معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   المنتدى العام (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=97)
-   -   انبعاجة ضوء (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=10288)

ساجدة فاروق 29 ذو الحجة 1433هـ/13-11-2012م 09:51 PM

(41)
سنن مهجورة (2) التعجيل بالتوبـة

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِنَّ صَاحِبَ الشِّمَالِ لِيَرْفَعُ الْقَلَمَ سِتَّ سَاعَاتٍ عَنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئِ أَوِ الْمُسِيءِ، فَإِنْ نَدِمَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهَا أَلْقَاهَا، وَإِلا كُتِبَتْ وَاحِدَةً".
أي : الملك الموكل بكتابة سيئات الإنسان ، قال تعالى "إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : "تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْفَجْرَ غَسَلَتْهَا ، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الظُّهْرَ غَسَلَتْهَا ، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ غَسَلَتْهَا
ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْمَغْرِبَ غَسَلَتْهَا ، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعِشَاءَ غَسَلَتْهَا ، ثُمَّ تَنَامُونَ فَلا يُكْتَبُ عَلَيْكُمْ حَتَّى تَسْتَيْقِظُوا
"

أي : تعرضون أنفسكم لحرق النار بما تأتون من ذنوب ، فإذا صليتم تساقطت عنكم الذنوب وغسلت القلوب .
رواهما الطبراني .. وحسنهما الألباني .

~
أرأيتم صحيفتين بيضاوتين نيّرتين .. أيهما أشد صفاءا وإشراقاً ؟!
تلك التي دُنِّست بالسواد .. ثُمَّ طُهِّرت ، أو التي بقيت على بياضها لم يمسها سواد ؟!
لنستحضر في كل صلاة .. السواد الذي اعترانا من آخر صلاة قبلها ، ونجمع القلب بين يدي الرَّب .. توبة وندماً . وندرك صحائف قلوبنا ، قبل أن يسجل ملك الشمال ما اقترفنا من ذنب .

ساجدة فاروق 16 محرم 1434هـ/29-11-2012م 05:34 PM

(42)
سنن مهجورة (3) قراءة سورة الكافرون قبل النوم

عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَفَعَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَقَالَ: " إِنَّمَا أَنْتَ ظِئْرِي " قَالَ: فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: " مَا فَعَلَتِ الْجَارِيَةُ، أَوِ الْجُوَيْرِيَةُ؟"
قَالَ: قُلْتُ: عِنْدَ أُمِّهَا، قَالَ: " فَمَجِيءُ مَا جِئْتَ ؟ " قَالَ: قُلْتُ: تُعَلِّمُنِي مَا أَقُولُ عِنْدَ مَنَامِي
فَقَالَ: " اقْرَأْ عِنْدَ مَنَامِكَ { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} " قَالَ: " ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ "
رواه الترمذي والنسائي وأحمد ، وحسن الألباني والأرناؤوط

قالَ الشيخ عبد الرازق البدر :

وقد دلَّ هذا الحـَديثُ على فضل هذه السورة ، وفضل قراءتها عند النوم، والترغيب في أن ينـامَ المسلمُ على خاتمتها،ليكون آخرَ ما نام عليه هو إعلانُ التوحيد والبراءةُ من الشرك ، وَ لا ريب أن مَن قـرأها وَ فهم ما دلتْ عليه و عمل بما تقتضيه ، فقد بريء من الشرك ظاهراً وباطناً ، وقد كـان بعض السلف يُسميهـا: ( المُـقَشْـقِشَـة ) يـُقالُ : قَشقَشَ فلان ؛ إذا بَـريء من مَرضـه ، فهي تبريء صاحبـَها من الشـرك
.

ساجدة فاروق 2 ربيع الأول 1434هـ/13-01-2013م 08:09 PM

(43)

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ ؛ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ الْأَعْرَابِيِّ يَقُولُ :
مَرَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بِالْفَضْلِ ابْنِهِ وَهُوَ نَائِمٌ نَوْمَةَ الضُّحَى ، فَرَكَلَهُ بِرِجْلِهِ وَقَالَ لَهُ : قُمْ ؛ إِنَّكَ لَنَائِمُ السَّاعَةِ الَّتِي يُقَسِّمُ اللهُ فِيهَا الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ ، أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالَتِ الْعَرَبُ فِيهَا ؟
قَالَ : وَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ فِيهَا يَا أَبَتِ ؟
قَالَ : زَعَمَتْ أَنَّهَا مُكْسِلَةٌ مُهْرِمَةٌ مُنْسِأَةٌ لِلْحَاجَةِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا بُنَيَّ ! نَوْمُ النَّهَارِ عَلَى ثَلَاثَةٍ؛
نَوْمُ حُمْقٍ ؛ وَهِيَ نَوْمَةُ الضُّحَى
وَنَوْمَةُ الْخُلُقِ ؛ وَهِيَ الَّتِي رُوِيَ : قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَا تَقِيلُ
وَنَوْمَةُ الْخُرْقِ ؛ وَهِيَ نَوْمَةٌ بَعْدَ الْعَصْرِ لَا يَنَامُهَا إِلَّا سَكْرَانُ أَوْ مَجْنُونٌ .

المجالسة وجواهر العلم للدينوري-المكتبة الشاملة
فكم فينا من حمق وخرق و... !
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ"، "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا"، "اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ" وافقوا السنن الكونيّـة .. وفقكم الله .

ساجدة فاروق 7 رجب 1434هـ/16-05-2013م 02:40 AM

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: ( .."فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُم" أي في هذه الأشهر المحرمة ، لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها ، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف ، لقوله تعالى"وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ". وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام، ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حق من قَتل في الحرم أو قتل ذا محرم، ثم نقل عن قتادة قوله : إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها ، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم في أمره ما يشاء .. ) أ.هـ

وقال القرطبي رحمه الله: ( لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة ، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء ، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال ، وقد أشار الله إلى هذا بقوله"يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً" .. )أ.هـ

ساجدة فاروق 30 رمضان 1434هـ/6-08-2013م 04:18 PM

(44)

رآني النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا أُحرِّك شفتَيَّ فقال لي بأيِّ شيءٍ تُحرُّك شفتَيْك يا أبا أُمامةَ؟
فقلتُ أذكرُ اللهَ يا رسولَ اللهِ.
فقال ألا أخبرُك بأكثرَ وأفضلَ من ذكرِك باللَّيلِ والنَّهارِ ؟
قلتُ بلى يا رسولَ اللهِ .
قال تقولُ:
سبحانَ اللهِ عددَ ما خلق سبحانَ اللهِ ملءَ ما خلق
سبحانَ اللهِ عددَ ما في الأرضِ [والسَّماءِ] سبحانَ اللهِ ملءَ ما في الأرضِ والسَّماءِ
سبحانَ اللهِ عددَ ما أحصَى كتابُه سبحانَ اللهِ ملءَ ما أحصَى كتابُه
سبحانَ اللهِ عددَ كلِّ شيءٍ سبحانَ اللهِ ملءَ كلِّ شيءٍ
الحمدُ للهِ عددَ ما خلق والحمدُ للهِ ملءَ ما خلق
والحمدُ للهِ عددَ ما في الأرضِ والسَّماءِ والحمدُ للهِ ملءَ ما في الأرضِ والسَّماءِ
والحمدُ للهِ عددَ كلِّ شيءٍ والحمدُ للهِ ملءَ كلِّ شيءٍ

الراوي: أبو أمامة الباهلي
المحدث:المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 2/361
خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]


ساجدة فاروق 4 شوال 1434هـ/10-08-2013م 11:29 AM

(45)

من علامة قبول الحسنة أن تتلوها مثيلاتها.
فإن وجدت في نفسك بعد رمضان استعدادا للطاعة وإقبالا على ما يرضي الله فهنيئا لك ..
وإن كانت الأخرى فاستدرك قبل أن يعتاد القلب الغفلة.

البشير عصام المراكشي/ من صفحاته على مواقع التواصل.

ساجدة فاروق 12 شوال 1434هـ/18-08-2013م 08:05 AM

(46)

معالم للتفاؤل {2}
(أما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله بل قد نهى عنه في مواضع وإن تعلق بأمر الدين كقوله تعالى :"وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"
وقوله تعالى : "وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ" وقوله تعالى : ( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) وأمثال ذلك كثير .
وذلك لأنه لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة فلا فائدة فيه ومالا فائدة فيه لا يأمر الله به ، نعم لا يأثم صاحبه إذا لم يقترن بحزنه محرم كما يحزن على المصائب ...

وقد تبين بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه فيكون محموداً من تلك الجهة لا من جهة الحزن
كالحزين على مصيبة في دينه وعلى مصائب المسلمين عموما ، فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير وبغض الشر وتوابع ذلك، ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة ودفع مضرة نهى عنه وإلا كان حسب صاحبه رفع الإثم عنه من جهة الحزن ، وأما إن أفضى إلى ضعف القلب واشتغاله به عن فعل ما أمر الله ورسوله به كان مذموماً عليه من تلك الجهة وان كان محمودا من جهة أخرى )
التحفة العراقية في الأعمال القلبية لابن تيمية رحمه الله!

ساجدة فاروق 25 شوال 1434هـ/31-08-2013م 02:09 AM


(47)
ومن علامات صحة القلب؛ أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم من اهتمامه بالعمل:
فيحرص على الإخلاص فيه، والنصيحة، والمتابعة، والإحسان، ويشهد مع ذلك منة الله عليه فيه، وتقصيره في حق الله؛ فهذه ستة مشاهد لا يشهدها إلا القلب الحي السليم.
إغاثة اللهفان/ ابن قيم الجوزية

وقال عليّ رضي الله عنه: لا تهتمّوا لقِلّة العمل، واهتمّوا للقَبول.
قال مالك بن دينار رحمه الله: الخوف على العمل أن لا يتقبل أشد من العمل.

ساجدة فاروق 5 ذو القعدة 1434هـ/9-09-2013م 08:02 AM

(48)

- قال صل اللهُ عليه وسلم: إذا أحبَّ اللهُ عَبدًا عسَّلَه . قالوا : ما عسَّلَه يا رسولَ اللهِ ؟
قال : يُوفِّقُ لهُ عملًا صالحًا بين يدَي أجلِه حتَّى يرضَى عنهُ جيرانُه أو قال : مَن حولَه .
صحيح الترغيب الألباني
قال المناوي في فيض القدير: "عسله" أي طيب ثناءه بين الناس، من عسل الطعام يعسله إذا جعل فيه العسل.


روى النسائي وذكر الألباني صحته،
..وكان عمّار بن ياسر رضي الله عنه يدعو به في صلاته:
{اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي
اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ ، يَعْنِي فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحُكْمِ* فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى
وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لاَ يَبِيدُ* وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لاَ تَنْقَطِعُ ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ، وَأَسْأَلُكَ بَرَدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ
وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءٍ مُضِرَّةٍ وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ}.

*وفي روايات آخرى: كلمة العدل، كلمة الإخلاص، كلمة الحق.
* وفي رواية نعيما لا ينفذ.

ساجدة فاروق 18 ذو القعدة 1434هـ/22-09-2013م 03:27 PM

(50)

الأحاديث النبوية الثابتة والصحيحة عن يوم القيامة والدار الآخرة، اجعل لك منها وردا يلين بها بإذن الله قلبك ويتجدد إيمانك.
أحاديث الآخرة {1}
[رؤية الله سبحانه]
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ نَاسًا فِى زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « نَعَمْ ». قَالَ « هَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ صَحْوًا لَيْسَ مَعَهَا سَحَابٌ وَهَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ صَحْوًا لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ « مَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ كَمَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا
إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ لِيَتَّبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. فَلاَ يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ إِلاَّ يَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَغُبَّرِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيُدْعَى الْيَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ فَمَاذَا تَبْغُونَ قَالُوا عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا. فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلاَ تَرِدُونَ فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ. ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى فَيُقَالُ لَهُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ. مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ. فَيُقَالُ لَهُمْ مَاذَا تَبْغُونَ فَيَقُولُونَ عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا. - قَالَ - فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلاَ تَرِدُونَ فَيُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ..
حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِى أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِى رَأَوْهُ فِيهَا.
قَالَ فَمَا تَنْتَظِرُونَ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. قَالُوا يَا رَبَّنَا فَارَقْنَا النَّاسَ فِى الدُّنْيَا أَفْقَرَ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ. فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ لاَ نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا - حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أَنْ يَنْقَلِبَ. فَيَقُولُ هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلاَّ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِالسُّجُودِ وَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ. ثُمَّ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ وَقَدْ تَحَوَّلَ فِى صُورَتِهِ الَّتِى رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا.
[الصراط]
قال " ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ وَيَقُولُونَ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجِسْرُ؟
قَالَ « دَحْضٌ مَزِلَّةٌ. فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلاَلِيبُ وَحَسَكٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَالطَّيْرِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ وَمَكْدُوسٌ فِى نَارِ جَهَنَّمَ.
[شفاعة المسلمين لإخوانهم]
قال "حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِى اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِى النَّارِ يَقُولُونَ رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ. فَيُقَالُ لَهُمْ أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ. فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثيرًا قَدْ أَخَذَتِ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا مَا بَقِىَ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ.
[ورحمة الله الواسعة]
فَيَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا أَحَدًا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا. ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا أَحَدًا. ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْرًا ».
وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ يَقُولُ إِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِى بِهَذَا الْحَدِيثِ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا)
[انقضت الشفاعات، وبقيت رحمة واسع المغفرة]
« فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَفَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا فَيُلْقِيهِمْ فِى نَهْرٍ فِى أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ نَهْرُ الْحَيَاةِ فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ أَلاَ تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلَى الْحَجَرِ أَوْ إِلَى الشَّجَرِ مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضِرُ وَمَا يَكُونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ ».فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ
قَالَ « فَيَخْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ فِى رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِمُ يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلاَءِ عُتَقَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلاَ خَيْرٍ قَدَّمُوهُ ثُمَّ يَقُولُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَمَا رَأَيْتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ.
فَيَقُولُونَ رَبَّنَا أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ.
فَيَقُولُ لَكُمْ عِنْدِى أَفْضَلُ مِنْ هَذَا فَيَقُولُونَ يَا رَبَّنَا أَىُّ شَىْءٍ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا. فَيَقُولُ رِضَاىَ فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا »
الحديث في صحيح مسلم.

ساجدة فاروق 18 ذو الحجة 1434هـ/22-10-2013م 10:13 AM

(51)
"وكأن سرُّ الصلاة ولُبها إقبال القلب فيها على الله، وحضوره بكلِّيته بين يديه، فإذا لم يقبل عليه واشتغل بغيره ولهى بحديث نفسه، كان بمنزلة وافد وفد إلى باب الملك معتذرا من خطاياه وزلَلِه مستمطرا سحائب جوده وكرمه ورحمته، مستطعما له ما يقيت قلبه، ليقوى به على القيام في خدمته، فلما وصل إلى باب الملك، ولم يبق إلا مناجته له، التفت عن الملك وزاغ عنه يمينا وشمالا، أو ولاه ظهره، واشتغل عنه بأمقت شيء إلى الملك، وأقلّه عنده قدرا عليه، فآثره عليه!
والله سبحانه وتعالى خلق هذا النوع الإنساني لنفسه واختصه له، وخلق كل شيء له، ومن أجله كما في الأثر الإلهي: "ابن آدم خلقتك لنفسي، وخلقت كلِّ شيء لك، فبحقي عليك لا تشتغل بما خلقته لك عمَّا خلقتك له". وفي أثر آخر: " ابن آدم خلقتك لنفسي فلا تلعب وتكفلت برزقك فلا تتعب، ابن آدم اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كلّ شيء، وإن فُتَّك فاتك كلّ شيء، وأنا أحب إليك من كلّ شيء". وجعل سبحانه وتعالى الصلاة سببا موصلا إلى قُربه، ومناجاته ومحبته والأنس به".

باختصار عن ابن قيم الجوزية رحمه الله؛ ولم أستوثق من أسانيد الآثار الواردة.

ساجدة فاروق 28 ذو الحجة 1434هـ/1-11-2013م 05:08 PM

(52)
سمعت بهذه القصة في ثنايا عِظة لأحدهم، كان يتحدث فيها عن تقصيرنا في حُبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف أن الشجر "جذع النخلة" وحتى الحيوانات حنّت إليه وأحبّته:
والقصة ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ولا علم لي بصحتها من ضعفها (ومن أسند فقد أعذر) قال الهيثمي -رحمه الله- :
[بَابُ مَا جَاءَ فِي سَفِينَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -]
15970 - «عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ أَنَّهُ: لَقِيَ سَفِينَةَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ ثَمَانِ لَيَالٍ أَسْأَلُهُ عَنْ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا اسْمُكَ؟
قَالَ: مَا أَنَا بِمُخْبِرِكَ! سَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَفِينَةَ.قُلْتُ: وَلِمَ سَمَّاكَ سَفِينَةَ؟
قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ مَتَاعُهُمْ، فَقَالَ لِي: " ابْسُطْ كِسَاءَكَ ". فَبَسَطْتُهُ، فَجَعَلُوا فِيهِ مَتَاعَهُمْ ثُمَّ حَمَلُوهُ عَلَيَّ،
فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " احْمِلْ؛ فَإِنَّمَا أَنْتِ سَفِينَةٌ ". فَلَوْ حَمَلْتُ يَوْمَئِذٍ وِقْرَ بَعِيرٍ أَوْ بَعِيرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ أَوْ سَبْعَةٍ مَا ثَقُلَ عَلَيَّ إِلَّا أَنْ يَحْفُوا».

15972 - وَعَنْ سَفِينَةَ قَالَ:
كُنْتُ فِي الْبَحْرِ، فَانْكَسَرَتْ سَفِينَتُنَا فَلَمْ نَعْرِفِ الطَّرِيقَ، فَإِذَا أَنَا بِالْأَسَدِ قَدْ عَرَضَ لَنَا، فَتَأَخَّرَ أَصْحَابِي فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: أَنَا سَفِينَةُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أَضْلَلْنَا الطَّرِيقَ، فَمَشَى بَيْنَ يَدَيَّ حَتَّى أَوْقَفَنَا عَلَى الطَّرِيقِ، ثُمَّ تَنَحَّى وَدَفَعَنِي كَأَنَّهُ يُرِينِي الطَّرِيقَ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُوَدِّعُنَا.
رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَانْكَسَرَتْ سَفِينَتِي الَّتِي كُنْتُ فِيهَا، فَرَكِبْتُ لَوْحًا مِنْ أَلْوَاحِهَا فَطَرَحَنِي اللَّوْحُ فِي أَجَمَةٍ فِيهَا الْأَسَدُ، فَأَقْبَلَ إِلَيَّ يُرِيدُنِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْحَارِثِ، أَنَا سَفِينَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ وَأَقْبَلَ إِلَيَّ فَدَفَعَنِي بِمِنْكَبِهِ. وَالْبَاقِي بِنَحْوِهِ.

ساجدة فاروق 4 محرم 1435هـ/7-11-2013م 10:17 AM

(53)
منظومة السعدي رحمه الله
....................... السير إلى الله والدار الآخرة


سَعِدَ الَّذِينَ تَجَنَّبوا سُبُلَ الرَّدَى *** وَتَيَمَّمُوا لِمَنَازِلِ الرِّضْوانِ

فَهُمُ الَّذِينَ أخْلَصُوا فِي مَشْيِهِمْ *** مُتَشَرِّعِينَ بِشِرْعَةَ الإيمَانِ
وَهُمُ الَّذِينَ بَنَوْا مَنَاِزَل سَيْرِهِمْ *** بَيْنَ الرَّجَا والْخَوْفِ لِلدَيَّانِ
وَهُمُ الَّذِينَ مَلا الإلَهُ قُلُوبَهُمْ *** بِوِدَادِهِ وَمَحَبَّةِ الــرَّحْمَانِ
وَهُمُ الَّذِينَ أكْثَرُوا مِنْ ذِكْرِهِ *** فِي السِّرِ والإعْلانِ والأحَيانِ

يَتَقَرَّبُونَ إلَى الْمَلِيكِ بِفِعْلِهِمْ *** طَاعَاتِهِ وَالتَّرْكِ لِلْعِصْيَانِ
فِعْلُ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ دَأْبُهُمْ *** مَعَ رُؤْيَةِ التَّقْصِيرِ وَالنُّقْصَانِ
صَبَروا النُّفُوسَ على المكَارِهِ كُلِّهَا *** شَوْقاً إلى مَا فِيهِ مِنْ إحْسَانِ
نَزَلُوا بِمَنْزلَةِ الرِّضَى فَهُمُ بِهَا *** قَدْ أصْبَحُوا فِي جُنَّةِ وَأَمَانِ
شَكَرُوا الْذِي أوْلَى الخلائِقَ فَضْلَهُ *** بِالْقَلْبِ وَالأقْوَالِ وَالأرْكَانِ
صَحِبُوا التَّوَكُّلَ في جميعِ أُمُورِهِمْ *** مِعِ بِذْلِ جُهْدٍ فِي رِضَى الرَّحْمَانِ
عَبَدُوا الإلَهَ على اعْتِقَادِ حُضُورِهِ *** فَتَبَؤُّوا فِي مَنْزِلِ الإحْسَانِ

نَصَحُوا الخلِيقَةَ في رِضى محبُوبِهِمْ *** بِالْعِلْمِ وَالإرْشَاِد وَالإحْسَانِ
صَحِبُوا الْخَلائِقَ بِالْجُسُومِ وَإنَّمَا *** أرْوَاحُهُمْ فِي مَنْزِلٍ فَوْقَانِي
بِالله دَعَوَاتُ الْخَلائِقِ كُلِّهَا *** خَوْفاً عَلى الإيمَانِ مِنْ نُقْصَانِ
عَزَفُوا الْقُلُوبَ عَنِ الشَّوَاِغِل كُلِّهَا *** قَدْ فَرَّغُوهَا مِنْ سِوَى الرَّحْمَانِ
حَرَكَاتُهُمْ وَهُمُومُهُمْ وَعُزُومُهُمْ *** لِله ، لا لِلْخَلْقِ وَالشَّيْطَانِ
نِعْمَ الرَّفِيقُ لِطَالِبِ السُبُلِ الَّتِي *** تُفْضِي إلى الخَيْرَاتِ وَالإحْسَانِ

ساجدة فاروق 5 محرم 1435هـ/8-11-2013م 09:17 PM

(54)

فائدة قول الله تعالى "وإن من شيء إلا عندنا خزائنه" متضمن لكنز من الكنوز وهو أن يطلب كل شيء لا يطلب إلا ممن عنده خزائنه ومفاتيح تلك الخزائن بيديه وأن طلبه من غيره طلب ممن ليس عنده ولا يقدر عليه.
وقوله "وأن إلى ربك المنتهى" متضمن لكنز عظيم وهو أن كل مراد إن لم يرد لأجله ويتصل به وإلا فهو مضمحل منقطع فإنه ليس إليه المنتهى وليس المنتهى إلا إلى الذي انتهت إليه الأمور كلها فانتهت إلى خلقه ومشيئته وحكمته وعلمه فهو غاية كل مطلوب.
وكل محبوب لا يحب لأجله فمحبته عناء وعذاب وكل عمل لا يراد لأجله فهو ضائع وباطل وكل قلب لا يصل إليه فهو شقي محجوب عن سعادته وفلاحه، فاجتمع ما يراد منه كله في قوله "وإن من شيء إلا عندنا خزائنه" واجتمع ما يراد له كله في قوله "وأن إلى ربك المنتهى" فليس وراءه سبحانه غاية تطلب وليس دونه غاية إليها المنتهى.

وتحت هذا سر عظيم من أسرار التوحيد وهو أن القلب لا يستقر ولا يطمئن ويسكن إلا بالوصول إليه وكل ما سواه مما يحب ويراد فمراد لغيره وليس المراد المحبوب لذاته إلا واحد إليه المنتهى.

الفوائد, لابن قيم الجوزية رحمه الله.

ساجدة فاروق 10 محرم 1435هـ/13-11-2013م 03:48 PM

(55)
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدِ اهْتَدَى ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ))
أحمد والبزار وغيرهما وقال الأرناؤوط والألباني إسناده صحيح على شرط البخاري.

قال الشيخ محمد مختار الشنقيطي في شرح هذا الحديث :
لكل عمل شرة: الإنسان إذا أقبل على العمل الصالح والطاعة وجد في نفسه -خاصة في بدايته- أنه شَرِه، وأنه يريد أن يستغرق الطاعة بكل ما يستطيع، وهذا من نعم الله تبارك وتعالى، فالخير دائم إليه، ومحبب إلى القلوب والنفوس، ففي البداية تجد أنك تريد أن تقبل على الخير بكليتك، وهذا أمر موجود، تجد بعض الشباب إذا ابتدأ الهداية يود أن جميع حركاته وسكناته في طاعة ومرضاة الله من لذة وحلاوة الإيمان التي خالطت بشاشة قلبه.
لكن هذه الشرة لها فترة تعقبها أحوال، بمعنى: يضعف فيها الإيمان، ويضعف فيها القلب عن محبة الرحمن، وهذه سنة من الله عز وجل له فيها الحكمة البالغة، أحياناً تجد من نفسك في بداية شهر رمضان أنك لو استغللت كل لحظة وثانية من هذا الشهر في محبة الله عز وجل، فلما دخل الإنسان ونافس في الأيام الأولى والثانية والثالثة فألف الطاعة، فتأتيه الفترة، هذه الفترة لله فيها حكم، من الحكم:
أنه يظهر فيها صدق الصادق، بعض الناس إذا جاءته الفترة استمسك، وأصبح في ابتهال ودعاء وإنابة إلى الله عز وجل، وخوف أن يسلب منه ذلك العمل الصالح، وهؤلاء هم الأخيار، وهم أعلى الناس مقاماً في العمل الصالح، وتجده يتألم، يكون محافظاً على قيام الليل والنوافل والطاعات، حتى إذا أصبح منه -ولو شيئاً يسيراً- من التقصير في أمور ليست بالواجبة يتألم ويضجر، ويحس أنه قد فقد حياته؛ لأنه من حياة قلبه يحس أن مصيبته كل المصيبة دينه، وأنه إذا أصيب بنقص في دينه أنها هي الخسارة، عبد طائع منيب لله يحس أنه ينبغي أن تستغل الحركات والسكنات والأوقات في محبة الله.
هذه الحلاوة إذا جاءت في بداية العمل لا بد من وجود ضعف بعدها؛ لأنه لو كان الإنسان دائماً في طاعة واستقامة فإنه قد يخرج عن الحد المألوف، وقد يتجاوز إلى مقام التنطع والغلو في الدين، ولكن الله يبتلي العبد بنوع من الضعف، ويكون لهذا الضعف حكمة بحيث يشوق بعد ذلك إلى الخير أكثر، فبعض الأخيار يكون -مثلاً- على طاعة، ثم يسلب الطاعة، فتأتيه فترة، فإذا جاءته الفترة والضعف استمسك بالفرائض، لكن عنده شوق إلى العمل الصالح، فلو عاد للعمل الصالح مرة ثانية يعود أكثر شوقاً وأكثر حرصاً.
ولذلك ينبغي للإنسان أن يحسن الظن بالله عز وجل إذا سلب أي شيء من الطاعة، وأن يدمن سؤال الله عز وجل أن يعيدها إليه، والله تعالى أعلم.

ساجدة فاروق 10 محرم 1435هـ/13-11-2013م 05:11 PM

(56)
لطيفة.. وأسعد الله قلوبكم

(حضر مجلس أبي عبيدة رجل فقال: رحمك الله أبا عبيدة ؛ ما العنجيد ؟
قال أبو عبيدة: رحمك الله ما أعرف هذا !
قال الرجل: سبحان الله؛ أين يذهب بك عن قول الأعشى: يوم تبدي قتيلة عن جيد ...
فقال أبو عبيدة: عافاك الله؛ (عن) حرف جاء لمعنى، و(الجيد) العنق.

- ثم قام آخر في المجلس فقال: أبا عبيدة رحمك الله ؛ ما الأودع ؟
قال أبو عبيدة: ما أعرفه !
قال الرجل: سبحان الله؛ أين أنت عن قول العرب: زاحم بعود أو دع.
فقال أبو عبيدة: ويحك؛ هاتان كلمتان، والمعنى أو اترك، أو ذر.

- ثم استغفر الله وجعل يدرس، فقام رجل فقال: رحمك الله؛ أخبرني عن (كوفا) أمن المهاجرين أم من الأنصار ؟
فقال أبو عبيدة: قد رويت أنساب الجميع وأسماءهم ولست أعرف فيهم كوفا !
قال الرجل: فأين أنت عن قوله تعالى: {والهدي معكوفا} !

فأخذ أبو عبيدة نعليه؛ واشتد ساعياً في مسجد البصرة يصيح بأعلى صوته: من أين حشرت البهائم عليّ اليوم) معجم الأدباء ٤/١٨١٨

ساجدة فاروق 10 صفر 1435هـ/13-12-2013م 01:13 PM

(57)

كان الإمام أبو حنيفة بارا بوالديه ، وكان يدعو لهما ويستغفر لهما ، ويتصدّق كل شهر بعشرين دينار عن والديه ، يقول عن نفسه :
"ربما ذهبتُ بها إلى مجلس عمر بن ذر ، وربما أمرتني أن أذهب إليه وأسأله عن مسألة فآتيه وأذكرها له ، وأقول له : إن أمي أمرتني أن أسألك عن كذا وكذا ، فيقول : أومثلك يسألني عن هذا ؟!
فأقول : هي أمرتني، فيقول : كيف هو الجواب حتى أخبرك ؟ ، فأخبره الجواب ، ثم يخبرني به ، فأتيها وأخبرها بالجواب.
وفي مرة استفتتني أمي عن شيء ، فأفتيتها فلم تقبله ، وقالت : لا أقبل إلا بقول زرعة الواعظ، فجئت بها إلى زرعة وقلت له : إن أمي تستفتيك في كذا وكذا ، فقال : أنت أعلم وأفقه ، فأفتها . فقلت : أفتيتها بكذا، فقال زرعة : القول ما قال أبو حنيفة . فرضيت وانصرفت " .

ساجدة فاروق 20 صفر 1435هـ/23-12-2013م 07:44 PM

(58)

(إذا رأيت وقتك يمضي، وعمرك يذهب، وأنت لم تنتج شيئا مفيدا، ولا نافعاً، ولم تجد بركة في الوقت.. فاحذر أن يكون أدركك قوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}
أي: انفرط عليه وصار مشتتا لا بركة فيه وليعلم أن البعض قد يذكر الله لكن يذكره بقلب غافل، لذا قد لا ينتفع، وأن الإنسان الذي يذكر الله بلسانه لا بقلبه تنْزَع البركة من أعماله وأوقاته حتى يكون أمره فُرطا عليه ، تجده يبقى الساعات الطويلة ولم يحصل شيئا، ولكن لو كان أمره مع الله لحصلت له البركة في جميع أعماله)
تفسير سورة الكهف لابن عثيمين رحمه الله.

ساجدة فاروق 23 صفر 1435هـ/26-12-2013م 02:33 PM

(59)

من أفضل طلب العلم حفظ كتاب الله –عز وجل-، ثم يليه حفظ سنة النبي –صلى الله عليه وسلم-
فقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم- : (( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )) وقال: (( نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فحفظها فأداها كما سمعها ))
(( نضر الله )) : أي بيض الله وجهه
قال بعض العلماء : إنه يحشر يوم القيامة أبيض الوجه مشرقاً مستنيراً ...بهذا العلم، أعني سنة النبي –صلى الله عليه وسلم-
وقال بعض العلماء : بل إن الله ينور لأهل الحديث وجوههم في الدنيا والآخرة؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- أطلق، فمن أفضل ما يقضي الإنسان فيه عمره حفظ كتاب الله وسنة النبي –صلى الله عليه وسلم-، وعندها يتأهل للخيرية العظيمة التي شهد بها النبي –صلى الله عليه وسلم- وأخبر أن الله أراد لأهل هذا العلم خيراً، فقال صلى الله عليه وسلم: (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ))
فمن أفضل ما تقضى به الأعمار طلب العلم، فلا يخلو لك يوم من مجلس علم، ولا يخلو لك يوم من مذاكرة علم، ولا يخلو لك يوم من النظر في كتب العلم وسماعها، والاستفادة منها.

عمدة الأحكام, الحديث الخامس
الشيخ محمد المختار الشنقيطي.

ساجدة فاروق 15 رجب 1435هـ/14-05-2014م 09:55 PM

(60)

- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:

(يا حملة القرآن، أو قال: يا حملة العلم اعملوا به، فإنما العلم من عمل بما علم ووافق علمه عمله.
وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم؛ يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى).
وقد صح عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال: وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم يعني علمه وكتبه أن لا ينسب إلي حرف منه)[التبيان في آداب حملة القرآن للإمام النووي رحمه الله]

- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:
(من جمع القرآن فقد حمل أمراً عظيماً، لقد أدرجت النّبوّة بين كتفيّه، غير أنّه لا يوحى إليه،
فلا ينبغي لحامل القرآن أن يحتدّ مع من يحتدّ، ولا يجهل مع من يجهل، لأنّ القرآن في جوفه) [أخلاق حملة القرآن للآجري]

- وقال عبد الأعلى التيمي رحمه الله:
( من أوتي من العلم ما لا يبكيه فليس بخليق أن يكون أوتي علما ينفعه؛ لأن الله سبحانه نعت العلماء بقوله تبارك وتعالى:
{ قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} ..)

ساجدة فاروق 2 شعبان 1435هـ/31-05-2014م 10:11 AM

(61)

(روينا بإسناد ضعيف عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبوا على المصاحف فقرؤوها، وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان.
وقال سلمة بن كهيل: كان يقال: شهر شعبان شهر القراء.
وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته، وتفرغ لقراءة القرآن)

[لطائف المعارف بما لمواسم العام من الوظائف/الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله]

ساجدة فاروق 8 شعبان 1435هـ/6-06-2014م 08:41 AM

(62)

(الكلام على الاستعاذة في عشرة فوائد من فنون مختلفة ...
الثامنة: من استعاذ بالله صادقا أعاذه فعليك بالصدق ألا ترى امرأة عمران لما أعاذت مريم وذرّيتها عصمها الله. ففي الحديث الصحيح أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «ما من مولود إلّا نخسه الشيطان فيستهل صارخا إلّا ابن مريم وأمه».

التاسعة: الشيطان عدوّ وحذر الله منه إذ لا مطمع في زوال علة عداوته، وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم، فيأمره
- أوّلا بالكفر ويشككه في الإيمان فإن قدر عليه وإلّا
- أمره بالمعاصي، فإن أطاعه وإلّا
- ثبطه عن الطاعة، فإن سلم من ذلك
- أفسدها عليه بالرياء والعجب.

العاشرة: القواطع عن الله أربعة: الشيطان، والنفس، والدنيا، والخلق.
فعلاج الشيطان: الاستعاذة والمخالفة له
وعلاج النفس: بالقهر
وعلاج الدنيا: بالزهد
وعلاج الخلق: بالانقباض والعزلة) [التسهيل لعلوم التنزيل:1/47]


ساجدة فاروق 12 شعبان 1435هـ/10-06-2014م 08:27 AM

(63)

- (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ قيل: معناه استعينوا بها على مصائب الدنيا، وقد روي أنّ رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم «كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة»
ونعي إلى ابن عباس أخوه فقام إلى الصلاة فصلّى ركعتين وقرأ الآية، وقيل: استعينوا بهما على طلب الآخرة ) [التسهيل لعلوم التنزيل:1/82]

- ( لَها ما كَسَبَتْ: أي من الحسنات، وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ: أي من السيئات..
وجاءت العبارة بِـ {لها} في الحسنات لأنها مما ينتفع بالعبد به، وجاءت بـ {عليها} في السيئات لأنها مما يضر العبد
وإنما قال في الحسنات كسبت وفي الشرّ اكتسبت، لأنّ في الاكتساب ضرب من الاعتمال والمعالجة، حسبما تقتضيه صيغة افتعل فالسيئات فاعلها يتكلف مخالفة أمر الله، ويتعدّاه بخلاف الحسنات، فإنه فيها على الجادّة من غير تكلف أو لأنّ السيئات يجدّ في فعلها لميل النفس إليها، فجعلت لذلك مكتسبة، ولما لم يكن الإنسان في الحسنات كذلك: وصفت بما لا دلالة فيه على الاعتمال)
[1/142]

ساجدة فاروق 23 شعبان 1435هـ/21-06-2014م 08:38 PM

(64)

- {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} كلمة يدفع بها ما يخاف ويكره، وهي التي قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار..
ومعنى حسبنا الله: كافينا وحده فلا نخاف غيره
ومعنى: ونعم الوكيل: ثناء على الله وأنه خير من يتوكل العبد عليه ويلجأ إليه. [1/172]

- {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} الردّ إلى الله هو النظر في كتابه، والردّ إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم هو سؤاله في حياته والنظر في سنته بعد وفاته. [1/197]

- {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ} دخلت من للتبعيض رفقا بالعباد، لأن الصالحات على الكمال لا يطيقها البشر. [1/211]

-
{يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً} أي تفرقة بين الحق والباطل، وذلك دليل على أن التقوى تنوّر القلب، وتشرح الصدر، وتزيد في العلم والمعرفة. [1/325]

- {يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً} وقيل: هو طيب عيش المؤمن برجائه في الله ورضاه بقضائه. [التسهيل:1/365]

ساجدة فاروق 23 شعبان 1435هـ/21-06-2014م 08:46 PM

(65)
(فإنه سبحانه لا يقضي لعبده المؤمن قضاء إلا كان خيرا له ساءه ذلك القضاء أو سره، فقضاؤه لعبده المؤمن المنع عطاء وإن كان في صورة المنع، ونعمة وإن كانت في صورة محنة وبلاؤه عافية وإن كان في صورة بلية، ولكن لجهل العبد وظلمه لا يعد العطاء والنعمة والعافية إلا ما التذ به في العاجل وكان ملائما لطبعه، ولو رزق من المعرفة حظا وافرا لعد المنع نعمة والبلاء رحمة وتلذذ بالبلاء أكثر من لذته بالعافية، وتلذذ بالفقر أكثر من لذته بالغنى، وكان في حال القلة أعظم شكرا من حال الكثرة..
وهذه كانت حال السلف فالعاقل الراضي: من يعد البلاء عافية والمنع نعمة والفقر غنى، وأوحى الله إلى بعض أنبيائه: إذا رأيت الفقر مقبلا فقل : مرحبا بشعار الصالحين وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل : ذنب عجلت عقوبته.
فالراضي : هو الذي يعد نعم الله عليه فيما يكرهه أكثر وأعظم من نعمه عليه فيما يحبه، كما قال بعض العارفين : يا ابن آدم نعمة الله عليك فيما تكره أعظم من نعمته عليك فيما تحب وقد قال تعالى : {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}
وقد قال بعض العارفين : ارض عن الله في جميع ما يفعله بك فإنه ما منعك إلا ليعطيك ولا ابتلاك إلا ليعافيك ولا أمرضك إلا أن يشفيك ولا أماتك إلا ليحييك فإياك أن تفارق الرضى عنه طرفة عين فتسقط من عينه)

[مدارج السالكين, ابن قيم الجوزية]

ساجدة فاروق 1 رمضان 1435هـ/28-06-2014م 03:12 PM

(66)

- من هو الصائم؟
(والصائم هو الذي: صامت جوارحه عن الآثام ، ولسانه عن الكذب والفحش وقول الزور، وبطنه عن الطعام والشراب ، وفرجه عن الرفث.
فإن تكلم لم يتكلم بما يجرح صومه، وإن فعل لم يفعل ما يفسد صومه، فيخرج كلامه كله نافعاً صالحاً، وكذلك أعماله، فهي بمنزلة الرائحة التي يشمها من جالس حامل المسك، كذلك من جالس الصائم انتفع بمجالسته، وأَمِن فيها من الزور والكذب والفجور والظلم.
هذا هو الصوم المشروع لا مجرد الإمساك عن الطعام والشراب، فالصوم هو صوم الجوارح عن الآثام، وصوم البطن عن الشراب والطعام، فكما أن الطعام والشراب يقطعه ويفسده فهكذا الآثام تقطع ثوابه، وتفسد ثمرته، فتصيره بمنزلة من لم يصم) [ابن القيم رحمه الله]

- أدب الصوم:
(كف الجوارح عن الآثام وتمامه بستة أمور:
** الأول: غض البصر، وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم ويكره، وإلى كل ما يشغل القلب ويلهى عن ذكر الله عز وجل.
** الثاني: حفظ اللسان عن الهذيان، والكذب، والغيبة، والنميمة، والفحش، والجفاء، والخصومة، والمراء وإلزامه السكوت، وشغله بذكر الله سبحانه، وتلاوة القرآن، فهذا صوم اللسان.
** الثالث: كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه، لأن كل ما حرم قوله حرم الإصغاء إليه.
** الرابع: كف بقية الجوارح عن الآثام: من اليد، والرجل، وعن المكاره، وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار، فلا معنى للصوم وهو الكف عن الطعام الحلال ثم الإفطار على الحرام، فمثال هذا الصائم مثال من يبني قصراً ويهدم مصراً.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش))، فقيل: هو الذي يفطر على الحرام، وقيل: هو الذي يمسك عن الطعام الحلال ويفطر على لحوم الناس بالغيبة وهو حرام، وقيل: هو الذي لا يحفظ جوارحه عن الآثام.
** الخامس: أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلئ جوفه، وكيف يستفاد من الصوم قهرُ عدوا الله وكسر الشهوة إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحوة نهاره ؟! وربما يزيد عليه في ألوان الطعام، حتى استمرت العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان فيؤكل من الأطعمة فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر. ومعلوم أن مقصود الصوم الخواء وكسر الهوى، لتقوى النفس على التقوى.
** سادساً: أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقاً مضطرباً بين الخوف والرجاء، إذ ليس يدري أيقبل صومه فهو من المقربين، أو يرد عليه فهو من الممقوتين؟ وليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها) أ.هـ
[إحياء علوم الدين]


ساجدة فاروق 10 شوال 1435هـ/6-08-2014م 10:40 AM

(67)

- { ولا نضيع أجر المحسنين} بدليل قوله بعد ذلك: {ولأجر الآخرة خير}
فأخبر تعالى أن رحمته في الدنيا يصيب بها من يشاء من مؤمن وكافر ومطيع وعاص، وأن المحسن لا بدّ له من أجره في الدنيا، فالأوّل: في المشيئة، والثاني: واقع لا محالة.
ثم أخبر أن أجر الآخرة خير من ذلك كله: {للذين آمنوا وكانوا يتقون} [1/308]

- { وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ} أي نختبركم بالفقر والغنى والصحة والمرض وغير ذلك من أحوال الدنيا، ليظهر الصبر على الشر والشكر على الخير، أو خلاف ذلك [2/22]

- {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}
قال ابن عباس: (معناها من يطع الله في فرائضه ورسوله في سنته) {وَيَخْشَ اللَّهَ} فيما مضى من ذنوبه {وَيَتَّقْهِ} فيما يستقبل
وسأل بعض الملوك عن آية كافية جامعة فذكرت له هذه الآية، وسمعها بعض بطارقة الروم فأسلم، وقال إنها جمعت كل ما في التوراة والإنجيل [2/73]

- { مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ}
معنى الآية: من كان يرجو ثواب الله فليصبر في الدنيا، على المجاهدة في طاعة الله حتى يلقى الله، فيجازيه فإن لقاء الله قريب الإتيان، وكل ما هو آت قريب. [2:122]

- {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} قيل: معناه استعينوا بها على مصائب الدنيا، وقد روي أنّ رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم «كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة»
ونعي إلى ابن عباس أخوه فقام إلى الصلاة فصلّى ركعتين وقرأ الآية، وقيل: استعينوا بهما على طلب الآخرة. [1/82]

- {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ} الخشوع حالة في القلب من الخوف والمراقبة والتذلل لعظمة المولى جل جلاله، ثم يظهر أثر ذلك على الجوارح بالسكون والإقبال على الصلاة وعدم الالتفات والبكاء والتضرع [2/48
]

- {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ} إذا كان المصلي خاشعا في صلاته، متذكرا لعظمة من وقف بين يديه، حمله ذلك على التوبة من الفحشاء والمنكر فكأن الصلاة ناهية عن ذلك [2:126]



[التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الكلبي]

ساجدة فاروق 12 شوال 1435هـ/8-08-2014م 09:38 AM

(68)

- {فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا} دليل على أن من فوض أمره إلى الله عز وجل كان الله معه. [2/232]

- قال الإمام جعفر بن محمد: سمى الإنس والجن ثقلين، كأنهما ثقلا بالذنوب [2/329]

- { لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ} ومعنى لا تأسوا: لا تحزنوا أي فلا تحزنوا على ما فاتكم منها ولا تفرحوا فيها...
فإن قيل: إن الإنسان لا يملك نفسه أن يفرح بالخير ويحزن للشر، كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما أتي بمال كثير اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينت لنا
فالجواب: أن النهي عن الفرح إنما هو عن الذي يقود إلى الكبر والطغيان، وعن الحزن الذي يخرج عن الصبر والتسليم [2/348]

- {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى} أي ردها عن شهواتها وأغراضها الفاسدة قال بعض الحكماء: إذا أردت الصواب فانظر هواك وخالفه.
وقال سهل التستري: لا يسلم من الهوى إلا الأنبياء وبعض الصديقين [2/451]


- وسوسة الشيطان في صدر الإنسان بأنواع كثيرة منها: إفساد الإيمان والتشكيك في العقائد فإن لم يقدر على ذلك أمره بالمعاصي، فإن لم يقدر على ذلك ثبّطه عن الطاعات، فإن لم يقدر على ذلك أدخل عليه الرياء في الطاعات ليحبطها، فإن سلم من ذلك أدخل عليه العجب بنفسه، واستكثار عمله، ومن ذلك أنه يوقد في القلب نار الحسد، والحقد، والغضب، حتى يقود الإنسان إلى شر الأعمال وأقبح الأحوال,
وعلاج وسوسته بثلاثة أشياء: واحدها الإكثار من ذكر الله، وثانيها الإكثار من الاستعاذة بالله منه ومن أنفع شيء في ذلك قراءة هذه السورة _سورة الناس_ وثالثها مخالفته والعزم على عصيانه [2/530]


[التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الكلبي]

ساجدة فاروق 18 شوال 1435هـ/14-08-2014م 07:51 AM

(69)

قال الله تعالى: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [الأعراف: 199، 200]
وقال تعالى: { ادفع بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ * وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ } [المؤمنون: 96 -98]
وقال تعالى: { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [فصلت: 34 -36]

فهذه ثلاث آيات ليس لهن رابعة في معناها، وهو أن الله يأمر بمصانعة العدو الإنسي والإحسان إليه، ليرده عنه طبعُهُ الطَّيب الأصل إلى الموادة والمصافاة، ويأمر بالاستعاذة به من العدو الشيطاني لا محالة؛ إذ لا يقبل مصانعة ولا إحسانا ولا يبتغي غير هلاك ابن آدم، لشدة العداوة بينه وبين أبيه آدم من قبل,
كما قال تعالى: { يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ } [الأعراف: 27]
وقال: { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [فاطر: 6]
وقال { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا } [الكهف: 50]
وقد أقسم للوالد إنه لمن الناصحين، وكذب، فكيف معاملته لنا وقد قال: { فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}.
وقال تعالى: { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } [النحل: 98، 99]
....

والاستعاذة هي الالتجاء إلى الله والالتصاق بجنابه من شر كل ذي شر، والعياذة تكون لدفع الشر، واللياذ يكون لطلب جلب الخير كما قال المتنبي:
يا من ألوذ به فيما أؤمله ... ومن أعوذ به ممن أحاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ... ولا يهيضون عظما أنت جابره
ومعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أي: أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي، أو يصدني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه؛ فإن الشيطان لا يكفُّه عن الإنسان إلا الل
ه.


[تفسير القرآن العظيم لابن كثير:1/110-114]

ساجدة فاروق 24 شوال 1435هـ/20-08-2014م 12:05 PM

(70)

وعن أبي حنيفة أن بعض الزنادقة سألوه عن وجود الباري تعالى، فقال لهم: دعوني فإني مفكر في أمر قد أخبرت عنه ذكروا لي أن سفينة في البحر موقرة فيها أنواع من المتاجر وليس بها أحد يحرسها ولا يسوقها، وهي مع ذلك تذهب وتجيء وتسير بنفسها وتخترق الأمواج العظام حتى تتخلص منها، وتسير حيث شاءت بنفسها من غير أن يسوقها أحد.
- فقالوا: هذا شيء لا يقوله عاقل!
- فقال: ويحكم هذه الموجودات بما فيها من العالم العلوي والسفلي وما اشتملت عليه من الأشياء المحكمة ليس لها صانع!! فبهت القوم ورجعوا إلى الحق وأسلموا على يديه.

... وسئل أبو نواس عن ذلك فأنشد:
تأمل في نبات الأرض وانظر = إلى آثار ما صــنع الملــيك
عيون من لجين شاخصات = بأحداق هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات = بأن الله ليـــــــس له شريك
وقال ابن المعتز:
فيا عجبًا كيف يعصى الإله = أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آيــــــــــــــة = تدل على أنه واحــــــــــــــد

[تفسير القرآن العظيم لابن كثير:1/198]

ساجدة فاروق 9 ربيع الأول 1436هـ/30-12-2014م 03:20 PM

(71)

وعن أَبو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أنه قَالَ:
(إِنَّ مِنْ فِقْهِ الْعَبْدِ أَنْ يَتَعَاهَدَ إِيمَانَهُ وَمَا نَقَصَ مِنْهُ، وَمِنْ فِقْهِ الْعَبْدِ أَنْ يَعْلَمَ أَمُزْدَادٌ هُوَ أَمْ مُنْتَقِصٌ؟
وَإِنَّ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ أَنَّى تَأْتِيهِ؟).

شرح أصول الاعتقاد للالكائي

ساجدة فاروق 3 ربيع الثاني 1436هـ/23-01-2015م 09:52 AM

(72)

وقوله: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}
فيه إشارة إلى أنه تعالى يلين القلوب بعد قسوتها، ويَهدي الحَيَارى بعد ضَلتها، ويفرِّج الكروب بعد شدتها.
فكما يحيي الأرض الميتة المجدبة الهامدة بالغيث الهتَّان، كذلك يهدي القلوب القاسية ببراهين القرآن والدلائل، ويولج إليها النور بعد ما كانت مقفلة لا يصل إليها الواصل,
فسبحان الهادي لمن يشاء بعد الإضلال، والمضل لمن أراد بعد الكمال، الذي هو لما يشاء فعال، وهو الحكم العدل في جميع الفعال، اللطيف الخبير الكبير المتعال.

[تفسير القرآن العظيم لابن كثير:8/12]

ساجدة فاروق 22 ربيع الثاني 1436هـ/11-02-2015م 08:53 AM

(73)

{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}:
هذه الآية جامعة لحسن الخلق مع الناس، وما ينبغي في معاملتهم، فالذي ينبغي أن يعامل به الناس، أن يأخذ العفو، أي: ما سمحت به أنفسهم، وما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق، فلا يكلفهم ما لا تسمح به طبائعهم، بل يشكر من كل أحد ما قابله به، من قول وفعل جميل أو ما هو دون ذلك، ويتجاوز عن تقصيرهم ويغض طرفه عن نقصهم، ولا يتكبر على الصغير لصغره، ولا ناقص العقل لنقصه، ولا الفقير لفقره، بل يعامل الجميع باللطف والمقابلة بما تقتضيه الحال وتنشرح له صدورهم.
{وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} أي: بكل قول حسن وفعل جميل، وخلق كامل للقريب والبعيد، فاجعل ما يأتي إلى الناس منك، إما تعليم علم، أو حث على خير، من صلة رحم، أو بِرِّ والدين، أو إصلاح بين الناس، أو نصيحة نافعة، أو رأي مصيب، أو معاونة على بر وتقوى، أو زجر عن قبيح، أو إرشاد إلى تحصيل مصلحة دينية أو دنيوية، ولما كان لا بد من أذية الجاهل، أمر اللّه تعالى أن يقابل الجاهل بالإعراض عنه وعدم مقابلته بجهله، فمن آذاك بقوله أو فعله لا تؤذه، ومن حرمك لا تحرمه، ومن قطعك فَصِلْهُ، ومن ظلمك فاعدل فيه.

[تفسير السعدي: 313]

ساجدة فاروق 24 ربيع الثاني 1436هـ/13-02-2015م 09:08 PM

(74)

(الناس في العلم طبقات، موقعُهم من العلم بقدْر درجاتهم في العلم به. فحقَّ على طلبة العلم بلوغُ غاية جهدِهم في الاستكثار من علمه، والصبرُ على كل عارض دون طَلَبِه، وإخلاص النية لله في استدراك علمه نصاً واستنباطاً، والرغبة إلى الله في العون عليه، فإنه لا يُدرَك خيرٌ إلا بعونه)
(من أدرك علم أحكام الله في كتابه نصاً واستدلالاً، ووفقه الله للقول والعمل بما علِم منه: فاز بالفضيلة في دينه ودنياه، وانتفت عنه الرِّيَب، ونَوَّرت في قلبه الحكمة، واستوجب في الدين موضع الإمامة)

[الرسالة للشافعي: 1/19]

ساجدة فاروق 27 ربيع الثاني 1436هـ/16-02-2015م 08:37 AM

(75)

(
قول إبراهيم عليه السلام:
{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِين*وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ*وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}
فأضاف النعم إلى ربه تعالى، ثم قال {وَإِذَا مَرِضْتُ} فأضافه إلى نفسه لفظا تأدبا؛ إذ الأدب يقتضي أنك لا تضيف إلى المنعم عليك حال ذكر نعمه إلا النعم، لا المكروهات..)

[الإكسير: 140-141]

ساجدة فاروق 28 ربيع الثاني 1436هـ/17-02-2015م 02:05 PM


(76)

(فإنه ما سلم في دينه إلا من سَلَّم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ورد علم ما اشتبه عليه
ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام، فمن رام علم ما حُظر عنه علمه ولم يقنع بالتسليم فهمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة...)
[العقيدة الطحاوية: 36]
(إن الأدلة العقلية الصريحة توافق ما جاءت به الرسل، وصريح المعقول لا يناقض صحيح المنقول، وإنما يقع التناقض بين ما يدخل في السمع وليس منه، وما يدخل في العقل وليس منه)
[درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية: 232]

ساجدة فاروق 28 ربيع الثاني 1436هـ/17-02-2015م 02:19 PM


(77)
{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة الأنعام: 122]


- جاء في تفسير القرطبي رحمه الله:
"فأحييناه" يقول: فهديناه للإسلام، فأنعشناه ، فصار يعرف مضارّ نفسه ومنافعها، ويعمل في خلاصها من سَخَط الله وعقابه في معاده، فجعل إبصاره الحق تعالى ذكره بعد عَمَاه عنه، ومعرفته بوحدانيته وشرائع دينه بعد جهله بذلك، حياة وضياء يستضيء به فيمشي على قصد السبيل ومنهج الطريق في الناس.
"كمن مثله في الظلمات" لا يدري كيف يتوجه وأي طريق يأخذ، لشدة ظلمة الليل وإضلاله الطريق. فكذلك هذا الكافر الضال في ظلمات الكفر، لا يبصر رشدًا ولا يعرف حقًّا، يعني في ظلمات الكفر. [الجامع لأحكام القرآن]

- وعند ابن كثير رحمه الله :
"وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ" أي: يهتدي به كيف يسلك ، وكيف يتصرف به؛ والنور هو: القرآن ، كما رواه العَوْفي وابن أبي طلحة، عن ابن عباس. وقال السُّدِّي: الإسلام. والكل صحيح. [تفسير القرآن العظيم]

- وقال ابن حيان رحمه الله:
"يمشي به في الناس" أي يصحبه كيف تقلب؛ وقال "في الناس" إشارة إلى تنويره على نفسه وعلى غيره من الناس، فذكر أن منفعة المؤمن ليست مقتصرة على نفسه؛ وقابل تصرفه بالنور وملازمة النور له باستقرار الكافر "في الظلمات " وكونه لا يفارقها. [البحر المحيط]

ساجدة فاروق 29 ربيع الثاني 1436هـ/18-02-2015م 08:55 AM

(78)

(أعجب الأشياء مجاهدة النفس لأنها تحتاج إلى صناعة عجيبة، فإن أقواماً أطلقوها فيما تحب فأوقعتهم فيما كرهوا، وإن أقواماً بالغوا في خلافها حتى منعوها حقها، وظلموها.
وأثر ظلمهم لها في تعبداتهم فمنهم من أساء غذاءها فأثر ذلك ضعف بدنها عن إقامة واجبها، ومنهم من أفردها في خلوة أثمرت الوحشة من الناس وآلت إلى ترك فرض أو فضل من عيادة مريض، أو بر والدة .
وإنما الحازم من تعلم منه نفسه الجد وحفظ الأصول. فإذا فسح لها في مباح لم تتجاسر أن تتعداه، فيكون معها كالملك إذا مازح بعض جنده، فإنه لا ينبسط إليه الغلام، فإن انبسط ذكر هيبة المملكة.
فكذلك المحقق يعطيها حظها ويستوفي منها ما عليها).

[صيد الخاطر لابن الجوزي]
تلك هي النفس: http://www.saaid.net/daeyat/alromaysa/26.htm


ساجدة فاروق 1 جمادى الأولى 1436هـ/19-02-2015م 07:51 PM

(79)


(لذة العاقل بتمييزه ولذة العالم بعلمه ولذة الحكيم بحكمته ولذة المجتهد لله عز وجل باجتهاده: أعظم من لذة الآكل بأكله والشارب بشربه والواطئ بوطئه والكاسب بكسبه واللاعب بلعبه والآمر بأمره؛ وبرهان ذلك أن الحكيم والعاقل والعالم والعامل واجدون لسائر اللذات التي سمينا كما يجدها المنهمك فيها، ويحسونها كما يحسها المقبل عليها وقد تركوها وأعرضوا عنها وآثروا طلب الفضائل عليها وإنما يحكم في الشيئين من عرفها لا من عرف أحدهما ولم يعرف الآخر.

إذا تعقبت الأمور كلها فسدت عليك وانتهيت في آخر فكرتك باضمحلال جميع أحوال الدنيا إلى أن الحقيقة إنما هي العمل للآخرة فقط، لأن كل أمل ظفرت به فعقباه حزن إما بذهابه عنك وإما بذهابك عنه، ولا بد من أحد هذين الشيئين إلا العمل لله عز وجل فعقباه على كل حال سرور في عاجل وآجل..)


[الأخلاق والسير في مداوة النفوس لابن حزم: 13]

ساجدة فاروق 3 جمادى الأولى 1436هـ/21-02-2015م 09:28 AM

(80)

(انحرافُ المقاصد والنيِّات: فقد يكون القصد بداية نبيلة والغاية عالية، وبعد فترة تنحرف هذه الغاية وهذا القصد إلى أمورٍ ومقاصدَ أخرى:
أـ فقد يكون القصد: الأخوة في الله، وبعد ذلك تتحول إلى قصد آخر؛ فنلاحظ أنه مثلاً لا يريده أن يتحدث مع غيره، ولا يمزح مع غيره ولا ينظر إلى غيره ولا يهتم بأحد سواه، وقد يصل الأمر أنه عندما يرى منه جفاءًا في يومٍ من الأيام أو عدم اهتمام أو تصرف لا يعجبه يؤدي ذلك إلى نقص في الأخوة وخلل فيها.. ولتعلم أخي أنها ليست أخوة حقة.. أخي: الأخوة من أسمى الدرجات فلا تنزلها لأقلها ولتعلم أيضاً أن العلماء أجمعوا على ضابط الأخوة الحقة وهو: أن الحب في الله [لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء] .. )


[الوقت وأهميته في حياة المسلم:3/221]


الساعة الآن 12:41 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir