![]() |
التلخيص الثالث من شرح الأربعين
11- عن أبي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ، سِبْطِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورَيْحانَتِهِ -رَضِي اللهُ عَنْهُما- قالَ: حَفِظْتُ مِنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ)). رواهُ التِّرمذيُّ والنَّسائِيُّ، وقالَ التِّرمذيُّ: (حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ).
العناصر: 1-التعريف بالراوي. 2-كيف يطبق الحديث في أبواب العبادة المختلفة. 3-معنى قول الترمذي حسن صحيح. 4-الفوائد. التلخيص : 1-التعريف بالراوي : هو الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما سبط النبي صلى الله عليه وسلم ، و. وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيد فقال: (إِنَّ ابْنِي هذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللهُ بهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ)(2) وكان الأمر كذلك، فإنه بعد أن استشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبويع بالخلافة للحسن تنازل عنها لمعاوية رضي الله عنه، فأصلح الله بهذا التنازل بين أصحاب معاوية وأصحاب علي رضي الله عنهما. وهو أفضل من أخيه الحسين رضي الله عنهما. وَرَيحَانَتهُ الريحانة هي تلك الزهرة الطيبة الرائحة، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين بأنهما ريحانتاه(3). 2-كيف يطبق الحديث في أبواب العبادة المختلفة: ومثاله في العبادات: رجل انتقض وضوؤه، ثم صلى، وشكّ هل توضّأ بعد نقض الوضوء أم لم يتوضّأ ؟ فوقع في الشكّ ، فإن توضّأ فالصلاة صحيحة، وإن لم يتوضّأ فالصلاة باطلة، وبقي في قلق. فنقول: دع ما يريبك إلى ما لايريبك، فالريب هنا صحة الصلاة، وعدم الريب أن تتوضّأ وتصلي. و في النّكاح: كما لو شكّ الإنسان في شاهدي النكاح هل هما ذوا عدل أم لا؟ فنقول: إذا كان الأمر قد تم وانتهى فقد انتهى على الصحة ودع القلق لأن الأصل في العقود الصحة حتى يقوم دليل الفساد. في الرّضاع: شَكُّ المرضعةِ هل أرضعت الطفل خمس مرات أو أربع مرات؟ نقول: الذي لاريب فيه الأربع، والخامسة فيها ريب، فنقول: دع الخامسة واقتصر على أربع ، وحينئذ لايثبت حكم الرضاع. 3-معنى قول الترمذي حسن صحيح: إن كان هذا الحديث جاء من طريق واحد فمعناه أن الحافظ شكّ هل بلغ هذا الطريق درجة الصّحيح أو لازال في درجة الحسن. وإذا كان من طريقين فمعنى ذلك: أن أحد الطريقين صحيح والآخر حسن. فإن كان من طريقين فحسن صحيح أقوى من صحيح، وإن كان من طريق واحد فحسن صحيح أضعف من صحيح، لأن الحافظ الذي رواه تردد هل بلغ درجة الصحة أو لا زال في درجة الحسن. 4-الفوائد: 1. أن الدين الإسلامي لا يريد من أبنائه أن يكونوا في شكّ ولا قلق. 2. أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم. |
التلخيص الرابع للأربعين النووية
21- عَن أبي عمرٍو- وَقِيلَ: أَبي عَمْرةَ- سُفيانَ بنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي فِي الإسلامِ قَوْلاً لا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَكَ. قالَ :((قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ)).رواه مسلِمٌ.
العناصر : 1-معاني المفردات. 2-بيان أن الحديث جامع للدين. 3-الفوائد. التلخيص : 1-معاني المفردات : - "قل لي في الإسلام " أي في الشريعة. -قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك يعني : حداً فاصلاً جامعاً مانعاً. -"قُل آمَنْتُ بِاللهِ" في القلب . -"ثُمَّ استَقِم" أي على طاعته، وهذا في الجوارح. 2-بيان أن الحديث جامع للدين: القول؛ يشمل قول اللسان وقول القلب. وقول القلب: هو إقراره واعترافه ، ومنه قوله آمنت بالله. "اِستَقِم" أي تخرج عن الشريعة . والإيمان بالله يتضمن الإخلاص له في العبادة، والاستقامة تتضمن المتابعة. 3-الفوائد: 1. حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم. 2. حرص الصحابة على القول الذي يشمل الدين ويستغني به عما سواه . 3. سؤال أهل العلم . 4. أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم حيث جمع كل الدين في كلمتين:"آمَنتُ بِاللهِ، ثُمَّ استَقِم" وهذا يشهد له قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الاحقاف:13] وقوله تبارك وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت:30] وقوله تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا) [هود:112] والآيات في هذا المعنى كثيرة . 5. التعبير بكلمة الاستقامة أفصل من كلمة الالتزام . 6. أن من قصر في الواجبات فما استقام، بل حصل عنده انحراف، والانحراف تكون شدته بقدر ما ترك من الواجبات أو فعل من المحرمات. 7. مراقبة النفس ومحاسبتها على الاستقامة. |
التلخيص الخامس من شرح الأربعين النووية
31- عن أبي العبَّاسِ -سَهْلِ بنِ سَعْدٍ الساعديِّ- رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: (جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقالَ: يا رسولَ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِيَ اللهُ وأَحبَّنِيَ النَّاسُ.
فَقَالَ: ((ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللهُ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ)). حديثٌ حَسَنٌ رواهُ ابنُ ماجَه. العناصر : -معنى الحديث. -وجه تسميتها بالدنيا. -الفوائد التلخيص : -معنى الحديث: قوله "جَاءَ رَجُلٌ" لم يعين اسمه لأنه لا حاجة إليه. هذا الرجل طلب حاجتين عظيمتين، أولهما محبة الله عزّ وجل والثانية محبة الناس. فدله النبي صلى الله عليه وسلم على عمل معين محدد، فقال:"ازهَد في الدُّنيَا" والزهد في الدنيا الرغبة عنها، وأن لا يتناول الإنسان منها إلا ما ينفعه في الآخرة، وهو أعلى من الورع، لأن الورع: ترك ما يضر من أمور الدنيا ، والزهد: ترك مالا ينفع في الآخرة، الزهد يتجنب مالا نفع فيه، وأما الوَرَع فيفعل ما أبيح له،لكن يترك ما يضره. -وقوله: "وازهَد فيمَا عِندَ النَاس يُحِبكَ النَّاس" أي لا تتطلع لما في أيديهم. -وجه تسميتها بالدنيا: سميت كذلك لأنها: دنيا في الزمن ؛لأنها قبل الآخرة. دنيا في المرتبة ؛ لأنها دون الآخرة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَمَوضِعُ سوطِ أَحَدِكُم في الجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا"(2) وقال النبي صلى الله عليه وسلم "ركعَتَا الفَجرِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا"(3) إذاً الدنيا ليست بشيء. ولذلك لا تكاد تجد أنه يمر عليك شهر أو شهران أو أكثر إلا وقد أصبت بالسرور ثم أعقبه حزن. الفوائد : 1-علوهمم الصحابة رضي الله عنهم، ويظهر هذا في الأسئلة . 2. إثبات محبة الله عزّ وجل،وهي محبة تليق بجلاله سبحانه وتعالى . 3-الرد على أهل التعطيل الذين حكموا على الله بعقولهم وقالوا:ما وافق عقولنا من صفات الله تعالى أثبتناه وما لا فلا. قال الله تعالى: ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) [المائدة: الآية54] وقال عزّ وجل: ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [التوبة: الآية4] (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً) [الصف:4] وآيات متعددة. 4-حكم من أنكر أسماء الله تعالى : 1-إن كان للتأويل مساغ لم يكفر، لكنه خالف طريق السلف، فيكون بهذا الاعتبار فاسقاً مبتدعاً. 2-وإن كان التأويل لا مساغ له لم يقبل منه أبداً، ولهذا قال العلماء في الأيمان لو قال شخص: والله لا أشتري الخبز، وذهب واشترى خبزاً، فقلنا له: عليك كفارة، فقال: لا، أنا أردت بالخبز الثوب، فلا يقبل منه، لأن هذا ليس له مساغ في اللغة. 3. أن الإنسان لا حرج عليه أن يطلب محبة الناس، سواء كانوا مسلمين أو كفاراً حتى نقول:لا حرج عليه أن يطلب محبة الكفار له، لأن الله عزّ وجل قال: ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ )[الممتحنة: الآية8] ولهذا جاء في الحديث وإن كان ضعيفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبل على البلد قال: "اللَّهمَّ حَبِّبْنَا إِلَى أَهْلِهَا، وَحبَب صَالِحي أَهْلِهَا إِلَينَا". 4. فضيلة الزهد في الدنيا. 5. أن الزهد مرتبته أعلى من الورع، لأن الورع ترك ما يضر ، والزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة. 6. أن الزهد من أسباب محبة الله عزّ وجل لقوله: "ازهَد في الدنيَا يُحِبكَ اللهُ" ومن أسباب محبة الله للعبد وهو أعظم الأسباب: اتباع النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) [آل عمران: 31] 7. الحث والترغيب في الزهد فيما عند الناس. |
التلخيص السادس من شرح الأربعين النووية
41- عَنْ أَبي مُحَمّدٍ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاصِ رَضِي اللهُ عَنْهُما قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَواهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ)). حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ، رُوِّينَاهُ في كتابِ الْحُجَّةِ بإسنادٍ صحيحٍ.
العناصر : 1-التعريف بالراوي. 2-معنى المفردات. 3-الفوائد. التلخيص : 1-التعريف بالراوي. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما من المكثرين رواية للحديث،لأنه كان يكتب ؛ حتى غبطه أبو هريرة رضي الله عنه. 2-معنى المفردات: - "لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ" يعني الإيمان الكامل. -هواه: أي اتجاهه وقصده. "-تَبَعَاً لِمَا جِئْتُ بِهِ" أي من الشريعة. الفوائد : 1.-التحذير من تقديم الهوى والعقل على الشرع . 2-النفي هنا نفي الكمال ،وحملناه على ذلك لأنه لايصدق في كل مسألة، لأن الإنسان قد يكون هواه تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر مسائل الدين، وفي بعضها ليس كذلك . 3. استدل أولا ثم اعتقد. 4. الهوى محمود ومذموم، والأصل عند الإطلاق المذموم . 5.يكون محمودا إذا كان تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم . ويكون مذموماغذا خالفه. 6.وجوب تحكيم الشريعة في كل شيء، لقوله: "لِمَا جِئتُ به" والنبي صلى الله عليه وسلم جاء بكل ما يصلح الخلق في معادهم ومعاشهم، قال الله تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ) [النحل: الآية89] 7. أن الإيمان يزيد وينقص كما هو مذهب أهل السنة والجماعة. |
التلخيص الأخير في شرح الأربعين النووية
46- عَنْ أبي بُردَةَ، عن أَبيه أبي مُوسى الأشعَريِّ ، أنَّ النبَّيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بَعَثَهُ إلى اليَمَنِ، فَسألَهُ عَن أَشْرِبَةٍ تُصْنَعُ بِها، فَقالَ: ((وَمَا هِيَ؟)).
قالَ: الْبِتْعُ وَالْمِزْرُ. فَقِيلَ لأَبي بُرْدَةَ: وَمَا الْبِتْعُ؟ قَالَ: نَبِيذُ العَسَلِ، وَالْمِزْرُ نَبِيذُ الشَّعيرِ. فَقالَ: ((كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)). خَرَّجَه البُخاريُّ. العناصر : 1-بيان تحريم المسكرات. 2-الحكمة من تحريمها. 3-الأدلة في تحريم المسكرات. 4-هل المسألة فيها خلاف ؟ 5-أنواع المسكر. 6-حكم طلاقه امن تناول البنج. 7-متى يقام عليه الحد. التلخيص : 1-بيان تحريم المسكرات: أوَّلَ ما حُرِّمتِ الخمرُ عندَ حضورِ وقتِ الصَّلاةِ لَمَّا صلَّى بعضُ المُهاجِرينَ، وقرأَ في صلاتِه، فخَلَطَ في قِراءتِه، فنَزَلَ قولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء:43]، فكان مُنادِي رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يُنادِي: لا يَقْرَبُ الصَّلاةَ سَكرانُ، ثم إنَّ اللَّهَ حَرَّمَها على الإطلاقِ بقولِه تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أنْ يُوقِعَ بَينَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:90،91]. 2-الحكمة من تحريمها : لأنها تؤدي لإيقاع العداوة والبغضاء .وتصد عن الذكر. وهذا كلُّه مُضَادٌّ لِما خَلَقَ اللَّهُ العِبادَ لأجْلِه مِنْ تفريغِ قلوبِهم لِمَعرفتِه، ومَحبَّتِه، وخَشْيَتِهِ، وذِكْرِه، ومُناجاتِه، ودُعائهِ، والابتهالِ إليه. 3-الأدلة في تحريم المسكرات : - في (الصَّحِيحَيْنِ) عن ابنِ عمرَ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، قالَ: ((كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ)) ولفظُ مُسْلِمٍ: ((وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)). -وفي حديثِ عائشةَ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم سُئِلَ عن الْبِتْعِ، فقالَ: ((كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ، فَهُوَ حَرَامٌ)). -ونَقلَ ابنُ عبدِ الْبَرِّ إجماعَ أهلِ العلمِ بالحديثِ على صِحَّتِهِ، وأنه أَثْبَتُ شيءٍ يُرْوَى عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم في تحريمِ الْمُسْكِرِ. وإلى هذا القولِ ذَهَبَ جُمهورُ عُلماءِ المسلمينَ مِنَ الصَّحابةِ والتَّابعينَ ومَن بَعْدَهم مِن عُلماءِ الأمصارِ، وهو مَذهبُ مالكٍ، والشَّافعيِّ، واللَّيثِ، والأوزاعيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ، ومُحَمَّدِ بنِ الحسنِ، وغيرِهم، وهو ممَّا اجْتَمَعَ على القولِ به أهلُ المدينةِ كلُّهم. 4- هل المسألة فيها خلاف ؟ وخالَفَ فيه طوائفُ مِنْ عُلماءِ أهلِ الكوفةِ، وقالُوا: إنَّ الخَمْرَ إنَّما هي خَمْرُ العِنَبِ خاصَّةً، وما عداها، فإنما يَحْرُمُ منه الْقَدْرُ الذي يُسْكِرُ، ولا يَحْرُمُ ما دُونَه، وما زالَ عُلماءُ الأمصارِ يُنْكِرون ذلك عليهم، وإن كانوا في ذلك مُجْتَهِدِينَ مَغفورًا لهم، وفيهم خَلْقٌ مِنْ أئمَّةِ العلْمِ والدِّينِ. قالَ ابنُ المبارَكِ: (ما وَجَدْتُ في النَّبيذِ رُخصةً عن أَحَدٍ صحيحٍ إلا عن إبراهيمَ، يعني النَّخَعِيَّ، وكذلك أَنكرَ الإمامُ أحمدُ أن يكونَ فيه شيءٌ يَصِحُّ، وقد صَنَّفَ كتابَ (الأَشْرِبَةِ) ولم يَذكرْ فيه شيئًا مِن الرُّخْصَةِ، وصَنَّفَ كتابًا في الْمَسْحِ على الْخُفَّيْنِ، وذَكَرَ فيه عن بعضِ السَّلَفِ إنكارَه، فقيلَ له: كيف لم تَجعلْ في كتابِ الأَشربةِ الرُّخصةَ كما جَعَلْتَ في الْمَسْحِ؟ فقالَ: ليس في الرُّخصةِ في الْمُسْكِرِ حديثٌ صحيحٌ). وفي (صحيحِ البخاريِّ) عن أَنَسٍ، قال: (حُرِّمَتْ عَلَيْنَا الخَمْرُ حِينَ حُرِّمَتْ، وَمَا نَجِدُ خَمْرَ الأَعْنَابِ إِلاَّ قَليلاً، وَعَامَّةُ خَمْرِنا البُسْرُ وَالتَّمْرُ). وعنه أنه قالَ: (إِنِّي لأَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا دُجانةَ، وسُهَيلَ بنَ بَيْضاءَ خليطَ بُسرٍ وتَمْرٍ إذْ حُرِّمَتِ الخمْرُ، فَقَذَفْتُها، وَأَنَا سَاقِيهم وَأَصْغَرُهُم، وَإِنَّا نَعُدُّها يَوْمئذٍ الخَمْرَ). وفي (الصَّحِيحَيْنِ) عنه قالَ: (ما كانَ لَنَا خَمْرٌ غَيْرُ فَضِيخِكُمْ هَذَا الَّذِي تُسَمُّونَهُ الفَضيخَ). وفي (صحيحِ مسلِمٍ) عنه قالَ: (لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ الَّتِي حَرَّمَ فِيها الخَمْرَ، وَمَا بِالمَدِينَةِ شَرابٌ يُشْرَبُ إِلاَّ مِنْ تَمْرٍ) وفي (صحيحِ مسلمٍ) عن أبي هُريرةَ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، قالَ: ((الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ: النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ)) وهذا صريحٌ في أنَّ نبيذَ التَّمرِ خَمْرٌ وجاءَ التَّصريحُ بالنَّهيِ عن قليلِ ما أَسْكَرَ كثيرُه. وكانتِ الصَّحابةُ تَحْتَجُّ بقولِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)) على تحريمِ جميعِ أنواعِ الْمُسكراتِ. 5-أنواع المسكر: - ما كان فيه لَذَّةٌ وطَرَبٌ، فهذا هو الخَمرُ المُحَرَّمُ شُرْبُه. قالَ طائفةٌ مِن العُلماءِ: وسواءٌ كان هذا الْمُسكِرُ جامدًا أو مائعًا، وسواءٌ كان مَطْعومًا أو مَشروبًا، وسواءٌ كان مِن حَبٍّ أو ثَمَرٍ أو لَبَنٍ، أو غيرِ ذلك، وأَدْخَلوا في ذلك الحَشِيشةَ التي تُعمَلُ من وَرَقِ القِنَّبِ، وغيرِها ممَّا يُؤْكَلُ لأَجْلِ لَذَّتِه وسُكْرِه. وفي (سُننِ أبي دَاوُدَ) من حديثِ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، عن أمِّ سَلمةَ، قالتْ: ((نَهَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ)) والْمُفَتِّرِ: هو الْمُخَدِّرُ للجسدِ، إن لم يَنْتَهِ إلى حدِّ الإسكارِ. -ما يُزيلُ العقلَ ويُسْكِرُ، ولا لَذَّةَ فيه ولا طَرَبَ، كالبَنْجِ ونحوِهفهو جائز للحاجة. وقد رُوِيَ عن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ (أنَّه لَمَّا وَقَعت الآكِلَةُ في رِجْلِه، وأَرادوا قَطْعَها، قالَ له الأطباءُ: نَسقيكَ دواءً حتَّى يَغيبَ عقلُك، ولا تُحِسَّ بألمِ القَطْعِ، فأبى، وقالَ: ما ظَننتُ أنَّ خَلْقًا يَشْرَبُ شرابًا يَزولُ منه عقلُه حتَّى لا يَعرِفَ ربَّهُ). 6-حكم طلاقه امن تناول البنج : 1- لو تَناوَلَ ذلك لِغيرِ حاجةٍ، وسَكِرَ به، فطَلَّقَ، فحُكْمُ طلاقِه حُكْمُ طلاقِ السَّكرانِ، قاله أكثرُ أصحابِنا كابنِ حامدٍ والقاضي، وأصحابِ الشَّافعيِّ. 2-قالتِ الحنفيَّةُ: لا يَقعُ طلاقُه، وعَلَّلُوا بأنَّه ليس فيه لَذَّةٌ، وهذا يَدُلُّ على أنَّهم لم يُحرِّمُوه. 3-قالتِ الشَّافعيَّةُ: هو مُحرَّمٌ، وفي وُقوعِ الطَّلاقِ معه وَجهانِ. 4-ظاهرُ كلامِ أحمدَ أنَّه لا يَقعُ طَلاَقُه بخِلافِ السَّكرانِ، وتأوَّلَه القاضي، وقال: (إنَّما قالَ ذلك إلزامًا للحنفيَّةِ، لا اعتقادًا له، وسِياقُ كلامِه مُحْتَمِلٌ لذلك). 7-متى يقام عليه الحد: -يجب إذا تناول مايلتذ به. وسواه فيه التعذير. وأكثرُ العلماءِ الذين يَرَوْنَ تحريمَ قليلِ ما أَسكرَ كثيرهُ يَرَوْنَ حَدَّ مَنْ شَرِبَ ما يُسكِرُ كثيرُه، وإن اعْتَقَدَ حِلَّه مُتَأَوِّلاً، وهو قولُ الشَّافعيِّ وأحمدَ، خِلافًا لأبي ثَوْرٍ، فإنَّه قالَ: لا يُحَدُّ لِتَأَوُّلِه. والمنصوصُ عنَ أحمدَ أنَّه إنَّما حَدَّ شاربَ النَّبيذِ مُتَأَوِّلاً؛ لأنَّ تأويلَه ضَعيفٌ لا يُدْرَأُ عنه الْحَدُّ به. |
اقتباس:
إجابتك جيدة ، بارك الله فيك ، وهناك ملاحظات تمت الإشارة إليها أثناء التصحيح فيرجى مراعاتها . بالنسبة للسؤال الخامس ، لو حررت العناصر هكذا : العلم منه نافع وغير نافع : والعلم الذي لا ينفع فسر بتفسيرين : الأول : العلوم الضارة [السحر والتنجيم والكهانة وعلم الكلام والفلسفة وغيرها من العلوم التي تخالف هدى الشريعة ، وفيها انتهاك لحرمات الله ، وقول على الله بغير علم ، واعتداء على شرعه واعتداء على عباده] فكل ذلك من العلوم الضارة . والثاني : عدم الانتفاع بالعلوم النافعة في أصلها : بسبب أفضى بالعبد إلى الحرمان من بركة العلم . والعلوم التي لا تنفع كثيرة ، ومن أبرز علاماتها : مخالفة مؤداها لهدي الكتاب والسنة ، فكل علم تجده يصد عن طاعة الله ، أو يزين معصية الله ، أو يؤول إلى تحسين ما جاءت الشريعة بتقبيحه ، أو العكس فهو غير نافع وإن زخرفه أصحابه وادعوا فيه ما ادعوا . خطر الانشغال بها وضرر تعلمها : الفضول قد يدفع المتعلم إلى القراءة في ما لا ينفع ، فيعرض نفسه للافتتان وهو ضعيف الآلة في العلم ، وقد قال تعالى : {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} . لكانت أجود وأفضل تحريرا . وفقك الله ، وسدد خطاك ، ونفع بك الإسلام والمسلمين . |
اقتباس:
وفقكِ الله ، وسدد خطاكِ ، ونفع بكِ . |
الساعة الآن 12:00 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir