اقتباس:
لو اعتنيتِ بالتعريف بفتنة اللفظية ليتبين خطرها لكان أتم . تم خصم نصف درجة على التأخير . |
اقتباس:
تم خصم نصف درجة على التأخير . |
اقتباس:
تم خصم نصف درجة على التأخير . |
المجموعة الثانية
إجابة السؤال الأول الواقعة هم الذين يقولون القرآن كلام الله ويقفون فلا يقولون هو مخلوق ولا غير مخلوق وسبب وقوف بعض أهل الحديث هو : أن القول بخلق القرآن قول محدث ، ولذلك رأوا أن لا يقولوا إنه مخلوق ولا غير مخلوق ويعملوا على ما كان عليه السلف قبل إحداث القول بخلق القرآن ، من قول : القرآن كلام الله...ونسكت فهم قد ظنوا أن الكلام في هذه المسألة كله من الخوض المنهي عنه ، وقد كفره بعضهم الكلام إلا فيما تحته عمل ، أما الكلام في الله فقد حبوا السكوت فيه إجابة السؤال الثاني مسألة اللفظ من المسائل الغامضة لتوقفها على مراد القائل ودخول التأول فيها فالذين قالوا التلاوة هي المتلو من أهل العلم السنة : قصدوا أن التلاوة هي القول المقترن بالحركة وهي الكلام المتلو وآخرون قالوا : بل التلاوة غير المتلو والقراءة غير المقروء : قصدوا بذلك أن أفعال العباد ليس هي كلام الله ، و لا أصوات العباد هي صوت الله ، وهذا الذي قصده البخاري وهو مقصد صحيح وسبب ذلك أن اللفظ : التلاوة والقراءة واللفظ مجمل مشترك يراد به المصدر ويراد به الاسم ( المفعول ) فمن قال اللفظ بالقرآن أو القراءة أو التلاوة مخلوقة أو لفظي بالقرآن أو تلاوتي دخل في كلامه نفس الكلام المقروء المتلو وذلك كلام الله وإن أراد بذلك مجرد فعله وصوته كان المعنى صحيحا ، ولكن إطلاق اللفظ يتناول هذا وغيره إجابة السؤال الثالث لما توجه البخاري إلى خراسان في آخر حياته وهو في الثانية والستين من عمره ، زج.في بلده كثرة المخالفين له ، فعزم على الإقامة في نيسابور ، فاحتفلوا بمقدمه احتفالا بالغا خرج إليه العلماء والوجهاء والعامة مسيرة ليلتين أو ثلاث يستقبلونه وكان ممن احتفى بمقدمه قاضي نيسابور محمد بن يحيى الذهبي من كبار المحدثين ، فحسده بعض من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لما رأوه من إقبال الناس إليه ، فقال لأصحاب الحديث إن محمد بن إسماعيل يقول اللفظ بالقرآن مخلوق فامتحنوه في المجلس فقام رجل إلى البخاري وسأله عن قوله في اللفظ بالقرآن ، فأعرض عنه البخاري مرارا ، ولما لح عليه رد قائلا: القرآن كلام الله غير مخلوق ، وأفعال العباد مخلوقة والإمتحان بدعة فشغّب الرجل وشغب الناس ونقلت مقالته إلى محمد بن يحيى فاتهمه بالبدعة وأمر بهجره ، وأوذي البخاري رحمه الله وبركاته في هذه المحنة كثيرا حتى كفره بعضهم وهو صابر محتسب ثابت على قول الحق مجتنب للألفاظ الملتبسة فأقام البخاري فيها مدة ثم خرج إلى بخاري ، ولما قدم إلى بخاري ، نُصب له القباب واستقبله عامة أهل البلد ونثر عليه الدنانير والدراهم والسكر الكثير فكتب محمد بن يحيى الذهلي إلى خالد بن أحمد أمير بخاري : إن هذا الرجل قد أظهر خلاف السنة فقرأ كتابه على أهل بخاري ، فقالوا : لا نفارقه ، فأمره الأمير بالخروج من البلد فخرج ،وقد كان الأمير خالد بعث إليه من قبل ليقرأ الجامع والتاريخ عليه وعلى أبناءه في منزل الأمير ، فأبى البخاري قائلا : لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب الناس ، وطلب إليه إن أراد أن يحضره مسجده أو داره أو يمنعه من المجلس ، فكان هذا سبب الوحشة بينهما ، فاستعان الأمير بحريث بن أبي الورقاء وغيره من أهل العلم في بخاري حتى تكلموا في مذهبه ونفاه من البلد فلما أُخرج من بخاري توجه إلى خرتنك قرية من قرى سمرقند ، وكان له فيها أقرباء فنزل عندهم ولقد أكثروا التأليب عليه واشتدوا في أذيته ونحلوه أقوالا شنيعة لم يتفوه بها وكذبوا عليه في ذلك ، حتى قبضه الله في خرتنك ودفن في مدينة سمر نقد موقف البخاري من مسألة اللفظ: أنه لما رأى الإمام أحمد وما ناله في هذه المسألة المشؤومة من الأذى ، جعل على نفسه عهدا أن لا يتكلم فيها ونأى عن الحديث عنها لإلتباسها ودقة أفهام الناس فيها ولأن الأذى فيها كثير ، فسئل عنها فوقف فيها، فلما وقف واحتج بأن أفعال العباد مخلوقة واستدل لذلك فهم منه الذهلي أنه يوجه مسألة اللفظ ، فتكلم فيه وأخذه بلازم قوله هو ، وقدر الله تعالى أن يبتلى بها إجابة السؤال الرابع كان أول من أشعل فتنة اللفظية هو حسين بن علي الكرابيسي سنة ٢٣٤ ، وكان قد أوتي سعة في العلم وكان له أصحاب وأتباع وتمكن بذكائه وسعة معرفته من إثارة شبهات يريد بها إفحام العلماء والأرتفاع عليهم ومن ذلك أنه ألّف كتابا حط فيه على بعض الصحابة وزعم أن ابن الزبير من الخوارج ، وأدرج فيه ما يقوي به جانب الرافضة ببعض متشابه المرويات ، وحط على بعض التابعين كسليمان الأعمش وغيره ، وانتصر للحسن بن صالح بن حيّ وكان يرى السيف وعرض كتابه على الإمام أحمد لعاب عليه وحذر منه ونهى عن الأخذ عنه ، وبلغ ذلك الكرابيسي فغضب وتنمر وقال : لأقولنّ مقالة حتى يقول ابن حنبل بخلافها فيكفر فقال : لفظي بالقرآن مخلوق وهذه الكلمة أثارت فتنة عظيمة على الأمة إجابة السؤال الخامس قال الإمام أحمد: القرآن كيف تصرف في أقواله وأفعاله فغير مخلوق ، فأما أفعالنا فمخلوقة ، وقد منع الإمام أحمد من الخوض في المسألة من الطرفين إذ كل واحد من إطلاق اللفظية وعدمها على اللفظ موهم ولم يأت به كتاب ولا سنة وقال البخاري في كتاب خلق أفعال العباد: حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة ، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بمخلوق قال تعالى : " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " وقال : جميع القرآن هو قوله تعالى والقول صفة القائل موصوف به ، فالقرآن قول الله عز وجل ، والقراءة والكتابة والحفظ للقرآن هو فعل الخلق لقوله : " فاقرءوا ما تيسر منه " والقراءة فعل الخلق إجابة السؤال السادس ١) أن ذو المقاصد الدنيئة يعامل بنقيض قصده ٢) أن الرجل الصالح يوفق لإصابة الحق ٣) قبول الحق من قائله وعدم إتباع الهوى ٤) التمسك بالكتاب والسنة سبيل النجاة ٥) الثبات على الحق ونصرة دين الله ٦) التسلح بالعلم الشرعي وعدم إتباع طرائق أهل البدع |
*&* مجلس مذاكرة مسائل الإيمان بالقرآن *&*
( القسم الثالث) اختر إحدى المجموعتين التاليتين وأجب عن أسئلتها إجابة وافية: المجموعة الأولى : س1: ما حكم من وقف في القرآن؟ ج1: الواقفة هم الذين يقولون: القرآن كلام الله، ويقفون فلا يقولون مخلوق أو غير مخلوق وهم ثلاثة أصناف يختلف حكم كل صنف منهم بحسب حاله وما يعتقد: الصنف الأول: طائفة من الجهمية يتستّرون بالوقف، وهم في حقيقة أمرهم يقولون بخلق القرآن، لكنّهم في ظاهر قولهم يقولون بالوقف ويدعون إلى القول به، وينكرون على من يقول: القرآن غير مخلوق، وأهل هذا الصنف جهمية مخادعون؛ وفتنتهم على العامّة أشدّ من فتنة الجهمية الذين يصرّحون بالقول بخلق القرآن؛ لأنّهم يستدرجونهم بذلك؛ ثم يشكّكونهم في كلام الله؛ فلا يدرون أمخلوق هو أم غير مخلوق، وإذا ابتلي المرء بالشكّ وقع في الفتنة، وكان أقرب إلى التزام قولهم، ولذلك اشتدّ إنكار الإمام أحمد على هؤلاء الواقفة وكثرت الروايات عنه في تكفيرهم والتحذير منهم. ومن رؤوس هذه الطائفة: ابن الثلجي في بغداد وأحمد بن المعذل العبدي في البصرة وعلامة هذا الصنف تعاطي علم الكلام . الصنف الثاني: الذين يقفون شكّاً وتردداً؛ فلا يقولون هو مخلوق ولا غير مخلوق لشكّهم في ذلك فهؤلاء لم يؤمنوا حقيقة بكلام الله تعالى؛ لأن الإيمان يقتضي التصديق، والشك منافٍ للتصديق الواجب؛ فالشاكّ غير مؤمن؛ إلا أنَّ الجاهل قد يُعذر لجهله، ومن عرضت له شُبهة قد يُعذر بسبب شبهته حتى تقوم عليه الحجة. وهؤلاء لما سئل عنهم الإمام أحمد بن حنبل قال: (من كان منهم جاهلا ليس بعالم؛ فليسأل وليتعلم). وقال في الصنف الأول: (من كان منهم يحسن الكلام فهو جهمي). وهاتان الروايتان تدلان على تفريق الإمام أحمد رحمه الله بين الواقف الجهمي والواقف العامّي فالعامّيّ الذين لم يدخل في علم الكلام ولم يجادلْ جدال أصحاب الأهواء؛ يبيّن له الحقّ ويعلَّم، ويجب عليه الإيمان والتصديق بأنّ القرآن كلام الله تعالى، وكلام الله صفة من صفاته، وصفات الله غير مخلوقة فإن قبل واتّبع الحقّ قُبل منه، وإن أبى واستكبر أو بقي شاكّاً مرتاباً في كلام الله تعالى بعد إقامة الحجّة عليه؛ حُكم بكفره. الصنف الثالث: طائفة من أهل الحديث؛ قالوا بالوقف، وأخطؤوا في ذلك؛ ومنهم من دعا إلى القول بالوقف. وهؤلاء ينكرون على من يقول: إنّ القرآن مخلوق، ولا يعتقدون أنّ كلام الله مخلوق، لكنّهم قالوا: إن القول بخلق القرآن قول محدث، فنحن لا نقول إنّه مخلوق، ولا نقول إنّه غير مخلوق، بل نبقى على ما كان عليه السلف قبل إحداث القول بخلق القرآن؛ فنقول: القرآن كلام الله، ونسكت. وقد كان الإمام أحمد شديداً على من يقول بالوقف من المحدّثين، ويأمر بهجرهم؛ لأنّهم يوطّئون الطريق لأصحاب الأهواء، ويشكّكون العامّة في كلام الله، ونفي التشكيك في صفات الله تعالى عند حدوث الفتنة في ذلك من البيان الواجب على العلماء، وليس من الخوض المنهي عنه. وخلاصة القول: _من وقف مستترا بالوقف عن التصريح باعتقاده أن القرآن مخلوق كفر. _ ومن وقف شكا أو جهلا من العامة يبين له الأمر فإن أصر كفر. _ ومن وقف من أهل الحديث تحرجا من الخوض في المسألة وبقاء على القول الأول قبل ظهور هذه الفتنة أخطأ لأن الواجب على العلماء بعد ظهور هذه الفتنة بيان الحق فيها ونفي القول بخلق القرآن. س2: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ ج2: اختلفت مواقف الناس اختلافاً كثيراً في مسألة اللفظ كلٌّ يفهمها بفهم ويتأوّلها بتأوّل ويبني موقفه على ما فهم وتأوّل، وهذه المواقف بيانها كالتالي: الموقف الأول: موقف الجهمية المتستّرة باللفظ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن، ويتستَّرون باللفظ، وهم نظير الجهمية المتسترة بالوقف، وأول من قال: (لفظي بالقرآن مخلوق) هو الكرابيسي الموقف الثاني: موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غيرَ جارٍ على أصول الجهمية، وعلى رأس هؤلاء رجل من أهل الشام يقال له: الشرّاك؛ قال: إن القرآن كلام الله؛ فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً، وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق. الموقف الثالث: موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري ، رأس أهل الظاهر وإمامهم، وهو من أصحاب حسين الكرابيسي، وعنه أخذ مقالته في اللفظ، لكنّه تأوّلها على مذهبه في القرآن؛ فإنّ له قولاً في القرآن لم يسبق إليه: قال: (أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق) الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة، فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه؛ وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن. الموقف الخامس: موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق، وأخطؤوا في استعمال هذه العبارة، وهؤلاء يقولون إن القرآن غير مخلوق وإن أفعال العباد مخلوقة، لكنّهم أخطؤوا في إطلاق القول بأن اللفظ بالقرآن غير مخلوق. ومن هؤلاء: محمد بن يحيى الذهلي شيخ البخاري وقاضي نيسابور في زمانه، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن داوود المصيصي قاضي أهل الثغر. الموقف السادس: موقف أبي الحسن الأشعري وبعض أتباعه ومن تأثر بطريقته كأبي بكر بن الطيب الباقلاني، والقاضي أبي يعلى. وهؤلاء فهموا من مسألة اللفظ معنى آخر ؛ وقالوا إنّ الإمام أحمد إنما كره الكلام في اللفظ؛ لأنّ معنى اللفظ الطرح والرمي، وهذا غير لائق أن يقال في حق القرآن، وهؤلاء يوافقون أحمد على الإنكار على الطائفتين؛ على من يقول: لفظي بالقرآن مخلوق وعلى من يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، ولكن يجعلون سبب الكراهة كون القرآن لا يلفظ؛ لأن اللفظ الطرح والرمي. ثم هؤلاء منهم من ينكر تكلم الله بالصوت. ومنهم من يقر بذلك) الموقف السابع: موقف طوائف زعمت أنّ ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة؛ وزعموا أن سماعهم لقراءة القارئ هي سماع مباشر من الله، وأنهم يسمعون كلام الله من الله إذا قرأه القارئ كما سمعه موسى بن عمران واختلفوا في تفصيل ذلك على أقوال: فقال بعضهم: إن صوت الربّ حلّ في العبد. وقال آخرون: ظهر فيه ولم يحلّ فيه. وقال آخرون: لا نقول ظهر ولا حلّ. وقال آخرون: الصوت المسموع قديم غير مخلوق. وقال آخرون: يسمع منه صوتان مخلوق وغير مخلوق. س3: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟ ج3: أراد ابن كلاب الرد على المعتزلة بمقارعتهم بأصولهم المنطقية وحججهم الكلامية؛ فأدّاه ذلك إلى التسليم لهم ببعض أصولهم الفاسدة، وتمكّن من ردّ بعض قولهم وبيان فساده وإفحام بعض كبرائهم؛ فغرّه ذلك، وصنّف الكتب في الردّ على المعتزلة، واجتهد في ذلك اجتهاداً بالغاً، فذاع صيته واشتهر ذكره، وأشادوا بذكائه وبراعته في المجادلة، حتى تبعه على طريقته بعض الناس وفتن بها. وكان بسبب تقصيره في معرفة السنة وعلوم أهلها، وسلوكه طريقة المتكلّمين، وتسليمه للمعتزلة بعض أصولهم الفاسدة قد خرج بقول بين قول أهل السنة وقول المعتزلة، فخرج ابن كلاب بقول محدث في القرآن، وهو أنّه القرآن حكاية عن المعنى القديم القائم بالله تعالى، وأنّه ليس بحرف ولا صوت، ولا يتجزأ ولا يتباعض، ولا يتفاضل إلى آخر ما قال. وقد أنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وما أحدث من الأقوال، وحذّروا منه ومن طريقته. منهم أحمد بن حنبل، وابن خزيمة.. س4: بيّن خطر فتنة اللفظية ج4: عندما ظهرت فتنة القول بخلق القرآن، وجب على العلماء التصريح بنفي هذا القول، وأيضا حينما ظهرت فتنة الوقف، أنكر أهل العلم على الواقفة وقفهم وعدم تصريحهم بنفي الخلق عن القرآن، ولكن لما ظهرت فتنة اللفظية، أنكر أهل العلم على من قال:(لفظي بالقرآن مخلوق)، وأيضا على من نفى ذلك وقال (لفظي بالقرآن غير مخلوق)؛ والسبب اختلاف الأفهام في تأويل العبارتين وهنا مكمن الخطر، فكلمة لفظي تطلق ويقصد بها الفعل؛ أي نطقي، وتطلق ويقصد بها المفعول ؛أي الملفوظ. فإذا قال القائل لفظي بالقرآن مخلوق فلا ندري هل يقصد فعل القراءة مخلوق؟ أم المقروء(القرآن)، وأيضا إذا قال بالنفي يقع نفس اللبس. ومعلوم أن أفعال العباد مخلوقة أما القرآن فهو كلام الله غير مخلوق. لذا وجب الامتناع عن القول بخلق اللفظ بالقرآن سواء كان نفيا أم إثباتا. ومن هنا كان تبديع العلماء للطرفين كليهما. س5: ما سبب شهرة أبي الحسن الأشعري؟ وما موقف أهل السنة منه؟ ج5: سبب شهرة أبي الحسن الأشعري أنه كان معتزليا ولما تبين له فساد منهجهم تاب عن الاعتزال، واجتهد في الرد على المعتزلة ومناظرتهم حتى اشتهرت أخبار مناظراته وردوده، وإفحامه لعدد من أكابرهم بالطرق الكلامية والحجج العقلية المنطقية؛ حتى أحرجهم وصار بعضهم يتجنّب المجالس التي يغشاها الأشعري؛ فعظّمه بعض الناس لذلك، وعدّوه منافحاً عن السنّة، مبطلا لقول خصوم أهل السنة من المعتزلة. ثمّ إنّه خاض في معامع الردود مدّة من عمره على هذه الطريقة، وهو يظنّ أنه ينصر السنّة المحضة، وهو – وإن كان أقرب إلى السنة من المعتزلة – إلا أنّه قد خالف أهل السنة وطريقتهم، وأحدث أقوالاً في مسائل الدين وأصوله لم تكن تعرف من قبل. ثم إنّه في آخر حياته ألّف كتابه "الإبانة" الذي رجع فيه عن الطريقة الكلامية ، والتزم قول أهل الحديث، إلا أن رجوعه كان رجوعا عاما مجملا إلى قول أهل السنة، وقد حكى في الإبانة من عقيدته ما خالف فيه ابن كلاب في مسائل الصفات والكلام والقرآن وغيرها، وأخطأ في مسائل ظنّ أنه وافق فيها أهل السنة، وهو مخالف لهم؛ كمسألة الاستطاعة وغيرها. لذلك اختلف في شأنه أهل العلم؛ فمنهم من قال إنه رجع رجوعاً صحيحاً إلى مذهب أهل السنة، ومنهم من ذهب إلى أنّ رجوعه كان رجوعاً مجملاً لم يخل من أخطاء في تفاصيل مسائل الاعتقاد. وعلى كلّ حال فإنّ أتباعه بقوا على طريقته الأولى، بل زادوا في أخذهم بالطرق الكلامية، ولم يزل الانحراف يزداد شيئاً فشيئا حتى عظمت الفتنة بالأشاعرة فيما بعد. وهذه بعض النقول من أقوال العلماء ومواقفهم من الأشعري ومن كان على منهجه: قال ابن تيمية: (ويوجد في كلام أبي الحسن من النفي الذي أخذه من المعتزلة ما لا يوجد في كلام أبي محمد بن كلاب الذي أخذ أبو الحسن طريقَه، ويوجد في كلام ابن كلاب من النفي الذي قارب فيه المعتزلة ما لا يوجد في كلام أهل الحديث والسنة والسلف والأئمة، وإذا كان الغلط شبراً صار في الأتباع ذراعاً ثم باعاً حتى آل هذا المآل؛ فالسعيد من لزم السنة)ا.هـ. قال الإمام أحمد: (لا تجالس صاحب كلام وإن ذب عن السنة فإنه لا يؤول أمره إلى خير). وقال أبو محمّد البربهاري: (ت:328هـ): ( احذر صغار المحدثات من الأمور؛ فإن صغار البدع تعود كبارا). وكان البربهاري شيخ الحنابلة في زمانه، مهيباً مسموع الكلمة كثير الأتباع، وهو معاصر لأبي الحسن الأشعري، فدخل عليه أبو الحسن وعرض عليه ردوده على المعتزلة ؛ فأنكر عليه أبو محمد البربهاري طريقته وفي القرن الخامس ألّف الإمام الحافظ أبو نصر السجزي (ت:444هـ) في الردّ على ابن كلاب والأشعري والقلانسي رسالته في الحرف والصوت، وكتاب الإبانة، واجتهد في نصرة السنّة والذبّ عنها. س6: ما هي الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "مسائل الإيمان بالقرآن"؟ ج6: بعض الفوائد التي فزت بها من دراسة دورة "مسائل الإيمان بالقرآن": 1_ أصبح لدي علم يقيني بما يجب علي من الاعتقاد في القرآن وفي كلام الله جل وعلا ، ومايجب إثباته ومايلزم نفيه. 2_ تكونت لدي معرفة لابأس بها بأقوال أهل البدع في القرآن وفي كلام الله عز وجل، وهذه المعرفة تعطيني نوعا من الحصانةـ_بعد الدعاء بالثبات_ ضد بعض الشبهات التي يثيرها أهل الباطل في زماننا فأكثر هذه الشبهات ماهي إلا إعادة إنتاج لبضاعة أسلافهم. 3_ تكون لدي رصيد معرفي يعتبر نقطة انطلاق للدعوة إلى الله بتعريف الخلق بصفاته، والتي منها كلامه الذي نزل به جبريل على قلب نبينا صلى الله عليه وسلم ليكون نورا وهدى للعالمين. 4_ أستطيع التمييز بين أقوال أهل البدع المختلفة ودرجة مخالفتها للحق الذي عليه أهل السنة والجماعة وإن كنت أحتاج إلى مزيد بحث. وقد خرجت من الدورة بعدة قناعات منها: 1_أن الوسائل لها حكم الغايات فلا يتوصل إلى الانتصار للحق إلا بوسيلة مشروعة من حاول الانتصار للحق بعلم الكلام ضل. 2_ أن في كتاب الله وسنة نبيه غنية عن كتب المتفلسفة والمناطقة. 3_ أن من قل نصيبه من العلم الشرعي فهو جاهل مهما تبحر في غيرها من العلوم فلا يتصدر للكلام في الدين خاصة العقيدة ، فإن فعل فإنه ساقط لا محالة. 4_زخرف القول والالتفاف على الحق مما ينطلي على العامة فيقع الكثير منهم في الشبهات. 5_الإعجاب بالرأي والحسد لأهل العلم الأثبات يفتح على صاحبه باب للفتن لا يسد فيضل ويُضل. |
*&* مجلس مذاكرة مسائل الإيمان بالقرآن *&* ( القسم الثالث) اختر إحدى المجموعتين التاليتين وأجب عن أسئلتها إجابة وافية: المجموعة الأولى : س1: ما حكم من وقف في القرآن؟ ج1: الواقفة هم الذين يقولون: القرآن كلام الله، ويقفون فلا يقولون مخلوق أو غير مخلوق وهم ثلاثة أصناف يختلف حكم كل صنف منهم بحسب حاله وما يعتقد: الصنف الأول:طائفة من الجهمية يتستّرون بالوقف، وهم في حقيقة أمرهم يقولون بخلق القرآن، لكنّهم في ظاهر قولهم يقولون بالوقف ويدعون إلى القول به، وينكرون على من يقول: القرآن غير مخلوق، وأهل هذا الصنف جهمية مخادعون؛ وفتنتهم على العامّة أشدّ من فتنة الجهمية الذين يصرّحون بالقول بخلق القرآن؛ لأنّهم يستدرجونهم بذلك؛ ثم يشكّكونهم في كلام الله؛ فلا يدرون أمخلوق هو أم غير مخلوق، وإذا ابتلي المرء بالشكّ وقع في الفتنة، وكان أقرب إلى التزام قولهم، ولذلك اشتدّ إنكار الإمام أحمد على هؤلاء الواقفة وكثرت الروايات عنه في تكفيرهموالتحذير منهم. ومن رؤوس هذه الطائفة: ابن الثلجي في بغداد وأحمد بن المعذل العبدي في البصرة وعلامة هذا الصنف تعاطي علم الكلام . الصنف الثاني:الذين يقفون شكّاً وتردداً؛ فلا يقولون هو مخلوق ولا غير مخلوق لشكّهم في ذلك فهؤلاء لم يؤمنوا حقيقة بكلام الله تعالى؛ لأن الإيمان يقتضي التصديق، والشك منافٍ للتصديق الواجب؛ فالشاكّ غير مؤمن؛ إلا أنَّ الجاهل قد يُعذر لجهله، ومن عرضت له شُبهة قد يُعذر بسبب شبهته حتى تقوم عليه الحجة. وهؤلاء لما سئل عنهم الإمام أحمد بن حنبل قال: (من كان منهم جاهلا ليس بعالم؛ فليسأل وليتعلم). وقال في الصنف الأول: (من كان منهم يحسن الكلام فهو جهمي). وهاتان الروايتان تدلان على تفريق الإمام أحمد رحمه الله بين الواقف الجهمي والواقف العامّي فالعامّيّ الذين لم يدخل في علم الكلام ولم يجادلْ جدال أصحاب الأهواء؛ يبيّن له الحقّ ويعلَّم، ويجب عليه الإيمان والتصديق بأنّ القرآن كلام الله تعالى، وكلام الله صفة من صفاته، وصفات الله غير مخلوقة فإن قبل واتّبع الحقّ قُبل منه، وإن أبى واستكبر أو بقي شاكّاً مرتاباً في كلام الله تعالى بعد إقامة الحجّة عليه؛ حُكم بكفره. الصنف الثالث: طائفة من أهل الحديث؛ قالوا بالوقف، وأخطؤوا في ذلك؛ ومنهم من دعا إلى القول بالوقف. وهؤلاء ينكرون على من يقول: إنّ القرآن مخلوق، ولا يعتقدون أنّ كلام الله مخلوق، لكنّهم قالوا: إن القول بخلق القرآن قول محدث، فنحن لا نقول إنّه مخلوق، ولا نقول إنّه غير مخلوق، بل نبقى على ما كان عليه السلف قبل إحداث القول بخلق القرآن؛ فنقول: القرآن كلام الله، ونسكت.وقد كان الإمام أحمد شديداً على من يقول بالوقف من المحدّثين، ويأمر بهجرهم؛ لأنّهم يوطّئون الطريق لأصحاب الأهواء، ويشكّكون العامّة في كلام الله، ونفي التشكيك في صفات الله تعالى عند حدوث الفتنة في ذلك من البيان الواجب على العلماء، وليس من الخوض المنهي عنه. وخلاصة القول: _من وقف مستترا بالوقف عن التصريح باعتقاده أن القرآن مخلوق كفر. _ ومن وقف شكا أو جهلا من العامة يبين له الأمر فإن أصر كفر. _ ومن وقف من أهل الحديث تحرجا من الخوض في المسألة وبقاء على القول الأول قبل ظهور هذه الفتنة أخطأ لأن الواجب على العلماء بعد ظهور هذه الفتنة بيان الحق فيها ونفي القول بخلق القرآن. س2: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ ج2: اختلفت مواقف الناس اختلافاً كثيراً في مسألة اللفظ كلٌّ يفهمها بفهم ويتأوّلها بتأوّل ويبني موقفه على ما فهم وتأوّل، وهذه المواقف بيانها كالتالي: الموقف الأول: موقف الجهمية المتستّرة باللفظ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن، ويتستَّرون باللفظ، وهم نظير الجهمية المتسترة بالوقف، وأول من قال: (لفظي بالقرآن مخلوق) هو الكرابيسي الموقف الثاني:موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غيرَ جارٍ على أصول الجهمية، وعلى رأس هؤلاء رجل من أهل الشام يقال له: الشرّاك؛ قال: إن القرآن كلام الله؛ فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً، وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق. الموقف الثالث: موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري ، رأس أهل الظاهر وإمامهم، وهو من أصحاب حسين الكرابيسي، وعنه أخذ مقالته في اللفظ، لكنّه تأوّلها على مذهبه في القرآن؛ فإنّ له قولاً في القرآن لم يسبق إليه: قال: (أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق) الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة، فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه؛ وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن. الموقف الخامس: موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق، وأخطؤوا في استعمال هذه العبارة،وهؤلاءيقولون إن القرآن غير مخلوقوإن أفعال العباد مخلوقة، لكنّهم أخطؤوا في إطلاق القول بأن اللفظ بالقرآن غير مخلوق. ومن هؤلاء: محمد بن يحيى الذهلي شيخ البخاري وقاضي نيسابور في زمانه، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن داوود المصيصي قاضي أهل الثغر. الموقف السادس: موقف أبي الحسن الأشعري وبعض أتباعه ومن تأثر بطريقته كأبي بكر بن الطيب الباقلاني، والقاضي أبي يعلى. وهؤلاء فهموا من مسألة اللفظ معنى آخر ؛ وقالوا إنّ الإمام أحمد إنما كره الكلام في اللفظ؛ لأنّ معنى اللفظ الطرح والرمي، وهذا غير لائق أن يقال في حق القرآن، وهؤلاء يوافقون أحمد على الإنكار على الطائفتين؛ على من يقول: لفظي بالقرآن مخلوق وعلى من يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، ولكن يجعلون سبب الكراهة كون القرآن لا يلفظ؛ لأن اللفظ الطرح والرمي. ثم هؤلاء منهم من ينكر تكلم الله بالصوت. ومنهم من يقر بذلك) الموقف السابع: موقف طوائف زعمت أنّ ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة؛ وزعموا أن سماعهم لقراءة القارئ هي سماع مباشر من الله، وأنهم يسمعون كلام الله من الله إذا قرأه القارئ كما سمعه موسى بن عمران واختلفوا في تفصيل ذلك على أقوال: فقال بعضهم: إن صوت الربّ حلّ في العبد. وقال آخرون: ظهر فيه ولم يحلّ فيه. وقال آخرون: لا نقول ظهر ولا حلّ. وقال آخرون: الصوت المسموع قديم غير مخلوق. وقال آخرون: يسمع منه صوتان مخلوق وغير مخلوق. س3: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟ ج3: أراد ابن كلاب الرد على المعتزلة بمقارعتهم بأصولهم المنطقية وحججهم الكلامية؛ فأدّاه ذلك إلى التسليم لهم ببعض أصولهم الفاسدة، وتمكّن من ردّ بعض قولهم وبيان فساده وإفحام بعض كبرائهم؛ فغرّه ذلك، وصنّف الكتب في الردّ على المعتزلة، واجتهد في ذلك اجتهاداً بالغاً، فذاع صيته واشتهر ذكره، وأشادوا بذكائه وبراعته في المجادلة، حتى تبعه على طريقته بعض الناس وفتن بها. وكان بسبب تقصيره في معرفة السنة وعلوم أهلها، وسلوكه طريقة المتكلّمين، وتسليمه للمعتزلة بعض أصولهم الفاسدة قد خرج بقول بين قول أهل السنة وقول المعتزلة، فخرج ابن كلاب بقول محدث في القرآن، وهو أنّه القرآن حكاية عن المعنى القديم القائم بالله تعالى، وأنّه ليس بحرف ولا صوت، ولا يتجزأ ولا يتباعض، ولا يتفاضل إلى آخر ما قال. وقد أنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وما أحدث من الأقوال، وحذّروا منه ومن طريقته. منهم أحمد بن حنبل، وابن خزيمة.. س4: بيّن خطر فتنة اللفظية ج4: عندما ظهرت فتنة القول بخلق القرآن، وجب على العلماء التصريح بنفي هذا القول، وأيضا حينما ظهرت فتنة الوقف، أنكر أهل العلم على الواقفة وقفهم وعدم تصريحهم بنفي الخلق عن القرآن، ولكن لما ظهرت فتنة اللفظية، أنكر أهل العلم على من قال:(لفظي بالقرآن مخلوق)، وأيضا على من نفى ذلك وقال (لفظي بالقرآن غير مخلوق)؛ والسبب اختلاف الأفهام في تأويل العبارتين وهنا مكمن الخطر، فكلمة لفظي تطلق ويقصد بها الفعل؛ أي نطقي، وتطلق ويقصد بها المفعول ؛أي الملفوظ. فإذا قال القائل لفظي بالقرآن مخلوق فلا ندري هل يقصد فعل القراءة مخلوق؟ أم المقروء(القرآن)، وأيضا إذا قال بالنفي يقع نفس اللبس. ومعلوم أن أفعال العباد مخلوقة أما القرآن فهو كلام الله غير مخلوق. لذا وجب الامتناع عن القول بخلق اللفظ بالقرآن سواء كان نفيا أم إثباتا. ومن هنا كان تبديع العلماء للطرفين كليهما. س5: ما سبب شهرة أبي الحسن الأشعري؟ وما موقف أهل السنة منه؟ ج5:سبب شهرة أبي الحسن الأشعري أنه كان معتزليا ولما تبين له فساد منهجهم تاب عن الاعتزال، واجتهد في الرد على المعتزلة ومناظرتهم حتى اشتهرت أخبار مناظراته وردوده، وإفحامه لعدد من أكابرهم بالطرق الكلامية والحجج العقلية المنطقية؛ حتى أحرجهم وصار بعضهم يتجنّب المجالس التي يغشاها الأشعري؛ فعظّمه بعض الناس لذلك، وعدّوه منافحاً عن السنّة، مبطلا لقول خصوم أهل السنة من المعتزلة. ثمّ إنّه خاض في معامع الردود مدّة من عمره على هذه الطريقة، وهو يظنّ أنه ينصر السنّة المحضة، وهو – وإن كان أقرب إلى السنة من المعتزلة – إلا أنّه قد خالف أهل السنة وطريقتهم، وأحدث أقوالاً في مسائل الدين وأصوله لم تكن تعرف من قبل. ثم إنّه في آخر حياته ألّف كتابه "الإبانة" الذي رجع فيه عن الطريقة الكلامية ، والتزم قول أهل الحديث، إلا أنرجوعه كان رجوعا عاما مجملا إلى قول أهل السنة، وقد حكى في الإبانة من عقيدته ما خالف فيه ابن كلاب في مسائل الصفات والكلام والقرآن وغيرها، وأخطأ في مسائل ظنّ أنه وافق فيها أهل السنة، وهو مخالف لهم؛ كمسألة الاستطاعة وغيرها. لذلك اختلف في شأنه أهل العلم؛ فمنهم من قال إنه رجع رجوعاً صحيحاً إلى مذهب أهل السنة، ومنهم من ذهب إلى أنّ رجوعه كان رجوعاً مجملاً لم يخل من أخطاء في تفاصيل مسائل الاعتقاد. وعلى كلّ حال فإنّ أتباعه بقوا على طريقته الأولى، بل زادوا في أخذهم بالطرق الكلامية، ولم يزل الانحراف يزداد شيئاً فشيئا حتى عظمت الفتنة بالأشاعرة فيما بعد. وهذه بعض النقول من أقوال العلماء ومواقفهم من الأشعري ومن كان على منهجه: قال ابن تيمية: (ويوجد في كلام أبي الحسن من النفي الذي أخذه من المعتزلة ما لا يوجد في كلام أبي محمد بن كلاب الذي أخذ أبو الحسن طريقَه، ويوجد في كلام ابن كلاب من النفي الذي قارب فيه المعتزلة ما لا يوجد في كلام أهل الحديث والسنة والسلف والأئمة، وإذا كان الغلط شبراً صار في الأتباع ذراعاً ثم باعاً حتى آل هذا المآل؛ فالسعيد من لزم السنة)ا.هـ. قال الإمام أحمد: (لا تجالس صاحب كلام وإن ذب عن السنة فإنه لا يؤول أمره إلى خير). وقال أبو محمّد البربهاري: (ت:328هـ): ( احذر صغار المحدثات من الأمور؛ فإن صغار البدع تعود كبارا). وكان البربهاري شيخ الحنابلة في زمانه، مهيباً مسموع الكلمة كثير الأتباع، وهو معاصر لأبي الحسن الأشعري، فدخل عليه أبو الحسن وعرض عليه ردوده على المعتزلة ؛ فأنكر عليه أبو محمد البربهاري طريقته وفي القرن الخامس ألّف الإمام الحافظ أبو نصر السجزي (ت:444هـ) في الردّ على ابن كلاب والأشعري والقلانسي رسالته في الحرف والصوت، وكتاب الإبانة، واجتهد في نصرة السنّة والذبّ عنها. س6: ما هي الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "مسائل الإيمان بالقرآن"؟ ج6: بعض الفوائد التي فزت بها من دراسة دورة "مسائل الإيمان بالقرآن": 1_ أصبح لدي علم يقيني بما يجب علي من الاعتقاد في القرآن وفي كلام الله جل وعلا ، ومايجب إثباته ومايلزم نفيه. 2_ تكونت لدي معرفة لابأس بها بأقوال أهل البدع في القرآن وفي كلام الله عز وجل، وهذه المعرفة تعطيني نوعا من الحصانةـ_بعد الدعاء بالثبات_ ضد بعض الشبهات التي يثيرها أهل الباطل في زماننا فأكثر هذه الشبهات ماهي إلا إعادة إنتاج لبضاعة أسلافهم. 3_ تكون لدي رصيد معرفي يعتبر نقطة انطلاق للدعوة إلى الله بتعريف الخلق بصفاته، والتي منها كلامه الذي نزل به جبريل على قلب نبينا صلى الله عليه وسلم ليكون نورا وهدى للعالمين. 4_ أستطيع التمييز بين أقوال أهل البدع المختلفة ودرجة مخالفتها للحق الذي عليه أهل السنة والجماعة وإن كنت أحتاج إلى مزيد بحث. وقد خرجت من الدورة بعدة قناعات منها: 1_أن الوسائل لها حكم الغايات فلا يتوصل إلى الانتصار للحق إلا بوسيلة مشروعة من حاول الانتصار للحق بعلم الكلام ضل. 2_ أن في كتاب الله وسنة نبيه غنية عن كتب المتفلسفة والمناطقة. 3_ أن من قل نصيبه من العلم الشرعي فهو جاهل مهما تبحر في غيرها من العلوم فلا يتصدر للكلام في الدين خاصة العقيدة ، فإن فعل فإنه ساقط لا محالة. 4_زخرف القول والالتفاف على الحق مما ينطلي على العامة فيقع الكثير منهم في الشبهات. 5_الإعجاب بالرأي والحسد لأهل العلم الأثبات يفتح على صاحبه باب للفتن لا يسد فيضل ويُضل. |
اقتباس:
تم خصم نصف درجة على التأخير . |
اقتباس:
نأسف لخصم نصف درجة على التأخير. |
المجموعة الأولى :
س1: ما حكم من وقف في القرآن؟ الواقفة هم الذين يقولون: القرآن كلام الله ويقفون، فلا يقولون: مخلوق ولا غير مخلوق. وهم ثلاثة أقسام.. 1.بعض الجهمية يتستّرون بالوقف، وهم في حقيقة أمرهم يقولون بخلق القرآن واشتدّ إنكار الإمام أحمد عليهم ووردت روايات في تكفيرهم والتحذير منهم. 2. الذين يقفون شكّاً وتردداً؛ فلا يقولون هو مخلوق ولا غير مخلوق لشكّهم في ذلك. فهؤلاء لم يؤمنوا حقيقة بكلام الله تعالى؛ لأن الإيمان يقتضي التصديق، والشك منافٍ للتصديق الواجب 3.بعض أهل الحديث؛ قالوا بالوقف، أخطأوا في ذلك؛ ومنهم من دعا إلى القول بالوقف. وهؤلاء ينكرون على من يقول: إنّ القرآن مخلوق، ولا يعتقدون أنّ كلام الله مخلوق. لكنّهم قالوا: إن القول بخلق القرآن قول محدث، فنحن لا نقول إنّه مخلوق، ولا نقول إنّه غير مخلوق، بل نبقى على ما كان عليه السلف قبل إحداث القول بخلق القرآن؛ فنقول: القرآن كلام الله ، ونسكت وكان الإمام أحمد شديداً على من يقول بالوقف من المحدّثين، ويأمر بهجرهم؛ لأنّهم يوطّئون الطريق لأصحاب الأهواء، ويشكّكون العامّة في كلام الله، وإذا أثيرت الشبهة وعمّت الفتنة وجب التصريح بالبيان الذي يزيل الشبهة ويكشف اللبس. س2: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ. 1. موقف الجهمية المتستّرة باللفظ وهم الذين يقولون بخلق القرآن، ويتستَّرون باللفظ لأنه أخف شناعة عليهم عند العامّة، ولأنّه أقرب إلى قبول الناس له ؛ فإذا قبلوه كانوا أقرب إلى قبول التصريح بخلق القرآن. وهؤلاء كانوا من أكثر من أشاع مسألة اللفظ؛ وقد حذر منهم الإمام أحمد في التحذير من اللفظية وسماهم الجهمية. 2.موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غيرَ جارٍ على أصول الجهمية وعلى رأسهم الشرّاك زعيمهم الذي قال: إن القرآن كلام الله؛ فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً، وهذا يماثل قول الجهمية 3. موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري زعيم الظاهرية وهو من أصحاب حسين الكرابيسي، وعنه أخذ مقالته في اللفظ، لكنّه تأوّلها على مذهبه في القرآن؛ فقال: (أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق).فقال عن فتنة اللفظ (لفظي بالقرآن مخلوق).فأمر الإمام أحمد بهجره ومجانبته. 4. موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة. فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه؛ وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن، وقد جرى من المحنة في القول بخلق القرآن ما جرى فكانوا شديدي الحذر من حيل الجهمية وتلبيسهم. وبيّنوا أنّ أفعال العباد مخلوقة. 5.موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق، أخطأوا في استعمال هذه العبارة. وهؤلاء : 1. يقولون إن القرآن غير مخلوق. 2. وإن أفعال العباد مخلوقة. لكنّهم أخطؤوا في إطلاق القول بأن اللفظ بالقرآن غير مخلوق. وظنوا أنّهم بقولهم: (ألفاظنا بالقرآن غير مخلوقة) يقطعون الطريق على الجهمية الذين يريدون التحيّل باللفظ للقول بخلق القرآن. س3: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟ أن أبا محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري أراد الرد على المعتزلة بمقارعتهم بأصولهم المنطقية وحججهم الكلامية؛ فأدّاه ذلك إلى التسليم لهم ببعض أصولهم الفاسدة، وتمكّن من ردّ بعض قولهم وبيان فساده وإفحام بعض كبرائهم؛ فغرّه ذلك، وصنّف الكتب في الردّ على المعتزلة، واجتهد في ذلك اجتهاداً بالغاً، واشتهرت ردوده على المعتزلة، وإفحامه لبعض كبرائهم، وانقطاعهم عند مناظرته، فظنّ بذلك أنّه نصر السنة، وأعجبت ردودُه ومناظراته بعض من كان مغتاظاً من المعتزلة، فذاع صيته واشتهر ذكره، وأشادوا بذكائه وبراعته في المجادلة، حتى تبعه على طريقته بعض الناس وفتن بها. وكان بسبب تقصيره في معرفة السنة وعلوم أهلها، وسلوكه طريقة المتكلّمين، وتسليمه للمعتزلة بعض أصولهم الفاسدة قد خرج بقول بين قول أهل السنة وقول المعتزلة، وأحدث أقوالاً لم تكن تعرف في الأمّة. فإنّه وافقهم على أصلهم الذي أصّلوه، وهو مبدأ امتناع حلول الحوادث به جلّ وعلا؛ وتفسيرهم لهم يقتضي نفي كلام الله تعالى، بل جميع الصفات الفعلية المتعلّقة بالمشيئة. فلذلك خرج ابن كلاب بقول محدث في القرآن، وهو أنّه القرآن حكاية عن المعنى القديم القائم بالله تعالى، وأنّه ليس بحرف ولا صوت، ولا يتجزأ ولا يتباعض، ولا يتفاضل إلى آخر ما قال. وهذا كلّه بسبب أنّه التزم هذا الأصل الذي أصّلوه وهو باطل. وقد أنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وما أحدث من الأقوال، وحذّروا منه ومن طريقته. س4: بيّن خطر فتنة اللفظية. خطرها أنها كلمة مجملة حمّالة لوجوه، ولا نفع في إيرادها، والناس كانوا أحوج إلى البيان والتوضيح والتصريح بأنَّ القرآن كلام الله غير مخلوق. لا أن تلقى إليهم كلمة مجملة فيها تلبيس تتأوَّلها كلّ فرقة على ما تريد. ولذلك فرحت طائفة من الجهمية بهذه المقالة؛ فقالوا: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، ومنهم من قال: القرآن بألفاظنا مخلوق. وهم يريدون أنَّ القرآن مخلوق؛ لكن القول باللفظ أقرب إلى قبول العامّة من التصريح بقولهم: إن القرآن مخلوق. فتستّروا باللفظ؛ ولذلك قال الإمام أحمد: (افترقت الجهمية على ثلاث فرق: فرقة قالوا: القرآن مخلوق. وفرقة قالوا :كلام الله، وتسكت. وفرقة قالوا: لفظنا بالقرآن مخلوق). فالفرقة الأولى هم جمهور المعتزلة الذين قالوا بخلق القرآن، وأظهروا هذا القول وأشهروه ودعوا إليه. والفرقة الثانية هم الذين سُمّوا بالواقفة. والفرقة الثالثة هم اللفظية. وقد اشتدّ إنكار الإمام أحمد على من قال باللفظ إثباتاً أو نفياً لأنه تلبيس يفتن العامة ولا يبيّن لهم حقاً ولا يهديهم سبيلاً. وجرت محنة عظيمة للإمام البخاري بسبب هذه المسألة، ووقعت فتنة بين أصحاب الإمام أحمد بعد وفاته بسب هذه المسألة، ودخل الغلط على بعض أهل الحديث بسبب هذه المسألة .س5: ما سبب شهرة أبي الحسن الأشعري؟ وما موقف أهل السنة منه؟ إن أبا الحسن علي بن إسماعيل الأشعري كان معتزلياً في شبابه وقد نشأ في كنف زوج أمّه أبي علي الجبّائي، وكان من رؤوس المعتزلة في زمانه، وعنه أخذ الأشعري علمَ الكلام حتى بلغ فيه الغاية عندهم؛ثم تبيّن له فساد قول المعتزلة، وأدرك أنّهم موّهوا على الناس وفتنوهم. فأعلن للناس توبته من الاعتزال، والتزامه قول أهل السنة؛ وعزمه على الانتصار لها، والردّ على المعتزلة، لكنّه كان متبحّراً في علم الكلام، قليل البضاعة في علوم السنّة؛ بصيراً بعلل أقوال المعتزلة وتناقضهم وتهافت أقوالهم، وأعجبته طريقة ابن كلاب؛ لقربها من فهمه وإدراكه؛ وكان يرى أنّ ابن كلاب متكلّم أهل السنّة، والمحاجّ عنهم؛ فانتهج طريقته واستدرك عليه فيها، وزاد فيها، واجتهد في الرد على المعتزلة ومناظرتهم حتى اشتهرت أخبار مناظراته وردوده، وإفحامه لعدد من أكابرهم بالطرق الكلامية والحجج العقلية المنطقية؛ حتى أحرجهم وصار بعضهم يتجنّب المجالس التي يغشاها الأشعري؛ فعظّمه بعض الناس لذلك، وعدّوه منافحاً عن السنّة، مبطلا لقول خصوم أهل السنة من المعتزلة. ثمّ إنّه خاض في معامع الردود مدّة من عمره على هذه الطريقة، وهو يظنّ أنه ينصر السنّة المحضة، وهو – وإن كان أقرب إلى السنة من المعتزلة – إلا أنّه قد خالف أهل السنة وطريقتهم، وأحدث أقوالاً في مسائل الدين وأصوله لم تكن تعرف من قبل. ثم إنّه في آخر حياته ألّف كتابه "الإبانة" الذي رجع فيه عن الطريقة الكلامية ، والتزم قول أهل الحديث. س6: ما هي الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "مسائل الإيمان بالقرآن"؟ 1.التمسك بهدي السلف 2. سؤال الله الثبات عند الفتن 3.معرفة الباطل يفيد في التمسك بالحق 4.معرفة خطر الشبهات على الأمة 5.تعليم الاجيال الجديدة الدين ليستطيعوا مواجهة اصحاب الفكر الضلال والبدع والشبهات 6.نشر الحق لمواجهة الباطل |
اقتباس:
تم خصم نصف درجة على التأخير . |
الساعة الآن 11:19 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir