![]() |
تلخيص تفسير سورة الإنسان [ من الآية (23) إلى الآية (31) ]
تفسير قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (23) ) مسائل تفسيريه - الغرض من الآيه ك -علاقه الآيه بما قبلها ودلالتها على شمول القرآن لما يحتاجه العباد س - دلاله قوله تعالى ( أنزلناه ) ( تنزيلاً) على نزول القرآن مفرقاً ش مسائل عقائديه - دلاله الآيه على أن القرآن من عند الله ش فسير قوله تعالى: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) مسائل تفسيريه - علاقه الآيه بما قبلها ك س - معنى الصبر فى الآيه ك س - معنى اثماً ك س ش - معنى كفوراً ك س ش - الحكمه من ا لأمر بعدم طاعه ألأثم والكفور س - دلاله الآيه على تأخر النصر ش - ما قيل فى سبب نزول الأيه ش تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) مسائل تفسيريه - علاقه الذكر بالصبر س - معنى بكرةً وأصيلاً ك س ش - المقصود بالذكر س تفسير قوله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26) مسائل تفسيريه - دلاله الآيه على قيام الليل ك س - علاقة الآيه بأية المزمل س تفسير قوله تعالى: (إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27) مسائل تفسيريه - ما المقصود ب ( هؤلاء ) ك س ش - ما المقصود ب ( يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ) ك ش - ما المقصود ب ( وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ ) س ش - ما المقصود ب (يَوْمًا ثَقِيلًا ) ك س ش - ما سبب تسميه اليوم بالثقيل ش تفسير قوله تعالى: (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28) مسائل تفسيريه - معنى شددنا اسرهم ك س ش - معنى (بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا ) ك س ش مسائل عقائديه - دلاله الآيه على البعث وأستدلالها بدليل عقلى - أثبات مشيئه الله تعالى تفسير قوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29) مسائل تفسيريه - على ما يرجع الضمير المنفصل ( هذه) ك س ش - المقصود ب ( تذكره) س - معنى سبيلاً ك س ش مسائل عقائديه - أثبات أن للعبد مشيئه تفسير قوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) مسائل تفسيريه - معنى (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) ك س ش - دلالة ختام الأيه بأسمى الله تعالى العليم الحكيم وأقترانهما ك مسائل عقائديه - أثبات أن للعبد مشيئه ولكنها لا تخرج عن مشيئه الله تعالى ش تفسير قوله تعالى: (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31) مسائل تفسيريه - معنى الرحمه ك س ش - ما المقصود بالظالمين س - بما استحقوا العذاب س تلخيص أقوال المفسرين فى المسائل التفسيريه تفسير قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (23) ) مسائل تفسيريه - الغرض من الآيه ك قول تعالى ممتنًّا على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بما نزّله عليه من القرآن العظيم ذكره بن كثير -علاقه الآيه بما قبلها ودلالتها على شمول القرآن لما يحتاجه العباد س مَّا ذكَرَ نعيمَ الجَنَّةِ ذكر سبحانه تنزيل القرآن العظيم بما فيه من الوعدُ والوَعيدُ، وبيانُ كلِّ مَا يَحْتَاجُه العِبادُ، ذكره السعدى - دلاله قوله تعالى ( أنزلناه ) ( تنزيلاً) على نزول القرآن مفرقاً ش فَرَّقْنَاهُ في الإنزالِ ولم نُنْزِلْه جُملةً واحدةً ذكره الأشقر مسائل عقائديه - دلاله الآيه على أن القرآن من عند الله ش ولم تَأتْ به مِن عِندِك كما يَدَّعِيهِ الْمُشْرِكونَ ذكره الأشقر j فسير قوله تعالى: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) مسائل تفسيريه - علاقه الآيه بما قبلها ك س كما أكرمتك بما أنزلت عليك، فاصبر على قضائه وقدره واصبر لِحُكْمِه القَدَرِيِّ فلا تَسْخَطْهُ, ولِحُكْمِه الدينِيِّ فامْضِ عليه حاصل كلام بن كثير والسعدى - معنى الصبر فى الآيه ك س الصبر على قضاء الله وقدره ويشمل حكمه القدرى وحكمه الدينى - معنى اثماً ك س ش فيها ثلاث أقوال 1- هو الفاجر في أفعاله الذى يفعل الأثم والمعصيه ذكره بن كثير والسعدى 2- المنافق ذكره بن كثير 3-عُتبةُ بنُ رَبيعةَ ذكره الأشقر - معنى كفوراً ك س ش فيها قولان 1-والكفور هو الكافر بقلبه ذكره بن كثير والسعدى والأشقر 2-الوليدُ بنُ الْمُغيرةِ ذكره الأشقر - الحكمه من ا لأمر بعدم طاعه ألأثم والكفور س فإنَّ طاعةَ الكُفَّارِ والفُجَّارِ والفُسَّاقِ لا بُدَّ أنْ تكونَ في المعاصي فلا يَأْمُرُونَ إلاَّ بما تَهْوَاهُ أنْفُسُهم ذكره السعدى - دلاله الآيه على تأخر النصر ش من حُكْمِه وقَضائِه تَأخيرُ نَصْرِك إلى أجَلٍ اقْتَضَتْهُ حِكمتُه ذكره الأشقر - ما قيل سبب نزول الأيه ش قيلَ: المرادُ بقولِه: {آثِمًا} عُتبةُ بنُ رَبيعةَ، وبقولِه: {أَوْ كَفُوراً} الوليدُ بنُ الْمُغيرةِ؛ لأنهما قالا للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ارْجِعْ عن هذا الأمْرِ ونحن نُرْضِيكَ بالمالِ والتزويجِ تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) مسائل تفسيريه - علاقه الذكر بالصبر س أن القيام بعباده الله والأكثار من الذكر يساعد على الصبر ذكره السعدى - معنى بكرةً وأصيلاً ك س ش فيها ثلاث أقوال 1- أول النهار وأخره ذكره بن كثير والسعدى والأشقر 2- كل الصلاوات المفروضه والنافله والذكر ذكره السعدى 3- صلاه الصبح وصلاه العصر ذكره الأشقر - المقصود بالذكر س دَخَلَ في ذلك الصلواتُ المكتوباتُ وما يَتْبَعُها مِن النوافلِ والذِّكْرِ، والتسبيحِ والتهليلِ والتكبيرِ في هذه الأوقاتِ ذكره السعدى تفسير قوله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26) مسائل تفسيريه - دلاله الآيه على قيام الليل ك س اكثر له من السجود ولا يكون ذلك الا بالصلاه ذكره السعدى وبنحوه قال بن كثير حيث استدل بقول الله تعالى قوله: {ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا} [الإسراء: 79] وكقوله: {يا أيّها المزّمّل قم اللّيل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلا} - علاقة الآيه بأية المزمل س أن الأمر هنا فى اللآيه ملق قيد فى آيه المزمل {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً} ذكره الأشقر تفسير قوله تعالى: (إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27) مسائل تفسيريه - ما المقصود ب ( هؤلاء ) ك س ش كفار مكه والكفار عموماً ومن أشبههم في حبّ الدّنيا قاله بن كثير والأشقر وبنحوه قال السعدى - ما المقصود ب ( يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ) ك ش يُحِبُّونَ الدارَ العاجلةَ، وهي دارُ الدنيا ومقبلين عليها ذكره بن كثير والاشقر - ما المقصود ( وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ ) ك س فيها قولان: تركوا الدّار الآخرة وراء ظهورهم ذكره بن كثير يَتْرُكُونَ العملَ ويُهْمِلُونَ {وَرَاءَهُمْ}؛ أي: أمامَهم ذكره السعدى - ما المقصود ب (يَوْمًا ثَقِيلًا ) ك س ش يوم القيامه ذكره بن كثير والسعدى و الأشقر - ما سبب تسميه اليوم بالثقيل ش سُمِّيَ ثَقيلاً لِمَا فيه مِن الشدائدِ والأهوالِ تفسير قوله تعالى: (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28) مسائل تفسيريه - معنى شددنا اسرهم ك س ش فيها قولان - خلقناهم ذكره بن كثير عن بن عباس -أَحْكَمْنَا خِلْقَتَهُم بالأعصابِ، والعُروقِ، والأوتارِ، والقُوَى الظاهرةِ والباطنةِ، حتى تَمَّ الْجِسمُ واسْتَكْمَلَ ذكره السعدى والأشقر - معنى (بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا ) ك س ش أَنْشَأَنْاكُم للبَعْثِ نَشأةً أُخْرَى، وأَعَدْنَاكم بأَعْيَانِكم، [وهم؟؟] بأَنْفُسِهم أَمثالُهم ذكره بن كثير والسعدى والأشقر إذا شئنا أتينا بقومٍ آخرين غيرهم ذكره بن كثير والآشقر واستدل بن كثير بقوله تعالى {إن يشأ يذهبكم ويأت بخلقٍ جديدٍ وما ذلك على اللّه بعزيزٍ} مسائل عقائديه - دلاله الآيه على البعث وأستدلالها بدليل عقلى ك س ثُمَّ اسْتَدَلَّ عليهم وعلى بَعثِهم بدليلٍ عَقْلِيٍّ، وهو دليلُ الابتداءِ فقالَ: {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ}؛ أي: أَوْجَدْنَاهم مِن العَدَ ذكره بن كثير والسعدى - أثبات مشيئه الله تعالى تفسير قوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29) مسائل تفسيريه - على ما يرجع الضمير المنفصل ( هذه) ك س ش يعنى هذه السوره ذكره بن كثير والسعدى والأشقر - المقصود ب ( تذكره) س يَتَذَكَّرُ بها المُؤْمِنُ فيَنْتَفِعُ بما فيها مِن التخويفِ والترغيبِ ذكره السعدى - معنى سبيلاً ك س ش فيها قولان 1- طريقًا ومسلكًا، أي: من شاء اهتدى بالقرآن ذكره بن كثير وبنحوه قال السعدى 2- بالإيمان والطاعه ذكره ألأشقر مسائل عقائديه - أثبات أن للعبد مشيئه س فاللَّهُ يُبَيِّنُ الحقَّ والْهُدَى، ثم يُخَيِّرُ الناسَ بينَ الاهتداءِ بها أو النفورِ عنها، معَ قِيامِ الْحُجَّةِ عليهم ذكره السعدى تفسير قوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) مسائل تفسيريه - معنى (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) ك س ش لا يقدر أحدٌ أن يهدي نفسه، ولا يدخل في الإيمان ولا يجر لنفسه نفعًا،فالأمْرُ إليه سُبحانَه ليس إليهم، والخيرُ والشرُّ بيدِه، فمَشيئةُ العبْدِ مُجَرَّدَةً لا تَأتِي بخيرٍ ولا تَدفعُ شَرًّا، إلا إنْ أَذِنَ اللهُ بذلك ذكره السعدى والأشقر وبن كثير - دلالة ختام الأيه بأسمى الله تعالى العليم الحكيم وأقترانهما ك عليمٌ بمن يستحقّ الهداية فييسّرها له، ويقيّض له أسبابها، ومن يستحقّ الغواية فيصرفه عن الهدى، وله الحكمة البالغة في هدايةِ الْمُهْتَدِي وإضلالِ الضالِّ ذكره بن كثير والسعدى مسائل عقائديه - أثبات أن للعبد مشيئه ولكنها لا تخرج عن مشيئه الله تعالى ش وما تَشاؤونَ أنْ تَتَّخِذُوا إلى اللهِ سَبيلاً إلاَّ أنْ يَشاءَ اللهُ، فالأمْرُ إليه سُبحانَه ليس إليهم،مَشيئةُ العبْدِ مُجَرَّدَةً لا تَأتِي بخيرٍ ولا تَدفعُ شَرًّا، إلا إنْ أَذِنَ اللهُ بذلك ذكره الآشقر تفسير قوله تعالى: (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31) مسائل تفسيريه - معنى الرحمه ك س ش فيها قولان 1- يهدي من يشاء فيَخْتَصُّهُ بعِنايتِه، ويُوَفِّقُه لأسبابِ السعادةِ ويَهْدِيهِ لطُرُقِهاويدخله فى رحمته حاصل كلام بن كثير والسعدى والأشقر 2-يدْخِلُ في جَنَّتِه مَن يَشاءُ مِن عِبادِه ذكره الأشقر - ما المقصود بالظالمين س الذين اخْتَارُوا الشَّقَاءَ على الْهُدَى ذكره السعدى - بما استحقوا العذاب س بظُلْمِهم وعُدْوَانِهم ذكره السعدى |
زاكم الله خيرا وبارك فيكم
اسأل الله أن يعيننى على هذه الوقفه الصادقه مع النفس واسأل الله أن يبصرنى بما أفعله وييسر لى الأسباب ويرزقنى حسن الفهم وقد أنضممت الى دوره الأملاء فعلاً وبفضل الله أتممت أختبارها وأنضممت الى دراسه الأجروميه واسأل الله أن يتمها على وأن شاء الله أنضم الى دوره الترقيم بارك الله فيكم وجعل نصحكم لى وتوجيهكم فى موازين حسناتكم اسأل الله أن يعلمنى ويعلمكم ويذيدنا من فضله |
اقتباس:
وأرجو ألا تقلقك هذه الملاحظات فإنما نتعلم سويا. التقييم: - الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) 29/30 - الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) 20/20 - التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) 18/20 - الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) 14/15 - العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) 15/15 النسبة: 96 % وفقك الله |
اقتباس:
اقتباس:
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك التقييم: - الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) 28/30 - الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) 18/20 - التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) 18/20 - الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) 13/15 - العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) 15/15 النسبة: 92 % وفقك الله |
اقتباس:
بارك الله فيك وأحسن إليك. - من جوانب الإحسان في الرسالة وضوح مقصدها وجودة تحرير مسائلها - لكن غابت عنها كثير من المسائل المهمة المتعلقة بقضية التدبر تعلقا مباشرا مثل: الحكمة من الأمر بالتدبر، وثمرات التدبر، وكيفية التدبر. فلا يناسب أن تقتصر الرسالة على بيان معناه فقط الفئة المخاطبة به. - ويلاحظ عدم العناية بالنظائر فهي تثري الرسالة جدا وتبين مقصدها من عدة أوجه - كذلك قلة العناية بالأحاديث وآثار السلف، وهو أمر ربما غاب لغياب المسائل المذكورة أعلاه، ولو ذكر لكان له أبلغ الأثر في خدمة هذا المقصد خاصة. فهذه من المعايير المهمة جدا في كتابة الرسالة أرجو مراعاتها في الرسالة القادمة إن شاء الله، ونعيدها: استيفاء الرسالة على جميع العناصر المتعلقة مباشرة بمقصدها العناية بالنظائر والاستشهاد بالأحاديث وآثار السلف وأقوال أهل العلم. العناية بالمعاني اللغوية وإيراد الأقوال المختلفة في التفسير، وهذه النقطة قد أحسنت فيها. العناية بهدايات الآيات وفوائدها التقييم: أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 20 / 12 ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) : 20 / 18 ثالثاً: التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) : 20 / 14 رابعاً: المواءمة ( مناسبة المسائل المذكورة للمخاطبين ) : 20 / 16 رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) : 10 /10 خامساً: العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 10 / 10 = 80 % وفقك الله |
اقتباس:
أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك. واستخلاص جيد لفوائد الآية زادك الله من فضله. ويلاحظ فقط حاجة الرسالة إلى مراجعة صياغة بعض العبارات لتكون منضبطة من الناحية اللغوية. التقييم: أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 20 / 18 ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) : 20 / 20 ثالثاً: التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) : 20 / 17 رابعاً: المواءمة ( مناسبة المسائل المذكورة للمخاطبين ) : 20 / 20 رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) : 10 /8 خامساً: العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 10 / 10 = 93 % وفقك الله |
تلخيص
تفسير قول الله تعالى: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء} للحافظ ابن رجب الحنبلي المسائل التى أوردها بن رجب فى الآيه مسائل لغويه - ما أفدته ( إن ) فى صيغه إنما - حالات ما فى ( إنما) -إفاده إنما للحصر مسائل تفسيريه -- دلاله الآيه على أثبات الخشيه للعلماء - دلاله الآيه على نفي الخشيه عن غير العلماء - دلاله الأيه على نفى العلم عن غير أهل الخشيه - دلاله الآيه على ثبوت الخشيه لكل عالم من العلماء - من معانى العلم وصفات العلماء - معنى الخشيه - علاقه العلم بالخشيه - موجبات الخشيه - درجات الناس فى الخشيه - فوائد عامه من الآيه تلخيص ما أورده بن رجب فى مسائل الآيه مسائل لغويه - ما أفدته ( إن ) فى صيغه إنما ؛ لأنّ خصوصية "إن" إفادة التأكيد ولذلك فإنّ صيغة "إنما" تقتضي تأكد ثبوت المذكور بالاتّفاق - حالات ما فى ( إنما) وفيها ستهة أقوال:- الأول الجمهور على أنّها كافةٌ وهو الراجح الثانى جمهور النحاة: هي الزائدة التي تدخل على إنّ، وأنّ، وليت، ولعلّ، وكأن، فتكفها عن العمل والدليل أن الأصل في الحروف العاملة أن تكون مُختصّة فإذا اختصت بالاسم أو الفعل ولم يكن كالجزء منه عملت فيه، وإنّ وأخواتها مختصةٌ بالاسم فتعمل فيه فإذا دخلت عليها "ما" زالت اختصاصها فصارت تدخل على الجملة الاسمية والفعلية فبطل عملها الثالث بعض الكوفيين، وابن درستويه إلى أنّ "ما" مع هذه الحروف اسمٌ مبهمٌ بمنزلة ضمير الشأن في التفخيم والإبهام وفي أنّ الجملة بعده مفسرةٌ له ومخبرٌ بها عنه الرابع طائفةٌ من الأصوليين وأهل البيان إلى أن "ما" هذه نافيةٌ واستدلّوا بذلك على إفادتها الحصر. وأنّ "إن" أفادت الإثبات في المذكور، و"ما" النفي فيما عداه وهذا باطلٌ باتفاق أهل المعرفة باللسان والدليل فإنّ "إن" إنما تفيد توكيد الكلام إثباتًا كان أو نفيًا لا تفيد الإثبات. و"ما" زائدةٌ كافة لا نافيةٌ وهي الداخلة على سائر أخوات إنّ: لكنّ وكأن وليت ولعلّ، وليست في دخولها على هذه الحروف نافيةً بالاتفاق فكذلك الداخلة على إنّ وأنّ، وقد نسب القول بأنها نافيةٌ إلى أبي علي الفارسي لقوله في كتاب "الشيرازيات ": إنّ العرب عاملوا "إنما" معاملة النفيّ و"إلا" في فصل الضمير لقوله: "وإنّما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي ". وهذا لا يدل على أنّ "ما" نافيةٌ على ما لا يخفى وإنما مراده أنّهم أجروا "إنما" مجرى النفي و"إلاّ" في هذا الحكم لما فيها معنى النفي ولم يصرّح بأنّ النفي مستفادٌ من "ما" وحدها، الخامس أن ما بمعنى الذى قيل: إنه لا يمتنع أن يكون "ما" في هذه الآية بمعنى الذي والعلماء خبرٌ والعائد مستترٌ في يخشى. السادس أن ما أطلقت على جماعه العقلاء وأطلقت "ما" على جماعة العقلاء كما في قوله تعالى: {أو ما ملكت أيمانكم} ، و {فانكحوا ما طاب لكم مّن النّساء}. -إفاده إنما للحصر على وجهين:- الوجه الأول على قول الجمهور أنها كافه إذا دخلت "ما" الكافة على "إنّ " أفادت الحصر وقد حكاه بعض العلماء عن جمهور الناس وهو قول أصحابنا كالقاضي، وابن عقيلٍ، والحلواني. والشيخ موفق الدين، وفخر الدّين إسماعيل بن علي صاحب ابن المنّي، وهو قول أكثر الشافعية كأبي حامدٍ وأبي الطيب، والغزالي والهرّاسي، وقول طائفةٍ من الحنفية كالجرجاني، وكثيرٌ من المتكلمين كالقاضي أبي بكرٍ، وغيره، وكثيرٌ من النحاة وغيرهم، بل قد حكاه أبو علي فيما ذكره الرازيّ عن النحاة وذلك إن" المكفوفة "بما" استعملت في الحصر فصارت حقيقةً عرفيّةً فيه، واللفظ يصير له بالاستعمال معنى غير ما كان يقتضيه أصل الوضع الوجه الثانى على قول من قال انها بمعنى الذى ما على قول من جعلها موصولةً فتفيد الحصر من جهةٍ أخرى وهو أنّها إذا كانت موصولةً فتقدير الكلام "إن الذين يخشون الله هم العلماء" وهذا أيضًا يفيد الحصر" فإنّ الموصول يقتضي العموم لتعريفه، وإذا كان عامًّا لزم أن يكون خبره عامًّا أيضًا لئلا يكون الخبر أخصّ من المبتدأ، وهذا النوع من الحصر يسمّى حصر المبتدأ في الخبر، ومتى كان المبتدأ عامًّا فلا ريب إفادته الحصر. أنواع الحصر الحصر نوعان الأول حصر عام كقوله: {إنّما إلهكم اللّه الّذي لا إله إلاّ هو} ، ونحو ذلك. الثانى حصر خاص بما يدل عليه سياق الكلام فليس الحصر أن ينفي عن الأوّل كل ما سوى الثاني مطلقًا، بل قد ينفي عنه ما يتوهم أنه ثابتٌ له من ذلك النوع الذي أثبت له في الكلام. فقوله: {إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ} ، فيه نفي تعدد الإلهيّة في حقّه سبحانه وأنّه لا إله غيره، ليس المراد أنه لا صفة له سوى وحدانية الإلهية. المسائل التفسيريه -- دلاله الآيه على أثبات الخشيه للعلماء فإنّ صيغة "إنما" تقتضي تأكد ثبوت المذكور بالاتّفاق؛ لأنّ خصوصية "إن" إفادة التأكيد وأمّا "ما": فالجمهور على أنّها كافةٌ وعن مجاهدٍ والشعبيّ: "العالم من خاف اللّه ". وعن ابن مسعودٍ قال: "كفى بخشية اللّه علمًا وكفى بالاغترار باللّه جهلاً". وذكر ابن أبي الدنيا عن عطاءٍ الخراسانيّ في هذه الآية: "العلماء باللّه الذين يخافونه ". - دلاله الآيه على نفي الخشيه عن غير العلماء فمن صيغة "إنّما" أمّا على قول الجمهور وأنّ "ما" هي الكافة فيقول إذا دخلت "ما" الكافة على "إنّ " أفادت الحصر هذا هو الصحيح، وقد حكاه بعض العلماء عن جمهور الناس وهو قول أصحابنا كالقاضي، وابن عقيلٍ، والحلواني. والشيخ موفق الدين، وفخر الدّين إسماعيل بن علي صاحب ابن المنّي، وهو قول أكثر الشافعية كأبي حامدٍ وأبي الطيب، والغزالي والهرّاسي، وقول طائفةٍ من الحنفية كالجرجاني، وكثيرٌ من المتكلمين كالقاضي أبي بكرٍ، وغيره، وكثيرٌ من النحاة وغيرهم، بل قد حكاه أبو علي فيما ذكره الرازيّ عن النحاة جملةً، ولكن اختلفوا في دلالتها على النفي هل هو بطريق المنطوق، أو بطريق المفهوم؟ والصواب: أنّها تدلّ على الحصر، ودلالتها عليه معلومٌ بالاضطرار من لغة العرب، كما يعلم من لغتهم بالاضطرار معاني حروف الشرط والاستفهام والنفي والنّهي وغير ذلك ولهذا يتوارد "إنّما" وحروف الشرط والاستفهام والنّفي الاستثناء كما في قووقوله: {ما لكم من إلهٍ غيره} ، ونحو ذلك. ولهذا كانت كلّها واردةً في سياق نفي الشرك وإبطال إلهية سوى اللّه سبحانه،له تعالى: {إنّما تجزون ما كنتم تعملون}. أما على قول من جعلها موصولةً فتفيد الحصر من جهةٍ أخرى وهو أنّها إذا كانت موصولةً فتقدير الكلام "إن الذين يخشون الله هم العلماء" وهذا أيضًا يفيد الحصر" فإنّ الموصول يقتضي العموم لتعريفه، وإذا كان عامًّا لزم أن يكون خبره عامًّا أيضًا لئلا يكون الخبر أخصّ من المبتدأ، وهذا النوع من الحصر يسمّى حصر المبتدأ في الخبر، ومتى كان المبتدأ عامًّا فلا ريب إفادته الحصر. - دلاله الأيه على نفى العلم عن غير أهل الخشيه فمن جهة الحصر أيضا فإنّ الحصر المعروف المطرد فهو حصر الأول في الثاني، وهو هاهنا حصر الخشية في العلماء، وأما حصر الثاني في الأول فقد ذكره الشيخ أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - وأنه قد يكون مرادًا أيضًا فيصير الحصر من الطرفين ويكونان متلازمين، ومثل ذلك كقوله: {إنّما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرّحمن بالغيب} ، و {إنّما يؤمن بآياتنا الّذين إذا ذكّروا بها خرّوا سجّدًا وسبّحوا بحمد ربّهم وهم لا يستكبرون (15) تتجافى جنوبهم عن المضاجع}. فالحصر في هذه الآية قوله تعالى : {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء} فتقتضي أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالم، وتقتضي أيضًا أنّ العالم من يخشى اللّه ومثاله : {إنّما تنذر من اتّبع الذكر وخشي الرّحمن بالغيب} فيه الحصر من الطرفين، فإن اقتضى أن إنذاره مختصٌّ بمن اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فإن هذا هو المختصّ بقبول الإنذار، والانتفاع به فلذلك نفى الإنذار عن غيره، والقرآن مملوء بأنّ الإنذار إنما هو للعاقل له خاصةً، ويقتضي أنه لا يتبع الذكر ويخشى الرحمن بالغيب إلا من أنذره أي من قبل إنذاره وانتفع به فإنّ اتباع الذكر، وخشية الرحمن بالغيب مختصة بمن قبل الإنذار كما يختص قبول الإنذار والانتفاع بأهل الخشية واتباع الذكر. وعن الربيع بن أنسٍ في هذه الآية قال: من لم يخش اللّه فليس بعالمٍ. ألا ترى أنّ داود قال: ذلك بأنّك جعلت العلم خشيتك، والحكمة والإيمان بك وما علم من لم يخشك وما حكم من لم يؤمن بك. - دلاله الآيه على ثبوت الخشيه لكل عالم من العلماء لجهة الأولى: أن الحصر هاهنا من الطرفين، حصر الأول في الثاني وحصر الثاني في الأول، كما تقدّم بيانه، فحصر الخشية في العلماء يفيد أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالمٌ وإن لم يفد لمجرده أنّ كلّ عالم فهو يخشى اللّه وتفيد أنّ من لا يخشى فليس بعالم، وحصر العلماء في أهل الخشية يفيد أنّ كلّ عالم فهو خاشٍ، فاجتمع من مجموع الحصرين ثبوت الخشية لكلّ فردٍ من أفراد العلماء. والجهة الثانية: أن المحصور مقتضٍ فهو عامٌّ قال الشيخ أبو العباس - رحمه اللّه -: وفي هذه الآية وأمثالها هو مقتضٍ فهو عامٌّ فإنّ العلم بما أنذرت به الرسل يوجب الخوف، ومراده بالمقتضي – العلة المقتضية - وهي التي يتوقف تأثيرها على وجود شروط وانتفاء موانع كأسباب الوعد والوعيد ونحوهما فإنها مقتضياتٌ وهي عامةٌ، ومراده بالشرط ما يتوقف تأثير السبب عليه بعد وجود السبب وهو الذي يلزم من عدمه عدم المشروط ولا يلزم من وجوده وجود المشروط، كالإسلام بالنسبة إلى الحجّ. والمقصود هنا أنّ العلم إذا كان سببًا مقتضيًا للخشية كان ثبوت الخشية عامًا لجميع أفراد العلماء لا يتخلف إلا لوجود مانع ونحوه. - من معانى العلم وصفات العلماء عن يحيى بن جعدة، عن عليٍّ قال: "يا حملة العلم، اعملوا به فإنّما العالم من عمل بما علم فوافق علمه عمله، وسيكون أقوامٌ يحملون العلم ولا يجاوز تراقيهم، يخالف علمهم عملهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم. يجلسون حلقًا فيباهي بعضهم بعضًا، حتى إنّ الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غير ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى اللّه عزّ وجلّ ". وعن مسروقٍ قال: " كفى بالمرء علمًا أن يخشى اللّه عزّ وجل وكفى بالمرء جهلاً أن يعجب بعلمه ". وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "لا يكون الرجل عالما حتّى لا يحسد من فوقه ولا يحقر من دونه، ولا يبتغي بعلمه ثمنًا". وعن أبي حازمٍ نحوه. منه قول الحسن: "إنما الفقيه الزاهد في الدّنيا، الراغب في الآخرة، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربّه ". وعن عبيد اللّه بن عمر أنّ عمر بن الخطاب سأل عبد اللّه بن سلامٍ: "من أرباب ألعلم؟ قال: الذين يعملون بما يعلمون ". وقال رجلٌ للشعبي: أفتني أيها العالم فقال: "إنما العالم من يخاف اللّه ". وعن الربيع بن أنس عن بعض أصحابه قال: "علامة العلم: خشية اللّه عز وجل ". وسئل سعد بن إبراهيم -: من أفقه أهل المدينة؟ قال: "أتقاهم لربّه ". وسئل الإمام أحمد عن معروفٍ، وقيل له: هل كان معه علمٌ؟ فقال: "كان معه أصل العلم، خشية اللّه عزّ وجلّ ". ويشهد لهذا قوله تعالى: {أمّن هو قانتٌ آناء اللّيل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون). - معنى الخشيه عن ابن عباس قال: "يريد: إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزّتي وجلالي وسلطاني ". وعن الربيع عن أبي العالية في قوله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء}قال: "الحكمة الخشية فإنّ خشية اللّه رأس كلّ حكمةٍ". - علاقه العلم بالخشيه 00-- انتفاء الخشية ينتفي معه العلم، فإنّ العلم له موجب ومقتضى. وهو اتباعه والاهتداء به وضدّه الجهل، فإذا انتفت فائدته ومقتضاه، صار حاله كحاله عند عدمه وهو الجهل، وقد تقدّم أن الذنوب إنّما تقع عن جهالةٍ، وبيّنا دلالة القرآن على ذلك وتفسير السلف له بذلك، فيلزم حينئذٍ أن ينتفي العلم ويثبت الجهل عند انتفاء فائدة العلم ومقتضاه وهو اتباعه، ومن هذا الباب قوله تعالى:{وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}. وقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤٌ شاتمه أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائمٌ " وهذا كما يوصف من لا ينتفع بسمعه وبصره وعقله في معرفة الحقّ والانقياد له بأنه أصم أبكم أعمى قال تعالى: {صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون}. ويقال أيضًا: إنه لا يسمع ولا يبصر ولا يعقل كما قال تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنّم كثيرًا من الجنّ والإنس لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلّ أولئك هم الغافلون (179)}. فسلب العلم والعقل والسمع والبصر وإثبات الجهل والبكم والصمم والعمى في حقّ من فقد حقائق هذه الصفات وفوائدها من الكفّار والمنافقين أو من شركهم في بعض ذلك كلّه؛ من باب واحدٍ وهو سلب اسم الشيء أو مسمّاه لانتفاء مقصوده وفائدته وإن كان موجودًا، وهو بابٌ واسعٌ وأمثلته كثيرةٌ في الكتاب والسّنّة. 00العلم يورث الخشيه ويمنع الجهاله قوله: {أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفورٌ رّحيمٌ}. وقوله: {ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ ثمّ تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ (119)}. قال أبو العالية: "سألت أصحاب محمدٍ عن هذه الآية: {إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ ثمّ يتوبون من قريبٍ} فقالوا: كلّ من عصى اللّه فهو جاهلٌ، وكلّ من تاب قبل الموت فقد تاب من قريبٍ ". وعن قتادة قال: "أجمع أصحاب رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - على أنّ كلّ من عصى ربّه فهو جاهلٌ جهالةً، عمدًا كان أو لم يكن، وكلّ من عصى ربّه فهو جاهلٌ ". وقال مجاهدٌ: "من عمل ذنبًا من شيخ أو شابٍ فهو بجهالةٍ"، وقال أيضًا: "من عصى ربّه فهو جاهلٌ حتى ينزع عن معصيته "، وقال أيضًا: "من عمل سوءًا خطأً أو إثمًا فهو جاهلٌ حتى ينزع منه ". وقال أيضًا هو وعطاء: "الجهالة: العمد". رواهنّ ابن أبي حازمٍ وغيره، وقال: وروي عن قتادة، وعمرو بن مرة، والثوريّ نحو ذلك. وروي عن مجاهدٍ، والضحاك، قالا: "ليس من جهالته أن لا يعلم حلالاً ولا حرامًا، ولكن من جهالته حين دخل فيه ". وقال عكرمة: "الدنيا كلّها جهالةٌ". وعن الحسن البصريّ أنه سئل عنها فقال: "هم قومٌ لم يعلموا ما لهم مما عليهم، قيل له: أرأيت لو كانوا علموا؟ قال: فليخرجوا منها فإنها جهالةٌ". - موجبات الخشيه -العلم باللّه وأسمائه وصفاته وأفعاله من قدره، وخلقه، والتفكير في عجائب آياته المسموعة المتلوة، وآياته المشاهدة المرئية من عجائب مصنوعاته، وحكم مبتدعاته - العلم بتفاصيل أمر اللّه ونهيه، والتصديق الجازم بذلك مما يترتب عليه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب، مع تيقن مراقبة اللّه واطّلاعه، ومشاهدته، ومقته لعاصيه وحضور الكرام الكاتبين، كلّ هذا يوجب الخشية، وفعل المأمور وترك المحظور والمقصود العلم النافع الذى به يعرف صاحبه بحقيقة قبح الذنب وبغض اللّه له وتفاصيل الوعيد عليه ويعرف عواقب الذنب وخطره فيعلم ما للذنوب من تبعه وأن لابدّ من الهموم والآلام وضيق الصدر والنكد، وظلمة القلب، وقسوته أضعاف أضعاف ما فيها من اللذة ويفوت بها من حلاوة الطاعات، وأنوار الإيمان، وسرور القلب ببهجة الحقائق والمعارف، ما لا يوازي الذرة منه جميع لذات الدنيا، فيحصل لصاحب المعصية العيشة الضنك، وتفوته الحياة الطيبة ومن أدله ذلك :- 1- أنّ العلم باللّه وأسمائه وصفاته وأفعاله من قدره، وخلقه، والتفكير في عجائب آياته المسموعة المتلوة، وآياته المشاهدة المرئية من عجائب مصنوعاته، وحكم مبتدعاته ونحو ذلك مما يوجب خشيته وإجلاله، ويمنع من ارتكاب نهيه، والتفريط في أوامره؛ وهو أصل العلم النافع، ولهذا قال طائفةٌ من السلف لعمر بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة: "أعجب الأشياء قلبٌ عرف ربه ثم عصاه ". أن العلم باللّه تعالى وما له من الأسماء والصفات كالكبرياء والعظمة والجبروت، والعزة وغير ذلك يوجب خشيته، وعدم ذلك يستلزم فقد هذه الخشية، وبهذا فسّر الآية ابن عباسٍ، فقال: "يريد إنما يخافني من علم جبروتي، وعزتي، وجلالي، وسلطاني "، ويشهد لهذا قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعلمكم باللّه وأشدّكم له خشيةً" وكذلك قوله - صلى الله عليهوعن يزيد الرقاشيّ قال: "إن للّه تبارك وتعالى ملائكةً حول العرشتجري أعينهم مثل الأنهار إلى يوم القيامة، يميدون كأنّهم ينفضهم الريح من خشية اللّه، فيقول الربّ عزّ وجلّ: يا ملائكتي، ما الذي يخيفكم وأنتم عندي؟ فيقولون: يا ربّ، لو أنّ أهل الأرض اطّلعوا من عزّتك وعظمتك على ما اطّلعنا عليها، ما أساغوا طعامًا ولا شرابًا، ولا انبسطوا في فرشهم. وسلم -: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا" 2- أنّ العلم بتفاصيل أمر اللّه ونهيه، والتصديق الجازم بذلكومما يترتب عليه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب، مع تيقن مراقبة اللّه واطّلاعه، ومشاهدته، ومقته لعاصيه وحضور الكرام الكاتبين، كلّ هذا يوجب الخشية، وفعل المأمور وترك المحظور، وإنّما يمنع الخشية ويوجب الوقوع في المحظورات الغفلة عن استحضار هذه الأمور، والغفلة من أضداد العلم، والغفلة والشهوة أصل الشرّ، قال تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (28)}. والشهوة وحدها، لا تستقلّ بفعل السيئات إلا مع الجهل، فإنّ صاحب الهوى لو استحضر هذه الأمور المذكورة وكانت موجودةً في ذكره، لأوجبت له الخشية القامعة لهواه، ولكنّ غفلته عنها مما يوجب نقص إيمانه الذي أصله التصديق الجازم المترتب على التصور التام، ولهذا كان ذكر اللّه وتوحيده والثناء عليه يزيد الإيمان، والغفلة والإعراض عن ذلك يضعفه وينقصه، كما كان يقول من يقول من الصحابة: "اجلسوا بنا نؤمن ساعة 3- أنّ تصور حقيقة المخوف يوجب الهرب منه، وتصور حقيقة المحبوب توجب طلبه فإذا لم يهرب من هذا ولم يطلب هذا دلّ على أنًّ تصوره لذلك ليس تامًّا، وإن كان قد يصور الخبر عنه، وتصور الخبر وتصديقه وحفظ حروفه غير تصوّر المخبر به فإذا أخبر بما هو محبوبٌ أو مكروهٌ له، ولم يكذّب الخبر بل عرف صدقه لكن قلبه مشغولٌ بأمور أخرى عن تصور ما أخبر به، فهذا لا يتحرك للهرب ولا للطلب، في الأثر المعروف عن الحسن وروي مرسلاً عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "العلم علمان، فعلم في القلب، فذاك العلم النافع، وعلمٌ على اللسان، فذاك حجة الله على ابن آدم ". 4- أنّ كثيرًا من الذنوب قد يكون سبب وقوعه جهل فاعله بحقيقة قبحه وبغض اللّه له وتفاصيل الوعيد عليه وإن كان عالمًا بأصل تحريمه وقبحه لكنّه يكون جاهلاً بما ورد فيه من التغليظ والتشديد ونهاية القبح، فجهله بذلك هو الذي جرّأه عليه وأوقعه فيه، ولو كان عالمًا بحقيقة قبحه لأوجب ذلك العلم تركه خشيةً من عقابه، ولهذا كان القول الصحيح الذي عليه السلف وأئمة السنة أنه يصحّ التوبة من بعض الذنوب دون بعضٍ خلافًا لبعض المعتزلة، فإنّ أحد الذنبين قد يعلم قبحه فيتوب منه ويستهين بالآخر لجهله بقبحه وحقيقة مرتبته فلا يقلع عنه، ولذلك قد يقهره هواه ويغلبه في أحدهما دون الآخر فيقلع عما لم يغلبه هواه دون ما غلبه فيه هواه، ولا يقال لو كانت الخشية عنده موجودةً لأقلع عن الجميع، لأن أصل الخشية عنده موجودةٌ، ولكنها غير تامةٍ، وسبب نقصها إما نقص علمه، وإما غلبة هواه، فتبعّض توبته نشأ من كون المقتضي للتوبة من أحد الذنبين أقوى من المقتضي للتوبة من الآخر، أو كون المانع من التوبة من أحدهما أشدّ من المانع من الآخر. 5- أن لذّات الذنوب لا نسبة لها إلى ما فيها من الآلام والمفاسد ألبتة فإنّ لذاتها سريعة الانقضاء وعقوباتها وآلامها أضعاف ذلك ولهذا قيل: "إن الصبر على المعاصي أهون من الصبر على عذاب اللّه، وقيل: "ربّ شهوة ساعة أورثت حزنًا طويلاً" وما في الذنوب من اللذات كما في الطعام الطيب المسموم من اللذة، فهي مغمورة بما فيه من المفسدة ومؤثر لذة الذنب كمؤثر لذة الطعام المسموم الذي فيه من السموم ما يمرض أو يقتل ومن هاهنا يعلم أنه لا يؤثر لذات الذنوب إلا من هو جاهل بحقيقة عواقبها، كما لا يؤثر أكل الطعام المسموم للذّته إلا من هو جاهل بحاله أو غير عاقل، ورجاؤه التخلص من شرها بتوبةٍ أو عفو أو غير ذلك كرجاء آكل الطعام المسموم الطيب للخلاص من شرّ سمّه بعلاج أو غيره، وهو في غاية الحمق والجهل، فقد لا يتمكن من التخلص منه بالكلية، فيقتله سمّه، وقد لا يتخلص منه تخلصًا تامًّا فيطول مرضه، وكذلك المذنب قد لا يتمكن من التوبة، فإنّ من وقع في ذنبٍ تجرّأ عليه عمره وهان عليه خوض الذنوب وعسر عليه الخلاص منها ولهذا قيل: "من عقوبة الذنب: الذنب بعده ". 6- أن المقدم على مواقعة المحظور إنما أوجب إقدامه عليه ما فيه من اللذة الحاصلة له به، فظنّ أنّه يحصل له لذته العاجلة، ورجى أن يتخلص من تبعته بسببٍ من الأسباب ولو بالعفو المجرد فينال به لذةً ولا يلحقه به مضرةٌ، وهذا من أعظم الجهل، والأمر بعكس باطنه، فإن الذنوب تتبعها ولابدّ من الهموم والآلام وضيق الصدر والنكد، وظلمة القلب، وقسوته أضعاف أضعاف ما فيها من اللذة، ويفوت بها من حلاوة الطاعات، وأنوار الإيمان، وسرور القلب ببهجة الحقائق والمعارف، ما لا يوازي الذرة منه جميع لذات الدنيا، فيحصل لصاحب المعصية العيشة الضنك، وتفوته الحياة الطيبة، فينعكس قصده بارتكاب المعصية، فإنّ اللّه ضمن لأهل الطاعة الحياة الطيبة، ولأهل المعصية العيشة الضنك، قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكًا}. وقال: {وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون}. وقال: {ولنذيقنّهم مّن العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون}. وقال في أهل الطاعة: {من عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينّه حياةً طيّبةً}. قال الحسن وغيره من السلف: "لنرزقنّه عبادةً يجد حلاوتها في قلبه ". ومن فسّرها بالقناعة، فهو صحيح أيضًا، ومن أنواع الحياة الطيبة الرضى درجات الناس فى الخشيه الاول أن يستلزم الخشية العلم باللّه بجلاله وعظمته، وهو الذي فسر الآية به جماعةٌ من السلف الثانى أن تكون الخشية ملازمةٌ للعلم بأوامر الله ونواهيه وأحكامه وشرائعه وأسرار دينه وشرعه وخلقه وقدره الثالث وهى أعلى الدرجات وفيها أجتماع الأول والثانى وهي حالة الأنبياء - عليهم السلام - وخواصّ الصديقين ومتى اجتمعا كانت الخشية حاصلةٌ من تلك الوجوه كلها، وإن انفرد أحدهما حصل من الخشية بحسب ما حصّل من ذلك العلم، والعلماء الكمّل أولو العلم في الحقيقة الذين جمعوا الأمرين. وقد ذكر الحافظ أبو أحمد بن عديٍّ: ثنا أحمد بن عبد اللّه بن صالح بن شيخ بن عميرة: ثنا إسحاق بن بهلول قال: قال لي إسحاق بن الطباع: قال لي سفيان بن عيينة: "عالمٌ باللّه عالمٌ بالعلم، عالمٌ باللّه ليس بعالمٍ بالعلمعالمٌ بالعلم ليس بعالم باللّه "، قال: قلت لإسحاق: فهمنيه واشرحه لي، قال: عالمٌ باللّه عالمٌ بالعلم، حماد بن سلمة، عالمٌ باللّه ليس بعالم بالعلم مثل أبي الحجاج العابد، عالمٌ بالعلم ليس بعالم باللّه فلانٌ وفلانٌ وذكر بعض الفقهاء. وروى الثوريّ عن أبي حيّان التميمي سعيد بن حيّان عن رجلٍ قال: كان يقال: العلماء ثلاثةٌ: "فعالمٌ باللّه ليس عالمًا بأمر اللّه، وعالمٌ بأمر اللّه ليس عالمًا باللّه، وعالمٌ باللّه عالمٌ بأمر اللّه ". فالعالم باللّه وبأوامر اللّه: الذي يخشى اللّه ويعلم الحدود والفرائض. والعالم باللّه ليس بعالم بأمر اللّه: الذي يخشى اللّه ولا يعلم الحدود والفرائض. والعالم بأمر اللّه ليس بعالم باللّه: الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى اللّه عزّ وجلًّ. - فوائد عامه من الآيه # فائده فى معنى الجهاله فى الآيه {إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ ثمّ يتوبون من قريبٍ} ورد للجهاله عده معانى --الوقوع فى المعصيه جهاله عمداً أو خطئاً قال أبو العالية: "سألت أصحاب محمدٍ عن هذه الآية: {إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ ثمّ يتوبون من قريبٍ} فقالوا: كلّ من عصى اللّه فهو جاهلٌ، وكلّ من تاب قبل الموت فقد تاب من قريبٍ ". وعن قتادة قال: "أجمع أصحاب رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - على أنّ كلّ من عصى ربّه فهو جاهلٌ جهالةً، عمدًا كان أو لم يكن، وكلّ من عصى ربّه فهو جاهلٌ ". وقال مجاهدٌ: "من عمل ذنبًا من شيخ أو شابٍ فهو بجهالةٍ"، وقال أيضًا: "من عصى ربّه فهو جاهلٌ حتى ينزع عن معصيته "، وقال أيضًا: "من عمل سوءًا خطأً أو إثمًا فهو جاهلٌ حتى ينزع منه ". وروي عن مجاهدٍ، والضحاك، قالا: "ليس من جهالته أن لا يعلم حلالاً ولا حرامًا، ولكن من جهالته حين دخل فيه ". ومن الأدله على ذلك لما كان صلاح العباد ومنافعهم ولذاتهم في امتثال ما أمرهم الله به، واجتناب ما نهاهم اللّه عنه تبيّن أن من طلب حصول اللذة والراحة من فعل المحظور أو ترك المأمور، فهو في غاية الجهل والحمق، وتبيّن أنّ كلّ من عصى اللّه هو جاهل، كما قاله السلف ودلّ عليه القرآن كما تقدم، ولهذا قال: {كتب عليكم القتال وهو كرهٌ لكم وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبّوا شيئًا وهو شرٌّ لكم واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون (216)}. --الجهاله العمد وقال أيضًا هو وعطاء: "الجهالة: العمد". رواهنّ ابن أبي حازمٍ وغيره، وقال: وروي عن قتادة، وعمرو بن مرة، والثوريّ نحو ذلك. --الدنيا كلها جهاله وقال عكرمة: "الدنيا كلّها جهالةٌ". # أصل ما يوقع الناس فى السيئات وطرق تزيين الشيطان اصل ما يوقع الناس في السيئات الجهل وعدم العلم بأنها تضرهم ضررًا راجحًا، أو ظنّ أنها تنفعهم نفعًا راجحًا، وذلك كلّه جهل إما بسيط وإمّا مركب، ولهذا يسمّى حال فعل السيئات الجاهلية، فإن صاحبها في حال جاهليةٍ، ولهذا كان الشيطان يزيّن السيئات ويأمر بها، ويذكر ما فيها من المحاسن التي يظنّ أنها منافع لا مضارّ كما أخبر اللّه عنه في قصة آدم أنه: {يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى (120) فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما}. # أهل الخشيه لهم صفات خاصه تميزهم يروى عن أبي ذرٍّ موقوفًا وذكر أبو نعيمٍ وغيره بالإسناد عن ابن عباسٍ، أنه قال للنفر الذين كانوا يختصمون ويتمارون: "أو ما علمتم أنّ للّه عبادًا أصمتتهم خشية اللّه من غير بكمٍ ولا عيًّ، وإنهم لهم العلماء والفصحاء والطلقاء والنبلاء، العلماء بأيام اللّه غير أنهم إذا تذكّروا عظمة اللّه طاشت لذلك عقولهم، وانكسرت قلوبهم، وانقطعت ألسنتهم، حتّى إذا استفاقوا من ذلك، تسارعوا إلى اللّه عزّ وجلّ بالأعمال الزكيّة، يعدون أنفسهم مع المفرطين، وإنهم لأكياسٌ أقوياء مع الظالمين والخاطئين، وإنهم لأبرارٌ برءاء، إلا أنهم لا يستكثرون إلا الكثير، ولا يرضون له بالقليل، ولا يدلون عليه بالأعمال هم حيث ما لقيتموهم مهتمّون مشفقون وجلون خائفون ". # ذياده الأيمان ونقصه وعلاقتها بالخشيه لصحيح المشهور عن الإمام أحمد الذي عليه أكثر أصحابه وأكثر علماء السنة من جميع الطوائف؛ أنّ ما في القلب من التصديق والمعرفة يقبل الزيادة والنقصان في مسندي الإمام أحمد والبزار من حديث أبي هريرة أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "جدّدوا إيمانكم " قالوا: وكيف نجدد إيماننا يا رسول اللّه؟ قال: "قولوا: لا إله إلا اللّه ". في الأثر المشهور عن حماد بن سلمة عن أبي جعفرٍ الخطميّ عن جدّه عمير بن حبيبٍ وكان من الصحابة، قال: "الإيمان يزيد وينقص قيل: وما زيادته ونقصانه؟ قال: إذا ذكرنا اللّه ووحّدناه وسبّحناه، فتلك زيادتهوإذا غفلنا ونسينا، فذلك نقصانه ". فالمؤمن يحتاج دائمًا كلّ وقتٍ إلى تحديد إيمانه وتقوية يقينه وطلب الزيادة في معارفه، والحذر من أسباب الشكّ والريب والشبهة، ومن هنا يعلم معنى قول النبيًّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " فإنه لو كان مستحضرًا في تلك الحال لاطّلاع اللّه عليه ومقته له جمع ما توعّده اللّه به من العقاب المجمل والمفصل استحضارًا تامًّا لامتنع منه بعد ذلك وقوع هذا المحظور وإنما وقع فيما وقع فيه لضعف إيمانه ونقصه. # "ترك الذنب أيسر من طلب التوبة" قد لا يتمكن من التوبة، فإنّ من وقع في ذنبٍ تجرّأ عليه عمره وهان عليه خوض الذنوب وعسر عليه الخلاص منها ولهذا قيل: "من عقوبة الذنب: الذنب بعده ". وقد دلّ على ذلك القرآن في غير موضع، وإذا قدّر أنه تاب منه فقد لا يتمكن من التوبة النصوح الخالصة التي تمحو أثره بالكلية، وإن قدّر أنه تمكن من ذلك، فلا يقاوم اللذة الحاصلة بالمعصية ما في التوبة النصوح المشتملة على النّدم والحزن والخوف والبكاء وتجشم الأعمال الصالحة؛ من الألم والمشقة، ولهذا قال الحسن: "ترك الذنب أيسر من طلب التوبة" ويكفي المذنب ما فاته في حال اشتغاله بالذنوب من الأعمال الصالحة الّتي كان يمكنه تحصيل الدرجات بها. # هل يعود حال التائب إلى ما كان عليه قبل المعصية؟ على قولين معروفين، والقول بأنه لا يمكن عوده إلى ما كان عليه قول أبي سليمان الدّرانيّ وغير # هل يجزم بقبول التوبة إذا استكملت شروطها؟ على قولين: الأول القاضي أبو بكر وغيره من المتكلمين على أنّه لا يجزم بذلك، الثانى أكثر أهل السنة والمعتزلة وغيرهم على أنه يقطع بقبولها # للذنوب عقوبات حتى لو عفى الله عنه وللعفو حالتين الأولى أن يعفو الله عنه بسبب أمرٍ مكفرٍ عنه كالمصائب الدنيوية، وفتنة القبر، وأهوال البرزخ، وأهوال الموقف، ونحو ذلك، فلا يستريب عاقلٌ أن ما في هذه الأمور من الآلام والشدائد أضعاف أضعاف ما حصل في المعصية من اللذة. الثانيه أن يعفو الله عنه بغير سببٍ من هذه الأسباب المكفرة ونحوها، فإنه لابّد أن يلحقه عقوبات كثيرة منها - ما فاته من ثواب المحسنين، فإن اللّه تعالى وإن عفا عن المذنب فلا يجعله كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، كما قال تعالى: {أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون (21). وقال: (أم نجعل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار (28)}. - ا ن العبد يلحقه من الخجل والحياء من اللّه عز وجلّ عند عرضه عليه. وتقريره بأعماله، وربما كان ذلك أصعب عليه من دخول النار ابتداءً، وقد أخبر بذلك بعض المحتضرين في زمان السلف. وجاء تصديق ذلك في الأحاديث والآثار كما روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب "الزهد" بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "يدني اللّه عزّ وجلّ العبد يوم القيامة، فيضع عليه كنفه، فيستره من الخلائق كلها، ويدفع إليه كتابه في ذلك الستر، فيقول: اقرأ يا ابن آدم كتابك، قال: فيمرّ بالحسنة، فيبيضّ لها وجهه ويسرّ بها قلبه قال: فيقول الله عز وجل: أتعرف يا عبدي؟ فيقول: نعم، يا رب أعرف، فيقول: إني قد قبلتها منك. قال: فيخرّ للّه ساجدًا، قال: فيقول اللّه عزّ وجلّ: ارفع رأسك يا ابن آدم وعد في كتابك، قال: فيمرّ بالسيئة فيسود لها وجهه، ويوجل منها قلبه وترتعد منها فرائصه، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعمله غيره، قال: فيقول اللّه عزّ وجلّ: أتعرف يا عبدي؟ قال: فيقول: نعم، يا رب أعرف، قال: فيقول: إني قد غفرتها لك؟ قال: فلا يزال حسنةٌ تقبل فيسجد، وسيئةٌ تغفر فيسجد، فلا ترى الخلائق منه إلا السجود، قال: حتى تنادي الخلائق بعضها بعضًا: طوبى لهذا العبد الذي لم يعص اللّه قط، ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين اللّه عز وجل ".ن ملاحظه يعلم الله كم حاولت أن أجتهد فى هذه الرساله ولكن الرساله تشتمل على جزء كبير فى مسائل اللغه والذى له تاثير كبير على تفسيرها فحاولت فصل المسائل اللغويه قدر استطاعتى ثم حاولت بيان اثرها على التفسير فى المسائل التفسيريه وترددت كثيراً فى رفعها وما رفعتها إلا رغبة فى إنهاء متطلبات المستوى الثانى وإلا فهى تحتاج لكثير من الوقت واسأل الله أن يعلمنى وأياكم فأعتذر منكم واسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنى علم فى لغه القرآن وما ذلك عليه سبحانه بعزيز |
اقتباس:
وشكر الله جهدك في هذا الملخص، ولعل الله ييسّر لنا دراسة موسعة في علوم اللغة. وبالنسبة لبقية مسائل الرسالة فقد أحسنت فيها جدا مع بعض الملاحظات على صياغة المسائل والحاجة إلى فصل وتنظيم أفضل للكلام عليها. وأرجو أن يفيدك الملخص التالي في إيضاح ذلك. تلخيص رسالة في تفسير قوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} لابن رجب الحنبلي رحمه الله. عناصر الرسالة: ● دلالة الآية على إثبات الخشية للعلماء ● دلالة الآية على نفي الخشية عن غير العلماء ● دلالة الآية على نفي العلم عن غير أهل الخشية ● الأقوال الواردة عن السلف في تفسير الآية. ● بيان أن العلم يوجب الخشية وأن فقده يستلزم فقد الخشية ● بيان أن فقد الخشية يستلزم فقد العلم ● بيان العلم النافع الذي يوجب خشية الله تعالى. ● فوائد • إثبات الخشية للعلماء يقتضي ثبوتها لكل واحد منهم • أصل العلم النافع العلم باللّه. • قابلية ما في القلب من التصديق والمعرفة للزيادة والنقصان هو ما كان عليه الصحابة والسلف من أهل السنة. • صحة التوبة من بعض الذنوب دون بعضٍ هو الذي عليه السلف وأئمة السنة خلافًا لبعض المعتزلة. • هل يمكن للتائب أن يعود إلى ما كان عليه قبل المعصية؟ • هل يجزم بقبول التوبة إذا استكملت شروطها؟ • هل يمحى الذنب من صحيفة العبد إذا تاب؟ • أمر الله للعباد إنما يكون بما فيه صلاحهم ونهيه إنما يكون عما فيه فسادهم. • فائدة في قوله تعالى: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (102)}. • خلاصة القول في نوع "ما" الداخلة على "إنّ" . • خلاصة القول في إفادة "إنّما" للحصر. تلخيص المسائل الواردة في تفسير ابن رجب رحمه الله لقوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}. ● دلالة الآية على إثبات الخشية للعلماء دلت الآية على إثبات الخشية للعلماء من صيغة "إنما" التي تقتضي تأكد ثبوت المذكور بالاتّفاق؛ لأنّ خصوصية "إن" إفادة التأكيد، وأمّا"ما"فالجمهور على أنّها كافةٌ. ● دلالة الآية على نفي الخشية عن غير العلماء دلت الآية على نفي الخشية عن غير العلماء من صيغة "إنّما" أيضا لأنّ "ما" الكافة إذا دخلت على "إنّ " أفادت الحصر وهو قول الجمهور. - واختلفوا في دلالتها على النفي هل هو بطريق المنطوق، أو بطريق المفهوم؟ فقال كثيرٌ من الحنابلة، كالقاضي في أحد قوليه وصاحب ابن المنّي والشيخ موفّق الدّين: إنّ دلالتها على النفي بالمنطوق كالاستثناء سواء وهو قول أبي حامد، وأبي الطيب من الشافعية، والجرجاني من الحنفية. وذهبت طائفةٌ منهم كالقاضي في قوله الآخر وابن عقيلٍ والحلواني إلى أنّ دلالتها على النفي بطريق المفهوم وهو قول كثيرٍ من الحنفية، والمتكلمين. - واختلفوا أيضًا هل دلالتها على النفي بطريق النّص، أو الظاهر؟ فقالت طائفة: إنّما تدلّ على الحصر ظاهرًا، أو يحتمل التأكيد، وهذا الذي حكاه الآمديّ عن القاضي أبي بكرٍ، والغزاليّ، والهرّاسيّ، وغيرهم من الفقهاء وهو يشبه قول من يقول إنّ دلالتها بطريق المفهوم فإنّ أكثر دلالات المفهوم بطريق الظاهر لا النّص. وظاهر كلام كثيرٍ من الحنابلة وغيرهم، أن دلالتها على النّفي والإثبات كليهما بطريق النّص لأنّهم جعلوا "إنّما" كالمستثنى والمستثنى منه سواء وعندهم أن الاستثناء من الإثبات نفيٌ ومن النفي إثباتٌ، نصًّا لا محلاً. ● دلالة الآية على نفي العلم عن غير أهل الخشية دلت الآية على نفي العلم عن غير أهل الخشية، من جهة الحصر أيضا فإنّ الحصر المعروف المطرد هو حصر الأول في الثاني، وهو هاهنا حصر الخشية في العلماء، وأما حصر الثاني في الأول فقد ذكره الشيخ أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - وأنه قد يكون مرادًا أيضًا فيصير الحصر من الطرفين ويكونان متلازمين، فيكون قوله: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء} يقتضي أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالم، ويقتضي أيضًا أنّ العالم من يخشى اللّه. ● الأقوال الواردة عن السلف في تفسير الآية ما ورد عن السلف في تفسير الآية يوافق ما سبق من إثبات الخشية للعلماء ونفيها عن غيرهم ونفي العلم عن غير أهل الخشية. - فعن ابن عباس قال: "يريد: إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزّتي وجلالي وسلطاني ". - وعن مجاهدٍ والشعبيّ: "العالم من خاف اللّه ". - وعن ابن مسعودٍ قال: "كفى بخشية اللّه علمًا وكفى بالاغترار باللّه جهلاً". - وعن الربيع بن أنسٍ في هذه الآية قال: من لم يخش اللّه فليس بعالمٍ، ألا ترى أنّ داود قال: ذلك بأنّك جعلت العلم خشيتك، والحكمة والإيمان بك، وما علم من لم يخشك وما حكمة من لم يؤمن بك؟ - وعن الربيع عن أبي العالية في قوله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء}قال: "الحكمة الخشية فإنّ خشية اللّه رأس كلّ حكمةٍ". - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "لا يكون الرجل عالما حتّى لا يحسد من فوقه ولا يحقر من دونه، ولا يبتغي بعلمه ثمنًا". وعن أبي حازمٍ نحوه. - وسئل الإمام أحمد عن معروفٍ، وقيل له: هل كان معه علمٌ؟ فقال: "كان معه أصل العلم، خشية اللّه عزّ وجلّ ". ويشهد لهذا قوله تعالى: {أمّن هو قانتٌ آناء اللّيل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون). وكذلك قوله تعالى: (إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ ثمّ يتوبون من قريبٍ}. وقوله: {أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفورٌ رّحيمٌ}. وقوله: {ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ ثمّ تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ (119)}. - قال أبو العالية: "سألت أصحاب محمدٍ عن هذه الآية: {إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ ثمّ يتوبون من قريبٍ} فقالوا: كلّ من عصى اللّه فهو جاهلٌ، وكلّ من تاب قبل الموت فقد تاب من قريبٍ ". - وروي عن مجاهدٍ، والضحاك، قالا: "ليس من جهالته أن لا يعلم حلالاً ولا حرامًا، ولكن من جهالته حين دخل فيه ". ● بيان أن العلم يوجب الخشية وأن فقده يستلزم فقد الخشية. وبيان ذلك من وجوه: الوجه الأول: أن العلم باللّه تعالى وما له من الأسماء والصفات كالكبرياء والعظمة والجبروت، والعزة وغير ذلك يوجب خشيته، وعدم ذلك يستلزم فقد هذه الخشية. ولهذا فسّر الآية ابن عباسٍ، فقال: "يريد إنما يخافني من علم جبروتي، وعزتي، وجلالي، وسلطاني ". ويشهد له قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعلمكم باللّه وأشدّكم له خشيةً" وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا" وفي "المسند" وكتاب الترمذيّ وابن ماجة من حديث أبي ذرٍّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون إنّ السماء أطّت وحقّ لها أن تئطّ، ليس فيها موضع أربع أصابع إلا وملكٌ واضعٌ جبهته ساجدٌ للّه - عز وجلّ - واللّه لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عزّ وجلّ ". وقال الترمذيّ: حسنٌ غريبٌ. الوجه الثاني: أنّ العلم بتفاصيل أمر اللّه ونهيه، والتصديق الجازم بذلك وبما يترتب عليه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب، مع تيقن مراقبة اللّه واطّلاعه، ومشاهدته، ومقته لعاصيه وحضور الكرام الكاتبين، كلّ هذا يوجب الخشية، وفعل المأمور وترك المحظور. وإنّما يمنع الخشية ويوجب الوقوع في المحظورات الغفلة عن استحضار هذه الأمور، والغفلة من أضداد العلم، والغفلة والشهوة أصل الشرّ، قال تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (28)}. والشهوة وحدها، لا تستقلّ بفعل السيئات إلا مع الجهل، فإنّ صاحب الهوى لو استحضر هذه الأمور المذكورة وكانت موجودةً في ذكره، لأوجبت له الخشية القامعة لهواه، ولكنّ غفلته عنها مما يوجب نقص إيمانه الذي أصله التصديق الجازم المترتب على التصور التام، ولهذا كان ذكر اللّه وتوحيده والثناء عليه يزيد الإيمان، والغفلة والإعراض عن ذلك يضعفه وينقصه، كما كان يقول من يقول من الصحابة: "اجلسوا بنا نؤمن ساعة". الوجه الثالث: أنّ تصور حقيقة المخوف يوجب الهرب منه، وتصور حقيقة المحبوب توجب طلبه فإذا لم يهرب من هذا ولم يطلب هذا دلّ على أنًّ تصوره لذلك ليس تامًّا، وإن كان قد يصور الخبر عنه. وتصور الخبر وتصديقه وحفظ حروفه غير تصوّر المخبر به فإذا أخبر بما هو محبوبٌ أو مكروهٌ له، ولم يكذّب الخبر بل عرف صدقه لكن قلبه مشغولٌ بأمور أخرى عن تصور ما أخبر به، فهذا لا يتحرك للهرب ولا للطلب، في الأثر المعروف عن الحسن وروي مرسلاً عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "العلم علمان، فعلم في القلب، فذاك العلم النافع، وعلمٌ على اللسان، فذاك حجة الله على ابن آدم ". الوجه الرابع: أنّ كثيرًا من الذنوب قد يكون سبب وقوعه جهل فاعله بحقيقة قبحه وبغض اللّه له وتفاصيل الوعيد عليه وإن كان عالمًا بأصل تحريمه وقبحه لكنّه يكون جاهلاً بما ورد فيه من التغليظ والتشديد ونهاية القبح. فيكون جهله بذلك هو الذي جرّأه عليه وأوقعه فيه، ولو كان عالمًا بحقيقة قبحه لأوجب ذلك العلم تركه خشيةً من عقابه. الوجه الخامس: أنّ الله جعل في النفس حبًّا لما ينفعها وبغضًا لما يضرّها، فلا يفعل ما يجزم بأنه يضرّها ضررًا راجحًا، لذلك لا يقدم عاقل على فعل ما يضرّه مع علمه بما فيه من الضرر إلا لظنّه أنّ منفعته راجحة إمّا بأن يجزم بأن ضرره مرجوح، أو يظنّ أن خيره راجح. فالزاني والسارق ونحوهما، لو حصل لهم جزم بإقامة الحدود عليهم من الرجم والقطع ونحو ذلك، لم يقدموا على ذلك، فإذا علم هذا فأصل ما يوقع الناس في السيئات الجهل وعدم العلم بأنها تضرهم ضررًا راجحًا، أو ظنّ أنها تنفعهم نفعًا راجحًا، وذلك كلّه جهل إما بسيط وإمّا مركب. ومثال هذا ما جاء في قصة آدم أنه: {يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى (120) فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما}. قال: {ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلّا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (20)}. وقال تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ (36) وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون (37)}. فالفاعل للذنب لو جزم بأنه يحصل له به الضرر الراجح لم يفعله، لكنه يزين له ما فيه من اللذة التي يظنّ أنها مصلحة، ولا يجزم بوقوع عقوبته، بل يرجو العفو بحسناتٍ أو توبةٍ أو بعفو الله ونحو ذلك، وهذا كله من اتباع الظن وما تهوى الأنفس، ولو كان له علم كامل لعرف به رجحان ضرر السيئة، فأوجب له ذلك الخشية المانعة له من مواقعتها. الوجه السادس: وهو أن لذّات الذنوب لا نسبة لها إلى ما فيها من الآلام والمفاسد البتة فإنّ لذاتها سريعة الانقضاء وعقوباتها وآلامها أضعاف ذلك. ولهذا قيل: "إن الصبر على المعاصي أهون من الصبر على عذاب اللّه، وقيل: "ربّ شهوة ساعة أورثت حزنًا طويلاً". - ما في الذنوب من اللذات كما في الطعام الطيب المسموم من اللذة، فهي مغمورة بما فيه من المفسدة ومؤثر لذة الذنب كمؤثر لذة الطعام المسموم الذي فيه من السموم ما يمرض أو يقتل ومن هاهنا يعلم أنه لا يؤثر لذات الذنوب إلا من هو جاهل بحقيقة عواقبها. - المذنب قد لا يتمكن من التوبة، فإنّ من وقع في ذنبٍ تجرّأ عليه عمره وهان عليه خوض الذنوب وعسر عليه الخلاص منها ولهذا قيل: "من عقوبة الذنب: الذنب بعده ". - إذا قدّر للمذنب أنه تاب منه فقد لا يتمكن من التوبة النصوح الخالصة التي تمحو أثره بالكلية. - وإن قدّر أنه تمكن من ذلك، فلا يقاوم اللذة الحاصلة بالمعصية ما في التوبة النصوح المشتملة على النّدم والحزن والخوف والبكاء وتجشم الأعمال الصالحة؛ من الألم والمشقة، ولهذا قال الحسن: "ترك الذنب أيسر من طلب التوبة". - يكفي المذنب ما فاته في حال اشتغاله بالذنوب من الأعمال الصالحة الّتي كان يمكنه تحصيل الدرجات بها. - إن قدّر أنه عفي عنه من غير توبةٍ فإن كان ذلك بسبب أمرٍ مكفرٍ عنه كالمصائب الدنيوية، وفتنة القبر، وأهوال البرزخ، وأهوال الموقف، ونحو ذلك، فلا يستريب عاقلٌ أن ما في هذه الأمور من الآلام والشدائد أضعاف أضعاف ما حصل في المعصية من اللذة. - إن عفي عنه بغير سببٍ من هذه الأسباب المكفرة ونحوها، فإنه لابّد أن يلحقه عقوبات كثيرة منها: 1: ما فاته من ثواب المحسنين، فإن اللّه تعالى وإن عفا عن المذنب فلا يجعله كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، كما قال تعالى: {أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون (21). وقال: (أم نجعل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار (28)}. 2: ما يلحقه من الخجل والحياء من اللّه عز وجلّ عند عرضه عليه وتقريره بأعماله، وربما كان ذلك أصعب عليه من دخول النار ابتداءً. كما جاء في الأحاديث والآثار كما روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب "الزهد" بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "يدني اللّه عزّ وجلّ العبد يوم القيامة، فيضع عليه كنفه، فيستره من الخلائق كلها، ويدفع إليه كتابه في ذلك الستر، فيقول: اقرأ يا ابن آدم كتابك، قال: فيمرّ بالحسنة، فيبيضّ لها وجهه ويسرّ بها قلبه قال: فيقول الله عز وجل: أتعرف يا عبدي؟ فيقول: نعم، يا رب أعرف، فيقول: إني قد قبلتها منك. قال: فيخرّ للّه ساجدًا، قال: فيقول اللّه عزّ وجلّ: ارفع رأسك يا ابن آدم وعد في كتابك، قال: فيمرّ بالسيئة فيسود لها وجهه، ويوجل منها قلبه وترتعد منها فرائصه، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعمله غيره، قال: فيقول اللّه عزّ وجلّ: أتعرف يا عبدي؟ قال: فيقول: نعم، يا رب أعرف، قال: فيقول: إني قد غفرتها لك؟ قال: فلا يزال حسنةٌ تقبل فيسجد، وسيئةٌ تغفر فيسجد، فلا ترى الخلائق منه إلا السجود، قال: حتى تنادي الخلائق بعضها بعضًا: طوبى لهذا العبد الذي لم يعص اللّه قط، ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين اللّه عز وجل ". ومما قد وقفه عليه وروي معنى ذلك عن أبي موسى، وعبد اللّه بن سلامٍ وغيرهما، ويشهد لهذا حديث عبد اللّه بن عمر الثابت في "الصحيح "- حديث النجوى - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان يوم القيامة دعا اللّه بعبده فيضع عليه كنفه فيقول: ألم تعمل يوم كذا وكذا ذنب كذا وكذا؟ فيقول: بلى يا ربّ، فيقول: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وغفرت ذلك لك اليوم " وهذا كلّه في حقّ من يريد اللّه أن يعفو عنه ويغفر له فما الظنّ بغيره؟ الوجه السابع: وهو أن المقدم على مواقعة المحظور إنما أوجب إقدامه عليه ما فيه من اللذة الحاصلة له به، فظنّ أنّه يحصل له لذته العاجلة، ورجى أن يتخلص من تبعته بسببٍ من الأسباب ولو بالعفو المجرد فينال به لذةً ولا يلحقه به مضرةٌ. وهذا من أعظم الجهل، فإن الذنوب تتبعها ولابدّ من الهموم والآلام وضيق الصدر والنكد، وظلمة القلب، وقسوته أضعاف أضعاف ما فيها من اللذة، ويفوت بها من حلاوة الطاعات، وأنوار الإيمان، وسرور القلب ببهجة الحقائق والمعارف، ما لا يوازي الذرة منه جميع لذات الدنيا، فيحصل لصاحب المعصية العيشة الضنك، وتفوته الحياة الطيبة، فينعكس قصده بارتكاب المعصية، فإنّ اللّه ضمن لأهل الطاعة الحياة الطيبة، ولأهل المعصية العيشة الضنك، قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكًا}، وقال: {وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون} وقال في أهل الطاعة: {من عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينّه حياةً طيّبةً}. ● بيان أن فقد الخشية يستلزم فقد العلم فقد الخشية يسلتزم فقد العلم وذلك لأن العلم له موجب ومقتضى وهو اتباعه والاهتداء به وضدّه الجهل، فإذا انتفت فائدته ومقتضاه، صار حاله كحاله عند عدمه وهو الجهل.وقد تقدّم أن الذنوب إنّما تقع عن جهالةٍ، وظهرت دلالة القرآن على ذلك وتفسير السلف له بذلك، فيلزم حينئذٍ أن ينتفي العلم ويثبت الجهل عند انتفاء فائدة العلم ومقتضاه وهو اتباعه. ومن هذا الباب قوله تعالى:{وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}، وقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤٌ شاتمه أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائمٌ " وهذا كما يوصف من لا ينتفع بسمعه وبصره وعقله في معرفة الحقّ والانقياد له بأنه أصم أبكم أعمى قال تعالى: {صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون}. ● بيان العلم النافع الذي يوجب خشية الله تعالى. العلم النافع علمان: 1: علم باللّه بجلاله وعظمته، وهو الذي فسر الآية به جماعةٌ من السلف. 2: علم بأوامر الله ونواهيه وأحكامه وشرائعه وأسرار دينه وشرعه وخلقه وقدره. ولا تنافي بين هذا العلم والعلم باللّه؛ فإنّهما قد يجتمعان وقد ينفرد أحدهما عن الآخر، وأكمل الأحوال اجتماعهما جميعًا وهي حالة الأنبياء - عليهم السلام - وخواصّ الصديقين ومتى اجتمعا كانت الخشية حاصلةٌ من تلك الوجوه كلها، وإن انفرد أحدهما حصل من الخشية بحسب ما حصّل من ذلك العلم، والعلماء الكمّل أولو العلم في الحقيقة الذين جمعوا الأمرين. وقد روى الثوريّ عن أبي حيّان التميمي سعيد بن حيّان عن رجلٍ قال: كان يقال: العلماء ثلاثةٌ: "فعالمٌ باللّه ليس عالمًا بأمر اللّه، وعالمٌ بأمر اللّه ليس عالمًا باللّه، وعالمٌ باللّه عالمٌ بأمر اللّه ". فالعالم باللّه وبأوامر اللّه: الذي يخشى اللّه ويعلم الحدود والفرائض. والعالم باللّه ليس بعالم بأمر اللّه: الذي يخشى اللّه ولا يعلم الحدود والفرائض. والعالم بأمر اللّه ليس بعالم باللّه: الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى اللّه عزّ وجلًّ. ● فوائد • إثبات الخشية للعلماء يقتضي ثبوتها لكل واحد منهم. قوله تعالى: {إنّما يخشى الله من عباده العلماء} يقتضي ثبوت الخشية لكل واحد من العلماء ولا يراد به جنس العلماء، وتقريره من جهتين: الجهة الأولى: أن الحصر هاهنا من الطرفين، حصر الأول في الثاني وحصر الثاني في الأول، كما تقدّم بيانه، فحصر الخشية في العلماء يفيد أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالمٌ وإن لم يفد لمجرده أنّ كلّ عالم فهو يخشى اللّه وتفيد أنّ من لا يخشى فليس بعالم، وحصر العلماء في أهل الخشية يفيد أنّ كلّ عالم فهو خاشٍ، فاجتمع من مجموع الحصرين ثبوت الخشية لكلّ فردٍ من أفراد العلماء. والجهة الثانية: أن المحصور هل هو مقتضٍ للمحصور فيه أو هو شرطٌ له؟ قال الشيخ أبو العباس - رحمه اللّه -: (وفي هذه الآية وأمثالها هو مقتضٍ فهو عامٌّ فإنّ العلم بما أنذرت به الرسل يوجب الخوف). ومراده بالمقتضي – العلة المقتضية - وهي التي يتوقف تأثيرها على وجود شروط وانتفاء موانع كأسباب الوعد والوعيد ونحوهما فإنها مقتضياتٌ وهي عامةٌ، ومراده بالشرط ما يتوقف تأثير السبب عليه بعد وجود السبب وهو الذي يلزم من عدمه عدم المشروط ولا يلزم من وجوده وجود المشروط، كالإسلام بالنسبة إلى الحجّ. والمانع بخلاف الشرط، وهو ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه الوجود وهذا الفرق بين السبب والشرط وعدم المانع إنّما يتم على قول من يجوّز تخصيص العلة وأما من لا يسمّي علةً إلا ما استلزم الحكم ولزم من وجودها وجوده على كلّ حال، فهؤلاء عندهم الشرط وعدم المانع من جملة أجزاء العلة، والمقصود هنا أنّ العلم إذا كان سببًا مقتضيًا للخشية كان ثبوت الخشية عامًا لجميع أفراد العلماء لا يتخلف إلا لوجود مانع ونحوه. • أصل العلم النافع العلم باللّه. وهو العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله من قدره، وخلقه، والتفكير في عجائب آياته المسموعة المتلوة، وآياته المشاهدة المرئية من عجائب مصنوعاته، وحكم مبتدعاته ونحو ذلك مما يوجب خشيته وإجلاله، ويمنع من ارتكاب نهيه، والتفريط في أوامره. ولهذا قال طائفةٌ من السلف لعمر بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة: "أعجب الأشياء قلبٌ عرف ربه ثم عصاه ". وقال بشر بن الحارث: "لو يفكر الناس في عظمة اللّه لما عصوا اللّه ". • قابلية ما في القلب من التصديق والمعرفة للزيادة والنقصان هو الذي عليه الصحابة والسلف من أهل السنة. ويؤيد ذلك ما كان يقوله بعض الصحابة: "اجلسوا بنا نؤمن ساعة". وما جاء في الأثر المشهور عن حماد بن سلمة عن أبي جعفرٍ الخطميّ عن جدّه عمير بن حبيبٍ وكان من الصحابة، قال: "الإيمان يزيد وينقص قيل: وما زيادته ونقصانه؟ قال: إذا ذكرنا اللّه ووحّدناه وسبّحناه، فتلك زيادته وإذا غفلنا ونسينا، فذلك نقصانه ". وفي مسندي الإمام أحمد والبزار من حديث أبي هريرة أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "جدّدوا إيمانكم " قالوا: وكيف نجدد إيماننا يا رسول اللّه؟ قال: "قولوا: لا إله إلا اللّه ". فالمؤمن يحتاج دائمًا كلّ وقتٍ إلى تحديد إيمانه وتقوية يقينه، وطلب الزيادة في معارفه، والحذر من أسباب الشكّ والريب والشبهة، ومن هنا يعلم معنى قول النبيًّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " فإنه لو كان مستحضرًا في تلك الحال لاطّلاع اللّه عليه ومقته له جمع ما توعّده اللّه به من العقاب المجمل والمفصل استحضارًا تامًّا لامتنع منه بعد ذلك وقوع هذا المحظور وإنما وقع فيما وقع فيه لضعف إيمانه ونقصه. • صحة التوبة من بعض الذنوب دون بعضٍ هو الذي عليه السلف وأئمة السنة خلافًا لبعض المعتزلة. فإنّ أحد الذنبين قد يعلم قبحه فيتوب منه ويستهين بالآخر لجهله بقبحه وحقيقة مرتبته فلا يقلع عنه، ولذلك قد يقهره هواه ويغلبه في أحدهما دون الآخر فيقلع عما لم يغلبه هواه دون ما غلبه فيه هواه، ولا يقال لو كانت الخشية عنده موجودةً لأقلع عن الجميع، لأن أصل الخشية عنده موجودةٌ، ولكنها غير تامةٍ، وسبب نقصها إما نقص علمه، وإما غلبة هواه، فتبعّض توبته نشأ من كون المقتضي للتوبة من أحد الذنبين أقوى من المقتضي للتوبة من الآخر، أو كون المانع من التوبة من أحدهما أشدّ من المانع من الآخر. • هل يمكن للتائب أن يعود إلى ما كان عليه قبل المعصية؟ اختلف الناس في ذلك على قولين، والقول بأنه لا يمكن عوده إلى ما كان عليه قول أبي سليمان الدّرانيّ وغيره. • هل يجزم بقبول التوبة إذا استكملت شروطها؟ اختلف الناس في ذلك على قولين:فالقاضي أبو بكر وغيره من المتكلمين على أنّه لا يجزم بذلك. وأكثر أهل السنة والمعتزلة وغيرهم على أنه يقطع بقبولها. • هل يمحى الذنب من صحيفة العبد إذا تاب؟ ورد في "مراسيل الحسن " عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أراد اللّه أن يستر على عبده يوم القيامة أراه ذنوبه فيما بينه وبينه ثمّ غفرها له ". ولهذا كان أشهر القولين أنّ هذا الحكم عامٌّ في حقّ التائب وغيره، وقد ذكره أبو سليمان الدمشقيّ عن أكثر العلماء، واحتجّوا بعموم هذه الأحاديث مع قوله تعالى: {ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرة إلاّ أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرًا}. وقد نقل ذلك صريحًا عن غير واحدٍ من السلف كالحسن البصريّ وبلال بن سعد - حكيم أهل الشام - كما روى ابن أبي الدنيا، وابن المنادي وغيرهما عن الحسن: "أنه سئل عن الرجل يذنب ثم يتوب هل يمحى من صحيفته؟ قال: لا، دون أن يوقفه عليه ثم يسأله عنه " ثم في رواية ابن المنادي وغيره: "ثم بكى الحسن، وقال: لو لم تبك الأحياء من ذلك المقام لكان يحقّ لنا أن نبكي فنطيل البكاء". وذكر ابن أبي الدنيا عن بعض السلف أنه قال: "ما يمرّ عليّ أشد من الحياء من اللّه عزّ وجلّ ". وفي الأثر المعروف الذي رواه أبو نعيمٍ وغيره عن علقمة بن مرثدٍ: "أنّ الأسود بن يزيد لما احتضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟ قال: ما لي لا أجزع، ومن أحقّ بذلك مني؟واللّه لو أتيت بالمغفرة من اللّه عزّ وجلّ، لهمّني الحياء منه مما قد صنعته، إنّ الرجل ليكون بينه وبين الرجل الذنب الصغير فيعفو عنه فلا يزال مستحيًا منه ". ومن هذا قول الفضيل بن عياضٍ بالموقف: "واسوءتاه منك وإن عفوت ". • أمر الله للعباد إنما يكون بما فيه صلاحهم ونهيه إنما يكون عما فيه فسادهم. إن اللّه لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليه، ولا نهاهم عمّا نهاهم عنه بخلاً به، بل أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عمّا فيه فسادهم، وهذا هو الذي عليه المحققون من الفقهاء من الحنابلة وغيرهم، كالقاضي أبي يعلى وغيره. وإن كان بينهم في جواز وقوع خلاف ذلك عقلاً نزاعٌ مبنيّ على أن العقل هل له مدخل في التحسين والتقبيح أم لا؟ وكثير منهم كأبي الحسن التميمي وأبي الخطاب على أنّ ذلك لا يجوز عقلاً أيضًا وأما من قال بوقوع مثل ذلك شرعًا فقوله شاذٌ مردودٌ. والصواب: أنّ ما أمر اللّه به عباده فهو عين صلاحهم وفلاحهم في دنياهم وآخرتهم، فإنّ نفس الإيمان باللّه ومعرفته وتوحيده وعبادته ومحبته وإجلاله وخشيته وذكره وشكره؛ هو غذاء القلوب وقوتها وصلاحها وقوامها، فلا صلاح للنفوس، ولا قرة للعيون ولا طمأنينة، ولا نعيم للأرواح ولا لذة لها في الدنيا على الحقيقة، إلا بذلك، فحاجتها إلى ذلك أعظم من حاجة الأبدان إلى الطعام والشراب والنّفس، بكثيرٍ، فإنّ حقيقة العبد وخاصيته هي قلبه وروحه ولا صلاح له إلا بتألهه لإلهه الحقّ الذي لا إله إلا هو، ومتى فقد ذلك هلك وفسد، ولم يصلحه بعد ذلك شيء البتة، وكذلك ما حرّمه اللّه على عباده وهو عين فسادهم وضررهم في دينهم ودنياهم، ولهذا حرّم عليهم ما يصدّهم عن ذكره وعبادته كما حرم الخمر والميسر، وبين أنه يصدّ عن ذكره وعن الصلاة مع مفاسد أخر ذكرها فيهما، وكذلك سائر ما حرّمه اللّه فإنّ فيه مضرةً لعباده في دينهم ودنياهم وآخرتهم، كما ذكر ذلك السلف، وإذا تبيّن هذا وعلم أنّ صلاح العباد ومنافعهم ولذاتهم في امتثال ما أمرهم الله به، واجتناب ما نهاهم اللّه عنه تبيّن أن من طلب حصول اللذة والراحة من فعل المحظور أو ترك المأمور، فهو في غاية الجهل والحمق، وتبيّن أنّ كلّ من عصى اللّه هو جاهل، كما قاله السلف ودلّ عليه القرآن كما تقدم، ولهذا قال: {كتب عليكم القتال وهو كرهٌ لكم وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبّوا شيئًا وهو شرٌّ لكم واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون (216)}. وقال: {ولو أنّهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرًا لهم وأشدّ تثبيتًا (66) وإذًا لآتيناهم من لدنّا أجرًا عظيمًا (67) ولهديناهم صراطًا مستقيمًا (68)}. • فائدة في قوله تعالى: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (102)}. اختلف المفسرون في الجمع بين إثبات العلم ونفيه هاهنا. 1: قالت طائفة: الذين علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق، هم الشياطين الذين يعلّمون الناس السحر، والذين قيل فيهم: {لو كانوا يعلمون} هم الناس الذين يتعلمون. قال ابن جرير: وهذا القول خطأٌ مخالفٌ لإجماع أهل التأويل على أنّ قوله: (ولقد علموا) عائدٌ على اليهود الذين اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان. 2: ذكر ابن جرير أنّ الذين علموا أنه لا خلاق لمن اشتراه هم اليهود، والذين قيل فيهم: لو كانوا يعلمون، هم الذين يتعلمون من الملكين، وكثيرًا ما يكون فيهم الجهال بأمر اللّه ووعده ووعيده. وهذا أيضًا ضعيفٌ فإنّ الضمير فيهما عائدٌ إلى واحدٍ، وأيضًا فإن الملكين يقولان لمن يعلمانه: إنما نحن فتنة فلا تكفر، فقد أعلماه تحريمه وسوء عاقبته. 3: قالت طائفة: إنما نفى عنهم العلم بعدما أثبته لانتفاء ثمرته وفائدته، وهو العمل بموجبه ومقضتاه، فلمّا انتفى عنهم العمل بعلمهم جعلهم جهّالاً لا يعلمون، كما يقال: لا علم إلا ما نفع، وهذا حكاه ابن جريرٍ وغيره، وحكى الماوردي قولاً بمعناه، لكنه جعل العمل مضمرا، وتقديره لو كانوا يعملون بما يعلمون. 4: قيل: إنهم علموا أنّ من اشتراه فلا خلاق له، أي لا نصيب له في الآخرة من الثواب، لكنهم لم يعلموا أنه يستحق عليه العقاب مع حرمانه الثواب، وهذا حكاه الماورديّ وغيره. وهو ضعيف أيضًا، فإنّ الضمير إن عاد إلى اليهود، فاليهود لا يخفى عليهم تحريم السحر واستحقاق صاحبه العقوبة، وإن عاد إلى الذين يتعلمون من الملكين فالملكان يقولان لهم: {إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر} والكفر لا يخفى على أحدٍ أن صاحبه يستحقّ العقوبة، وإن عاد إليهما، وهو الظاهر، فواضح، وأيضًا فإذا علموا أنّ من اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ فقد علموا أنه يستحقّ العقوبة، لأنّ الخلاق: النصيب من الخير، فإذا علم أنه ليس له نصيب في الخير بالكلية فقد علم أن له نصيبًا من الشرّ، لأنّ أهل التكليف في الآخرة لا يخلو واحد منهم عن أن يحصل له خير أو شرّ لا يمكن انتكاله عنهما جميعًا ألبتة. 5: قالت طائفة: علموا أنّ من اشتراه فلا خلاق له في الآخرة، لكنهم ظنّوا أنهم ينتفعون به في الدنيا، ولهذا اختاروه وتعوّضوا به عن بوار الآخرة وشروا به أنفسهم، وجهلوا أنه في الدنيا يضرّهم أيضًا ولا ينفعهم، فبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ذلك، وأنّهم إنما باعوا أنفسهم وحظّهم من الآخرة بما يضرّهم في الدنيا أيضًا ولا ينفعهم. وهذا القول حكاه الماورديّ وغيره، وهو الصحيح، فإنّ اللّه تعالى قال: {ويتعلّمون ما يضرّهم ولا ينفعهم} أي هو في نفس الأمر يضرّهم ولا ينفعهم بحالٍ في الدنيا وفي الآخرة. ولكنّهم لم يعلموا ذلك لأنهم لم يقدموا عليه إلا لظنّهم أنه ينفعهم في الدنيا. ثم قال: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ} أي قد تيقّنوا أنّ صاحب السحر لا حظّ له في الآخرة، وإنما يختاره لما يرجو من نفعه في الدنيا، وقد يسمّون ذلك العقل المعيشي أي العقل الذي يعيش به الإنسان في الدنيا عيشةً طيبةً، قال اللّه تعالى: {ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون} أي: إن هذا الذي يعوضوا به عن ثواب الآخرة في الدنيا أمرٌ مذمومٌ مضر لا ينفع لو كانوا يعلمون ذلك ثم قال: {ولو أنّهم آمنوا واتّقوا لمثوبةٌ من عند اللّه خير لّو كانوا يعلمون} يعني: أنهم لو اختاروا الإيمان والتقوى بدل السّحر لكان اللّه يثيبهم على ذلك ما هو خير لهم مما طلبوه في الدنيا لو كانوا يعلمون، فيحصل لهم في الدنيا من ثواب الإيمان والتقوى من الخير الذي هو جلب المنفعة ودفع المضرّة ما هو أعظم مما يحصّلونه بالسّحر من خير الدنيا مع ما يدّخر لهم من الثواب في الآخرة. والمقصود هنا: أن كل من آثر معصية اللّه على طاعته ظانًّا أنه ينتفع بإيثار المعصية في الدنيا، فهو من جنس من آثر السحر - الذي ظنّ أنه ينفعه في الدنيا - على التقوى والإيمان، ولو اتّقى وآمن لكان خيرًا له وأرجى لحصول مقاصده ومطالبه ودفع مضارّه ومكروهاته. ويشهد كذلك أيضًا ما في "مسند البزار" عن حذيفة قال: "قام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فدعا الناس فقال: "هلمّوا إليّ، فأقبلوا إليه فجلسوا"، فقال: "هذا رسول ربّ العالمين جبريل - عليه السلام. - نفث في روعي: أنّه لا تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها وإن أبطأ عليها، فاتقوا اللّه وأجملوا في الطلب ولا يحملنّكم استبطاء الرّزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإنّ الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته ". • خلاصة القول في نوع "ما" الداخلة على "إنّ" القول الأول: أنّها كافةٌ، وأن "ما" هي الزائدة التي تدخل على إنّ، وأنّ، وليت، ولعلّ، وكأن، فتكفها عن العمل، وهذا قول جمهور النحاة. القول الثاني: أنّ "ما" مع هذه الحروف اسمٌ مبهمٌ بمنزلة ضمير الشأن في التفخيم والإبهام وفي أنّ الجملة بعده مفسرةٌ له ومخبرٌ بها عنه، وهو قول بعض الكوفيين، وابن درستويه. القول الثالث: أن "ما" هنا نافيةٌ واستدلّوا بذلك على إفادتها الحصر، وأنّ "إن" أفادت الإثبات في المذكور، و"ما" النفي فيما عداه وهو قول بعض الأصوليين وأهل البيان. وهذا باطلٌ باتفاق أهل المعرفة باللسان فإنّ "إن" إنما تفيد توكيد الكلام إثباتًا كان أو نفيًا لا تفيد الإثبات. و"ما" زائدةٌ كافة لا نافيةٌ وهي الداخلة على سائر أخوات إنّ: لكنّ وكأن وليت ولعلّ، وليست في دخولها على هذه الحروف نافيةً بالاتفاق فكذلك الداخلة على إنّ وأنّ. - نسب القول بأنها نافيةٌ إلى أبي علي الفارسي لقوله في كتاب "الشيرازيات ": إنّ العرب عاملوا "إنما" معاملة النفيّ و"إلا" في فصل الضمير لقوله: "وإنّما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي ". وهذا لا يدل على أنّ "ما" نافيةٌ على ما لا يخفى وإنما مراده أنّهم أجروا "إنما" مجرى النفي و"إلاّ" في هذا الحكم لما فيها معنى النفي ولم يصرّح بأنّ النفي مستفادٌ من "ما" وحدها. القول الرابع: أنه لا يمتنع أن يكون "ما" في هذه الآية بمعنى الذي والعلماء خبرٌ والعائد مستترٌ في يخشى. وأطلقت "ما" على جماعة العقلاء كما في قوله تعالى: {أو ما ملكت أيمانكم} ، و {فانكحوا ما طاب لكم مّن النّساء}. • خلاصة القول في إفادة "إنّما" للحصر. اختلف النحاة في ذلك على أقوال: القول الأول: إذا دخلت "ما" الكافة على "إنّ " أفادت الحصر هذا هو الصحيح، وهو قول الجمهور. القول الثاني: من خالف في إفادتها الحصر. حجتهم في ذلك: 1- قالوا إنّ "إنّما" مركبةٌ من "إنّ " المؤكدة و"ما" الزائدة الكافة فيستفاد التوكيد من "إنّ " والزائد لا معنى له، وقد تفيد تقوية التوكيد كما في الباء الزائدة ونحوها، لكنها لا تحدث معنى زائدا. 2- وقالوا إن ورودها لغير الحصر كثيرٌ جدًّا كقوله تعالى: {إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربّهم يتوكّلون (2)}. وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الرّبا في النسيئة". وقوله: "إنّما الشهر تسعٌ وعشرون " وغير ذلك من النصوص ويقال: "إنّما العالم زيد" ومثل هذا لو أريد به الحصر لكان هذا. وقد يقال: إن أغلب مواردها لا تكون فيها للحصر فإنّ قوله تعالى: {إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ}، لا تفيد الحصر مطلقًا فإنّه سبحانه وتعالى له أسماءٌ وصفاتٌ كثيرةٌ غير توحّده بالإلهية، وكذلك قوله: {قل إنّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ أنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ}. فإنّه لم ينحصر الوحي إليه في هذا وحده. مناقشة أقوالهم: - الصواب أن "إنما" تدلّ على الحصر في هذه الأمثلة، ودلالتها عليه معلومٌ بالاضطرار من لغة العرب، كما يعلم من لغتهم بالاضطرار معاني حروف الشرط والاستفهام والنفي والنّهي وغير ذلك، ولهذا يتوارد "إنّما" وحروف الشرط والاستفهام والنّفي الاستثناء كما في قوله تعالى: {إنّما تجزون ما كنتم تعملون} فإنه كقوله: {وما تجزون إلا ما كنتم تعملون}، وقوله: {إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ}، وقوله: {إنّما إلهكم اللّه الّذي لا إله إلاّ هو}فإنه كقوله: {وما من إلهٍ إلاّ اللّه}وقوله: {ما لكم من إلهٍ غيره}، ونحو ذلك، ولهذا كانت كلّها واردةً في سياق نفي الشرك وإبطال إلهية سوى اللّه سبحانه. - وأما قولهم إنّ "ما" الكافة أكثر ما تفيده قوة التوكيد لا تثبت معنى زائدًا، يجاب عنه من وجوه: أحدها: أنّ "ما" الكافة قد تثبت بدخولها على الحروف معنىً زائدًا. وقد ذكر ابن مالك أنها إذا دخلت على الباء أحدثت معنى التقليل، كقول الشاعر: فالآن صرت لا تحيد جوابًا ....... بما قد يرى وأنت حطيب قال: وكذلك تحدث في "الكاف " معنى التعليل، في نحو قوله تعالى: (واذكروه كما هداكم) ، ولكن قد نوزع في ذلك وادّعى أنّ "الباء" و"الكاف " للسببية، وأنّ "الكاف " بمجردها تفيد التعليل. والثاني: أن يقال: لا ريب أنّ "إنّ " تفيد توكيد الكلام، و"ما" الزائدة تقوّي هذا التوكيد وتثبت معنى الكلام فتفيد ثبوت ذلك المعنى المذكور في اللفظ خاصةً ثبوتًا لا يشاركه فيه غيره واختصاصه به، وهذا من نوع التوكيد والثبوت ليس معنىً آخر مغايرًا له وهو الحصر المدّعى ثبوته بدخول "ما" يخرج عن إفادة قوّة معنى التوكيد وليس ذلك بمنكرٍ إذ المستنكر ثبوت معنى آخر بدخول الحرف الزائد من غير جنس ما يفيده الحرف الأوّل. الوجه الثالث: أنّ "إن" المكفوفة "بما" استعملت في الحصر فصارت حقيقةً عرفيّةً فيه، واللفظ يصير له بالاستعمال معنى غير ما كان يقتضيه أصل الوضع، وهكذا يقال في الاستثناء فإنه وإن كان في الأصل للإخراج من الحكم لكن صار حقيقة عرفيةً في مناقضة المستثنى فيه، وهذا شبية بنقل اللفظ عن المعنى الخاص إلى العام إذا صار حقيقة عرفيةً فيه لقولهم "لا أشرب له شربة ماءٍ" ونحو ذلك، ولنقل الأمثال السائرة ونحوها، وهذا الجواب ذكره أبو العباس ابن تيمية في بعض كلامه القديم وهو يقتضي أنّ دلالة "إنّما" على الحصر إنّما هو بطريق العرف والاستعمال لا بأصل وضع اللغة، وهو قولٌ حكاه غيره في المسألة. القول الثالث: من جعل "ما" موصولةً. فتفيد الحصر من جهةٍ أخرى وهو أنّها إذا كانت موصولةً فتقدير الكلام "إن الذين يخشون الله هم العلماء" وهذا أيضًا يفيد الحصر" فإنّ الموصول يقتضي العموم لتعريفه، وإذا كان عامًّا لزم أن يكون خبره عامًّا أيضًا لئلا يكون الخبر أخصّ من المبتدأ، وهذا النوع من الحصر يسمّى ئحصر المبتدأ في الخبر، ومتى كان المبتدأ عامًّا فلا ريب إفادته الحصر. التقييم: - الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) 27/30 - الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) 20/20 - التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) 15/20 - الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) 13/15 - العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) 15/15 النسبة: 90/100 وفقك الله |
مجلس مذاكرة تفسير سورتي: الطلاق والتحريم. أجب على الأسئلة التالية: السؤال الأول: اذكر المعنى اللغوي للمفردات التالية:- أ: وُجْدِكم.سعتكم ب: قانتات.دوام الطاعه لله ورسوله ج: سائحات. صائمات وهو الراجح وقيل مهاجرات السؤال الثاني: استخلص المسائل ولخّص أقوال المفسّرين في تفسير قوله تعالى:- أ: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء فطلّقوهنّ لعدّتهنّ وأحصوا العدّة واتّقوا اللّه ربّكم لا تخرجوهنّ من بيوتهنّ ولا يخرجن إلّا أن يأتين بفاحشةٍ مبيّنةٍ وتلك حدود اللّه ومن يتعدّ حدود اللّه فقد ظلم نفسه لا تدري لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمرًا (1) } الطلاق. المسائل التفسيريه - سبب نزول الآيه ك - المخاطب فى الآيه س -الغرض من النداء ( يا أيّها النّبيّ ) ك ش - ما أفادته إذا فى قوله تعالى (إذا طلّقتم النّساء) س ش -المخاطب فى (طلقتم ) ك - ما أفادته الفاء فى( فطلقوهن لعدتهن) س - المقصود بالعده ك س ش - ما افادته الام فى قوله تعالى ( لعدتهن ) ش - معنى أحصاء العده ك س - كيف يتم أحصاء العده س - مرجع الضمير فى ( واحصوا ) أو من المأمور بأحصاء العده س - الحكمه من أحصاء العده ك س - متعلق التقوى فى قوله تعالى(واتّقوا اللّه ربّكم) ك س - الحكمه من الأمر بعدم خروج الزوجه أو أخراجها ك س - المراد بفاحشه مبينه ك س ش - متى يجوز خروج الزوجه أو أخراجها ش - عله أخراجها أذا اتت بفاحشه مبينه س - معنى حدود الله ك س ش -المقصود بالتعدى فى (ومن يتعدّ حدود اللّه) ك س - المقصود بظلم النفس س - متعلق الظلم ك - مناسبه (لا تدري لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمرًا) لما قبلها - المراد بأمراً مسائل فقهيه - دلاله الآيه{فطلّقوهنّ لعدّتهنّ} على أنواع الطلاق -دلاله الأيه (لا تدري لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمرًا) على عدم وجوب السكنه للمبتوته تلخيص أقوال المفسرين فى المسائل التفسيريه - سبب نزول الآيه ك عن أنسٍ قال: طلّق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حفصة، فأتت أهلها، فأنزل اللّه، عزّ وجلّ: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء فطلّقوهنّ لعدّتهنّ} فقيل له: راجعها فإنّها صوّامةٌ قوّامةٌ، وهي من أزواجك ونسائك في الجنّة. ذكره بن كثير - المخاطب فى الآيه ك س ش النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ذكره بن كثير والسعدى والأشقر -الغرض من النداء ( يا أيّها النّبيّ ) ك ش نادَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أوَّلاً تَشريفاً له ذكره الأشقر وبه قال السعدى - ما أفادته إذا فى قوله تعالى (إذا طلّقتم النّساء) س ش أفاده الأراده إِذَا أَرَدْتُمْ تَطلِيقَهُنَّ وعَزَمْتُم عليه ذكره الأشقر وبه قال السعدى -المخاطب فى (طلقتم ) ك س ش أمه الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمنينذكره بن كثير والسعدى والأشقر - ما أفادته الفاء فى( فطلقوهن لعدتهن) س مُستَقْبِلاتٍ لعِدَّتِهِنَّ، أو في قُبُلِ عِدَّتِهِنَّذكره الأشقر - المقصود بالعده ك س ش العدّة: الطّهر ذكره بن كثير عن عكرمه وبه قال السعدى والآشقر قال: الطّهر من غير جماعٍ وروي عن ابن عمر وعطاءٍ، ومجاهدٍ، والحسن، وابن سيرين، وقتادة، وميمون بن مهران، ومقاتل بن حيّان مثل ذلك، وهو روايةٌ عن عكرمة، والضّحّاك. و استدل بن كثير - بحديث مسلمٌ في صحيحه، من طريق ابن جريج: أخبرني أبو الزّبير: أنّه سمع عبد الرّحمن بن أيمن -مولى عزة يسأل ابن عمر-وأبو الزّبير يسمع ذلك: كيف ترى في رجلٍ طلّق امرأته حائضًا؟ فقال: طلّق ابن عمر امرأته حائضًا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فسأل عمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إنّ عبد اللّه بن عمر طلّق امرأته وهي حائضٌ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ليراجعها" فردّها، وقال: "إذا طهرت فليطلّق أو يمسك". قال ابن عمر: وقرأ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء فطلّقوهنّ لعدّتهنّ}. - و بقول عكرمه العدّة: الطّهر، والقرء الحيضة، أن يطلّقها حبلى مستبينًا حملها، ولا يطلّقها وقد طاف عليها، ولا يدري حبلى هي أم لا. - ما افادته اللام فى قوله تعالى ( لعدتهن ) س ش أيْ: لأجْلِ عِدَّتِهِنَّ،مُستَقْبِلاتٍ لعِدَّتِهِنَّ، بأنْ يُطَلِّقَها زَوْجُها وهي طاهرٌ في طُهْرٍ لم يُجامِعْها فيه حاصل كلام السعدى والأشقر - معنى أحصاء العده ك س ش أي: احفظوها واعرفوا ابتداءها وانتهاءهاواحفَظُوا الوقتَ الذي وقَعَ فيه الطلاقُ حتىتَتِمَّ العِدَّةُ حاصل كلام بن كثير و الآشقر وبمثله قال السعدى - كيف يتم أحصاء العده س بالحِيَضِ إنْ كانَتْ تَحِيضُ، أو بالأَشْهُرِ إنْ لم تَكُنْ تَحِيضُ وليسَتْ حامِلاً ذكره السعدى - مرجع الضمير فى ( واحصوا ) أو من المأمور بأحصاء العدهس فيها قولان الأول الأمرُ بإحصاءِ العِدَّةَ يَتَوَجَّهُ للزوْجِ وللمرأةِ إنْ كانَتْ مُكلَّفَةً، وإلاَّ فلِوَلِيِّها. ذكره السعدى الثانى مرجع الضمير لأزواج وهم المخاطبون بالأيه ذكره الآشقر والقول الأول يشمل القولين فالمرأه المكلفه تدخل فى الأحصاء دخولاً أولياً - الحكمه من أحصاء العده ك س - أداءً لِحَقِّ اللَّهِ - لئلّا تطول العدّة على المرأة فتمتنع من الأزواج -إذا ضَبَطَتْ عِدَّتَها، عَلِمَتْ حالَها على بصيرةٍ، وعُلِمَ ما يَترتَّبُ عليها مِن الحُقوقِ وما لها منها ومن الحقوق الزوجِ المُطلِّقِ، وحَقِّ مَن سيَتزَوَّجُها بعدُ، وحَقِّها في النَّفَقَةِ ونَحْوِها. - من الْحِكَمِ أنَّها مُدَّةُ التربُّصِ, يُعْلَمُ بَراءَةُ رَحِمِها مِن زَوْجِها حاصل كلام بن كثير والسعدى - متعلق التقوى فى قوله تعالى(واتّقوا اللّه ربّكم) ك س ش في جميعِ أُمُورِكم، وخافُوهُ في حقِّ الزَّوْجاتِ الْمُطَلَّقَاتِ فلا تَعْصُوهُ فيما أمَرَكم ولا تُضَارُّوهُنَّحاصل كلام السعدى والأشقر وبمثله قال بن كثير - الحكمه من الأمر بعدم خروج الزوجه أو أخراجها ك س. فلأنَّ الْمَسْكَنَ يَجِبُ على الزوْجِ للزوجةِ لِتَسْتَكْمِلَ فيه عِدَّتَها التي هي حقٌّ مِن حُقوقِه، وأمَّا النهْيُ عن خروجِها؛ فلِمَا في خُرُوجِها مِن إضاعةِ حَقِّ الزوْجِ وعَدَمِ صَوْنِه. ويَستمِرُّ هذا النهْيُ عن الخروجِ مِن البيوتِ والإخراجِ إلى تَمامِ العِدَّةِ ذكره السعدى وبمثله قال بن كثير - المراد بفاحشه مبينه ك س ش والفاحشة المبيّنة تشمل الزّنا ذكره بن كثير عن ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وسعيد بن المسيّب، والشّعبيّ، والحسن، وابن سيرين، ومجاهدٌ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، وأبو قلابة، وأبو صالحٍ، والضّحّاك، وزيد بن أسلم، وعطاءٌ الخراساني، والسّدّي، وسعيد بن أبي هلال وتشمل ماذا نشزت المرأة أو بذت على أهل الرّجل وآذتهم في الكلام والفعال ذكره بن كثير عن أبيّ بن كعبٍ، وابن عبّاسٍ، وعكرمة، وغيرهم. وبذلك قال السعدى والآشقر - متى يجوز خروج الزوجه ش يَخْرُجْنَ لأمْرٍ ضَروريٍّ لا غِنَى عنه.ذكره الأشقر - عله أخراجها أذا اتت بفاحشه مبينه س لأنَّها هي التي تَسبَّبَتْ لإخراجِ نفْسِها، والإسكانُ فيه جَبْرٌ لِخَاطِرِها ورِفْقٌ بها، فهي التي أَدخَلَتِ الضَّرَرَ عليها. ذكره السعدى -الحكمه من أضافه البيوت للزوجات فى (بيوتهن ) وأضافَ البيوتَ إليهنَّ لبيانِ كمالِ استحقاقِهِنَّ للسُّكْنَى في مُدَّةِ العِدَّةِ، ونَهَى الزوجاتِ عن الخروجِ أيضاً ذكره الأشقر - معنى حدود الله ك س ش شرائعه ومحارمه والمعنى: أنَّ هذه الأحكامَ التي بَيَّنَها لعِبادِه هي حُدودُه التي حَدَّها لهم، لا يَحِلُّ لهم أنْ يَتجاوَزُوها إلى غيرِها. حاصل ما ذكره بن كثير والسعدى والأشقر -المقصود بالتعدى فى (ومن يتعدّ حدود اللّه) ك س بأنْ لم يَقِفْ معَها، بل تَجَاوَزَها أو قَصَّرَ عنها ذكره بن كثير والسعدى - المقصود بظلم النفس س أيْ: بَخَسَها حَقَّها، وأضاعَ نَصيبَه مِن اتِّباعِ حُدودِ اللَّهِ التي هي الصلاحُ في الدنيا والآخِرةِ.ذكره السعدى - متعلق الظلم كش فقد ظلم نفسه بفعل ذلك وأيرادها مورد الهلاكذكره بن كثير والأشقر - مناسبه (لا تدري لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمرًا) لما قبلها لما ذكر الله سبحانه فى الأيه وجوب لزوم المرأه المطلقه بيت زوجها ونهى عن أخراجها بين سبحانه ان بقاء المطلّقة في منزل الزّوج في مدّة العدّة، لعلّ الله يحدث بعد ذلك أمراً بأن الزّوج يندم على طلاقها ويخلق اللّه في قلبه رجعتها، فيكون ذلك أيسر وأسهل. - المراد بأمراً هي الرّجعة. ذكره بن كثير عن الشعبي، وعطاء، وقتادة، والضحاك، ومقاتل ابن حيان، والثوري وبه قال السعدى والأشقر سواء كانت الرجعه بسبب أن تعود الموده والرحمه لقلب الزوج فيراجعها أو يزول السبب الذى طلقها للأجله فيراجعها مسائل فقهيه - دلاله الآيه{فطلّقوهنّ لعدّتهنّ} على أنواع الطلاق قال بن كثير ومن ها هنا أخذ الفقهاء أحكام الطّلاق وقسّموه إلى طلاق سنّةٍ وطلاق بدعةٍ، فطلاق السّنّة: أن يطلّقها طاهرًا من غير جماعٍ، أو حاملًا قد استبان حملها. والبدعيّ: هو أن يطلّقها في حال الحيض، أو في طهرٍ قد جامعها فيه، ولا يدري أحملت أم لا؟ وطلاقٌ ثالثٌ لا سنّة فيه ولا بدعة، وهو طلاق الصّغيرة والآيسة، وغير المدخول بها. -دلاله الأيه (لا تدري لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمرًا) على عدم وجوب السكنه للمبتوته قال بن كثير هي الرّجعة. وكذا قال الشعبي، وعطاء، وقتادة، والضحاك، ومقاتل ابن حيان، والثوري. ومن هاهنا ذهب من ذهب من السّلف ومن تابعهم، كالإمام أحمد بن حنبلٍ، رحمه اللّه تعالى إلى أنّه لا تجب السّكنى للمبتوتة، وكذا المتوفّى عنها زوجها، واعتمدوا أيضًا على حديث فاطمة بنت قيسٍ الفهريّة، حين طلّقها زوجها أبو عمرو بن حفصٍ آخر ثلاث تطليقاتٍ، وكان غائبًا عنها باليمن، فأرسل إليها بذلك، فأرسل إليها وكيله بشعيرٍ -[يعني] نفقةً-فتسخّطته فقال: واللّه ليس لك علينا نفقةٌ. فأتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: "ليس لك عليه نفقةٌ". ولمسلمٍ: ولا سكنى، وأمرها أن تعتدّ في بيت أمّ شريكٍ، ثمّ قال: "تلك امرأةٌ يغشاها أصحابي، اعتدّي عند ابن أمّ مكتومٍ، فإنّه رجلٌ أعمى تضعين ثيابك" الحديث السؤال الثالث: اذكر الأقوال الواردة مع الترجيح في: 1: عدة الحامل المتوفى عنها زوجها. القول الأول وهو قول الجمهورمن كانت حاملًا فعدّتها بوضعه، ولو كان بعد الطّلاق أو الموت بفواق ناقةٍ في قول جمهور العلماء من السّلف والخلفوذكره بن كثير والسعدى والأشقر الدليل 1- نصّ هذه الآية الكريمة 2- عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة: أنّ أباه كتب إلى عمر بن عبد اللّه بن الأرقم الزّهريّ يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلميّة فيسألها عن حديثها وعمّا قال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين استفتته. فكتب عمر بن عبد اللّه يخبره أنّ سبيعة أخبرته أنّها كانت تحت سعد بن خولة -وكان ممّن شهد بدرًا-فتوفّي عنها في حجّة الوداع وهي حاملٌ، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلمّا تعلّت من نفاسها تجمّلت للخطّاب، فدخل عليها أبو السّنابل بن بعكك فقال لها: مالي أراك متجمّلةً؟ لعلّك ترجين النّكاح، إنّك واللّه ما أنت بناكحٍ حتّى تمر عليك أربعة أشهرٍ وعشرٌ. قالت سبيعة: فلمّا قال لي ذلك جمعت عليّ ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فسألته عن ذلك، فأفتاني بأنّي قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتّزويج إن بدا لي. هذا لفظ مسلمٍ. ورواه البخاريّ مختصرًا 3-أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ قال: من شاء لاعنته، ما نزلت: {وأولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ} إلّا بعد آية المتوفّى عنها زوجها. قال: وإذا وضعت المتوفّى عنها زوجها فقد حلّت. يريد بآية المتوفّى عنها زوجها {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجًا يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهرٍ وعشرًا} [البقرة: 234] 4- وفى الباب أحاديث ضعيفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل قال عبد اللّه ابن الإمام أحمد: حدّثني محمّد بن أبي بكرٍ المقدّميّ، أخبرنا عبد الوهّاب الثّقفيّ، حدّثنا المثنّى، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن أبيّ بن كعبٍ قال: قلت للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وأولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ} المطلقة ثلاثا أو المتوفى عنها ؟ فقال: "هي المطلّقة ثلاثًا والمتوفّى عنها" هذا حديثٌ غريبٌ جدًّا، بل منكرٌ؛ لأنّ في إسناده المثنّى بن الصّبّاح، وهو متروك الحديث القول الثانى وهو قول قد روي عن عليٍّ، وابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهمأنّهما ذهبا في المتوفّى عنها زوجها أنّها تعتدّ بأبعد الأجلين من الوضع أو الأشهر وذكره بن كثير الدليل 1-عملًا بهذه الآية الكريمة، والّتي في سورة "البقرة". 2- عن يحيى قال: أخبرني أبو سلمة قال: جاء رجلٌ إلى ابن عبّاسٍ -وأبو هريرة جالسٌ-فقال: أفتني في امرأةٍ ولدت بعد زوجها بأربعين ليلةً. فقال: ابن عبّاسٍ آخر الأجلين. والقول الراجح قول الجمهور 1- لما ثبت أن نزول أيه سوره الطلاق كان بعد أيه البقره ومن أدله ذلك حديث أبى بن كعب عن أبيّ بن كعبٍ قال: قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إن ناسًا من أهل المدينة لمّا أنزلت هذه الآية الّتي في "البقرة" في عدّة النّساء قالوا: لقد بقي من عدّة النّساء عددٌ لم يذكرن في القرآن: الصّغار والكبار اللّائي قد انقطع عنهنّ الحيض، وذوات الحمل. قال: فأنزلت الّتي في النّساء القصرى: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدّتهنّ ثلاثة أشهرٍ واللائي لم يحضن} وحديث بن مسعود السابق ذكره 2- ولثبوت حديث سبيعهالسابق ذكره 2: المقصود بمن يُنفق عليهن في قوله تعالى: {وإن كنّ أولات حملٍ فأنفقوا عليهنّ حتّى يضعن حملهنّ}. فيها قولان القول الأول أنها فى البائن وهو قول كثيرٌ من العلماء منهم ابن عبّاسٍ، وطائفةٌ من السّلف، وجماعاتٌ من الخلف ذكره بن كثير بدليل أنّ الرّجعيّة تجب نفقتها، سواءٌ كانت حاملًا أو حائلًا. القول الثانى انها الرجعيه ذكره بن كثير والدليل أن السّياق كلّه في الرّجعيّات، وإنّما نصّ على الإنفاق على الحامل وإن كانت رجعيّةً؛ لأنّ الحمل تطول مدّته غالبًا، فاحتيج إلى النّصّ على وجوب الإنفاق إلى الوضع؛ لئلّا يتوهّم أنّه إنّما تجب النّفقة بمقدار مدّة العدّة. الراجح وُجوبِ النَّفَقَةِ والسُّكْنَى للحامِلِ الْمُطَلَّقَةِ وذلك لأجْلِ الحَمْلِ الذي في بَطْنِها إنْ كانَتْ بائِناً، ولها ولِحَمْلِها إنْ كانَتْ رَجعِيَّةً، ومُنْتَهَى النفقَةِ إلى وضْعِ الحمْلِ.وهو حاصل كلام السعدى والآشقر 3: سبب نزول سورة التحريم. فيها ثلاث أقوال الأول أنها نزلت فى تحريم رسول الله لماريه أم ابراهيم القبطيه ذكره بن كثير والسعدى والأشقر الدليل عن ابن عبّاسٍ قال: قلت لعمر بن الخطّاب من المرأتان؟ قال: عائشة وحفصة. وكان بدء الحديث في شأن أمّ إبراهيم القبطيّة، أصابها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في بيت حفصة في نوبتها فوجدت حفصة، فقالت: يا نبيّ اللّه، لقد جئت إليّ شيئًا ما جئت إلى أحدٍ من أزواجك، في يومي، وفي دوري، وعلى فراشي. قال: "ألا ترضين أن أحرّمها فلا أقربها؟ ". قالت: بلى. فحرّمها وقال: "لا تذكري ذلك لأحدٍ". فذكرته لعائشة، فأظهره اللّه عليه، فأنزل اللّه: {يا أيّها النّبيّ لم تحرّم ما أحلّ اللّه لك تبتغي مرضاة أزواجك} الآيات فبلغنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كفّر [عن] يمينه، وأصاب جاريته. وذكر ذلك بن جرير القول الثانى نزلت فى المرأه التى وهبت نفسها للنبى ذكره بن كثير والدليل عن ابن عبّاسٍ قال: نزلت هذه الآية: {يا أيّها النّبيّ لم تحرّم ما أحلّ اللّه لك}؟ في المرأة الّتي وهبت نفسها للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. ذكره بن ابى حاتم عن بن عباس وقال عنه بن كثير هذا قول غريب القول الثالث نزلت فى في تحريمه صلى الله عليه وسلم العسل ذكره بن كثير والسعدى والدليل ما ذكره البخارى فى هذه الأيه عن عائشة قالت: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يشرب عسلًا عند زينب بنت جحش، ويمكث عندها، فتواطأت أنا وحفصة على: أيتنا دخل عليها، فلتقل له: أكلت مغافير؟ إنّي أجد منك ريح مغافير. قال: "لا ولكنّي كنت أشرب عسلًا عند زينب بنت جحش، فلن أعود له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدًا"، {تبتغي مرضاة أزواجك}. والأقوال الثلاثه ذكرها بن كثير ورجح القول الثالث 4: تفسير قوله تعالى: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا.. (4)} التحريم. أن الله سبحانه وتعالى عاتب الزوجتين الكريمتين عائشةَ وحَفصةَ وعرض عليهما التوبه حين كانتا سبباً فى تحريم النبى صلى الله عليه وسلم على نفسه ما يحبه فيها قولان فى معنى صغت القول الأول صَغَتْ أيْ: مالَتْ وانحرَفَتْ عمَّا يَنبغِي لهنَّ مِن الوَرَعِ والأدَبِ معَ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ واحترامِه ذكره السعدى القول الثانى صَغَتْ أى فقد مالَتْ قُلُوبُكما إلى التوبةِ مِن التظاهُرِ على النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. ذكره الأشقر السؤال الرابع: استدل لما يلي وبيّن وجه الاستدلال:- أ: وجوب تعظيم جناب النبي صلى الله عليه وسلم واحترامه. {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} وجه الدلاله ما ذكره السعدى رحمه الله فى تفسير الآيه أن الله تعالى عاتب زوجتى الرسول لى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين رضى الله عنهما عائشه وحفصه وعرض عليهما التوبه فى هذه الأيه وأَخْبَرَهما أنَّ قُلوبَكما قدْ صَغَتْ؛ أيْ: مالَتْ وانحرَفَتْ عمَّا يَنبغِي لهنَّ مِن الوَرَعِ والأدَبِ معَ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ واحترامِه ب: نساء النبي صلى الله عليه وسلم خير النساء وأكملهن. عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5) ) وجه الدلاله قول السعدى رحمه الله فى تفسيره لهذه الأيه فلمَّا سَمِعْنَ رضِيَ اللَّهُ عنهنَّ هذا التخويفَ والتأديبَ، بادَرْنَ إلى رِضا رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ، فكانَ هذا الوَصْفُ مُنطَبِقاً عليهنَّ، فصِرْنَ أفضَلَ نِساءِ المُؤْمنِينَ. ج: حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) وجه الدلاله أمر الله تعالى المؤمنون أن يقوا أنفسهم وأهليهم النار وذلك بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر و هو معنى الحديث كلكم راع السؤال الخامس: :- أ: هل تجب الأجرة على الزوج مقابل إرضاع الزوجة لولدهما؟ نعم يجب عليه الأجره والدليل{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} وهو المسمى لهن إن كان مسمى وغلا أجر المثل ب: اذكر الحكمة من قوله تعالى في سورة الطلاق: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوف الحكمه من ذلك حث كل من الزوجين اللذان حدث بينهما الطلاق أن يتشاورا فى أمر ولدهما بالمعروف من غير إضرار ولا مضاره ج: ما حكم من حرّم جاريته أو زوجته أو طعامًا أو شرابًا أو ملبسًا أو شيئًا من المباحات؟ مذهب الأمام أحمد وطائفه بوجوب الكفّارة على من حرّم جاريته أو زوجته أو طعامًا أو شرابًا أو ملبسًا أو شيئًا من المباحات مذهب الشّافعيّ أنّه لا تجب الكفّارة فيما عدا الزّوجة والجارية، إذا حرّم عينيهما أو أطلق التّحريم فيهما في قوله، فأمّا إن نوى بالتّحريم طلاق الزّوجة أو عتق الأمة، نفذ فيهما. د: ما المقصود بالتوبة النصوح؟ المرادُ بها التوبةُ العامَّةُ الشاملةُ لجميعِ الذنوبِ، التي عقَدَها العبدُ للهِ، لا يُريدُ بها إلاَّ وَجْهَ اللَّهِ والقُرْبَ منه، ويَستمِرُّ عليها في جميعِ و أن يقلع عن الذّنب في الحاضر، ويندم على ما سلف منه في الماضي، ويعزم على ألّا يفعل في المستقبل. ثمّ إن كان الحقّ لآدميٍّ ردّه إليه بطريقه. ولما سأل زرٌّبن حبيش أبيّ بن كعبٍ: فما التّوبة النّصوح؟ فقال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "هو النّدم على الذّنب حين يفرط منك، فتستغفر بندامتك منه عند الحاضر، ثمّ لا تعود إليه أبدًا". ه: بيّن كيف تكون مجاهدة الكافرين والمنافقين. المرتبه الأولى بجهادهم بأبطال ضلالتهم ودعوتهم بالموعظه الحسنه فمن أبى أن ينقاد لحكم الله ودينه فيغلظ عليه بالقتال والحرب للكفار وبأقامه الحدود على المنافقين لأرتكابهم موجبات الحدود السؤال السادس: اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لتفسير قوله تعالى:- أ: ({ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)} التحريم. - أن ينشغل العبد بنفسه ويسعى الى تحقيق الإيمان والعمل الصالح فلن ينفع العبد إلا عمله هو وأيمانه هو - أن يملىء قلوبنا الإطمئنان فالله سبحانه حكم عدل لا يؤاخذ أحد إلا بذنبه - التضرع لله تعالى والدعاء بأجل المطالب النجاه من فتنه الظالمين فى الدنيا ومجاوره الرب الكريم فى الجنه |
الساعة الآن 01:00 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir