![]() |
اقتباس:
وهؤلاء اليهود لم يروا بأم أعينهم ما حصل لأسلافهم في زمن موسى عليه السلام وإنما سمعوا من آبائهم وأجدادهم الذين توارثوا هذه الأخبار، ومع ذلك خوطبوا بما كان من أسلافهم ليحذروا ويعتبروا، والخطاب باقٍ لذريّتهم إلى يوم القيامة. والمؤمن أولى الناس بالانتفاع بجميع أنواع الخطاب القرآني بما فيه خطاب الكفّار والمشركين والمنافقين وأصحاب الكبائر وأنواع الذنوب فيحذر ويتّقي ما نهى الله عنه، ويأتي ما أمر الله ووصّى به بما يستطيع. والعبد المستقيم على أمر الله إن ظنّ أنه لا يخاطب إلا بنداء الإيمان فقط فهذا معناه أن يعتقد أنه غير مخاطب بأكثر من نصف القرآن، وهذا لا يقوله أحد، بل للمؤمن في كل خطاب من خطابات القرآن موعظة وعبرة حتى إنه ليستفيد من بعض أنواع الخطاب المخصوص، فإذا قلنا مثلا إن قوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} يراد به الشفاعة العظمى، فنحن نعلم أن هذا المقام لا يشاركه فيه غيره صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فإن العبد المؤمن يقتدي بما أوصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المقام، بالطبع لن يصل إلى مقامه لأنه لن يصل إلى عمله ومكانته عند ربه، ولكن يتيقّن أن له نصيب من الرفعة والبركة بقدر نصيبه من اتّباع ما بلغ به النبي صلى الله عليه وسلم هذا المقام، وقس على مثل هذه الأنواع من أنواع الخطاب القرآني كقوله تعالى: {ألم نشرح لك صدرك . ووضعنا عنك وزرك} وقوله: {ورفعنا لك ذكرك}، كل ذلك يكون للمؤمن منه نصيب بقدر اتّباعه وإن لم يصل لحد الكمال. والله تعالى أعلم. ونثني على حرصك وهمّتك في الطلب، بارك الله فيك ووفقك لما فيه الخير. |
الساعة الآن 09:54 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir