(25) ثكلت خواطرٌ أنست بغيرك .. عدمتُ قلباً يحب سواك رباه عفوك إني للنور مددت يدايا .. وأبكي وأبكي ويبكي دمعي ويبكي بكايا وحفنة من وعاء غَرْفَه من دمايا .. ولا لغيرك دوّى يا ربي يوماً ندايا إليك أنت صباحي مصفداً في مسايا .. فاسكب ضياءك إني ظمآن ضلَّ صدايا لم أدرِ من أي نبع أسقي حنين الركايا .. والشط لا ماء فيه يطفي اللظى في رحايا رحماك يا ربي هذا إثمي وهذي تقايا .. وذاك دربي وهذا على الطريق عصايا رحماك ربي إني وزورقي والخطايا .. في لجة ليس فيها من الضياء بقايا جفت وغاضت ولكن ما زلت أزجي رجايا .. غفرت أم لم فإني ما زلت أدعوك يا يا يا رب .. يا رب عجبت لمن عرفك ثم أحب غيرك ! وعجبا لمن سمع مناديك ثم تأخر عنك ! * محمد إقبال رحمه الله وغفر له . |
(26) (..التغيير والألم شيئان متلازمان فالتغيير عبارة عن عملية تخريب منظم وهو يتطلب درجة من الإرادة الصلبة وامتلاك الإرادة الصلبة يحتاج إلى مجاهدة ومصابرة على ترك شيء من المألوفات والتخلي عن بعض المرغبوات. ومع هذا فليس أمامنا أي خيار آخر، فالعبودية الحقه لله تعالى وتخليص أنفسنا، وأمتنا من الوضعية الصعبة التي صرنا إليها يتطلب منا بعض التضحيات، والنتائج في الدنيا والآخرة ستكون حلوة المذاق، رائعة، ومدهشة. .. مشكلة كثير منا مع موضوع التغيير أنهم حين يقرورن تحسين ذواتهم يسعون إلى تحقيق أمور مدهشة في أوقات قصيرة، وحين لا يتحقق لهم ذلك، يتركون عملية التغيير، وينكصون على أعقابهم!! هذا مع أن العادات التي نحاول التخلص منها، تم اكتسابها تدريجيا خلال مدة طويلة من الزمن، ولن يتم التخلص منها إلا بالطريقة نفسها، ويجب أن نمنح أنفسنا الوقت الكافي لذلك. .. الأساس المكين الذي تقوم عليه الإرادة الصلبة هو مجاهدة النفس وحملها على ما تكره ، وقد رتب الله عز وجل الكثير من الخير على مجاهدة الأنفس ، فقال سبحانه : " والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين " . (27) .. قصة رمزية يذكرون على سبيل الرمز ، أنه كان في أحد البلدان فلاح شديد الفقر ، لا يملك سوى حصان يحرث به أرضه ، وله ولد وحيد يساعده على ذلك ، وذات يوم هرب الحصان ، وجاء جاره الفقير يواسيه في مصابه ، فقال له : إن الأمر رهيب ، حيث لم يكن لدي إلا ذلك الحصان ، وهو يهرب ، ولا تدري ماذا تعمل .. فرد الفقير قائلا : إنه لأمر مزعج حقاً ، لكن ربما كانت عاقبة ذلك خيرا ، ومن يدري الغيب . ؟ وبعد أيام عاد الحصان يرافقه جمع من الأحصنة البرية ، وقد أقامت جميعها في بستان الفلاح ، وصار لديه قطيع من الأحصنة . وفي اليوم الثاني ، جاء الجار الحسود ليقول له : ما أحسن ما جرى لك ؛ حيث صار لك جمع من الأحصنة ... فقال الفقير : ربما كان ذلك خيرا ، وربما حدث غير ذلك ، فمن يدري ماذا يحدث بعد . ؟ وتولى ابن الفلاح ترويض الأحصنة الكثيرة ، ولم يحسن السيطرة على أحدها ، فطرحه أرضا ، وكسرت ساق الغلام . وجاء الجار نفسه قائلا : آسفي عليك ، وماذا يمكن أن تستفيد من الأحصنة الكثيرة إذا كان ولدك الوحيد قعيد الفراش ؟! فرد الفلاح : ربما كان تأسفك في محله ، وربما كان شيئا آخر . وبعد أيام شنت الدولة حربا ظالمة على جارتها ، وأعلنت الحرب ، وأرسل جميع الشباب في تلك المنطقة إلى جبهة القتال ، باستثناء ابن الفلاح الفقير ؛ بسبب كسر ساقه ، وقد مات كثير من أولئك الشباب .. وهكذا صار كسر ساقه سببا في إبعاده عن ساحة المعركة .. ) من كتيب كيف نرتقي بأنفسنا ؟ للمعلم عبد الكريم بكار . وهو كتاب خفيف الصفحات طيب الأثر ، أحث على اقتناءه شرط قراءته بوعي تام قراءة الراغب في التطبيق . "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم " ثق أن قضاء الله كله لك خير علمت أو لم تعلم.. ما دمت تعمل لرضاه فإنه أكرم من أن يخيبك ويضيعك، فأحسن الظن به فهو عند ظنك سبحانه. |
(28) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا كَثِيرًا فَأَسْلَمَ فَكَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا قَلِيلًا ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ " إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِى مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرَ يَأْكُلُ فِى سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ" رواه البخاري ومسلم . ( .. اختلف في معنى الحديث : فقيل ليس المراد به ظاهره ، وإنما هو مثل ضرب للمؤمن وزهده في الدنيا والكافر وحرصه عليها ، فكان المؤمن لتقلله من الدنيا يأكل في معيّ واحد ، والكافر لشدة رغبته فيها واستكثاره منها يأكل في سبعة أمعاء ، فليس المراد حقيقة الأمعاء ولا خصوص الأكل وإنما المراد التقلل من الدنيا والاستكثار منها ، فكأنه عبر عن تناول الدنيا بالأكل وعن أسباب ذلك بالأمعاء ، ووجه العلاقة ظاهر . وقيل المعنى أن المؤمن يأكل الحلال والكافر يأكل الحرام ، والحلال أقل من الحرام في الوجود . وقيل المراد حض المؤمن على قلة الأكل إذا علم أن كثرة الأكل صفة الكافر، فإن نفس المؤمن تنفر من الاتصاف بصفة الكافر، ويدل على أن كثرة الأكل من صفة الكفار قوله تعالى : " والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام .. " والمعنى أن من شأن المؤمن التقلل من الأكل لاشتغاله بأسباب العبادة ولعلمه بأن مقصود الشرع من الأكل ما يسد الجوع ويمسك الرمق ويعين على العبادة ، ولخشيته أيضا من حساب ما زاد على ذلك والكافر بخلاف ذلك كله فإنه لا يقف مع مقصود الشرع ، بل هو تابع لشهوة نفسه مسترسل فيها غير خائف من تبعات الحرام ، فصار أكل المؤمن - لما ذكرته - إذا نسب إلى أكل الكافر كأنه بقدر السبع منه ، ولا يلزم من هذا اطراده في كل مؤمن وكافر .. ) (.. وقيل أن المراد بالمؤمن في هذا الحديث التام الإيمان ، لأن من حسن إسلامه وكمل إيمانه اشتغل فكره فيما يصير إليه من الموت وما بعده فيمنعه شدة الخوف وكثرة الفكر والإشفاق على نفسه من استيفاء شهوته ، كما ورد في حديث لأبى أمامة ، رفعه "من كثر تفكره قل طعمه ، ومن قل تفكره كثر طعمه وقسا قلبه" فدل على أن المراد بالمؤمن، من يقتصد في مطعمه ، وأما الكافر فمن شأنه الشره فيأكل بالنهم كما تأكل البهيمة ولا يأكل بالمصلحة لقيام البنية . وقيل أن المراد أن المؤمن يسمى الله تعالى عند طعامه وشرابه فلا يشركه الشيطان فيكفيه القليل، والكافر لا يسمى فيشركه الشيطان كما تقدم تقريره قبل .. وقيل أن المؤمن يقل حرصه على الطعام فيبارك له فيه وفى مأكله فيشبع من القليل ، والكافر طامح البصر إلى المأكل كالأنعام فلا يشبعه القليل .. ) فتح الباري + تحفة الأحوذي . |
(29) ( .. إذا سد الله عليك طريقا من طرقه .. فتح لك برحمته طريقاً أنفع منه وأكمل ..فـَ تأمل : حال الجنين يأتيه غذاؤه وهو الدم , من طرق واحد وهو السرة ,فلما خرج من بطن أمه انقطع ذلك الطريق ! ففتح الله له طريقين اثنين أجرى له فيهما رزقاً أطيب وإلذ من الأول لبناً خالصاً سائغاً , فإذا تمت مدة الرضاعة وانقطع الطريقان بالفطام فتح طرقاً أربع أكمل منها .. وهما طعامان وشرابان , فالطعامان من حيوان ونبات , والشرابان من مياه وألبان ، ومايضاف إليهما من المنافع والملاذ .فإذا مات إنقطعت عنه هذه الطرق الأربعة : فتح الله له إن كان سعيداً طرقاً ثمانية !! .هي أبواب الجنة الثمانية , يدخل من أيها شاء .. ) ابن قيم الجوزية فسلوا الله من فضله وصدق ربي ومن أصدق من الله قيلا " وما قدروا الله حق قدره" . |
(30) (... وَلَمّا كَانَ جِهَادُ أَعْدَاءِ اللّهِ فِي الْخَارِجِ فَرْعًا عَلَى جِهَادِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ فِي ذَاتِ الله قَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ {الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللّهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللّهُ عَنْهُ} كَانَ جِهَادُ النّفْسِ مُقَدّمًا عَلَى جِهَادِ الْعَدُوّ فِي الْخَارِجِ وَأَصْلًا لَهُ ، فَإِنّهُ مَا لَمْ يُجَاهِدْ نَفْسَهُ أَوّلًا لِتَفْعَلَ مَا أُمِرْت بِهِ وَتَتْرُكَ مَا نُهِيت عَنْهُ وَيُحَارِبُهَا فِي اللّهِ لَمْ يُمْكِنْهُ جِهَادُ عَدُوّهِ فِي الْخَارِجِ فَكَيْفَ يُمْكِنُهُ جِهَادُ عَدُوّهِ وَالِانْتِصَافُ مِنْهُ وَعَدُوّهُ الّذِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ قَاهِرٌ لَهُ مُتَسَلّطٌ عَلَيْهِ لَمْ يُجَاهِدْهُ وَلَمْ يُحَارِبْهُ فِي اللّهِ بَلْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إلَى عَدُوّهِ حَتّى يُجَاهِدَ نَفْسَهُ عَلَى الْخُرُوجِ . فَهَذَانِ عَدُوّانِ قَدْ اُمْتُحِنَ الْعَبْدُ بِجِهَادِهِمَا وَبَيْنَهُمَا عَدْوٌ ثَالِثٌ لَا يُمْكِنُهُ جِهَادُهُمَا إلّا بِجِهَادِهِ وَهُوَ وَاقِفٌ بَيْنَهُمَا يُثَبّطُ الْعَبْدَ عَنْ جِهَادِهِمَا وَيَخْذُلُهُ وَيَرْجُفُ بِهِ وَلَا يَزَالُ يُخَيّلُ لَهُ مَا فِي جِهَادِهِمَا مِنْ الْمَشَاقّ وَتَرْكِ الْحُظُوظِ وَفَوْتِ اللّذّاتِ وَالْمُشْتَهَيَاتِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُجَاهِدَ ذَيْنِكَ الْعَدُوّيْنِ إلّا بِجِهَادِهِ فَكَانَ جِهَادُهُ هُوَ الْأَصْلُ لِجِهَادِهِمَا وَهُوَ الشّيْطَانُ قَالَ تَعَالَى : { إِنّ الشّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّ فَاتّخِذُوهُ عَدُوّا } [ فَاطِرٌ 6 ] وَالْأَمْرُ بِاِتّخَاذِهِ عَدْوًا تَنْبِيهٌ عَلَى اسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ فِي مُحَارَبَتِهِ وَمُجَاهَدَتِهِ كَأَنّهُ عَدُوّ لَا يَفْتُرُ وَلَا يُقَصّرُ عَنْ مُحَارَبَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَدَدِ الْأَنْفَاسِ ...) (... وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُجَاهِدُوا فِيهِ حَقّ جِهَادِهِ كَمَا أَمَرَهُمْ أَنْ يَتّقُوهُ حَقّ تُقَاتِهِ وَكَمَا أَنّ حَقّ تُقَاتِهِ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى وَيُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرُ فَحَقّ جِهَادِهِ أَنْ يُجَاهِدَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ لِيُسْلِمَ قَلْبَهُ وَلِسَانَهُ وَجَوَارِحَهُ لِلّهِ فَيَكُونُ كُلّهُ لِلّهِ وَبِاَللّهِ لَا لِنَفْسِهِ وَلَا بِنَفْسِهِ وَيُجَاهِدُ شَيْطَانَهُ بِتَكْذِيبِ وَعْدِهِ وَمَعْصِيَةِ أَمْرِهِ وَارْتِكَابِ نَهْيِهِ فَإِنّهُ يَعِدُ الْأَمَانِيّ وَيُمَنّي الْغُرُورَ وَيَعِدُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَيَنْهَى عَنْ التّقَى وَالْهُدَى وَالْعِفّةِ وَالصّبْرِ ...) زاد المعاد في هدي خير العباد / ج3 . |
(31) ( وَلَمّا كَانَ الْأَلَمُ لَا مَحِيصَ مِنْهُ الْبَتّةَ عَزّى اللّهُ - سُبْحَانَهُ - مَنْ اخْتَارَ الْأَلَمَ الْيَسِيرَ الْمُنْقَطِعَ عَلَى الْأَلَمِ الْعَظِيمِ الْمُسْتَمِرّ بِقَوْلِهِ { مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللّهِ فَإِنّ أَجَلَ اللّهِ لَآتٍ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ } [ الْعَنْكَبُوتُ 5 ] فَضَرَبَ لِمُدّةِ هَذَا الْأَلَمِ أَجَلًا لَا بُدّ أَنْ يَأْتِيَ وَهُوَ يَوْمُ لِقَائِهِ فَيَلْتَذّ الْعَبْدُ أَعْظَمَ اللّذّةِ بِمَا تَحَمّلَ أَجْلِهِ وَفِي مَرْضَاتِهِ وَتَكُونُ لَذّتُهُ وَسُرُورُهُ وَابْتِهَاجُهُ بِقَدْرِ مَا تَحَمّلَ مِنْ الْأَلَمِ فِي اللّهِ وَلِلّهِ وَأَكّدَ هَذَا الْعَزَاءَ وَالتّسْلِيَةَ بِرَجَاءِ لِقَائِهِ لِيَحْمِلَ الْعَبْدُ اشْتِيَاقَهُ إلَى لِقَاءِ رَبّهِ وَوَلِيّهِ عَلَى تَحَمّلِ مَشَقّةِ الْأَلَمِ الْعَاجِلِ بَلْ رُبّمَا غَيّبَهُ الشّوْقُ إلَى لِقَائِهِ عَنْ شُهُودِ الْأَلَمِ وَالْإِحْسَاسِ بِهِ . .. فَالشّوْقُ يَحْمِلُ الْمُشْتَاقَ عَلَى الْجِدّ فِي السّيْرِ إلَى مَحْبُوبِهِ وَيُقَرّبُ عَلَيْهِ الطّرِيقَ وَيَطْوِي لَهُ الْبَعِيدَ وَيُهَوّنُ عَلَيْهِ الْآلَامَ وَالْمَشَاقّ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللّهُ بِهَا عَلَى عَبْدِهِ ) زاد المعاد في هدي خير العباد / ج3 . |
(32) من وصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، القائد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : (.. فعود نفسك ومن معك الخير واستفتح به ، واعلم أن لكل عادة عتاداً -أي عدة- فعتاد الخير الصبر، فالصبر الصبر على ما أصابك أو نابك يجتمع لك خشية الله .. واعلم أن خشية الله تجتمع في أمرين : في طاعته واجتناب معصيته ، وإنما أطاعه من أطاعه ببغض الدنيا وحب الآخرة ، وعصاه من عصاه بحب الدنيا وبغض الآخرة . وللقلوب حقائق ينشئها الله إنشاء ، منها السر ومنها العلانية ، فأما العلانية فأن يكون حامده وذامه في الحق سواء ، وأما السر فيعرف بظهور الحكمة من قلبه على لسانه وبمحبة الناس .. فلا تزهد في التحبب ، فإن النبيين قد سألوا محبتهم وإن الله إذا أحب عبداً حببه ، وإذا أبغض عبداً بغضه ، فاعتبر منزلتك عند الله بمنزلتك عند الناس ممن يشرع معك في أمرك) |
(33) هذه قصة استوقفتني حيث أن عمر الفاروق رضي الله عنه ، القوي الذي نرى فيه الشدة ،أنظروا كيف كان مع المسلمين !! كما وصفهم الله تبارك وتعالى "أشداء على الكفار رحماء بينهم" : عن يزيد بن الأصم قال: كان رجل من أهل الشام ذو بأس، وكان يفد إلى عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] ، ففقده عمر فقال : ما فعل فلان بن فلان؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين، يتابع في هذا الشراب -الخمر- . قال: فدعا عمر كاتبه ، فقال: اكتب: "من عمر بن الخطاب إلى فلان ابن فلان، سلام عليك، [أما بعد] : فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، غافر الذنب وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير " . ثم قال لأصحابه : ادعوا الله لأخيكم أن يُقْبِل بقلبه، وأن يتوب الله عليه . فلما بلغ الرجل كتابُ عمر جعل يقرؤه ويردده ، ويقول: غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ،قد حذرني عقوبته ووعدني أن يغفر لي . ورواه الحافظ أبو نعيم من حديث جعفر بن برقان، وزاد: " فلم يزل يُرَدّدها على نفسه ، ثم بكى ثم نزع فأحسن النزع فلما بلغ عمر [رضي الله عنه] خبرهُ قال: هكذا فاصنعوا، إذا رأيتم أخاكم زل زلَّة فسددوه ووفقوه،وادعوا الله له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعوانًا للشيطان عليه. تفسير بن كثير/ ج7 ص 90 |
(34) { .. ومما يدل على أنَّ النصر يستنزل بالدعاء .. ما قاله أسد بن عبد الله القسري –أمير خرسان- في قتاله للفرس :[ إنَّه بلغني أن العبد أقرب ما يكون إلى الله إذا وضع جبهته لله* ، وإنَّي نازل وواضع جبهتي ، فادعوا الله واسجدوا لربكم ، واخلصا له الدعاء ] ففعلوا ، ثم رفعوا رؤوسهم وهم لا يشكّون في الفتح ..} * موافقة للحديث : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فاكثروا الدعاء فيه " صحيح مسلم * (لا يشكّون) وهذا من الأهمية بمكان .. أن تكون متيقنا من أن الله سميع مجيب .. قريب . وهذا ما أمرنا به صلى الله عليه وسلم "ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهٍ" رواه أحمد وحسنه وكذا الألباني . فـ انكسار ويقين وحضور قلب في الدعاء .. ! |
(35) ( ما أعجب الإنسان ، ما أعجب حياة الإنسان ! لقد سألوني عشرين مرة في درس الإنشاء : ماذا تريد أن تكون في المستقبل ؟ فكتبت أريد أن أكون طبيبا ، وأن أكون محاميا ، وأن أكون .. وأن أكون ، فما كان شيء مما أردت أن أكونه ، ولكن كان ما أراده الله أن أكون ) ص277 ج1 . وبعدها صفحتين رائعتين .. إلى أن قال : ( حياتي كلها موجات يبعثها الله فتوجه زورقي إلى حيث يريد ، منعطفات ما كان شيء منها بتدبيري واختياري ، بل باختيار الله لي ، وأعود فأكرر أني لست مسيرا ، وأن من يزعم أن الإنسان مسير يقر على نفسه بأنه أحمق ، الإنسان مخير ، ولكن دائرة اختياره ضيقة ، ومدى حريته في الانطلاق قصير ، لذلك كان علينا التفكير ، وعلينا أن نستشير ، ثم نستخير ، فنسأل الله أن يبلغنا من الخير ما نعجز عن بلوغه إلا بعونه) ذكريات الطنطاوي |
(36) ( الاستغفار بين السجدتين : وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر الاستغفار فى هذه الجلسة بين السجدتين (رب اغفر لى ، رب اغفر لى ، رب اغفر لى) ويلح على الله فى ذلك. ومثل نفسك أنك وقفت للحساب وسيقام عليك الحد الآن إن لم يغفر الله لك ، بل أن من يقام عليه الحد في الدنيا أفضل ممن لم يغفر الله له ، لأن من يقام عليه الحد في الدنيا ينجو من عذاب الله يوم القيامة ، أما من لم يغفر الله له فالويل كل الويل ينتظره يوم القيامة . وتخيل نفسك أيها المصلى أنك تجلس جاثياً على ركبتيك تنتظر أن تضرب عنقك عقاباً لك على جرائمك فى حق مولاك ، ثم لاحت لك فرصة عفو ، فاغتنمها وألقيت بنفسك بين يديه ، معتذراً له مما جنيت ، تطلب منه المهلة الأخيرة وتدعوه دعاء الغريق : رب اغفر لى ، رب اغفر لى ، رب اغفر لى ) من كتاب أول مرة أصلي لصاحبه أبو شادي . حقيقة كنت أواجه مشكلة في الخشوع بين السجدتين وإحضار قلبي حتى منّ الله عليّ بقراءة هذه الفقرة ومحاولة التفكير كما أشار الكاتب فوجدت من ذلك خيرا . والكتاب رائع جدا لمن اقتناه وقرأه مرارا قراءة من ينوي الانتفاع والتطبيق وهو كما ذكر مؤلفه في أوله تبسيط لبعض كتابات ابن القيم رحمه الله في هذا الباب . |
(37) ترويحـة للنفس (كنا يومًا أمام مكتبة "عرفة" فجاء رجل لا يعرفه، فاندس بيننا وحشر نفسه فينا، وجعل يتكلم كلامًا عجيبًا، أدركنا منه أنه يدعو إلى نحلة من النحل الباطلة، فتناوشوه بالرد القاسي والسخرية الموجعة، فأشرت إليهم إشارة لم يدركها: أن دعوه لي، فكفوا عنه وجعلت أكلمه وأدور معه وألف به، حتى وصلت إلى إفهامه أني بدأت أقتنع بما يقول، ولكن مثل هذه الدعوة لا بد فيها من حجة أبلغ من الكلام، فاستبشر وقال: ما هي؟ فحركت الإبهام على السبابة، وتلك إشارة إلى النقود. قال: حاضر، وأخرج ليرتين ذهبيتين يوم كانت الليرة الذهبية شيئًا عظيمًا. مد يده بالليرتين فأخذتهما أمام الحاضرين جميعًا، وانصرف الرجل بعد أن عرفنا اسمه، فما كاد يبتعد حتى انفجرت الصدور بالضحك، وأقبلوا عليَّ مازحين، فمن قائلٍ شاركنا يا أخي، وقائل: اعمل بها وليمة، أو نزهة في بستان. قلتُ: سترون ما أنا صانع. وذهبتُ فكتبت رسالة، تكلمت فيها عن الملل والنحل والمذاهب الإلحادية، وجعلت عنوانها "سيف الإسلام" وكتبت على غلافها "طبعت بنفقة فلان" باسم الرجل الذي دفع الليرتين، وبلغني أنه كاد يجن ولم يدر ماذا يفعل، ولم يستطع أن ينكر أمرًا يشهد عليه سبعة من أدباء البلد، وقد بلغني أن جماعته قد طردته بعد أن عاقبته) ذكريات الطنطاوي ج2 |
(38) ( المعاملة على قدر المعرفة: .. تخيل أنك ذهبت إلى السوق ودخلت حانوتًا من الحوانيت وقابلت فيه رجلاً يتسوق مثلما تتسوق، ودار بينكما حديث ومن خلاله عرفت أن هذا الرجل يعمل وزيراً في حكومة بلدك، هل ستستمر في الحديث معه بنفس الطريقة التي بدأت بها أم ستتغير ليكسوها الاحترام والحذر؟!.. بلا شك أن معرفتك به ستدفعك إلى تغيير معاملتك له.. فطريقة المعاملة تحددها درجة المعرفة، وكلما ازدادت المعرفة تغيرت المعاملة، وهذا ما حدث مع سيدنا موسى – عليه السلام – عندما رأى آثار جلال الله على الجبل الذي اندك فخر - عليه السلام – صعقاً، فلما أفاق ماذا قال لربه؟! ..) أهمية المعرفة : إذن فالسبب الرئيس لعدم معاملة الله عز وجل بما هو أهله: عدم معرفته معرفة صحيحة: "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ" [...] معنى ذلك أن نقطة البداية في طريق العبودية والسير إلى الله هي معرفته سبحانه، وكلما قويت تلك المعرفة، ازدادت العبودية أكثر وأكثر، وهذا ما يؤكده قوله تعالى: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" فهؤلاء الصالحون الذين ذكرتهم الآيات، عندما تفكروا في خلق الله، ازدادت معرفتهم به ومن ثَم َّ انعكس ذلك على تعاملهم معه بمزيد من التنزيه والخشية "سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" يقول ابن رجب: وكلما قويت معرفة العبد لله قويت محبته له، ومحبته لطاعته، وحصلت له لذة العبادات من الذكر وغيره على قدر ذلك ) . غاية المعرفة: وغاية معرفة الله عز وجل في الدنيا هي الحضور القلبي الدائم معه، أو بمعنى آخر: أن نتعامل معه - سبحانه – ونعبده كأننا نراه، فنناجيه من قريب، ونتحدث معه كأننا نشاهده... أن نستشعر دوما قربه منا، فنأنس به ونكثر من مناجاته. أن نجده دائماً يتجلى بصفاته وراء كل حدث من أحداث حياتنا، فنربط أمورنا كلها به، مثل ما قال يوسف – عليه السلام – لأبويه وهو يخبرهم عما حدث له: "وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" مع أن ظاهر الأمر أن ملك مصر هو الذي أمر بإخراجه من السجن، لكنه يرى الأمور على حقيقتها، وأن الله هو الذي أخرجه، وما الملك إلا ستار للقدر، وجندي ينفذ الأمر الإلهي . يقول ابن رجب: ( الوصول إلى الله نوعان: أحدهما في الدنيا، والثاني في الآخرة. فأما الوصول الدنيوي فالمراد به: أن القلوب تصل إلى معرفته، فإذا عرفته أحبته وأنست به، فوجدته منها قريباً، ولدعائهاً مجيباً، كما في بعض الآثار: ابن آدم، اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شيئ وإن فتك فاتك كل شيء. وأما الوصول الأخروي فالدخول إلى الجنة التي هي دار كرامة الله لأوليائه، ولكنهم في درجاتهم متفاوتون في القرب بحسب تفاوت قلوبهم في الدنيا في القرب والمشاهدة ) . أي أن الوصول الدنيوي يمثله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن تعبد الله كأنك تراه"، أما الأخروي– في الجنة– ففيها الرؤية الحقيقية والقرب والمشاهدة. [...] إن غاية المعرفة أن نجد الله عز وجل ، نجد صفاته العلى تتجلى في أحداث حياتنا. ...نجده قريباً فنأنس به ونناجيه. ...نجده حكيماً في كل مشيئة يشاؤها لنا فنرضى بقضائه. ...نجده سريع الحساب يعاقب على الذنب ويعفو عن كثير، فنسارع بالتوبة إليه كلما وقعنا في الخطأ. ...نجده لطيفاً في قدره. ...نجده سميعاً قريباً يجيب دعاءنا في دقائق الأمور وتفصيلاتها التي دعوناه بها ولم يعرفها سواه فنشعر بالأمان في جواره. ...نجده قهاراً ينفذ مشيئته فنستسلم له. ... نجده قادراً مقتدراً فنستعين به دوماً على تنفيذ كل ما نريد. ...نجده حليماً ستيراً فنحبه ونستحي منه. ...نجده معنا في كل وقت وحين، فنكلمه ونبث إليه أشواقنا، ونُسِرُّ إليه بخصوصياتنا. ...نجده حين نأكل، وحين نشرب، وحين ننام، وحين نستيقظ، وحين نركب دوابنا، فهو الذي يطعمنا ويسقينا، وهو الذي يتوفانا حين النوم ويوقظنا، وهو الذي يحملنا ويسيرنا في البر والبحر والجو. ...تأمل معي أخي القارئ هذا الحديث النبوي: قال صلى الله عليه وسلم: "ما من بعير إلا وفي ذروته شيطان، فإذا ركبتموها فاذكروا نعمة الله تعالى عليكم، ثم امتهنوها لأنفسكم، فإنما يحمل الله تعالى" . فما الدابة التي نركبها إلا ستار وسبب لا قيمة له بدون الله عز وجل ، فهو سبحانه الذي سخرها لنا، وهو الذي يحركها لحظة بلحظة، وآناً بآن، وكذلك كل شيء يحدث في هذه الحياة معنا أو مع غيرنا. فعندما نضحك نجده من وراء الضحك حياً قيوماً قد علم برغبتنا في الضحك فمكننا من ذلك: "وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى" وعندما نأكل: نستشعر ربوبيته وقيوميته علينا فنقول: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة. وعندما يأتينا عطاء من أحد الناس نرى أن الله عز وجل هو الذي أعطانا إياه من خلال هذا الشخص، وعندما نُحرم من شيء، أو يُضيَّق علينا البعض نرى الحقيقة واضحة أمامنا وهي أن الله هو الذي حرمنا على يد هؤلاء بسبب ذنب أذنبناه أو لحكمة يعلمها سبحانه. نجد الله في كل خير نفعله ، ولو شاء منعه لمنعه ، نجد الله الهادي في كل طاعة نقوم بها "وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ" [...] وبالجملة نرى الله وراء كل حدث يحدث في الحياة...عند هبوب الريح، وعند طلوع الشمس وعند غروبها..عند نزول المطر..عند الكسوف والخسوف {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} ..) . من رسالة حقيقة العبودية لصاحبها : مجدي الهلالي رسالة مطبوعة في 60 صفحة a4 ، متوفرة بحجم الكتب وبحجم الكتيبات سهلة الفهم خفيفة الحمل قيّمة المضمون ، من أجمل ما قرأت مؤخرا . ومتوفرة في مكتبة صيد الفوائد على الشبكة العنكبوتية . |
(39) وصية الصحابي الجليل أبو الدرداء رضي الله عنه عن سعيد بن عوسجة ، أن أبا الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ، ولضحكتم قليلا ، ولهانت عليكم الدنيا ، ولآثرتم الآخرة » ثم قال أبو الدرداء من قبل نفسه : ( لو تعلمون ما أعلم لخرجتم إلى الصعدات تبكون على أنفسكم ، ولتركتم أموالكم لا حارس لها ، ولا راجع إليها ، إلا ما لا بد لكم منه .. ولكن يغيب عن قلوبكم ذكر الآخرة ، وحضرها الأمل فصارت الدنيا أملك بأعمالكم ، وصرتم كالذين لا يعلمون ، فبعضكم شر من البهائم التي لا تدع هواها مخافة مما في عاقبته . ما لكم لا تحابون ، ولا تناصحون ، وأنتم إخوان على دين ، ما فرق بين أهوائكم إلا خبث سرائركم ، ولو اجتمعتم على البر لتحاببتم . ما لكم تناصحون في أمر الدنيا ، ولا تناصحون في أمر الآخرة ، لا يملك أحدكم النصيحة لمن يحبه ويعينه على أمر آخرته ، ما هذا إلا من قلة الإيمان في قلوبكم .. لو كنتم توقنون بخير الآخرة وشرها ، كما توقنون بالدنيا ، لآثرتم طلب الآخرة ، لأنها أملك لأموركم . فإن قلتم : حب العاجلة غالب ، فإنا نراكم تدعون العاجل من الدنيا للآجل منها ، تكدون أنفسكم بالمشقة والاحتراق في أمر لعلكم لا تدركونه ، فبئس القوم أنتم ، ما حققتم إيمانكم بما يعرف به الإيمان البالغ فيكم. فإن كنتم في شك مما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فأتونا فلنبين لكم ولنريكم من النور ما تطمئن إليه قلوبكم . والله ما أنتم بالمنقوصة عقولكم فنعذركم ، إنكم لتبينون صواب الرأي في دنياكم ، وتأخذون بالحزم في أمركم . ما لكم تفرحون باليسير من الدنيا تصيبونه ؟ وتحزنون على اليسير منها يفوتكم ؟ حتى يتبين ذلك في وجوهكم ، ويظهر على ألسنتكم ، وتسمونها المصائب ، وتقيمون فيها المآتم .. وعامتكم قد تركوا كثيرا من دينهم بما لا يتبين ذلك في وجوهكم ، ولا يتغير حالكم ، إني لأرى الله قد تبرأ منكم . يلقى بعضكم بعضا بالسرور ، وكلكم يكره أن يستقبل صاحبه بما يكره مخافة أن يستقبله صاحبه بمثله ، فأصبحتم على الغل ، ونبتت مراعيكم على الدمن ، وتصافيتم على رفض الأجل .. لوددت أن الله أراحني منكم ، وألحقني بمن أحب رؤيته ، ولو كان حيا لم يصابركم ، فإن كان فيكم خير أسمعتكم ، وإن تطلبوا ما عند الله تجدوه يسيرا ، وبالله أستعين على نفسي وعليكم .. ) الزهد لابن أبي الدنيا ، ولا أعلم صحة نسبة هذه المقالة لأبي الدرداء .. لكني أتسائل إن كان ما يقوله للتابعين فماذا كان سيقول عنّا ! لولا حديث الواحد بخمسين لاعتصرنا من أنفسنا اليأس . فالحمد لله الكريم الصبور الحليم الرحيم . |
(40) سنن مهجورة (1) دفع التثاؤب والامتناع عن إصدار الصوت فيه {إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ولا يقل هاه هاه فإنما ذلكم من الشيطان يضحك منه} صحيح الترمذي للألباني قال الشيخ الخطابي رحمه الله (ت:288هـ) : معنى حب العطاس وحمده وكراهة التثاؤب وذمه أن العطاس إنما يكون مع أنفتاح المسام وخفة البدن وتيسير الحركات . وسبب هذه الأمور تخفيف الغذاء والإقلال من المطعم والاجتزاء باليسير منه ، والتثاؤب إنما يكون مع ثقل البدن وامتلائه وعند استرخائه للنوم وميله إلى الكسل .. فصار العطاس محموداً لأنه يعين على الطاعات والتثاؤب مذموماً لأنه يثبطه عن الخيرات وقضاء الواجبات . |
(41) سنن مهجورة (2) التعجيل بالتوبـة عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِنَّ صَاحِبَ الشِّمَالِ لِيَرْفَعُ الْقَلَمَ سِتَّ سَاعَاتٍ عَنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئِ أَوِ الْمُسِيءِ، فَإِنْ نَدِمَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهَا أَلْقَاهَا، وَإِلا كُتِبَتْ وَاحِدَةً". أي : الملك الموكل بكتابة سيئات الإنسان ، قال تعالى "إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : "تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْفَجْرَ غَسَلَتْهَا ، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الظُّهْرَ غَسَلَتْهَا ، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ غَسَلَتْهَا ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْمَغْرِبَ غَسَلَتْهَا ، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعِشَاءَ غَسَلَتْهَا ، ثُمَّ تَنَامُونَ فَلا يُكْتَبُ عَلَيْكُمْ حَتَّى تَسْتَيْقِظُوا" أي : تعرضون أنفسكم لحرق النار بما تأتون من ذنوب ، فإذا صليتم تساقطت عنكم الذنوب وغسلت القلوب . رواهما الطبراني .. وحسنهما الألباني . ~ أرأيتم صحيفتين بيضاوتين نيّرتين .. أيهما أشد صفاءا وإشراقاً ؟! تلك التي دُنِّست بالسواد .. ثُمَّ طُهِّرت ، أو التي بقيت على بياضها لم يمسها سواد ؟! لنستحضر في كل صلاة .. السواد الذي اعترانا من آخر صلاة قبلها ، ونجمع القلب بين يدي الرَّب .. توبة وندماً . وندرك صحائف قلوبنا ، قبل أن يسجل ملك الشمال ما اقترفنا من ذنب . |
(42) سنن مهجورة (3) قراءة سورة الكافرون قبل النوم عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَفَعَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَقَالَ: " إِنَّمَا أَنْتَ ظِئْرِي " قَالَ: فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: " مَا فَعَلَتِ الْجَارِيَةُ، أَوِ الْجُوَيْرِيَةُ؟" قَالَ: قُلْتُ: عِنْدَ أُمِّهَا، قَالَ: " فَمَجِيءُ مَا جِئْتَ ؟ " قَالَ: قُلْتُ: تُعَلِّمُنِي مَا أَقُولُ عِنْدَ مَنَامِي فَقَالَ: " اقْرَأْ عِنْدَ مَنَامِكَ { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} " قَالَ: " ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ " رواه الترمذي والنسائي وأحمد ، وحسن الألباني والأرناؤوط قالَ الشيخ عبد الرازق البدر : وقد دلَّ هذا الحـَديثُ على فضل هذه السورة ، وفضل قراءتها عند النوم، والترغيب في أن ينـامَ المسلمُ على خاتمتها،ليكون آخرَ ما نام عليه هو إعلانُ التوحيد والبراءةُ من الشرك ، وَ لا ريب أن مَن قـرأها وَ فهم ما دلتْ عليه و عمل بما تقتضيه ، فقد بريء من الشرك ظاهراً وباطناً ، وقد كـان بعض السلف يُسميهـا: ( المُـقَشْـقِشَـة ) يـُقالُ : قَشقَشَ فلان ؛ إذا بَـريء من مَرضـه ، فهي تبريء صاحبـَها من الشـرك . |
(43) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ ؛ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ الْأَعْرَابِيِّ يَقُولُ : مَرَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بِالْفَضْلِ ابْنِهِ وَهُوَ نَائِمٌ نَوْمَةَ الضُّحَى ، فَرَكَلَهُ بِرِجْلِهِ وَقَالَ لَهُ : قُمْ ؛ إِنَّكَ لَنَائِمُ السَّاعَةِ الَّتِي يُقَسِّمُ اللهُ فِيهَا الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ ، أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالَتِ الْعَرَبُ فِيهَا ؟ قَالَ : وَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ فِيهَا يَا أَبَتِ ؟ قَالَ : زَعَمَتْ أَنَّهَا مُكْسِلَةٌ مُهْرِمَةٌ مُنْسِأَةٌ لِلْحَاجَةِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا بُنَيَّ ! نَوْمُ النَّهَارِ عَلَى ثَلَاثَةٍ؛ نَوْمُ حُمْقٍ ؛ وَهِيَ نَوْمَةُ الضُّحَى وَنَوْمَةُ الْخُلُقِ ؛ وَهِيَ الَّتِي رُوِيَ : قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَا تَقِيلُ وَنَوْمَةُ الْخُرْقِ ؛ وَهِيَ نَوْمَةٌ بَعْدَ الْعَصْرِ لَا يَنَامُهَا إِلَّا سَكْرَانُ أَوْ مَجْنُونٌ . المجالسة وجواهر العلم للدينوري-المكتبة الشاملة فكم فينا من حمق وخرق و... ! "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ"، "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا"، "اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ" وافقوا السنن الكونيّـة .. وفقكم الله . |
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: ( .."فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُم" أي في هذه الأشهر المحرمة ، لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها ، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف ، لقوله تعالى"وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ". وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام، ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حق من قَتل في الحرم أو قتل ذا محرم، ثم نقل عن قتادة قوله : إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها ، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم في أمره ما يشاء .. ) أ.هـ وقال القرطبي رحمه الله: ( لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة ، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء ، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال ، وقد أشار الله إلى هذا بقوله"يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً" .. )أ.هـ |
(44) رآني النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا أُحرِّك شفتَيَّ فقال لي بأيِّ شيءٍ تُحرُّك شفتَيْك يا أبا أُمامةَ؟ فقلتُ أذكرُ اللهَ يا رسولَ اللهِ. فقال ألا أخبرُك بأكثرَ وأفضلَ من ذكرِك باللَّيلِ والنَّهارِ ؟ قلتُ بلى يا رسولَ اللهِ . قال تقولُ: سبحانَ اللهِ عددَ ما خلق سبحانَ اللهِ ملءَ ما خلق سبحانَ اللهِ عددَ ما في الأرضِ [والسَّماءِ] سبحانَ اللهِ ملءَ ما في الأرضِ والسَّماءِ سبحانَ اللهِ عددَ ما أحصَى كتابُه سبحانَ اللهِ ملءَ ما أحصَى كتابُه سبحانَ اللهِ عددَ كلِّ شيءٍ سبحانَ اللهِ ملءَ كلِّ شيءٍ الحمدُ للهِ عددَ ما خلق والحمدُ للهِ ملءَ ما خلق والحمدُ للهِ عددَ ما في الأرضِ والسَّماءِ والحمدُ للهِ ملءَ ما في الأرضِ والسَّماءِ والحمدُ للهِ عددَ كلِّ شيءٍ والحمدُ للهِ ملءَ كلِّ شيءٍ الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث:المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 2/361 خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] |
(45) من علامة قبول الحسنة أن تتلوها مثيلاتها. فإن وجدت في نفسك بعد رمضان استعدادا للطاعة وإقبالا على ما يرضي الله فهنيئا لك .. وإن كانت الأخرى فاستدرك قبل أن يعتاد القلب الغفلة. البشير عصام المراكشي/ من صفحاته على مواقع التواصل. |
(46) معالم للتفاؤل {2} (أما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله بل قد نهى عنه في مواضع وإن تعلق بأمر الدين كقوله تعالى :"وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" وقوله تعالى : "وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ" وقوله تعالى : ( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) وأمثال ذلك كثير . وذلك لأنه لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة فلا فائدة فيه ومالا فائدة فيه لا يأمر الله به ، نعم لا يأثم صاحبه إذا لم يقترن بحزنه محرم كما يحزن على المصائب ... وقد تبين بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه فيكون محموداً من تلك الجهة لا من جهة الحزن كالحزين على مصيبة في دينه وعلى مصائب المسلمين عموما ، فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير وبغض الشر وتوابع ذلك، ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة ودفع مضرة نهى عنه وإلا كان حسب صاحبه رفع الإثم عنه من جهة الحزن ، وأما إن أفضى إلى ضعف القلب واشتغاله به عن فعل ما أمر الله ورسوله به كان مذموماً عليه من تلك الجهة وان كان محمودا من جهة أخرى ) التحفة العراقية في الأعمال القلبية لابن تيمية رحمه الله! |
(47) ومن علامات صحة القلب؛ أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم من اهتمامه بالعمل: فيحرص على الإخلاص فيه، والنصيحة، والمتابعة، والإحسان، ويشهد مع ذلك منة الله عليه فيه، وتقصيره في حق الله؛ فهذه ستة مشاهد لا يشهدها إلا القلب الحي السليم. إغاثة اللهفان/ ابن قيم الجوزية وقال عليّ رضي الله عنه: لا تهتمّوا لقِلّة العمل، واهتمّوا للقَبول. قال مالك بن دينار رحمه الله: الخوف على العمل أن لا يتقبل أشد من العمل. |
(48) - قال صل اللهُ عليه وسلم: إذا أحبَّ اللهُ عَبدًا عسَّلَه . قالوا : ما عسَّلَه يا رسولَ اللهِ ؟ قال : يُوفِّقُ لهُ عملًا صالحًا بين يدَي أجلِه حتَّى يرضَى عنهُ جيرانُه أو قال : مَن حولَه . صحيح الترغيب الألباني قال المناوي في فيض القدير: "عسله" أي طيب ثناءه بين الناس، من عسل الطعام يعسله إذا جعل فيه العسل. روى النسائي وذكر الألباني صحته، ..وكان عمّار بن ياسر رضي الله عنه يدعو به في صلاته: {اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ ، يَعْنِي فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحُكْمِ* فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لاَ يَبِيدُ* وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لاَ تَنْقَطِعُ ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ، وَأَسْأَلُكَ بَرَدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءٍ مُضِرَّةٍ وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ}. *وفي روايات آخرى: كلمة العدل، كلمة الإخلاص، كلمة الحق. * وفي رواية نعيما لا ينفذ. |
(50) الأحاديث النبوية الثابتة والصحيحة عن يوم القيامة والدار الآخرة، اجعل لك منها وردا يلين بها بإذن الله قلبك ويتجدد إيمانك. أحاديث الآخرة {1} [رؤية الله سبحانه]عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ نَاسًا فِى زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « نَعَمْ ». قَالَ « هَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ صَحْوًا لَيْسَ مَعَهَا سَحَابٌ وَهَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ صَحْوًا لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « مَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ كَمَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ لِيَتَّبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. فَلاَ يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ إِلاَّ يَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَغُبَّرِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيُدْعَى الْيَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ فَمَاذَا تَبْغُونَ قَالُوا عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا. فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلاَ تَرِدُونَ فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ. ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى فَيُقَالُ لَهُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ. مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ. فَيُقَالُ لَهُمْ مَاذَا تَبْغُونَ فَيَقُولُونَ عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا. - قَالَ - فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلاَ تَرِدُونَ فَيُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ.. حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِى أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِى رَأَوْهُ فِيهَا. قَالَ فَمَا تَنْتَظِرُونَ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. قَالُوا يَا رَبَّنَا فَارَقْنَا النَّاسَ فِى الدُّنْيَا أَفْقَرَ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ. فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ لاَ نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا - حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أَنْ يَنْقَلِبَ. فَيَقُولُ هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلاَّ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِالسُّجُودِ وَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ. ثُمَّ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ وَقَدْ تَحَوَّلَ فِى صُورَتِهِ الَّتِى رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا. [الصراط] قال " ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ وَيَقُولُونَ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجِسْرُ؟ قَالَ « دَحْضٌ مَزِلَّةٌ. فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلاَلِيبُ وَحَسَكٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَالطَّيْرِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ وَمَكْدُوسٌ فِى نَارِ جَهَنَّمَ. [شفاعة المسلمين لإخوانهم] قال "حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِى اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِى النَّارِ يَقُولُونَ رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ. فَيُقَالُ لَهُمْ أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ. فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثيرًا قَدْ أَخَذَتِ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا مَا بَقِىَ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ. [ورحمة الله الواسعة] فَيَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا أَحَدًا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا. ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا أَحَدًا. ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْرًا ». وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ يَقُولُ إِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِى بِهَذَا الْحَدِيثِ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) [انقضت الشفاعات، وبقيت رحمة واسع المغفرة] « فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَفَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا فَيُلْقِيهِمْ فِى نَهْرٍ فِى أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ نَهْرُ الْحَيَاةِ فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ أَلاَ تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلَى الْحَجَرِ أَوْ إِلَى الشَّجَرِ مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضِرُ وَمَا يَكُونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ ».فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ قَالَ « فَيَخْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ فِى رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِمُ يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلاَءِ عُتَقَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلاَ خَيْرٍ قَدَّمُوهُ ثُمَّ يَقُولُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَمَا رَأَيْتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ. فَيَقُولُونَ رَبَّنَا أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ. فَيَقُولُ لَكُمْ عِنْدِى أَفْضَلُ مِنْ هَذَا فَيَقُولُونَ يَا رَبَّنَا أَىُّ شَىْءٍ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا. فَيَقُولُ رِضَاىَ فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا » الحديث في صحيح مسلم. |
الساعة الآن 02:41 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir