (العبودية)؛ إذ قال (رحمه الله تعالى ) : (العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة) . ـ العبادة الشركية باطلة ولا يقبلها الله ( عزوجل ) لذلك خرجت من تعريف شيخ الإسلام للعبادة . ـ الذلة في العبادة لا بد أن تكون نابعة عن إخلاص وانقياد وحب وخضوع لله ـ عزوجل . ـ من فوائد تقديم المفعول {إيَّاك} : حصر العبودية على الله وحده دون غيره (سبحانه) ولما للتركيب من عذوبة لفظية رائعة . ـ لا نملك لأنفسنا نفعا ولا ضرا إلا بالاستعانة بالله وحده ؛ فهو وحده الذي يملك النفع والضر . ـ الاستعانة تحوي كلَّ ما يحتاج العبد فيه إلى عون ربّه من الأمور التي تتعلق بطاعة الله، أو أمور تتعلق بالعبد ( الأمور الحياتية ) . ـ الاستعانة أعم وأشمل في معانيها ؛ حيث تحوي كل ما يطلبه العبد من ربه من طلب نفع أو دفع ضرر . ـ إن تحقيق الاستعانة لا يأتي إلا بالالتجاء إلى الله مع كمال إخلا ص العبودية له (سبحانه ) وأن لا نافع ولا ضار إلا الله . ـ والاستعانة هي استعانة على العبادة من رجاء وخوف ومحبة ومن ناحية أخرى أخذ بالأسباب مع التوكل على الله مسبب الأسباب . ـ أفضل الناس هم من يخلصون العبادة لله دون تفريط . ـ وأفضل أنواع الاستعانة هي الاستعانة على رضى الله ـ عزوجل . ـ ومن أروع ما قيل في سبب تقديم ( إياك نعبد ) على ( إياك نستعين ) : هو من باب تقديم الغايات على الوسائل ؛ فالعبادة غاية والاستعانة وسيلة إلى الوصول إلى الغاية . ـ الإتيان بضمير الجمع في مقام الإخبار أبلغ في التعظيم والتمجيد، من أن نقول : (إيَّاك أعبد). ـ والإتيان بضمير الجمع في مقام الطلب أبلغ في التوسّل . ـ تكرار (إياك ) للاهتمام والحصر، ومن حسن ثناء الله على ذاته ـ سبحانه . |
تقديم المفعول على الفعل في قوله تعالى {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} يفيد
الاختصاص تقديم ذكر المعبود جل جلاله الحرص على التقرب |
كما فعل ابن القيّم رحمه الله تعالى في كتابه "مدارج السالكين" في جوابه على هذا السؤال؛ فقد أحسن بيان جملة من الحكم والأسرار البديعة التي لا تكاد تجدها في كتب التفسير بمثل تنبيهه وبيانه، وقد استفاد أصلها من شيخه ابن تيمية لكنَّه بنى على هذا الأصل من التفصيل والتفريع ما أجاد فيه وأفاد.
فقال رحمه الله: (تقديم العبادة على الاستعانة في الفاتحة من باب تقديم الغايات على الوسائل إذ العبادة غاية العباد التي خُلقوا لها، والاستعانة وسيلة إليها. - ولأن {إياك نعبد} متعلق بألوهيته واسمه "الله"، {وإياك نستعين} متعلق بربوبيته واسمه "الرب" فقدم {إياك نعبد} على {إياك نستعين} كما قدم اسم "الله" على "الرب" في أول السورة. - ولأن {إياك نعبد} قِسْم "الرب"؛ فكان من الشطر الأول، الذي هو ثناء على الله تعالى، لكونه أولى به، و{إياك نستعين} قِسْم العبد؛ فكان من الشطر الذي له، وهو " {اهدنا الصراط المستقيم} " إلى آخر السورة. - ولأن "العبادة" المطلقة تتضمن "الاستعانة" من غير عكس، فكل عابد لله عبودية تامة مستعين به ولا ينعكس، لأن صاحب الأغراض والشهوات قد يستعين به على شهواته، فكانت العبادة أكمل وأتم، ولهذا كانت قسم الرب. - ولأن "الاستعانة" جزء من "العبادة" من غير عكس. - ولأن "الاستعانة" طلب منه، و"العبادة" طلب له. - ولأن "العبادة" لا تكون إلا من مخلص، و"الاستعانة" تكون من مخلص ومن غير مخلص. - ولأن "العبادة" حقّه الذي أوجبه عليك، و"الاستعانة" طلب العون على "العبادة"، وهو بيان صدقته التي تصدق بها عليك، وأداء حقه أهم من التعرض لصدقته. - ولأن "العبادة" شكر نعمته عليك، والله يحب أن يُشكر، والإعانة فعله بك وتوفيقه لك، فإذا التزمت عبوديته، ودخلت تحت رقها أعانك عليها، فكان التزامها والدخول تحت رقها سببا لنيل الإعانة، وكلما كان العبد أتم عبودية كانت الإعانة من الله له أعظم، والعبودية محفوفة بإعانتين: إعانة قبلها على التزامها والقيام بها، وإعانة بعدها على عبودية أخرى، وهكذا أبدا، حتى يقضي العبد نحبه. - ولأن {إياك نعبد} له، و{إياك نستعين} به، وما له مقدم على ما به، لأن ما له متعلق بمحبته ورضاه، وما به متعلق بمشيئته، وما تعلق بمحبته أكمل مما تعلق بمجرد مشيئته، فإن الكون كله متعلق بمشيئته، والملائكة والشياطين والمؤمنون والكفار، والطاعات والمعاصي، والمتعلق بمحبته: طاعتهم وإيمانهم، فالكفار أهل مشيئته، والمؤمنون أهل محبته، ولهذا لا يستقر في النار شيء لله أبدا، وكل ما فيها فإنه به تعالى وبمشيئته. فهذه الأسرار يتبين بها حكمة تقديم {إياك نعبد} على {إياك نستعين})ا.هـ. وذكر الشيخ محمد الأمين الشنقيطي وجهاً حسناً فقال: (وإتيانه بقوله: {وإياك نستعين} بعد قوله: {إياك نعبد} فيه إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتوكل إلا على من يستحق العبادة؛ لأن غيره ليس بيده الأمر، وهذا المعنى المشار إليه هنا جاء مبيناً واضحاً في آيات أخر كقوله: {فاعبده وتوكل عليه}). |
إياك نعبد وإياك نستعين
هذه الآية قسمها الله تعالى بينه وبين عبده وفيها معنى لا إله إلا الله، ومعنى لا حول ولا قوة إلا بالله والعبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة. |
● فوائد تقديم المفعول {إيَّاك}.
تقديم المفعول {إيَّاك} على الفعل {نعبد} فيه ثلاث فوائد جليلة: إحداها: إفادة الحصر؛ وهوَ إثباتُ الحكمِ للمذكورِ ونفيهُ عما عداهُ؛ فكأنَّهُ يقولُ: نعبدكَ، ولا نعبدُ غَيركَ، أوقول: (لا نعبد إلا إيَّاك)؛ مع اختصار اللفظ وعذوبته. ومما يوضّح هذا المعنى قول الله تعالى: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين . بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون} {بل إياه تدعون} ظاهر في أنّ هذا التركيب يفيد الحصر، أي: تدعونه وحده ولا تدعون غيره مما كنتم تشركون بهم. والثانية: تقديم ذكر المعبود جلَّ جلاله. والثالثة: إفادة الحرص على التقرّب؛ فهو أبلغ من (لا نعبد إلا إياك). |
الدرس الخامس الأربعاء 4 ذي الحجة بعض الفوائد الموجزة في " إيّاك نعبد و إيّاك نستعين " " إياك نعبد وإياك نستعين"قال [الله تعالى]: ( هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل ). الجزء الأول من الآية هو إفراده بالعبادة، والقسم الثاني سؤال العبد الإعانةَ من الله وحده. " إياك نعبد": أي نُخلِص لك العبادة؛ فنطيع أوامرك محبّة وخوفاً ورجاء خاضعين مستكينين لك وحدك لا شريك لك. والعِبادةُ هي العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة. والعبادةُ تكونُ بالقلبِ واللسانِ والجوارحِ " إياك نستعين": نستعينك وحدك لا شريك لك على إخلاص العبادة لك؛ فإنا لا نقدر على ذلك إلا بأن تعيننا عليه، ونستعينك وحدَك على جميع أمورنا؛ فإنّك إن لم تعنّا لم نقدر على جلبِ النفعِ لأنفسنا ولا دفع الضرّ عنها. و الاستعانة هي طلب العون من الله سبحانه وتعالى. و أفضل أنواع الإستعانة الاستعانة بالله على طاعة الله. قال ابن القيم ( رحمة الله تعالى عليه):تقديم العبادة على الاستعانة في الفاتحة من باب تقديم الغايات على الوسائل إذ العبادة غاية العباد التي خُلقوا لها، والاستعانة وسيلة إليها. |
في قوله تعالى " إياك نعبد وإياك نستعين " متممة للحديث السابق في الحمد والتمجيد والثناء، ولهذا قال الله: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل.
فهذه الآية قسمها الله تعالى بينه وبين عبده ، اولا: حقه في إفراده بالعبادة في قوله " إياك نعبد " أي لا نعبد إلا إياك . وثانيا : إقرار العبد بطلب الاعانة من الله وحده على وجه التوحيد بطلب الاستعانة ، وذلك في قوله " إياك نستعين " أي لا نستعين الا بك . وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر أي حصر العبادة والاستعانة بالله وحده دون ما سواه. ومن هنا يقال من أقر بالله أعطي الثاني أي من أقر بالتوحيد وأن الله وحده المستحق للعبادة أعانه الله في أمور دينه ودنياه، وذلل له الصعاب. وفي الآيات السابقة من سورة الفاتحة ملحظ مهم وهو أن العبد بدأ يدعو غائبا في قوله الحمد لله رب العالمين الى قوله مالك يوم الدين ، حتى وصل الخطاب الى دعاء المخاطب مباشرة ، اياك نعبد واياك نستعين . ومن هنا قال بعض أهل العلم حول هذا: (تحوّل الكلام من الغيبة إلى المواجهة بكاف الخطاب له مناسبةٌ، لأنّه لمّا أثنى على اللّه فكأنّه اقترب وحضر بين يدي اللّه تعالى). وقربه من الله بسبب توحيده وثنائه وتمجيده ، ولذلك أهل التوحيد الخالص البعيدون كل البعد عن أدنى منازل وألفاظ الشرك هم اقرب الناس الى الله تعالى . فكأنه ايمان بعد اسلام يعقبها منزلة الاحسان وهي أن تعبد الله كأنك تراه وتخاطبه . وفي الآيات السابقة ارشاد من الله تعالى لعباده بأن يحمدوه ويمجدوه ويثنوا بذلك على سبيل التوحيد . |
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إلهَ إلَّا الله واللهُ أكبر اللهُ أكبر ولله الحَمد ..
بِسْم اللَّهِ الواحد الأحد الفردُ الصّمد والحمّدُ لله المُعطي والمُتفضِّل بالنِعم .
وَقَدْ قرأتُ في درسِ اليوم من عجآئبِ المعانِي ماقد يخفى ، وفوآئدُ ألآي مايُنِيرُ القلوبَ ، ويُحلِّقُ بالأرواحِ في معارجِ إيّاكَ نَعبُدُ وإِيَّاك نستَعِين . وقد تأملتُ أقسامَ الإستعانةِ فوجدتها قسمين : فقسمٌ إستعانة العبادة والآخرُ إستعانةُ تسببٍ ، فأمَّا إستعانة العبادة فهي الإستعانة التي لايجوز صرفها لغير الله تعالى ومن صرفها لمخلوقٍ فقد وقع في الشرك الأكبر المُخرج من الملّة كطلب قضآء الحوائج ودفع الضرِّ وجلبُ النفع فيما لايقدر عليه إلاّ الله . والإستعانة التي لايجوز صرفها لغير الله هي الإستعانة التي يصاحبها معانٍ تعبدية تقع في القلب من خوف ورجآء ومحبة ورغبة ورهبة . أمّا الإستعانة السببية فهي تِلكَ التي لايصاحبها معنى تعبدي كطلب العلاج من الأطباء وفعل الأسباب للشفاء من الأمراض مع إعتقاد الساعي أنّ النفع والضُّر بيد الله سبحانه وأنّه جلَّ وعلى مسبِّبُ الأسباب وأنّه الشافي وحده والمُقدِّرُ للمرض وللشفآء . |
معنى قوله تعالى: {إياك نستعين}.
أي نستعينك وحدك لا شريك لك على إخلاص العبادة لك؛ فإنا لا نقدر على ذلك إلا بأن تعيننا عليه، ونستعينك وحدَك على جميع أمورنا؛ فإنّك إن لم تعنّا لم نقدر على جلبِ النفعِ لأنفسنا ولا دفع الضرّ عنها. |
بيان مراتب الهداية:
الهداية على مرتبتين: المرتبة الأولى: هداية الدلالة والإرشاد، وهي هداية علمية، ثمرتها: العلم بالحقّ، والبصيرة في الدين. والمرتبة الثانية: هداية التوفيق والإلهام، وهي هداية عملية، ثمرتها: إرادة الحقّ والعمل به. |
بيان فضل التأمين.
صحّ في فضل التأمين أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تدلّ على أنّه من أسباب المغفرة وإجابة الدعاء وأنّ فيه من الفضل والخير ما جعل اليهود يحسدون هذه الأمّة عليه كما حسدوهم على يوم الجمعة، ومن تلك الأحاديث: 1. حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه » .متفق عليه. وفي رواية في صحيح البخاري « إذا أمَّن القارئ فأمنوا؛ فإنَّ الملائكة تؤمّن، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه » 2. وحديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين؛ فوافقت إحداهما الأخرى غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه)). 3. وحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا. فقال: " إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قال{غير المغضوب عليهم ولا الضالين}، فقولوا: آمين، يجبكم الله فإذا كبر وركع فكبروا واركعوا، فإن الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم). رواه أحمد ومسلم. 4. وحديث عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: ((ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين)). رواه البخاري في الأدب المفرد. |
محصول إياك نعبد وإياك نستعين
● مقصو د الآية
فيما تقدم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم فإذا قال [أي: العبد]: {إياك نعبد وإياك نستعين} قال [الله]: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل). فهذه اﻵلة فيها تقسيم بين ما في العبد وربه فقسمها الأوَّل: حقّه جلّ وعلا، وهو إفراده بالعبادة. وقسمها الآخر: سؤال العبد الإعانةَ من الله وحده دون ما سواه. فمن قام بحقّ الله تعالى في القسم الأول أعطاه الله ما سأله تشمل اﻵية على ثلاثة أشياء 1. التبرؤ من كلّ معبود يُعبد من دون الله تعالى؛ ففيها معنى "لا إله إلا الله". 2. والتبرؤ من الاستعانة بغيره جلّ وعلا؛ وذلك مستلزم للإيمان بقدرته تعالى على الإعانة؛ ففيها معنى "لا حول ولا قوّة إلا بالله". فإخلاص العبادة يستلزم الكفر بكلّ ما يُعبد من دون الله تعالى، وأن يكون القلب سليماً لله تعالى ليس فيه تعلّق بغيره. وإخلاص الاستعانة يستلزم التوكّل على الله تعالى، وتفويض الأمور إليه، ورجاء عونه وتوفيقه. قال ابن كثير رحمه الله: (الدّين يرجع كلّه إلى هذين المعنيين، وهذا كما قال بعض السّلف: الفاتحة سرّ القرآن، وسرّها هذه الكلمة: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} فالأوّل تبرّؤٌ من الشّرك، والثّاني تبرّؤٌ من الحول والقوة، والتفويض إلى اللّه عزّ وجلّ. وهذا المعنى في غير آيةٍ من القرآن، كما قال تعالى: {فاعبده وتوكّل عليه وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون} {قل هو الرّحمن آمنّا به وعليه توكّلنا} {ربّ المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتّخذه وكيلا}، وكذلك هذه الآية الكريمة: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين})ا.هـ. وقال ابن القيّم رحمه الله: (كثيراً ما سمعت شيخ الإسلام -قدس الله روحه- يقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} تدفع الرياء، {وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} تدفع الكبرياء)ا.هـ. ● معنى قوله تعالى: {إياك نعبد}. أي نُخلِص لك العبادة ● بيان معنى العبادة في اللغة قال ابن جرير رحمه الله: (العبودية عندَ جميع العرب أصلُها الذلّة، وأنها تسمي الطريقَ المذلَّلَ الذي قد وَطِئته الأقدام، وذلّلته السابلة (معبَّدًا) ). ● بيان معنى العبادة شرعاً والعبادة في الشرع لها تعريفات متعددة ذكرها أهل العلم، وقد سلكوا مسالك في تعريفها، ومن أحسنها تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة (العبودية)؛ إذ قال رحمه الله تعالى: (العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة)ا.هـ وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾. وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)﴾ ● معنى قوله تعالى: {إياك نستعين}. أي نستعينك وحدك لا شريك لك على إخلاص العبادة لك؛ فإنا لا نقدر على ذلك إلا بأن تعيننا عليه، ونستعينك وحدَك على جميع أمورنا؛ فإنّك إن لم تعنّا لم نقدر على جلبِ النفعِ لأنفسنا ولا دفع الضرّ عنها ● أنواع الاستعانة بالله الاستعانة بالله تعالى على أنواع: - فأفضلها وأحبها إلى الله تعالى: الاستعانة بالله على طاعة الله، وكلما كان المؤمن أشد حباً لله ورجاء في فضله وخوفاً من سخطه وعقابه كان على هذا الأمر أحرص، وعرف أن حاجته إليه أشد. لكن من الناس من يغلب عليه الاستعانة بالله لتحقيق المطالب الدنيوية حتى تشغله عن المطالب الأخروية؛ فإن تحقق له ما يطلب من أمور الدنيا فرح به وضعفت رغبته في الاستعانة بالله ● الحكمة من تقديم {إياك نعبد} على {إياك نستعين}. تقرر أنَّ الله تعالى حكيم عليم، وأن الله قد أحكم كتابه غاية الإحكام، وأن القرآن قد بلغ الذروة العليا في الفصاحة وحسن البيان، فلذلك قد يجتمع في المسألة الواحدة من المسائل البيانية حِكَمٌ متعدّدة ويتفاوت العلماء في إدراكها وحسن البيان عنها، وقد تعددت أقوال العلماء في الجواب على هذه المسألة حتى بلغت نحو عشرة أقوال. والقاعدة في مثل هذه المسائل أن يُقبل ما يحتمله السياق وترتيب الكلام ومقاصد الآيات وغيرها من الدلالات بشرطين: أحدهما: أن يكون القول في نفسه صحيحاً. والثاني: أن يكون لنظم الآية دلالة معتبرة عليه. ومن أمعن النظر في هذه الأمور وكانت له معرفة حسنة بعلم البيان تبيّنت له حكم متعدّدة في غالب الأمر، بل ربّما ظهر له من الدلائل ما غفل عن ذكره كثيرون، كما فعل ابن القيّم رحمه الله تعالى في كتابه "مدارج السالكين" في جوابه على هذا السؤال؛ فقد أحسن بيان جملة من الحكم والأسرار البديعة التي لا تكاد تجدها في كتب التفسير بمثل تنبيهه وبيانه، وقد استفاد أصلها من شيخه ابن تيمية لكنَّه بنى على هذا الأصل من التفصيل والتفريع ما أجاد فيه وأفاد. فقال رحمه الله: (تقديم العبادة على الاستعانة في الفاتحة من باب تقديم الغايات على الوسائل إذ العبادة غاية العباد التي خُلقوا لها، والاستعانة وسيلة إليها. - ولأن {إياك نعبد} متعلق بألوهيته واسمه "الله"، {وإياك نستعين} متعلق بربوبيته واسمه "الرب" فقدم {إياك نعبد} على {إياك نستعين} كما قدم اسم "الله" على "الرب" في أول السورة. - ولأن {إياك نعبد} قِسْم "الرب"؛ فكان من الشطر الأول، الذي هو ثناء على الله تعالى، لكونه أولى به، و{إياك نستعين} قِسْم العبد؛ فكان من الشطر الذي له، وهو " {اهدنا الصراط المستقيم} " إلى آخر السورة. - ولأن "العبادة" المطلقة تتضمن "الاستعانة" من غير عكس، فكل عابد لله عبودية تامة مستعين به ولا ينعكس، لأن صاحب الأغراض والشهوات قد يستعين به على شهواته، فكانت العبادة أكمل وأتم، ولهذا كانت قسم الرب. - ولأن "الاستعانة" جزء من "العبادة" من غير عكس. - ولأن "الاستعانة" طلب منه، و"العبادة" طلب له. - ولأن "العبادة" لا تكون إلا من مخلص، و"الاستعانة" تكون من مخلص ومن غير مخلص. - ولأن "العبادة" حقّه الذي أوجبه عليك، و"الاستعانة" طلب العون على "العبادة"، وهو بيان صدقته التي تصدق بها عليك، وأداء حقه أهم من التعرض لصدقته. - ولأن "العبادة" شكر نعمته عليك، والله يحب أن يُشكر، والإعانة فعله بك وتوفيقه لك، فإذا التزمت عبوديته، ودخلت تحت رقها أعانك عليها، فكان التزامها والدخول تحت رقها سببا لنيل الإعانة، وكلما كان العبد أتم عبودية كانت الإعانة من الله له أعظم، والعبودية محفوفة بإعانتين: إعانة قبلها على التزامها والقيام بها، وإعانة بعدها على عبودية أخرى، وهكذا أبدا، حتى يقضي العبد نحبه. - ولأن {إياك نعبد} له، و{إياك نستعين} به، وما له مقدم على ما به، لأن ما له متعلق بمحبته ورضاه، وما به متعلق بمشيئته، وما تعلق بمحبته أكمل مما تعلق بمجرد مشيئته، فإن الكون كله متعلق بمشيئته، والملائكة والشياطين والمؤمنون والكفار، والطاعات والمعاصي، والمتعلق بمحبته: طاعتهم وإيمانهم، فالكفار أهل مشيئته، والمؤمنون أهل محبته، ولهذا لا يستقر في النار شيء لله أبدا، وكل ما فيها فإنه به تعالى وبمشيئته. فهذه الأسرار يتبين بها حكمة تقديم {إياك نعبد} على {إياك نستعين})ا.هـ. وذكر الشيخ محمد الأمين الشنقيطي وجهاً حسناً فقال: (وإتيانه بقوله: {وإياك نستعين} بعد قوله: {إياك نعبد} فيه إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتوكل إلا على من يستحق العبادة؛ لأن غيره ليس بيده الأمر، وهذا المعنى المشار إليه هنا جاء مبيناً واضحاً في آيات أخر كقوله: {فاعبده وتوكل عليه}). ● معنى النون في قوله تعالى: {إياك نعبد}. في هذه المسألة أقوال حسنة لأهل العلم يجمعها أنّ الإتيان بضمير الجمع يتضمن إقرار القارئ بأنه إنما هو عبد من جملة العباد الذين يعبدون الله وحده ويستعينون به ولا يشركون به. ويضاف إليها بيانُ أن الجملة في {إيَّاك نعبد} خبرية، وفي {إيَّاك نستعين} خبرية متضمّنة معنى الطلب. فالإتيان بضمير الجمع في مقام الإخبار أبلغ في التعظيم والتمجيد، من (إيَّاك أعبد). والإتيان بضمير الجمع في مقام الطلب أبلغ في التوسّل، فأضاف إلى التوسّل بالتوحيد التوسّل بكرمه تعالى في إعانة إخوانه المؤمنين؛ كأنّ المعنى (أعنّي كما أعنتهم) فهي في معنى (اهدني فيمن هديت). ● فائدة الإتيان بالفعل المضارع في {نعبد} و{نستعين} الإتيان بالفعل المضارع هنا لإفادة التجدّد والتكرار. ● فائدة تحول الكلام من الغيبة إلى الخطاب. وهذا ما يُسمّى بالالتفات في علم البلاغة، وله فوائد في تنويع الخطاب، والبيان عن التنقّل بين مقامات الكلام، والتنبيه على نوع جديد من الخطاب يستدعي التفكّر في مناسبته، واسترعاء الانتباه لمقصده. قال ابن كثير رحمه الله: (وتحوّل الكلام من الغيبة إلى المواجهة بكاف الخطاب له مناسبةٌ، لأنّه لمّا أثنى على اللّه فكأنّه اقترب وحضر بين يدي اللّه تعالى؛ فلهذا قال: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} وفي هذا دليلٌ على أنّ أوّل السّورة خبرٌ من اللّه تعالى بالثّناء على نفسه الكريمة بجميل صفاته الحسنى، وإرشادٌ لعباده بأن يثنوا عليه بذلك)ا.هـ. ● فائدة تكرر {إياك} في الآية مرتين اجتهد العلماء في التماس الحكمة من تكرّر (إيّاك) في الآية مرتين: - فقال ابن عطية: (وتكررت {إيّاك} بحسب اختلاف الفعلين، فاحتاج كل واحد منهما إلى تأكيد واهتمام)ا.هـ. - وقال ابن القيم: (وفي إعادة " إياك " مرة أخرى دلالة على تعلق هذه الأمور بكل واحد من الفعلين، ففي إعادة الضمير من قوة الاقتضاء لذلك ما ليس في حذفه، فإذا قلت لملك مثلا: إياك أحب، وإياك أخاف، كان فيه من اختصاص الحب والخوف بذاته والاهتمام بذكره، ما ليس في قولك: إياك أحب وأخاف)ا.هـ. - وقال ابن كثير: (وكرّر للاهتمام والحصر). وهذا ملخص ما مررت عليه والله المستعان |
فوائد من تفسير قوله تعالى: إياك نعبد وإياك نستعين
١: قسم الله الآية نصفين : نصف له ونصف لعبده. فمَنْ قام بحق الله تعااى في النصف الأول أعطاه ما سأله في النصف الآخر.
٢: اشتملت الآية الكريمة على التبرؤ من الشرك والتبرؤ من الحول والقوة. ٣: قوله تعالى : (وإياك نستعين) فيه حذف متَعلّق الاستعانة لإفادة عموم ما يُستعان الله به عليه. ٤: الاستعانة طلب العون والاعتماد على المُستعان به في جلب المنافع ودفع المضار. ٥: تحقيق الاستعانة يكون بأمرين : - صدق طلب العون من الله. - بذل الأسباب. ٦: الاستعانة على نوعين : استعانة تعبّد واستعانة تسبّبٍ. ولا يجوز صرف الأولى لغير الله . أما الثانية فيجوز صرفها لغير الله لخُلوّها من المعاني التعبدية. ٧: أفضل الاستعانة وأحبها إلى الله : الاستعانة بالله على طاعة الله. ٨: تقديم العبادة على الاستعانة من باب تقديم الغايات على الوسائل؛ إذ العبادة غاية العِباد التي خلقوا لها والاستعانة وسيلة إليها. ٩: وأتى بالفعل المضارع في (نعبد) وفي (نستعين) لإفادة التجدد والتكرار. |
إياك نعبد تفيد الحصر و الحرص على القرب و تقديم ذكر تامعبود جل جلاله وتنفي الرياء و تثبت الالوهية من لوازم العبادة المحبة و التعظيم و الانقياد و أما إياك تستعين تنفي الكبر و تفيد التوكل.
|
بِسم الله الرَّحمنِ الرَّحين
¤¤ {إيَّاكَ نعبُدُ} ¤¤ ▪《قالَ ابنُ جَرير رحمه الله: (العبودية عندَ جميع العرب أصلُها الذلّة، وأنها تسمي الطريقَ المذلَّلَ الذي قد وَطِئته الأقدام، وذلّلته السابلة (معبَّدًا) )》. ▪ عرَّف شيخُ الإسلامِ العبادَة فقالَ 《رحمه الله تعالى: (العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة)》. ▪《... فهي لا تكون إلا بتذلل وخضوع. ويصحب هذه الذلة في العبادات الشرعية التي أمر الله بها ثلاثة أمور: ١- المحبة، ٢- والانقياد، ٣- والتعظيم》. ▪《وقد أمَرَ اللهُ تعالى بإخلاصِ العبادةِ له وَحْدَه لا شَريكَ له؛ قال اللهُ تعالى: ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)﴾ وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾. وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)﴾》. |
إياك نعبد وإياك نستعين.
ورد لفظ العبادة قبل الإستعاذة لأن التوفيق والنجاح و الفلاح في الدنيا و الآخرة إلا بتوفيق الله و عونه سبحانه. فكلما كانت العبادة صادق و خالصة لوجهه الله كلما كان الجواب أسرع فمن صرف العبادة لغير الله معنويا و عمليا فلا يوفق في الدين ولا في الدنيا |
الإنعام له في القرآن الكريم معنيان:
المعنى الأوَّل: إنعام عامّ، وهو إنعام فتنة وابتلاء، كما في قول الله تعالى: ﴿فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ...﴾. المعنى الثاني: الإنعام الخاص، وهو إنعام منَّة واجتباء، وهو الإنعام بالهداية إلى ما يحبه الله عز وجل ويرضاه من الأقوال والأعمال، وما يمنُّ به على بعض عباده من أسباب فضله ورحمته وبركاته. |
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (أنفع الدعاء، وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}؛ فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته وترك معصيته، فلم يصبه شر، لا في الدنيا ولا في الآخرة، لكن الذنوب هي من لوازم نفس الإنسان، وهو محتاج إلى الهدى في كل لحظة، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب)
|
معنى التعريف في الصراط المستقيم:
التعريف في الصراط للعهد الذهني الذي يفيد الحصر؛ فهو صراط واحد لا غير. والتعريف هنا مع إفادته الحصر يفيد معنى التشريف والتفضيل والكمال، وهذا كما تقول للطبيب: أعطني الدواء الناجع؛ فهو أبلغ من قولك: أعطني دواءً ناجعاً. فالأول يفيد أنك تطلب منه أفضل ما لديه، وهو الدواء الذي يكون أحقّ بالتعريف مما دونه من الأدوية. |
تنبيه هذه الآية على سبب الهداية:
هذه الآية فيها تنبيه على سبب الهداية، وأنها لا تحصل إلا بإنعام الله تعالى على عبده، وأن العبد لولا إنعام الله عليه لما كان له أن يهتدي لمعرفة الحق، ولا لإرادة اتّباع الهدى، ولا للثبات على الهداية. قال ابن جرير رحمه الله: "وفي هذه الآية دليلٌ واضحٌ على أنّ طاعة اللّه جلّ ثناؤه لا ينالها المطيعون إلاّ بإنعام اللّه بها عليهم وتوفيقه إيّاهم لها، أوَلا يسمعونه يقول: "صراط الّذين أنعمت عليهم"؟!! فأضاف كلّ ما كان منهم من اهتداءٍ وطاعةٍ وعبادةٍ إلى أنّه إنعامٌ منه عليهم؟"ا.هـ. |
الساعة الآن 06:41 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir